كلمة مبارك السحرية ( اليوم ) ؟؟!!

 

 

شبكة المنصور

د. أحمد عبد السلام

بعد ثلاثة أسابيع من العدوان والجرائم البشعة ضد الإنسانية في غزة ، لم يفلح قرار مجلس الأمن الدولي الملزم ، ولا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مناشدات المنظمات الإنسانية الدولية ، إجبار إسرائيل على وقف عدوانها ضد شعب اعزل من الأطفال والنساء والشيوخ . وفجأة تُغيّر إسرائيل موقفها بعد تجاهل متعمد كسابق عهدها في عدم الاستجابة لإرادة المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن، وتبدي مرونة واستجابة فورية حالما تسمع خطاب الرئيس المصري حسني مبارك الذي طالبها فيه بإيقاف إطلاق النار (اليوم)..وهنا نسأل أين كانت هذه الكلمة السحرية ( اليوم)!! طيلة هذه المدة ولماذا لم يطلقها مبارك عالية مدوية في الأيام الأولى للعدوان على غزة أو خلال زيارته للرياض، لمنع إسرائيل من قتل 1300 وإصابة 5320فلسطيني وتدمير المنازل والمدارس والمساجد هناك،أم أن هذه الكلمة السحرية جاءت بعد أن استنفذت إسرائيل أهداف عدوانها وباتت تبحث عن مخرج مقبول لها.


المتتبع لمجريات الأحداث يجد أن التمهيد لدور مبارك هذا جرى الإشارة إليه في كلمة وزيرة الخارجية المنصرفة رايس خلال جلسة مجلس الأمن الدولي عندما اثنت على ما سميّ بمبادرة مبارك وجهوده ،ومن حيث كانت رايس تدري أم لم تدري فأنها بمدحها لمبارك أعطت انطباعا بأنه أفضل من يمكن الاعتماد عليه من قبلهم لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة .تلك المؤشرات تجعل مبارك طرفا غير محايد في الوساطة الفلسطينية- الإسرائيلية فضلا عن مساهمته بإغلاق معبري غزة مع حدود مصر بدعوى تطبيقه لاتفاقية عام 2005 مع إسرائيل دونما أية مسؤولية إنسانية تجاه أبناء غزة .


وكشفت المعطيات السياسية للمرحلة التي سبقت العدوان على غزة وبعده، أن هناك تنسيق أمريكي – إسرائيلي مع مبارك يهدف إلى إقصاء وتهميش أي دور أو تحرك عربي تجاه ما يجري في غزة ،والحيلولة دون أن يكون هناك شبه إجماع عربي ولو بمقررات الحد الأدنى تجاه غزة وفلسطين ( قضية العرب المركزية ) مستقبلا وبما يمكن مبارك من الانفراد في تنفيذ الأجندة السياسية والعسكرية اللاحقة لإحكام تطويق وعزل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في مرحلة ما بعد العدوان العسكري .ورغم حرص الحكومة المصرية على إظهار إعلان رفضها القيام بأي دور في تنفيذ اتفاقية رايس – ليفني بشأن ما سميّ بمراقبة تسرب الأسلحة إلى غزة خشية لترضية الشارع المصري الغاضب . إلا أن الدعوة الفورية التي أطلقها مبارك وخلال يوم واحد لعقد قمة دولية شارك فيها رؤساء فرنسا وتركيا وملك الأردن ورؤساء حكومات بريطانيا وألمانيا وأسبانيا وإيطاليا ، جاءت في إطار يكرس ويدعم دور الحكومة المصرية في تنفيذ اتفاقية رايس- ليفني وتحت مظلة دولية تبرر دور الشرطي الذي ستمارسه حكومة مبارك في المنطقة.لقد انعقدت قمة شرم الشيخ الفورية الدولية لتضع الآليات المطلوبة لتأمين حدود إسرائيل وإحكام حصار غزة مجددا وهذا ما أشار إليه علنا الرئيس الفرنسي ساركوزي عندما قال في المؤتمر الصحفي عقب انتهاء القمة إنه اتفق مع المستشارة الألمانية ميركل على توفير كل الدعم السياسي والفني والعسكري للحكومة المصرية لتنفيذ المراقبة على تسرب الأسلحة إلى غزة.


لا ريب أن مبارك أصبح ورقة محروقة نتيجة استمراره بتنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني بالمنطقة والكثير يتذكر دوره في ما جرى من عدوان ثلاثيني على العراق عام 1991ومن احتلاله في عام 2003وتسويق حكومة الاحتلال في النظام الرسمي العربي ، وقد يكون مبارك اندفع بكل هذا الدور طمعا في حصوله على الدعم الأمريكي لتوريث السلطة لولده جمال لكنه ربما نسي مصير سلفه السادات بعدما احترقت كل أوراقه.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٢٢ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٩ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م