تعقيب على مقالة اللواء البطل خالد الهاشمي في رده على صفوت الزيات

 

 

شبكة المنصور

د. صباح محمد سعيد الراوي
كييف – أوكرانيا

نشرت شبكة البصرة مقالا للواء خالد الهاشمي، قائد الفرقة 51 الميكانيكية، قوات سارية الجبل في البصرة المجاهد، أيام معركة الحواسم البطولية... كان يرد في ذلك المقال على ما يسمى تحليلا للعميد صفوت الزيات.... الذي أدلى به على قناة الجزيرة...

 

في الحقيقة.... لم تتح لي، بسبب المشاغل، الفرصة للتعقيب على ما نشره اللواء الركن البطل خالد....

 

لكن اقول... ولو متأخرا بعض الشيء...

 

أصعب ما يكون على المشاهد في أيام الحروب، مثل أيام معركة الحواسم مثلا أو هذا العدوان الاخير على غزة في فلسطين المحتلة....... حين يرى المتفلسفين والناعقين على قنوات العمالة والانبطاح يتفوهون بكلام قصدوا منه تقديم أنفسهم على أنهم على دراية بكل شيء، حتى ولو كان موقعهم بعيدا ألاف الأميال عن مسرح الاحداث، وهذا من أبشع الامور... حالهم كحال الطبيب الذي يريد إجراء عملية جراحية عن بعد... لايريد أن يلبس قفازات ولا أن يمسك بيديه أدوات الجراحة ولا أن يدخل غرفة العمليات... ولا أن يفعل شيء... يخاطب الجريح بواسطة هاتف أو شيء ما... استلق على ظهرك... أضغط على الجرح... حاول إيقاف النزيف... اربط الجرح... وهكذا... المريض مسكين ينزف دما ويتألم ويتلوى من الألم، وهو يتفلسف بالقول إن الجرح غير غائر وبسيط ويمكن معالجته بسهولة... وهكذا...

 

طيب... بدل هذه الفلسفة والكلام الفارغ... اذهب الى الجريح وداوي جرحه.. فهذا أفضل من أي كلمة.... سواء بمعنى أو بلا معنى....

 

أما العميد الخبير.... عبقري زمانه وقائد عصره...

 

أتدرون ما المشكلة قبل الحديث عن خبير العصر وقائد الزمان...

 

المصيبة الكبرى، وليست المشكلة، أن احتلال العراق وتدنيسه فتح مجالا للكثيرين الكثيرين من الناعقين والنابحين والمتفلسفين ليتخذوا من العراق مثالا في كل شيء.... في كل شيء يخطر على البال... سياسي.. اقتصادي.. اجتماعي... علمي... ثقافي... عسكري... رياضي... فساد إداري... رشاوي.. سرقات.. وربما حتى سيتحدثون يوما ما عن العلاقة ما بين ابن زاخو وابن الفاو.. وهذا بالطبع راجع إلى غياب دولة عراقية حقيقية كالتي كانت... فاليوم في العراق لايوجد دولة... وإنما الواقع يقول أن مجموعة من أبناء المتعة.. خريجي حوزات المتعة المجوسية، وأبناء صاحبات الراية (مثل صولاغ وآل الزنيم) تسلطوا عليها، واتخذوها مرتعا لهم.. وحولوها إلى دولة عمائم ولطميات وأحزاب طائفية كسروية صفوية بغيضة... مرتبطة بجارة شر مجوسية كسروية خمينية..... ومن يهن يسهل الهوان عليه... وحسبنا الله ونعم الوكيل....

 

فإذا تحدثت عن الديكتاتورية... ضربوا لك نظام الشهيد رحمة الله عليه مثلا.... وقالوا لك بكل وقاحة وانعدام أدب وأخلاق ((نظام صدام حسين كان دكتاتوري)).... ولو اعتبرنا عهد الشهيد كان كذلك – وحاشاه أن يكون – لظهر أن رجال العهد الوطني الشريف، وكلهم بلا استثناء، يعتبرون تلامذة مبتدئين بالديكتاتورية أمام دكتاتورية وجور بعض الحكام المستعربين الحاليين ومسؤوليهم.... المتخفين بقناع ما يسمى الديمقراطية وحرية الرأي... أبسط مثال على هذا... خذوا نظام حسني مبارك وطريقة معاملته المهينة للشعب العربي في مصر الحرة... وما يقوم به من تهيئة لنجله لتوريثه الحكم... هذا ولا تنسوا أن الأقلام المأجورة العميلة للموساد ولنظام حسني مبارك على السواء كانت لا تنفك عن مهاجمة عهد الشهيد رحمة الله عليه وتتهمه بأنه يعد واحد من نجليه الشهيدين لخلافته... وظهر فيما أن هذا ليس له أساس من الصحة بتاتا... ومع ذلك لم يقطع واحد من أولئك الكلاب لسانه لأنه افترى على الشهيد...

