هجوم "الجزيرة " المقابل في غزة

 

 

شبكة المنصور

د.أحمد عبدالسلام / باحث وكاتب عراقي

في خضم التطورات السريعة في عالمنا المعاصر، المتغير بفضل التقدم (التكنوإتصالي) المضطرد ، تغيرت المفاهيم الإعلامية أيضا وأصبح مفهوم الخبر الصحفي ؛هو متابعة الحدث لحظة وقوعه من على شاشة التلفاز وليس رواية لحدث وقع في وقت مضى.


ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزه، وظفت قناة الجزيرة الفضائية القطرية جلّ قدراتها الإعلامية لتغطية الحرب على غزه، بتفاصيلها الدقيقة، لحظة بلحظة وساعة بساعة ،وقد حققت أكثر من سبق صحفي، دفع القنوات الفضائيات العربية الأخرى والإخبارية منها، إلى السعي لمجاراة التغطية الإعلامية المتواصلة لقناة (الجزيرة) بدوافع مهنية صرفه لا بهدف كشف حقيقة الجريمة وبشاعتها ،بحيث تجنبت القنوات الفضائية الأخرى بث جميع الصور التي بثتها قناة الجزيرة والمعبرة بصدق عن واقع الأحداث وحجم جرائم القتل والتدمير والخراب.


تلك الصور البشعة للجريمة الإسرائيلية في غزة جعلت تلك القنوات الفضائية العربية تتراجع عن مواصلة تغطيتها لما يجري في غزة لان استمرار تغطيتها لتلك الصور سيحرج بعض الأنظمة العربية التي تتحمل وزر استمرار العدوان والحرب في غزة والتباطؤ في اتخاذ قرار عربي موحد لوقف المجزرة. فما الذي فعلته قناة الجزيرة في الحرب على غزه ؟ لقد حققت قناة (لجزيرة) ما لم يحققه النظام الرسمي العربي في الاتفاق على مواجهة العدوان بخطاب موحد جامع، فقد أعلنت(الجزيرة) الحرب الإعلامية على إسرائيل . . حرب الصورة والكلمة التي كشفت حقيقة ما يجري من جرائم قتل وإبادة جماعية لسكان مدنيين وأطفال ونساء ، وجرائم استخدام العدو الإسرائيلي للفسفور الأبيض وهو من الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا .


المشاهدات والصور الحية التي نقلتها (الجزيرة) أسهمت في تفجر مشاعر غضب الشارع العربي الذي ما يزال يغلي ويدين تباطؤ النظام الرسمي العربي حتى في تحقيق قمة عربية تخصص لبحث العدوان على غزة وأن كان لا يرجى منها غير بيانات الشجب والاستنكار وعجزها عن اتخاذ قرارات وإجراءات عمليه توقف العدوان وتلزمه بتحمل تبعات عدوانه السياسية والاقتصادية.


لقد تخطت رسائل الجزيرة الإعلامية عن مجازر غزه البشعة، محيطها العربي إلى الدول الإسلامية ودول العالم .. فكانت ردود فعل الشارع هناك تتجاوز ردة فعل الشارع العربي، كما حصل في تركيا.وكان تجاوب حكومات بعض تلك البلدان ايجابيا مع نبض الشارع الغاضب فيها، وهذا ما يفسر المساعي الحقيقية التي قام بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ، وزعيم العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية لإيقاف الحرب العدوانية على غزه، وأعقب تحرك تركيا خطوه رئيس فنزويلا تشافيز ومن ثم بوليفيا بقطع علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل ودعوتها لتجريد شمعون بيريز من جائزة نوبل للسلام.


هجوم (الجزيرة) المقابل في غزه دفع المنظمات الدولية والإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان إلى لوقوف إلى جانب نصرة أهل غزه ضد الصهيونية، الهجوم المقابل، جعل بعض حاخامات اليهود في العالم يدينون إسرائيل.


ولا يقل هجوم (الجزيرة) المقابل في غزه أهمية عن فعل اطلاقة البندقية وقذيفة المدفع والصاروخ ، أشعرتنا (الجزيرة)نحن العرب بأننا أمة حية حقاً،مادام فيها من يتبنى الحق العربي ويدافع عنه في ضل وجود قنوات فضائيه كثيرة تتبنى التبرير او التسويق لمواقف النظام الرسمي العربي أو تعمل على ستر عيوبه وتجميل صورته البشعة تجاه الأمة وقضاياها المصيرية.


فهل يا ترى سيدرس النظام العربي كيف انتصرت (الجزيرة) في هجومها المقابل ؟ ليتعلم منها الدرس وكيف ينتصر لنفسه ليثبت انه موجود ويمثل بحق أبناء هذه الأمة، بعد أن أظهر هجوم (الجزيرة) المقابل تخاذل وتهاون بعض الأنظمة الرسمية العربية في نصرة أهل غزه، وكشف تحالف تلك الأنظمة مع أعداء الأمة وزيف إدعاءاتها.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ٢٠ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م