ام المعارك

الحرب الممتدة بين ١٩٩١و٢٠٠٣ ودور ايران والحكام الاعراب ومجلس الامن المهان

﴿ الحلقة العاشرة

 

 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

ادركت القيادة العراقية وحزب البعث العربي الاشتراكي ان العدوان الامبريالي الصهيوني استطاع ان يوظف كل قوى الشر في العالم لمعادات العراق وبرنامج التغيير الجهادي الذي يقوده الحزب في بناء قاعدة انطلاق للثورة العربية وان الاستمرار بنفس المستوى من التحدي لن يحقق الا مزيدا من الضربات التي لايمكن معالجتها بسهولة ،فلا العراق في ظل ظروف الحرب اللا انسانية، وسياسة التجويع والابادة الجماعية والطوق الصارم من قبل انظمة العمالة والعداء للعرب شعبا ودينا وطموحا، الذي اصدرته امريكا ونفذه عملائها وانظمتها (الانظمة التي تحكم العرب الخاضعة لامريكا والمطلقة التبعية في تنفيذ اوامرها) قادرا على تعويض الخسائر التي تعرض لها نتيجة العدوان المستمر والتدمير الذي طال كل معداته الحربية خصوصا الطائرات، وغدر الانظمة التي أوت لها معظم طائرات العراق الحربية بعدم اعادتها، خصوصا نظام الغدر في ايران الذي تمادى في ذلك بل واعلن ان حكومة ايران استولت على الطائرات وتعتبرها جزءا من التعويض عن خسائرها في القادسية الثانية (قادسية صدام المجيدة) ،ولم يستطع العدوان الامبريالي من ايقاض غفوة الجماهير العربية على امتداد الوطن الكبير، واخفاق القوى المجاهدة والثورية في تحريك الجماهير الغاضبة ولكنها غير منظمة وعفوية في اساليب مواجهتها للعدوان، واختفاء الاحزاب التي تتغطى بالدين وانكشافها على حقيقتها بانها احزاب تطلب سلطة دنيوية ولا علاقة لها في تنفيذ احكام الدين وامر الله ورسوله في مواجهة العدوان ،لكون معظم قياداتها مرتبطة بانظمة خائنة وان دورها تضليل الجماهير لا تفعيل توجهها الديني، وتعرية دور المدعين بانهم رجال دين ومفتين وظهورهم على حقيقتهم مجرد دمى ووعاظ سلاطين وموظفين عند انظمة العمالة والفساد الديني والدنيوي ،فعند ذلك غيرت القيادة اسلوب المواجهة الى اتباع سبل مرنة ودبلوماسية حيث لا يمكن ان يواجه العراق وحده كل قوى الشر في العالم، خصوصا بعد ما اتضح التغير السياسي لدول كبرى كانت محسوبة بانها تدعم التحرر ومناهضة لبرنامج قوى الارهاب والاستعمار في العالم ،ولا اقول سكوتها بل اسنادها وتهاونها او تعاونها الغير معلن مع تلك القوى على حساب ما تعلنه من مبادئ، حرصا على مكاسب وغنائم ومصالح تجعل العالم كما اشرنا في مقالات سابقة تحكمه القوة الغاشمة وبلا قانون ولا اخلاق ،خصوصا مع الخضوع والتبعية الكاملة للهيئات العالمية الرسمية لسياسة الادارات الامريكية الارهابية كهيئة الامم المتحدة ومجلس الامن وغيرها،كل ذلك جعل العراق ينتهج تكتيكا جديدا ،وهوطرح مسألة لا انسانية ولا شرعية الحرب والابادة الجماعية للشعب، فاصدرت امريكا قرارات بان مجلس الامن سيشكل لجان تفتيش وتأكد من تدمير اسلحة الدمار الشامل العراقية!!! وعلى ضوء تقارير تلك اللجان أو الفرق ستتخذ الاجراءات لتخفيف الحصار والسماح بتصدير النفط العراقي وتحت رقابة لجان منهم على ان تودع الاموال المتحققة في بنوك تراقبها هيئات مالية مشكلة من مجلس الامن وتستخدم لتوريد الغذاء والدواء والحاجات الانسانية التي تقررها لجان منهم ايضا ، وتم فعلا تشكيل تلك اللجان وقد اتضح منذ الايام الاولى انها لجان وفرق تجسس امريكية اكثر منها فرق تحقق وتفتيش دولية واستمر عمل تلك اللجان سنين طويلة والشعب العراقي يعاني نقصا في الغذاء والدواء وتعطيل لجوانب مهمة من مسيرة البناء ،وبعد خمسة سنوات من التفاوض والمماطلة والرفض ووضع العراقيل تم الاتفاق على بيع نسبة من البترول العراقي بالشروط التي ذكرناها سلفا،ولكن بعد ذلك اتضح ان رواتب ومخصصات تلك الفرق التجسسية ومصاريفها وايفاداتها محملة على الايرادات وان نسبة عالية من الموارد المتحققة لتعويض الدول والافراد الذين قدموا ادعاءات بانهم تضرروا نتيجة الحرب عام 1990؟

