كذبة إسمها الدستور .. دراسة وإستشارة قانونية مجانية

 

 

شبكة المنصور

المحامي طارق العلي

 

بمناسبة الضجة المثارة هذه الأيام حول ما يسمى بالدستور العراقي . وتشدق الكثير من أعضاء ما يسمى بالبرلمان والسياسيين، بأن الدستور هو الحكم والفيصل فيما يثار من إشكالات بين الحين والآخر، وخصوصا" من الساسة " الكورد "  - حتى لا يزعلون – من أن الدستور قد وافق عليه عشرة ملايين وإثنا عشر مليون عراقي ونسب فاقت ال 70 وال 80 % كما يدعون. وبالرغم من كل ما قيل ويقال عن شرعية ما حصل في العراق وتجاوز سلطة الإحتلال لصلاحياتها ومسؤولياتها القانونية وفقا" لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة – وهي كثيرة جدا" – فإنني لن أخوض فيها كي لاأغرق كما غرق العراق. وغرضي من هذا المقال هو تقديم إستشارة قانونية مجانية لمن يهمه الأمر ممن يسمون سياسيون وخبراء آخر زمان، مستندة إلى  النصوص القانونية والأرقام – رغم ما رافقها من تجاوزات وعمليات تزوير-  للإجابة على سؤال جوهري ، هو :

 

هل أن الدستور العراقي - الدائم -  الذي تم إقراره أوالمصادقة عليه عام 2005 – كما يدعون -  يتمتع بالشرعية أم لا ؟ وفيما يلي الإجابة :

 

أولا" :ـ لقد تمت صياغة الدستور وفقا" للمادة 61 من قانون إدارة الدولة للفترة الإنتقالية – وهو غير شرعي - ، ولكن ما يهمنا من هذه المادة هو ( الفقرة ج ) التي تنص على :

" 61/ ج – يكون الإستفتاء العام ناجحا" ومسودة الدستور مصادق عليها عند موافقة أكثرية "الناخبين " في العراق، وإذا لم يرفضها ثلثا النا خبين في ثلاث محافظات أو أكثر " كما وردت بالنص العربي.

 

أما النص الإنكليزي للفقرة المذكورة والمنشور بالوقائع العراقية عدد 3981 في مايس 2004 فهو :

 

“61/ c- The general referendum will be successful and draft constitution ratified if a majority of the voters in Iraq approve, and if two-third of the voters in three or more governorates do not reject it.”

 

وطبعا" هناك خطأ واضح في ترجمة الجزء الأخير من الفقرة من الإنكليزية – وهي الأصل – إلى العربية قد يقلب المعنى الوارد بالنص الإنكليزي ، ولكن ماعلينا......

 

ثانيا" :-  وقد تم الإستفتاء على الدستور وفقا" للمادة  (4) من القانون رقم (11 ) لسنة 2005 والمسمى "قانون الإستفتاء على مشروع الدستور " المنشور بالوقائع العراقية عدد 4005 في 12 تشرين الأول 2005، وبدون الخوض في اشكالات المادة (3 ) منه لما فيها من كلام كثير .

 

إن المادة (4) من القانون هي نفس النص العربي للفقرة (ج) من المادة 61 من قانون إدارة الدولة المذكور أعلاه- وبالخطأ الوارد فيها -. 

 

فلنناقش الآن كلمة " الناخبين " الواردة في النصوص العربية ، للقوانين المذكورة ، وكلمة (  فوتر )  الواردة بالنص الإنكليزي :

 

-  إن كلمة الناخبين بالعربية تعني " جميع الأشخاص الذين لهم حق الإنتخاب والتصويت"، ولا تنصرف إلى معنى " الأشخاص الذين يصوتون في الإنتخابات فقط " ، لا سيما وأن سجلات الناخبين يفترض فيها أن تحتوي على أسماء كل من يحق له الإنتخاب ، كما هو واضح من الأرقام التي سأناقشها بعد قليل.

 

- كما أن كلمة  ( فوتر ) الواردة بالنص الإنكليزي الأصلي لقانون إدارة الدولة تعطي نفس المعنى المذكور أعلاه ، كما ورد في قاموس أوكسفورد ( إنكليزي – إنكليزي ) طبعة عام 1958 ، وكالتالي :

   

 

Voter = Person with right to vote in election.

 

أي من له حق الإنتخاب ، سواء صوت أو لم يصوت .

 

ثالثا" :- ولنأتي هنا إلى الأرقام المعلنة في النتائج النهائية للإستفتاء ، كما وردت في بعض الصحف المحلية والأجنبية ، -لأنني لم أجدها في الموقع الألكتروني الرسمي للمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات-  وكما يلي :

 

أ- عدد الناخبين الذين يحق لهم الإنتخاب هو ( 15582291 ).

ب – عدد المصوتين بنعم هو ( 7722796 ).

ج- عدد المصوتين بلا هو ( 2109495) .

 

وبعملية حسابية بسيطة يتبين أن عدد الناخبين المقاطعين للإستفتاء هو ( 5730000)، وبإضافة عدد المصوتين ب ( لا )  يكون المجموع ( 7839495 ) وهو أكثر من نصف عدد الناخبين وبفارق ( 116699 ) .

 

النتيجة : - ومما ذكر اعلاه يتبين أن مسودة الدستور لم تحصل على النسبة المطلوبة للمصادقة عليه وفقا" لأحكام قانون إدارة الدولة للفترة الإنتقالية ، ولا أحكام قانون الإستفتاء على مشروع مسودة الدستور. وبالتالي فهو وثيقة باطلة وغير شرعية جملة وتفصيلا" مهما تنطع المتنطعون، ولا يجوز الإستناد إليها بأي شكل من الأشكال ، وإن جميع الأعمال والقرارات والقوانين الصادرة بموجبه هي باطلة بطلانا" مبينا"، فما بني على الباطل هو باطل ، كما تقتضي القواعد القانونية والشرعية .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ١٨ ذو القعدة ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠٠٨ م