شهداء .. شهداء .. شهداء
رغم أنوف الخونة والعملاء
!!! من وعاظ السلاطين الى وعاظ المحتلين

﴿ الحلقة التاسعة ﴾

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي

لم تكتف بعض الكتل السياسية المحسوبة على الأحتلال بإستباحة الدم العراقي وتدمير الوطن بكل البنى الارتكازية والوزارات ومؤسسات الدولة ومسخ العروبة والهوية القومية ولم يشبع نهمها الحيواني إستئثار ثروات العراق لنفسها وتعشعش الفساد المالي والإداري في كل المؤسسات العراقية من رئاسة الجمهورية حتى أصغر دائرة رسمية مرورا بمفوضية النزاهة التي تعتبر مزدوجة الفساد لما تميزت به عفونة جعلتها في قمة الهرم إضافة الى مظاهر الضعف والتخاذل والانحطاط الأخلاقي والتستر على عمليات النهب من جهة اخرى, وكما يقول المثل " المال السائب يشجع على السرقة" فالمال العراقي سائب وحاميه هو الحرامي والقاضي أفسد من الحرامي, والحق يجب أن يقال فلا ينافسها في هذه الصفات سوى زميلتها المفوضية العليا للأنتخابات فهما كزوج الأحذية نفس المقياس واللون والموديل.


لم تكتف هذه الكتل الشريرة من الأبتزاز بكل أنواعه السياسي والأقتصادي والثقافي والاجتماعي والحزبي فتوجهت الى الإبتزاز النفسي للأجهاض على ما تبقى من نفسية المواطن العراقي المتعبة وهو يعيش ذروة النشوة الديمقراطية التي جلبها المحتل, فما بين فترة واخرى تطل علينا وجوه عكرة مغبرة معفرة من تراب بساطيل الاحتلال لتنفض علينا بتفاهاتها وسقطاتها فبعد أن شوهوا الحاضر وأمتصوا رحيق المستقبل إلتفتوا الى الماضي ينبشون بعصا الحقد والضلالة لإرواء غليل حقدهم المتوارث, ذلك الحقد الذي لم ترتقي مستواه شريعة هولاكو بما عرف عنها من جرم وظلم وضلالة وعدوان بحق الشعوب وإن كان هولاكو وعصبته غزاة أجانب فهذه الكتل محسوبة بعض علي العراق وهذه مصيبة إضافية.


قبل فترة من الزمن ظهر من وكر الظلام احد خفافيش الحوزة ليتمنطق علينا بأن شهداء الحرب العراقية الأيرانية لا يعتبرون شهداء وإنما قتلى؟ ولم يمض زمن على هذه الدعوة الخرقاء حتى أنبرى لنا الناطق بأسم الحكومة العراقية الخبير بشئون الحوزة العلمية ليتلوا علينا نفس السفسطة بعد أن سقطت ورقة التين الصفوية التي تستر عروته, وبذلك أجتمع الموقف الحوزوي مع الموقف الرسمي ليصبا في رافد واحد. لم نفاجيء بموقف المرجعية فهو واضح بإعتبارها مرجعية تعبر عن مصالح إيران وليس العراق هذه حقيقتها سوى رضى البعض أم إمتعض ولابأس بأي معارض أن يستعرض مواقف الحوزة ويقدم لنا موقف واحد عارضت فيه الحوزة توجه إيراني دون ان يستعين بما يسمى بموقف السيد السيستاني المعارض لنظرية ولاية الفقية لأن هذا الأمر يدعو للسخرية فسماحته إن كان يعارض هذه الولاية في الظاهر فإنه يمارسها بالباطن بحذافيرها في العراق؟ وكان آخر مطاف وصلته المياه الثقيلة وهي تحمل جيف هذه الدعوة الضالة وزارة المالية العراقية فقد أصدرت قرارا بإسقاط صفة الشهداء عن شهداء حربنا المقدسة ضد الهجمة الصفوية الصفراء وإستبدلتهم بكلمة(متوفون مدنيون) ويترتب على هذا القرار المجحف إسقاط الرواتب التقاعدية عن عوائل الشهداء ببلوغ المستفيدين منه سن الرشد(18) سنة.


