ملاحظات على مهاجمة خطاب السيد عزة الدوري والصمت حيال تصريحات الشيخ المؤيد

هل هي سياسة الكيل بمكيالين أم ماذا ؟

 

 

شبكة المنصور

علاء جواد الشمري

لا يسع المتابع لما يجري في بعض الاروقة الاعلامية التي تقدم نفسها كمواقع وطنية وداعمة للمقاومة ، إلا أن يصاب بالدهشة والاستغراب من مواقف مدعي مناهظة الاحتلال وعمليته السياسية ودعم المقاومة العراقية ومشروعها التحرري، وردود أفعالهم المتشجنة وهجومهم اللامبرر على قوى المقاومة وفصائلها السياسية المختلفة وضد حزب البعث تحديدا. مواقف وردود الافعال تلك لو وضعت في مقارنة موضوعية مع سكوتها المريب إزاء ما يصدر عن أخطاء  من قوى أخرى, فسوف تنطبق عليها بكل سهولة صفات النفاق والرياء السياسي  والكيل بمكاليين!

 

لندخل في صلب الموضوع ولنأخذ مثالا على ما أشرنا إليه من رياء سياسي وإزدواجية مارسسها البعض عن تعمد وسبق إصرار. لنأخذ الموقف المتشنج والمغالط الذي إتخذته أقلية من خطاب الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، والرئيس الشرعي للعراق السيد عزة الدوري بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي، ولنقارنه بصمت نفس الفريق المطبق والمثير للتساؤلات والشكوك حيال تصريح السيد الشيخ المؤيد بمناسبة تنصيب الرئيس الامريكي باراك أوباما.

 

 نود الاشارة هنا إننا لسنا بصدد إجراء مقارنة بين الرئيس الشرعي للعراق، وبين الشيخ المؤيد, فلا مجال لهكذا مقارنة لاختلاف موقع الرجلين, فالسيد عزة الدوري أحد رموز القيادة التأريخية للعراق, والشيخ المؤيد ناشط سياسي ومرجع ديني في فترة مابعد الأحتلال, له ماله وعليه ماعليه! هذا ليس تقليلا من شأن الشيخ المؤيد  الذي نقدر بعض مواقفه السياسية بل حقيقة.

 

ما نريد توضيحه هو النفاق السياسي لبعض من أخذوا مؤخرا يمنحون أنفسهم حق تحديد وطنية الاخرين دون أن يملكو تأريخا سياسيا معروفا أو مساهمة فعلية في الصراع القائم أو حضورا سياسيا مميزا أو حتى قبولا من قبل الاطراف السياسية الاخرى يمنحهم الحق في تقييم الاخرين وطنيا. هذا النفاق تتضح صورته عند مقارنة مضماين خطاب السيد عزة الدوري وتصريح الشيخ المؤيد ومقارنة الهجوم الذي تعرض له الخطاب من الاقلية المذكورة مقابل صمتها المطبق على تصريح الشيخ المؤيد .

 

خطاب السيد عزة الدوري تضمن مجموعة من الرسائل تناولت  أوجه  الصراع القائم في العراق على ضوء المتغيرات والمعطيات الميدانية والسياسية عراقيا وإقليميا ودوليا. أهم تلك الرسائل  كانت الرسالة الاولى لما إحتوته من لغة مباشرة للرئيس، ومؤقتة توقيتا سياسيا دقيقا لتحرج إدارة الرئيس أوباما وتضعه وجها لوجه أمام الوعود السياسية الانتخابية، والتي لعبت دورا في وصوله للبيت الابيض. فقد قدم السيد عزة الدوري عرضا محددا هو الحوار السياسي مع  القوى الفعلية على أرض الواقع (العراق) لانهاء الاحتلال كليا، وإسترداد العراق وشعبه لكامل الحرية والاستقلال، على أن يجري الحوار بعد إعلان أمريكا الانسحاب الكامل من العراق، وإلا فان المقاومة ستستمر حتى التحرير الكامل للتراب الوطني العراقي. أو حسب ماقاله السيد عزة الدوري نصا " أنَّنا باسم الله العليِّ القدير القويِّ العزيز قد أعددنا لمقاومة شاملة وفاعلة وطويلة ومتصاعدة حتَّى يخرج آخر جنديٍّ غازٍ هاربًا من أرضنا، ولو طال الجهاد والمقاومة لأجيال قادمة.. وهذا هو حقُّنا المشروع المقدَّس الذي اعترفت به وقدَّسته قوانين السماء والأرض على حدٍّ سواء، وحتَّى التحرير الشامل والعميق لبلدنا العزيز من كلِّ أنواع الاحتلال والاستغلال والهيمنة والابتزاز" .