 

وللمثال فان احد اصحاب عربات الاكلات السريعة المتنقلة في مرآب النقل الداخلى (كراج) في علاوي الحلة في بغداد وهو عربي من مصر قدما طلبا للتعويض واستلم تعويضا عن مطعم هذا حدثني به احد معارف الشخص المعوض نقلا عنه.اضافة الى ان أي طلب مهما كان حجمه وقيمته لابد من استحصال موافقة لجنة مشكلة من اكثرمن اربعة عشر عضوا فيها اشخاص اساسيون هم ممثلوا الدول الكبرى، ولا يقبل أي طلب الا بالموافقة الجماعية لاعضاء اللجنة ، وهذا جعل امر تحقيق طلبات انية لا تحتمل التاخير والمماطلة تجلس سنين او قد ترفض لان ممثل امريكا يريد توضيحا اكثر للمثال اكياس نقل الدم الضرورية للمستشفيات خصوصا في بلد يتداخل فيه العدوان العسكري والحصار الشامل ،لي ولد اصيب بطلق ناري وادخل المستشفى وكان الطبيب الجراح صديقي ولكنه توفي لان المستشفى الرئيسي لا يملك خيوط لخياطة الاوردة ففشلت العملية رغم محاولة الدكتور كواجبه المهني الانساني اضافة الى انه يتعامل مع الحالة بشكل اضافي كونه يعتبر الفتى ابنه ،هذا غيض من فيض من السلوك الاجرامي لقوى العدوان والهيئات الدولية وخنوعها وتواطئها ،وكان الاستاذ طارق عزيز الدبلوماسي المعروف والمتمكن رسول العراق الى المجتمع البشري لتوضيح الجريمة ولكن العالم والانظمة بالذات اغلقت اسماعها وغيبت ضمائرها تحت وسائل واغراءات من امريكا او جبنا وتواطئا مع الجريمة ، فقد بذل الاستاذ طارق عزيز جهدا لا يقدر ان يدركه الا من يعرف حجم الضغط والتعتيم والتضليل والارهاب الصهيو- سكسوني ضد وسائل الاعلام بكل انواعها صحف ومجلات واذاعات ومحطات تلفزة عامة وخاصة رسمية واهلية، ورفضها ان تنشر ولو مقالا قصيرا او تنقل نداءا انسانيا من أي منظمة احتماعية او جهة مدنية او جمعية انسانية ليطلع العالم على مايجري في العراق من جرائم بحق الانسانية بل بحق كل مخلوقات الله.

 