كنا نظن ان هذه الترهات سوف تكون حبر على ورق فهناك مئات الألوف من الشهداء ومعوقي الحرب وأسرى الحرب العراقيين ولا يمكن للحكومة العراقية مهما غالت في بيان عشقها لإيران ان ترمي بمشاعر أكثر من مليون عائلة عراقية في سلة المهملات! لهؤلاء الشهداء أمهات وزوجات وأبناء يتامى وأخوة وأخوات وأصدقاء واحباب لم تجف بعد عيونها من البكاء عليهم وما تزال ذكراهم عطرة في نفوسهم وما تزال أطيافهم تداعبهم في احلامهم وما تزال صورهم ماثلة في عقولهم وتزين جدران بيوتهم ومتجسمة في القلوب الحزينة, كما ان المعوقين والاسرى ما يزالوا يعيشون مع ذكريات الماضي القريب، إنه وتر حساس ليس من السهولة العزف عليه سيما ان الحاضر المظلم جلى الماضي ولمع بريقه ووهجه.


وإذا حسبنا عوائل الشهداء في العراق فأن النتيجة ستصل الى الملايين فإن كنت تستهين بمشاعر إنسان فتلك مصيبة فكيف سيكون الأمر وهناك الملايين من البشر؟ ولكن كما بقول المثل فالغيرة ليست سوى قطرة عرق تتصب من الجبين! وأن كنت لا تستحي فإفعل ما تشاء! وأن كنت لا تستحي الأحياء فلا يمكن أن تستحي من الأموات، وإن كنت لا تستحي من الله فمن المستحيل ان تستحي من عباده! وإذا جبل عقلك على الخيانة فلا يقنعك بالمواطنة حتى لو نزل نبيا خصيصا من أجلك! لأن حب الأوطان من دلائل الإيمان والوطنية كالدين فروضها ليست سهلة ولا يمكن ان تأخذ بفرض وتترك بقية الفروض لذلك تجد الوطنيين الصميميين قلة كما ان المؤمنين الصميميين قلة.


إيران وراء القرار أيضا!
من يقف وراء هذا القرار المجحف؟ في الظاهر ان المجلس الأعلى للثورة الاسلامية هو الديكور الخارجي الذي يقف ورائه، سيما ان القرارنفسه دعم من قبل حوزة النجف بهواها الفارسي المعروف واعلن من قبل الناطق بأسم الحكومة علي الببغاء المعروف بأنه حوزوي الخبرة فارسي الهوى تدميري النزعة وهو صاحب البراءات المتعددة التي برأ فيها فيها إيران من التدخل في الشؤون الداخلية العراقية وبلغت عددها أكثرمن براءات الاختراع في العالم كله! وقد اصدر القرار الوزير الأيراني الأصل والجنسية آية الله دريلي صولاغي وزير الإعمار الاسبق ووزير الداخلية السابق ووزير المالية الحاضر وسيستوزر وزارة أخرى في المستقبل رغم أنف الجميع! والرجل أصوله إيرانية ولحد الآن لا يعرف أحد أسمه الحقيقي وشهاداته العلمية وتخصصه بأستثناء خبرته الفائقة في إستخدام الدريل والتي لمسها الشعب العراقي وكانت بمستوى رفيع جدا أرفع من رأس الدريل المدبب المستخدم في تثقيب اجساد الضحايا, والرجل أمنه المجلس على إعمار العراق فأنتهت وزارته ولم يعمر سقف بناية واحدة فقط! من ثم أمنه على أرواح الشعب فقادها الى المقابر الجماعية! من ثم أمنه على أموال الشعب فإستباحها عن بكرة أبيها؟ المهم ان المجلس أيغالا في حقده ونزعته الإنتقامية وأجندته الفارسية فرضه على الشعب العراقي في أستفزاز كبير لمشاعره وإستهانة بدماء أبنائه الذين قتلوا بيد دراكولا العراق! المجلس الأعلى ووزيره كلاهما ينطقان عن وحي إيراني ويقفان وراء القرار السيء الصيت، ولكن لا بد من خطوة للوراء لأستكشاف الخطوات التي تؤكد أن إيران تقف وراء إصدار هذا القرارلأنه يخدم مشروعها كما سنوضح لاحقا.