 

سؤال... هل يلتقي حسني مبارك أو غيره من زملاءه الحكام العرب بخمسين مواطن من أبناء بلدهم يوميا ؟؟؟ تبا ثم تبا ثم تبا للديمقراطية المستعربة المزعومة..... وتعيش دكتاتورية الشهيد صدام الله يرحمه ويحسن اليه....

 

وإذا ما تحدثت عن سرقة الحاكم لأموال شعبه... أيضا نالوا من العراق ومن الشهيد رحمة الله عليه... متجاهلين أن بعض الحكام المستعربين سرق من الأموال ما لايمكن حصره... بل إن عميل صهيوني أمريكي حتى النخاع.. تافه منحط.... اسمه بندر بن سلطان.. حين سأله مذيع أمريكي يوما ما عما يقوله في أن اسرة آل سعود بددت حوالي الخمسين مليار دولار من أموال النفط.... بينما يعيش قسم كبير من أبناء الشعب تحت خط الفقر... كانت اجابته بكل بساطة: وما هو الضير في ذلك ؟؟؟ ومع هذا خرست الالسنة وجفت الأقلام عن الحديث ولو بكلمة عن هذا الساقط !!! فأين هي الأموال التي سرقها الشهيد عند زعم أولئك المنافقين ؟؟؟

 

سؤال... أين هي مليارات الدولارات المزعومة للشهيد رحمة الله عليه؟؟ وأين هي القصور التي زعموا أنه بناها في أوروبا ؟؟.. سحقا ثم سحقا ثم سحقا لكل من افترى على الشهيد رحمة الله عليه... وتعيش سرقة اموال النفط من قبل شيوخ النفط ومعازيبهم الامريكان... وتعيش صفقات السلاح الوهمية.. هذا السلاح الذي تحول الى خردة مع مرور الايام....

 

وهكذا... عليه القياس... كلما دق الكوز بالجرة نالوا من الشهيد ومن عهده الوطني... وآخر ما تفتقت عنه عبقرية هؤلاء القوم هو الحديث عن معركة أم الحواسم وترويج مقولة تافهة تقول إن بغداد "سقطت" بدبابتين!!!! مرة... وأن فرقتين عسكريتين فقط قاتلتا في العراق واحتلته!!!!

 

أنا أولا.... لست خبيرا عسكريا، ولست قائدا مثل اللواء خالد الهاشمي، صحيح كان لي شرف الخدمة بجيشنا العظيم المقدام... لكن أن تخدم كقائد عسكري، مثل اللواء خالد، شيء، وأن تخدم كطبيب شيء آخر.... وهذا يعلمه اللواء خالد أكثر مني بكثير...

 

أقول للقائد العبقري الفذ... صفوة زمانه الزيات...

 

أنا – شخصيا – شاهدتك مرة واحدة... ولدقيقة ونصف فقط.... أيام العدوان الامريكي الصهيوصفوي على عراقنا العظيم، حيث قدمتك قناة أبوظبي على أنك المحلل العسكري لها...

 

طيب...

 

دائما – هكذا تعلمنا – أن المتواجد في قلب الحدث غير الذي يتواجد خلف الجدران، وأن الذي يقود السيارة يرى ما لايراه الذي يجلس بالمقعد الخلفي... والجالس فوق يرى أكثر من الذي يجلس تحت... وهكذا...

