صحوة وغفوة الضمير العالمي

 

 

شبكة المنصور

د. عبد الكاظم العبودي
نشرت في اسبوعية القادسية الصادرة في الجزائر العدد 51 في10/01/2009

تراجع الدور الامريكي في فترة السبات ما بين العهدين البوشي والاوبامي. رئيس راحل مهزوم بكل أركان ادارته، ملاحق باللعنات، وآخر قادم بوعود الامنيات هي تلك صورة أمريكا التي تُغيب نفسها في هدنة بعد صفعة الحذاء . الولايات المتحدة وهزائمها وأخطائها وأوهامها في تحقيق " شرق أوسط جديد" هي المشكل العويص الدائم في المنطقة، وما لم ترتب الولايات المتحدة وأتباعها من المعتلين ولا نقول "المعتدلين" العرب أولوياتهم بشكل حاسم سيدفع العرب عامة، والفلسطينيون خاصة ثمن الاستهتار الامريكي، مجازرا ودمارا شاملا لا تتوقف محطات التلفزة من نقل صوره على المباشر.


أوربا الساركوزية، ترث اليوم فرصة التدخل في جنوب وشرق المتوسط، مرة كمشعلة للنيران، ومصفقة للعدوان، ومرة تهب بعد سبات شتوي مُفتعل، بوظيفة الاطفاء والحماية لما تبقى من أنقاض ورماد حرائق الشرق الاوسط. الشعوب الاوربية أدركت أخطاء حكوماتها فأعلنت براءة الذمة نهائيا، من أفعال القتلة الصهاينة ومن يقف وراءهم ويشجعهم من الامريكيين والاوربيين، على ممارسة العدوان.


أوربا واجهت سقوط ثلاث جدران في أقل من عقدين، سقوط جدار برلين ينهي الاتحاد السوفيتي ويدخل النفوذ الامريكي بديلا وحيدا لاخيار لرفضه للسيطرة على أوربا، وجدار العزلة عن شعوب الشرق الاوسط، وخصوصا بعد ذبح العراق ولبنان وأخيرا فلسطين، وجدار "وهم إرهاب القاعدة" والحرب ضد الافغان. وخلف كل هذه الجدر نجد الورطة الامريكية الفاعلة، والخائبة، وهي تريد أن تمسح موس الذبح وتلطخ دمائه بالجبة الاوربية .


إن الاوربيين لم يحرروا انفسهم بعد من عقدة ضمير مستعصية عليهم ، وهم يحاولون أن يكونوا وسطاء بين جلاد وضحية في فلسطين وقبلها لبنان. ولازال خطابهم مرتهن بإملاءات الخارجية الامريكية. يعيدون القول: " يجب توفير الضمانات لإسرائيل في أي تسوية "، والتسوية لم تتغير منذ قيام الكيان الصهيوني، هي إخضاع غزة بطريقة أمريكية تتمثل بشن الغزو والحرب ووقف اطلاق النار في موقع يسمح التفاوض به الإتيان بقرضاي أو مالكي جديد على ظهر دبابة صهيونية الى غزة. محمود عباس و" المعتدلون العرب" انتقلوا من موقع التفرج الى موقع المشاركة في مذبحة غزة، والمعابر، لا تفتح الا لوجه محمود عباس ومحمد دحلان وبمباركة سعودية ومصرية واردنية. هذه هي شروط وقف إطلاق النار التي يحملها الوفد العربي بمشاركة محمود عباس وعمر موسى الى نيويورك الى مجلس الامن الذي يجتمع اليوم باشارة ومايسترو امريكي يقوده خليل زادة ، وبالمقابل يأتي ساركوزي وبلير وخافي رسولانا الى المنطقة وهم يعرفون تعبير " وقف إطلاق النار" وينسون عبارات " إدانة الاحتلال وتسمية جرائم الحرب ومعاقبة القتلة والمطالبة بالسحب الفوري للدبابات الصهيونية ووقف القصف الجوي والبري وإنهاء كل أشكال الحصار بفتح المعابر".

 

ان العرب المعتلون يريدون تحويل صمود غزة الى قميص عثمان إيراني ليحولوا خيباتهم بعدم الاجتماع وعجزهم الى مبررات تضع اللوم على حماس وحزب الله والشقاق الفلسطيني. ان سلطة رام الله التي تريد العودة على ظهر دبابة صهيونية وبجهد دبلوماسي عربي واوربي تعرف انها ستفشل طالما انها لم تتمكن من حماية عدد من نشطاء حماس المعتقلين في "مزرعة أريحا" من اعتقال القوات الصهيونية لهم وأخذهم رهائن للمساومة بهم عند بدء مفاوضات فك الاشتباك. ساركوزي والاوربيون جاؤوا بمعاولهم لنبش ألانفاق مابين القطاع المحاصر وسيناء، وهذه المرة يلوحون باستصحاب مراقبين دوليين داخل القطاع ويتركون لحسني مبارك حماية رفح المصرية من تسلل الهواء الى غزة. وصلت دبابات الصهاينة الى غزة ولمنهم لم يمروا كما أقسم بذلك المجاهدون، ويقيني أن الله لا يحقق دعوة رابين وهو يدعو لغزة أن يبتلعها البحر ليتخلص منها الى الابد. أهل غزة لا يغرقون لا ببحر الدم ولا ببحر الرصاص المسبوك، قدرهم أن لا يكونوا لاجئين في سيناء مصر، شكرا لك يامبارك أنك علمت المحاصرين وراء المعبر لا خلاص من الموت المحتوم جوعا وعطشا الا بالمقاومة ولو بأنابيب من الحديد الرخوة الفولاذ تحولت الى صواريخ القسام لتدك مهاجع المعتلين العرب قبل اليهود.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٠ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م