جاء دورك ياساركوزي

 

 

شبكة المنصور

د.محمد رحال / السويد

من يراقب المسيو كوشنير وهو يغدو ويروح , وعلى وجهه علامات الاهتمام الكبير , يخال انه امام زعيم  عربي مهتم بقضايا العرب والاسلام ومصائرهم , ويكاد ان يتوه العداد الالكتروني المركب على قفاه في حساب الزيارات التي قام بها هذا الكوشنير, وقد تجاوزت زياراته للدول العربية اكثر بكثير من زياراته لوزارة الخارجية التي يرأسها  في باريس , ومع ان العرب المساكين والذين يأكل الكوشنيرات عشاهم ليس لديهم مايعطونه  له بعد ان اعطوا كل ماورثه الاجداد من كرامة ونخوة وعنزة  الى سيدهم الراحل السيد فوش , ولكن هذا الكوشنير ووراءه سيده ساركوزي يأمل بما ابقاه بوش من قليل العظم  , فالسيد ساركوزي يحب التسلية بالعظام كثيرا , وتكاد ان تكون هذه امنيته بل وضالته, والتي وجدها لدى الزعماء العرب , والمعجبين كثيرا بخنته الفرنسية وهو يخاطبهم  دائما ب مسيو خالطا معها حرف الميم بالفاء المعطشة , فقد مل  السادة قادة العرب من مخاطبتهم ب مستر ,

 

ولقد سلم الرئيس الراحل بوش الامانة وعصا الولاية الى المسيو ساركوزي , والذي لم يصدق  ذلك حتى بدأ يشيط ويخيط  في بلاد العرب السعيدة , ولم يبرح منها حتى جمع القادة العرب المتوسطيون على مائدة واحدة علنية  وتحت ادعاء الوحدة المتوسطية , وحشرهم جميعا مع الخل الوفي المسيو اولمرت , والذين  ووراء الكواليس ومع الاباليس  سعدوا بقبلات الاخ اولمرت, وهناك وتحت المظلة الساركوزية باعت الشهامة العربية   شعب غزة الى جيش عصابات الهاغانة الحديثة ,  وذلك بعد ان عرف القادة العرب ان  غزة ستضرب وسيضرب معها وبالقنابل الذرية كل نظام عربي  يرفع عقيرته بالاحتجاج , بل وسمح لبعض هذه الانظمة وبالاتفاق مع المسيو اولمرت بالاحتجاج التنفيسي والذي لن يقدم لاهل غزة  الا الحسرة والدعوة لانظمة هي من اسقط اهل الارض واخسهم , وساهم تدخل المسيو ساركوزي والذي اوضح لهؤلاء الزعما ء مدى خطورة الارهاب الفلسطيني على عروشهم , وانه لايوجد قوة في الارض تحميهم من غضب دولة اسرائيل لو زمجرت والقت بحمهها المكدسة  على اي عاصمة مهما بلغ عدد سكانها , فالحكومات الاوروبية كلها ستكون مع اولمرت , ولن ينفع انظمة العرب مظاهرات اهل داكا الغاضبة , او صيحات اهل لاهور , او سباب الشعوب العربية  والتي طفح كاسها بالسباب الازوتي العديم الفعالية , ولهذا فقد مهد ساركوزي الارضية المناسبة لضرب اهل فلسطين في غزة المحاصرة  من خلال عدوان اعترف الكيان الصهيوني انه اعد له وخلال عامين طويلين , وهيأ له العدة والعتاد  ,

 

ومهد له الاجواء الدولية والانواء العربية , بل وجهز له البرامج التلفزيونية والتي تصور مآسي هذا الشعب , ومدى عجز النظام العربي عن مد يد المساعدة لهذا الشعب المنكوب  , والذي بات يحلم ان يعيش على ارضه كما يعيش  اناس العصر الحجري والذي بات حلم صيف غزاوي قصير ,  وكان ان خرق هذا التآمر الساركوزي والعربي  الوقفة الصادقة لقادة تركيا والذين دفعتهم خلفياتهم الاسلامية  ان يجهروا ببعض الحق , وساندهم بذلك شعب يقترب تعداده من مائة مليون انسان فاعل في الحياة السياسية التركية والعالمية , هذه الوقفة التي احرجت النظام العربي المتهاوي والمستسلم والخانع لكل انواع واشكال  الابتزاز  وعلى رأسه الابتزاز السياسي والمالي والوطني والجنسي, وكانت لتعليقات الطيب اردوغان في تركيا وفي المحافل الدولية اثر اشد من اثر الصفعات على وجوه القادة العرب في ليلة شتاء باردة ومطيرة, ولقد صرح احد اقطاب الخيانة لمقربيه ان الطيب اردوغان ابقاهم بنصف ثيابهم, ناسيا ان ثيابهم ليست لستر العورة , فعوراتهم مكشوفة منذ زمن بعيد يتلاعب بها صبيان الساسة في ارجاء المعمورة منذ ان من علينا سايكس وبيكو بان قسمنا الى اشلاء, ونصب علينا مجموعة من الهمل  ولدنا من بطون امهاتنا  وهم كالهم على قلب  الامة كلها , وكانوا عبر التاريخ الحديث  معرة الامم وعرة الشعوب  وتندر  الظرفاء , ومضرب المثل في الهبنقة السيادية .


لقد استطاع ساركوزي على وضاعته وضآلته  وقلة حيلته وانعدام شرفه , والمستوى الهزيل لسياسته ان يقود مسيرة الحكام العرب من خطامها بعد ان وضع الطماشات على عيونهم , وسار فيهم من حفرة الى حفرة , وهم يتبعونه , فرحين بالسيد الجديد بعد رحيل الاول , وفرحين بما اتاهم الله من فضل الساركوزية وفضل الاسم الجديد المسيووية, وفرحين بالصعود والهبوط على درجات  قصر الاليزيه وحتى بدون البساط الاحمر والذي اعتادت اقدامهم الشريفة على المشي عليه , مصاحبا بزمامير  المزمرين وطبلات المطبلين ورحم الله الشقوق التي كانت في ارجل ابائهم , ورقع القماش في ثياب جداتهم , وعظم الله كروشهم البطريقية والتي تهتز طربا على سجاد العشق الاحمر ومعها الارداف الجانبية  والتي تتراقص هزا يمنة وشمالا لدى كل ضربة طبل او نفخة  ساكسوفونية , فرحين بهذا العز الذي سرقوه من مجد تليد وعز سليب , تاركين اوطانا مسروقة , وارضا منتهكة , وشعبا ذليلا , وعدوا صائلا.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد / ١٣ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٨ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م