هناك كما هو معروف توجه إيراني لنهب المتبقي من ثروة العراق وفق ما يسميه الملالي بتعويضات الحرب وسبق ان اتخذت خطوات مخابراتية ذكية لتحقيق هذا الهدف فقد أطلق عبد العزيز الحكيم أول بالون في سماء التعويضات عندما طالب الحكومة التي يترأس أكبر كتلها البرلمانية بتعويض الوطن الأم إيران بمائة مليار دولار عدا ونقدا لا نعرف كيف حسبها الملة الاصفهاني سيما انه لم يتمكن من حفظ سطرين يلقيهما خلال لقائه بالرئيس بوش فأخرج ورقة من عبه ليقرأها وكانت مهزلة المهازل؟ وبعدها صرح عدد من المسئولين العراقيين بما فيهم رئيس الوزراء المالكي وأعيان حكومته وأعضاء في البرلمان من الجنسيات الايرانية والدائرين في الفلك الايراني في خطوة تمهيدية متقدمة بأن العراق هو من أعتدى على إيران! ولا شك ان هذه التصريحات الخطيرة عندما تصدر من كبار المسئولين العراقيين فأن التداعيات التي تترتب عليها لا حقا كبيرة وفاعلة، حيث وثقت إيران إعتراف الحكومة العراقية الحالية بأن العراق هو من بدأ العدوان وليس إيران! والأعتراف سيد الأدلة ويصب في خدمة الاجندة الايرانية في المحافل الدولية سيما ان تجربتنا مع الشرعية الدولية مرة كالعلقم ومريرة للغاية! في الوقت الذي تتوسل الحكومة العراقية بدول دائنة للعراق بإطفاء ديونها فان زعمائها يكرمون ايران بما لم تحلم به، مما يوضح الولاء الأعمى لأيران!


وكانت الخطوة اللاحقة أشد قوة من غيرها فقد تم تعيين طالب الأصفهاني( حامد البياتي) كمندوب دائم للعراق في الأمم المتحدة وهو الشخص الثاني بعد عبد العزيز الأصفهاني في المجلس الأعلى للثورة الاسلامية حيث تحتم الضرورة تغطية قانونية للموضوع في الأمم المتحدة بأعتبارها الجهة المسئولة عن أموال العراق ووارداته بموجب الفصل السابع. ووجود الأصفهاني يمهد الطريق لتفعيل مسألة تعويضات إيران. وفعلا الرجل ما أن وطأت أقدامه الضالة عتبة الأمم المتحدة حتى طالب بسحب كافة الوثائق الرسمية التي أودعها النظام الوطني السابق في الأمم المتحدة الخاصة بالحرب العراقية الإيرانية والتي تدين ايران بشنها الحرب ضد العراق.


جرت بعد ذلك تصفيات لكل من كان له دور مشرف في الحرب العراقية الإيرانية فقد أغتيل العديد من القادة العسكريين والطيارين وضباط عراقيين برتب عالية، وهم كما معروف شهود عيان على من بدأ الحرب وإن افاداتهم كقادة حرب يمكن ان تؤثر سلبا على كفة الموازنة مع ايران لذلك فأن عملية الخلاص منهم تعني تجريد العراق من شهود الأثبات في حالة مطالبة إيران للأمم المتحدة بفتح ملف التعويضات عن الحرب من جديد. كما قامت الحكومة العراقية والميليشيات الموالية لأيران بأزالة النصب والتماثيل والشواهد التأريخية المعبرة عن النصر العراقي في الحرب كي تمحي من الذاكرة العراقية مشاهد البطولة والفداء والتضحية من أجل الوطن وتعصف بصور المعارك الخالدة التي سطر فيها العراقيون بحروف من ذهب ملحمة النصر الكبير ضد الهجمة الفارسية البربرية.