 

والذي نعلمه أيضا... أن كلمة محلل تطلق مثلا على شخص يقوم بشرح حديث أو خطاب أو حدث سياسي ما... أما مسمى "محلل عسكري".... فأنا شخصيا أول مرة أقرأ فيها هذا المسمى كانت على القنوات – المستعربة – تحت أسماء هكذا أشخاص.... ذلك أنهم اخترعوا لنا مسميات ما أنزل الله بها من سلطان... فهذا خبير استراتيجي..... وذلك محلل عسكري...... والثالث خبير بشؤون الارهاب..... والرابع خبير بالجماعات الاسلامية... والخامس خبير بشؤون الشرق الاوسط.... والسادس خبير بأمور الحيض والنفاس... وهلم جرا.... وربما سنقرأ لاحقا مسمى خبير بأمور فوط الأطفال والنساء – عفوا من بعض القراء وليس الكل -

 

يعني أضرب مثالا حدث حين توقيف الشهيد رحمة الله عليه... فخرج ناعقون ومتلفسفون وكذابون وزاعقون... من كل حدب وصوب... وكل واحد منهم يزعق وينهق على كيفه...بلا رقيب أو حسيب.. فهذا يقول ان هذا الشخص هو صدام... والثاني يقول انه شبيه له.... والثالث يقول انه مفبرك.... والرابع يقول انه ليس هو... وهكذا...

 

حين استضافوا عبد الباري عطوان ليحلل على الحدث... قال جملة مختصرة تغني عن كل حديث... قال: هذا هو الرئيس صدام حسين بنفسه، ولو كان شبيها له كما يقولون الآن، لما قبل أن يخرج بهذه الصورة المسيئة... بل رتبوا له استقبالا حافلا في البيت الأبيض... وهو يلبس بذلة أنيقة وغالية كالتي كان يرتديها الرئيس صدام... مع حرس الشرف والموسيقى العسكرية!!! وسنجد أن بوش وأركان حكومته يستقبلونه بكل احترام في المكتب البيضاوي!!!! لكن لأنه صدام الحقيقي فعلا الذي نعرفه جميعا... أظهروه بهذه الطريقة... ليهينوا الحكام العرب وكل الشعوب العربية والاسلامية أولا... ثم ليقولوا لهم جميعا أن هذا هو صدام الذي كان أقوى حاكم عربي صار لدينا على هذا الشكل... فماذا سيكون حالكم يا ترى إذا ما فكرنا بالقيض عليكم ؟؟ وكذلك ليقولوا للإمعات والعلوج والطراطير الذين جاؤوا بهم من دولة الفرس ومن أوروبا أنكم إذا لم تتعاونوا معنا وتطيعوا أوامرنا سيكون حالكم كحال صدام حسين!!!

 

هذا يمكن أن نطلق عليه تحليل لحدث ما... وهو على أية حال كان تحليلا صحيحا مائة بالمائة...

 

كذلك..

 

حين كانت الجزيرة تذيع خطابات الشيخ اسامة بن لادن... يخرج تقريبا نفس المتفلسفين، فيأتي شخص مثل مدير مركز المقريزي للدراسات، هاني السباعي، ليقول ان هذا الخطاب يدل على ان الشيخ اسامة بن لادن متابع للاحداث أولا بأولا ولايعيش في كهف مظلم كما يحلو للبعض أن يردد... فمثلا حين يعلق على الجرائم الصهيونية في غزة... فهذا يدل على أنه يتابع ويشاهد الفضائيات... وحين يذكر اسم اوباما، فإن هذا يدل أيضا على معرفته بفوزه بمنصب الرئاسة... فكيف يردد الناعقون والنابحون والكلاب (أمثال ياسر عبد الصهاينة مثلا) على أنه يعيش في كهف مظلم ولا يعلم عما يدور في العالم؟؟

 

ما سبق، ربما يمكن أن نطلق عليه تحليلا عن أحدث أو أشخاص أو خطابات... وربما يكون هذا صحيحا من وجهة نظر البعض، وربما لا... وهي آراء على كل حال...

 

أما بالنسبة للحروب... وأكرر عن نفسي جهلي بأمور لم تدخل في صلب اختصاصي، وهي أمور عسكرية صرفة،.... فأقول...