 

خطاب السيد عزة الدوري يشير أيضا بشكل ضمني بأن ممثلية الشعب العراقي تنحصر في ".. المقاومة الوطنيَّة والقوميَّة والإسلاميَّة والقوَّات المسلَّحة المجاهدة... ".

 

ماقالته الرسالة واضح: إما الانسحاب التام أو إن المقاومة مستمرة، وإذا سحبتم قواتكم وسلمتم العراق الى أهله  فان القوى التي تمثل شعب العراق مستعدة للتحاور معكم على إقامة العلاقات على أساس الند للند، وبما يحقق المصالح المشتركة للطرفين . 

 

أما الشيخ المؤيد فقد أدلى بتصريح صحفي نشر على عدة مواقع إخبارية، من ضمنها موقع الكادر يوم 22 كانون الثاني 2009. تصريح الشيخ المؤيد جاء ردا (تعليقا)على خطاب التنصيب الذي ألقاه الرئيس الجديد للادارة الامريكية باراك أوباما. فقد وصف الشيخ المؤيد خطاب أوباما كونه " خطاب إيجابي يتسم بالحكمة والعقلانية ويتضمن أفكارا بناءة بإمكانها إذا تجسدت في الواقع العملي أن تفتح أفقا واعدا لمرحلة تاريخية جديدة لا للولايات المتحدة الأمريكية فحسب وإنما للعالم كله " .

 

ورحب الشيخ المؤيد  باعلان الرئيس الأمريكي حول إعادة العراق لشعبه, حيث أكد بأن هذا لن يتحقق بمجرد إنسحاب القوات وإنهاء الاحتلال وإنما " أيضا بالعمل الجاد والمساعدة الفاعلة لتصحيح مسار العملية السياسية بالشكل الذي يجعلها قادرة على إستيعاب المجتمع العراقي وتحقيق تطلعاته المشروعة في النمو والتقدم وبناء الديمقراطية الحقيقية وإقامة الدولة الحديثة " .

 

وأضاف الشيخ المؤيد " إنني أدعو الرئيس أوباما وإدارته إلى ضرورة العمل على بناء الثقة والصداقة والتعامل مع القوى والشخصيات الوطنية المعتدلة والعقلانية والكفوءة والمخلصة للعراق وغير الانتهازية التي لا تتخذ من الصداقة مع الولايات المتحدة الأمريكية جسرا للعبور إلى مصالحها الذاتية والفئوية حتى وإن أدى ذلك إلى الإساءة إلى سمعة الولايات المتحدة الأمريكية"

 

وفيما يتعلق برؤية أوباما لسياسة رعاية المصالح المشتركة والاحترام المتبادل قال الشيخ المؤيد: " إننا نرحب بذلك ونعتقد أن العالم الإسلامي سيتلقى هذه الرسالة بتفاؤل كبير وإيجابية مسؤولة وسوف يتجاوب مع ذلك مؤكدا على إن الإطار الذي يجدي لإنجاح هذه السياسة هو الحوار والتفاهم بعيدا عن القوة والتحكم". هذة  أهم النقاط التي صرح بها الشيخ المؤيد والتي تخص الصراع القائم بالعراق.

 

ما صرح به السيد المؤيد ليس خيانة ولا خطأ ولا تنازل ولا يختلف عن ما دعا إليه السيد عزة الدوري، بل إن ما صرح به السيد المؤيد هو أقل قبولا ويستحق إعتراضا أكبر مما يستحقه الخطاب.

 

فلماذ لم يكتب محامي الوطنية حرفا واحدا عن تصريح السيد المؤيد؟؟؟

 