وتأتي الخطوة الأخيرة التي اتخذها وزير المالية لتصب في نفس الإتجاه فالوثائق التي تدين إيران سحبت من الأمم المتحدة، والمسئولين الحكومين يعترفون بأن العراق بدأ العدوان على إيران، ومجلس النواب العراقي الذي يخضع للنفوذ الأيراني له نفس التوجه، والحكومة العراقية أتخذت قرارات بهذا الشأن، وربما هذا القرارالأخير يعقبه قرار آخر بمطالبة كل عائلة عراقية قدمت شهيدا للوطن بأن تتنازل عن ممتلكاتها وتعوض عائلة مغتصب إيراني قتل في الحرب! لا عجب في ذلك فقد طفح وجه حكومة الاحتلال بالبثور المتقيحة فازدادت بشاعة على بشاعتها.


و لدينا العديد من التساؤلات المشروعة بشأن القرار المذكور؟
أن تتجاوزعلى سلطان القضاء فتلك جنحة يحاسب عليها القانون، وان تتجاوز على سلطان الحكومة فذلك امر محفوف بالمخاطر ويحرمه الدستور، وان تتجاوز على حقوق الرعية فذلك ظلم كبير، وان تتجاوز على حقوق شعب فتلك جريمة نكراء، اما ان تتجاوز على سلطان الله فتلك جريمة بحق الله وعبادة. وهي كبيرة من اشد الكبائر وكفر ما بعده كفر وسفالة لا تجاريها سفالة وعنجهية ما بلغها سوى فرعون! أن تجرؤ على نفي صفة أطلقها الرحمن جلً وتبارك على صنف مميز من البشر احبهم الله فأي تحدي هذا؟ ومن تتحدى وعلى ماذا؟ وان كان رجال السياسة غارقون في ملاذ الدنيا ولا يفقهون الدين وتعاليمه- وليس هذا بمعقول لكنه مقبول على سبيل الافتراض- ويتبرئون من الدين فما بال رجال الدين من ذلك؟ كيف يتحول رجال الدين إلى منظفي مرافق صحية ينظفون فضلات السياسيين؟ هل يجهلون من هم الشهداء حسبما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية؟ وهل هناك خلاف حول هذه المسألة من الناحية الفقهية؟ وكيف يكون ذلك فهل نسخت صفات الجهاد في آيات القرآن؟ وأين رجال الدين من هذه الآيات الكريمة هل ذكرت لمجرد الذكر مع وقف التنفيذ؟ سورة محمد الآية 31 " لنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم". وسورة الحجرات الآية 15 " إنما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون". وسورة الحديد الآية 19 " والشهداء عند ربًهم لهم أجرهم ونورهم" وسورة الصف الآية 4 " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص" والآية 111 من سورة التوبة " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" والعشرات من الشواهد القرآنية والاحاديث الشريفة؟ هل هناك تفسير جديد للقرآن الكريم حسب مفاهيم العولمة والفوضى الخلاقة أم ماذا؟ الا يكفيكم أن أوقفتم راية الجهاد ضد الاحتلال والأنظمة الفاسدة معتبرين انه لا راية تعلو قبل ظهور المهدي وكل الرايات قبل ظهوره باطلة! فإن كانت تلك حقيقة فلماذا قبلتم براية الجهاد التي قادها الخميني ضد الحكم الشاهنشاهي؟ أليست الملاذ الأوحد للتحرير من الطاغية الشاه! فهل هي باطلة حسب المنظور أم هناك مخرج منها؟ هل يجوز للشعوب ان تستمريء الظلم وتسكت عنه ولا تقاومه؟ وكيف تنهض الأمم من غفوتها وكبوتها دون ان تواجه الظالم وتصلح نفسها وتوحد إرادتها وتذود عن نفسها ضد العدوان! أليس الجهاد بمثابة الحبل السري الذي يغذي جنين المواطنة فيبشر بولادة الايمان والتحرر والسيادة والاستقلال؟ عجبي كيف أطفئت جذوة الاسلام في أفئدة رجال الدين وأضرمت نار المجوس بدلا عنها.