وكان لابد للقيادة العراقية من اتخاذ اجراءات عملية لادامة الحياة وعدم الاستسلام للجريمة التي يرتكبها العالم بحق نفسة بقتل شعب العراق ،فاتخذت اجراءات منها على سبيل المثال ونتيجة لتقلص مجال تنفيذ برامج التنمية ،السماح للمهندسين والمختصين في مجالات كثيرة والمدرسين واساتذة الجامعات الذين لا يؤثروا على اداء الجامعات وغيرهم من الفنيين والعمالة الماهرة باخذ اجازات طويلة بدون راتب، واحالة الذين تنطبق عليهم شروط التقاعد بعد ان تم احتساب فترات المشاركة في العمليات العسكرية مضاعفة لشؤون الخدمة والتقاعد وحسب الرغبة،وتقليص الخدمة اللازمة للتقاعد من 25سنة الى 15سنة والامهات لهن الحق في التقاعد اذا كان لديهن ما لا يقل عن طفلين ،والسماح لهم بالسفر خارج العراق لاجل العمل وفي الحساب ان خروج حوالي مليون ونصف المليون من العراقيين للعمل في الخارج سيكون له تاثيرا ايجابيا على دخول العملات الاجنبية الى العراق وتوفير جزء من السيولة اللازمة لتوريد حاجات اساسية للشعب ،رغم اثار ذلك على سعر الصرف للدينار العراقي ،الذي تاثرت قيمته كثيرا نتيجة الحصار والتضخم واعتماد سياسة اقتصادية هي سياسة الاقتراض الذاتي أي العمل بعملة داخلية غير مغطاة نتيجة توقف كامل للتبادل التجاري للعراق نتيجة الحصار الشامل المفروض عليه ،وحتى هذا الاجراء لم تتعامل معه المخابرات الاجنبية الا انه فرصة اخرى لايذاء شعب العراق،فقد تحركت لتجنيد المواطنين واغرائهم وساهمت منظمات دولية كممثليات الامم المتحدة في الدعوة الى اعتبار المواطنين العراقيين الخارجين رسميا وبموافقات اصولية من الدولة لاجئين!!! وتم تجنيد البعض على اساس منحهم اللجوء الانساني كما سموه ليكونوا مناوئين لبلدهم،ورصدت الادارة الامريكية ميزانية كبيرة لعملائها ومرتزقتها لنفس الغرض اضافة الى الحرب الاعلامية التي كانت تقود عدوانا اكبر من قدرات أي اعلام لدولة واحدة حتى وان كانت احدى الدول الكبرى،واظهار العراق وكانه نظام من القوة والقدرة بانه يهدد الامن والسلم العالمي وان مايتم في العراق هو نتيجة لذلك !!!

 

وكثير من الوسائل والجهات والانظمة في المنطقة يصدق وتعمل على تصديق ذلك لانها اجيرة وموجهة بتلك السياسة خصوصا نظام الاردن وايران، بل ان حكومة ايران الاسلامية جدا عملت على فتح مراكز تجنيد للعراقيين في كل من اليمن وسوريا ومولتها تحت مسميات طائفية وتحت غيلب كامل لاجهزة الامن العربية كمؤسسة الثقلين في اليمن ومؤسسة اهل البيت والامام الخميني في سوريا وقد تكون هناك مؤسسات مثيلة في اقطار اخرى كليبيا ولبنان ،هذا شيء من اشياء كانت تجري ضد شعب العراق و البعث والامة ،والعراق مغيب مثخن بالجراح والعرب متواطئين و مشاركين في العدوان أو غافلين.وفي عام 1999 بدات اول شحنة من الاتفاق الذي استمر كل هذه السنوات وبعد ان اكدت فرق التجسس (التفتيش) ان العراق متعاون وان الاسلحة قد تم تدميرها ولكن هناك شكوك!! وان العقول التي انتجت هذه الاسلحة مازالت قادرة على انتاج غيرها !!! فكيف؟ انقتل كل العلماء والشعب لاجل ان يرفع الحصار؟؟؟

 

وهذا الذي عملت امريكا وحلفائها خصوصا الموساد الصهيوني والمخابرات الايرانية ومرتزقة انظمة الخيانة في نجد والحجاز والكويت على تنفيذه بعد الاحتلال.وهذا موضوع لو اراد كاتب ان يدخل في تفاصيله سيتطلب وقتا لا يقل عن سنوات الحصار كي يشرح حجم العدوان أي ما لا يقل عن 13سنة كتابة في كل جوانب العدوان،ولكن يكفي انا اشرنا له والكتاب الشرفاء عربا ومسلمين واحرارا في العالم ان يواصلوا البحث فيه،ويكشفوا حجمه واغراضه ،بكل تلك الوسائل حاربونا ولم نستسلم ولم نفقد الثقة بنصر الله وثقتنا بشعبنا العربي او في العراق ،واشتد الضغط الصهيوني على الادارات الامريكية لاجل اتمام تدمير العراق ،وكثير من السياسين والكتاب لم يدركوا ان السبب الرئيسي لعدم فوز كلنتون بولاية ثانية هو عدم مباشرته بالهدف الرئيسي للعدوان وهو احتلال العراق ،وان السبب الرئيسي لفوز بوش الكلب التافه المجند هو وابيه في منظمات صهيونية معروفة، الذي وظف امريكا بكامل امكاناتها السياسية والعسكرية لخدمة اهداف الصهيونية بفترتين رئاسيتين هو ذات السبب ،فليتصور العالم والعرب والمسلمين خاصة حجم وقدرة وتاثير اللوبي الصهيوني في امريكا.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٠٩ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م