فالسيد المؤيد لم يدعو الرئيس الامريكي للحوار مع المقاومة  العراقية بل مع من وصفهم ب " القوى والشخصيات الوطنية المعتدلة والعقلانية والكفوءة والمخلصة للعراق وغير الانتهازية " وهذا الوصف ينطبق على الكثيرين من اللذين لا يملكون حق التعبير عن إرادة شعب العراق . ودعوة السيد المؤيد لاتتضمن مطالبة أوباما في تنفيذ ما إلتزم به، ولم يذكره بأن المقاومة ستستمر في حالة عدم تنفيذه لوعوده، على عكس من رسالة السيد عزة الدوري التي تضمنت مطلبا واضحا وجليا: إما الانسحاب وإما المقاومة حتى النصر. والانكى من كل ذلك إن دعوة السيد المؤيد لم تشمل إنهاء الاحتلال ونسف كل ما قدمه الاحتلال من مؤسسات ونظم سياسية كنظام المحاصصة الطائفية العرقية, بل كل ما دعى إليه السيد المؤيد هو تصحيح مسار العملية السياسية! وليس إلغائها والفرق كبير جدا بين التصحيح وإلغاء العملية السياسية- الشريان الذي يتغذى منه الاحتلال وعملاءه. ما دعى إليه السيد المؤيد بكل وضوح ليس إلا دعوة لتغير الوجوه حتى تصحح العملية السياسية بأحلال " القوى والشخصيات الوطنية المعتدلة والعقلانية والكفوءة والمخلصة للعراق وغير الانتهازية محل الانتهازية التي تتخذ من الصداقة مع الولايات المتحدة الأمريكية جسرا للعبور إلى مصالحها الذاتية والفئوية حتى وإن أدى ذلك إلى الإساءة إلى سمعة الولايات المتحدة الأمريكية!

 

فهل يقبل رافعي راية إحتكار الوطنية والمقاومة هذا الطرح ؟ هل إن مستقبل العراق متوقف على تصحيح العملية السياسية كما إقترح السيد المؤيد ؟

 

نريد من الحريصين على مصالح شعب العراق والمقاومة والمجاهدين المطالبين في عدم التعامل مع أمريكا حتى يوم الاخرة أن يقولوا لنا رأيهم من دعوة السيد المؤيد إن كانوا صادقين حقا في الحرص على المقاومة ومشروعها الوطني؟

 

الغريب أن يقدم مدعي الوطنية والمقاومة من منتقدي خطاب السيد عزة الدوري ردود أفعال أقل مايقال عنها، إنها ردود أفعال مسبقة وبعيدة عن التحليل المنطقي والسليم. ما يجب أن يقال بأن كل ما نشرمن هذا النوع من المواقف قد صدر عن كاتبين أحدهما معروف والاخر مجهول الهوية  يضاف الى ذلك ثلاثة او أربعة مقالات كتبت بأسماء وهمية.

 

الغريب والمثير أيضا للتساؤلات هي الشراسة الغير مبررة في مهاجمة خطاب السيد عزة الدوري وما رافقه من إساءة الى شخصيات وطنية معروفة لن يغير رأي المخلصين في الصف الوطني المقاوم بهم مثل هذا النوع من المقالات, بل زاد من رصيدهم الوطني لا سيما بعد تعاليهم عن الرد على تخرصات الصغار من أصحاب الاسماء الوهمية والعلنية، مقابل المواقف العنيفة من خطاب السيد عزة الدوري, قابلنا المزايدين بتجاهل متعمد وإغفال مقصود لتصريحات السيد المؤيد.

 

 ترى كيف يفسر كتاب الشتائم هذا النفاق السياسي الصارخ؟ هل هي مسألة مداهنة ومداراة ؟ أم حقد مزمن على حزب البعث وقيادته وكتابه؟ أم يحق لرجل الدين ما لايحق لغيره؟ أو يحق للسيد المؤيد ما لا يحق لغيره؟ أم إنه إمام معصوم عن الخطأ؟ وعلينا أن نقبل ما يفتي به؟ هل يقدم لنا مهاجمي خطاب السيد عزة الدوري تفسيرا لصمتهم عن تصريحات السيد المؤيد؟ وهل لخلفية السيد المؤيد الدينية علاقة بصمتهم؟ هل كانو سيقبلون تلك التصريحات لو إنها صدرت عن الشيخ حارث الضاري على سبيل المثال؟

 

هل هذا هو الحرص الوطني لقادة العراق المحرر؟؟؟ أم إن الكره والحقد  قد أوصل البعض الى حافات الهاوية. لقد صرنا وبحكم إبتلاء البعض بعقدة نفسية( عقدة البعث), نتفهم(ليس بمعنى القبول) التحسس والرأي المسبق عند البعض إزاء حزب البعث ورموزه التأريخية,

 

 لكن أن يشن البعض حربا غير أخلاقية على حزب البعث من دون سبب مقبول  وأن يصمتوا على مشاريع سياسة أخرى يعتريها الخطأ أصبح أمرا لايمكن تفسيره  إلا بشيئين، فإما التواطئ السياسي مع أطراف خارجية معادية لعقيدة البعث الوطنية والقومية وترى في البعث عائقا أمام قيام مشاريعها الظلامية، أو الوقوع في عقلية وحسابات الفهم الطائفي بكل ما يحمله من أمراض أولها الحقد على الاخرين وإجتثاثهم.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٤ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م