نتسائل بماذا تفتخر الشعوب؟ اليس بأمجاد تأريخها وبناة حضارتها والمدافعين عن حياض الوطن والمساهمين بالعلوم والمعارف الإنسانية وهي جميعا كحبات السبحة تتصل ببعضها البعض ان انفرطت واحدة منها سقطت الأخريات؟ فمن أجل من ضحى هؤلاء الشهداء بأنفسهم؟ ومن اجل من نلطخ شهادتهم ونحولهم الى قتلى شأنهم شأن من مات في بيته معتلا أو مريضا أو مات بحادث؟ هل هناك أمة في الكون تعاملت مع شهدائها بهذا المستوى من الحقد والكراهية و القباحة والسفالة ونكران المعروف؟ هل يتساوى من أستشهد وهو يحمل البندقية دفاعا عن وطنه عن المتخاذل الذي هرب من المعركة ومات يحمل عاره معه؟ حتى المانيا التي غزت العالم في الحرب الكونية وأعتدت جيوشها على بقية الدول فأنها تحترم شهدائها وتعتز بهم وتعير من تخلف عن الحرب فما بالك لمن قاتل دفاعا عن وطنه ودرء عنه العدوان وهو صاحب حق وقضية عادلة!


في كل دول العالم يوجد القانون المدني والى جانبه القانون العسكري وكل يختص في مجاله ولا يجوز الدمج بينهما ومثلما يحمي القانون المدني حقوق المدنيين فالقانون العسكري يحمي حقوق العسكريين وحتى قانون العقوبات العسكري يختلف عن نظيره المدني لأختلاف الجرائم من حيث طبيعتها وخصائصها وتاثيرها, لذلك فأن تغيير صفة الشهداء العراقيين والذين صنفهم القانون كشهداء الى متوفين مدنيين فإن ذلك يمثل خرقا كبيرا للقانون العسكري ويضيف عبئا لا طائل منه الى القانون المدني ورغم ان القرار الجديد لوزير المالية يجسد من الناحية النظرية خديعة الحفاظ على خزينة الدولة لكن الهدف الحقيقي لا علاقة له بهذا الأمر البته فالخزينة مزكومة بفيروس المليارت من الدولارات التي تسيطر عليها طفيليات الحكومة، كما إن الفضائح المالية لوزارة المالية و الوزير نفسه تبدد هذا الضباب. فما الذي تمثله هذه الرواتب التقاعدية الضئيلة مقابل (200) مليار دولار نهب منذ عام 2003؟


لماذا لم تعالج وزارة الصولاغي موضوع الشهداء الذين سقطوا منذ عام 2003 نتيجة هجمات الاحتلال ومغاوير الداخلية والحرس الوثني والشرطة العراقية والميليشيات الإجرامية التي يرعاها الوزير نفسه؟ اليسوا قتلى مدنيين وينطبق عليهم الوصف( متوفون مدنيون)؟ بدلا من إضافة أعباء جديدة بحرمان شريحة اجتماعية كبيرة من الحصول على رواتب لا تسد إلا جزء محدودا من عجزها المادي! الا يكفي العوائل المنكوبة بشهدائها لتنكب ثانية برفع صفة الشهادة عنهم؟ وكيف يتم إتخاذ هذا القرار الخطير دون عرضه للنقاش امام البرلمان العراقي رغم معرفتنا بطبيعة توجهاته ولكن من المؤكد هناك من تبقى له غيرة و يعارضه.


تشير بعض الأخبار المتسربة من وزارة المالية بأن وراء القرار ضغط من مؤسسة الشهداء العراقية والتي نفت مسئوليتها عن القرار! فإن صح الأمر فما هذه القوة الهائلة التي تقف وراء هذه المؤسسة الغامضة لتهيمن على قرارات وزارة المالية وتمشيها حسب إراتها؟ وان كان الأمر كذلك فاين دولة القانون التي يتحدث عنها رئيس الوزراء؟ وكلنا يعرف من يقف وراء هذه المؤسسة ومن يديرها وأي أجندة تنفذ.


لقد كان القرار رسالة مولودة في رحم الحقد والعنجهية وهي صفة وراثية تميز بهذا النظام الايراني في تعامله مع العراق وكان الله في عون العراق والعراقيين.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٩ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م