 

أولا: إن أمريكا حين اعتدت على العراق عام 1991 جيشت ثلاثة وثلاثين جيشا تجمعوا في حفر الباطن... فليحسب صفوة العصر وخبير الزمان كم تعداد ذلك الجيش وما هي معداتهم ؟؟ هذا... والعدوان كان بغرض ما قالوا انهم يريدون فقط اخراج الجيش العراقي من أرض كاظمة... إذن... يا ترى كم تريد أمريكا من جنود لاحتلال بلد تبلغ مساحته اربعمائة وخمسة وثلاثون ألف كم مربع تقريبا ؟؟ وما هي المعدات العسكرية التي استخدمتها لإتمام ذلك الإحتلال ؟؟

 

يعني أنا لا أدري.. هل يعلم خبير العصر ماذا تعني كلمة إحتلال ؟؟ أم أننا بحاجة إلى خبير بأمور الاحتلال العسكري ليفسر له – وليس لنا – ماذا تعني هذه الكلمة ؟؟

 

ثانيا: لا أدري إن كان خبير العصر وصفوة الزمان، يعلم بأن الصهاينة أنفسهم في صحفهم وفي محطاتهم لم يتحدثوا عن فرق عسكرية تستعد لإجتياح غزة، وإنما عن ألوية مدرعة... وكذلك تحدثت بعض الصحف والمحطات الاوروبية عن نفس ما تحدث به الصهاينة... يعني ربما يصل عدد الجنود إلى بضعة ألاف، يعني لواء أو لواءين على الأكثر... فحسب علمي أن الفرقة العسكرية الواحدة تتألف من عشرة ألاف مقاتل وربما يصل تعدادها إلى عشرين ألف... ولو جعلنا الأمر وسطا بين الرقمين، لقلنا خمسة عشر الف مقاتل للفرقة الواحدة... والمحطات كانت تعرض الاستعدادت العسكرية الصهيونية بأكملها... لم نرى في كل التقارير والصور التي شاهدناها حوالي الثلاثين ألف جندي مع كامل دباباتهم ومدرعاتهم!!! فمن أين أتى خبير العصر وصفوة الزمان بمسمى الفرقتين!!! إذا كان صاحب الشأن – يعني الصهاينة – لم يذكروا شيء من هذا القبيل؟؟؟

 

ثالثا: مساحة غزة تبلغ على أكثر تقدير حوالي ثلاثمائة وسبعة وثمانون كيلو مترا مربعا... فإذا كانت مساحة كل غزة هي هذه... فيا ترى كم هي المساحة التي انتشر عليها جنود فرقتين عسكريتيين يقدرون بحدود الثلاثين ألف جندي مع كامل عتادهم ؟؟

 

رابعا: شخص يجلس في غرفة مكيفة أو دافئة... يعني محمية من عوامل الطبيعة، وشاي وقهوة وماء بارد وغيره... كيف عرف أن فرقتين فقط احتلتا العراق ؟؟ هل اطلع على هذا الأمر مثلا من قادة الاحتلال أنفسهم أم أنه كان معهم من حيث لا ندري ؟؟

 

ما أريد قوله... حتى لا أخوض كثيرا في أمور عسكرية أعتقد أن اللواء خالد رد عليها ردا مفحما... وأظهر المحلل وغيره... أنهم بالفعل خبراء بأمور غير عسكرية على الإطلاق... لا ندري ما هي على أية حال...

 

شوف يا سيد...

 

سأقول لك هذا الأمر... ولكل واحد من الناعقين والمتفلسفين الذين ينالون من العراق وشهيده..... ولا ادري ماذا تقولون في هذا... أقوله مع محبتي وتقديري لاخواننا الاشراف الكرام في مصر العروبة... الذين وقفوا مع العراق وشهيده الغالي ودافعوا عنه بكل ما أوتوا من عزيمة وقوة...

 

عشرين جندي من الهكسوس احتلوا مصر... وعشرة جنود مسلمين بقيادة عمرو بن العاص فتحوها وحرروها؟؟ فماذا تقولون في هذا ؟؟ وست جنود مصريين عبروا قناة السويس... وطائرة حربية مصرية واحدة فقط واجهت الطائرات الصهيونية عام 1973... فما رأيكم ؟؟

 

الجيش العراقي العظيم يا سيد تاريخه مشرف، تاريخ مضيء... تاريخ منير... تاريخ يرفع الرأس... تاريخ تنحني له الهامات... تاريخ مسطر بأحرف من ذهب على صفحات من ذهب... الجيش العراقي العظيم تشهد له معظم بقاع الوطن العربي... وجثامين شهداءه الابرار الاطهار موجودة عندكم في مصر وفي فلسطين وفي بلاد الشام قاطبة... وقائد هذا الجيش العظيم راح شهيدا في سبيل الله والدين ثم الوطن وفلسطين... صعدت روحه إلى بارئها وهو يردد عاشت فلسطين والله أكبر... لم يبع شعبه وبلده ولم يخن ولم يصافح صهاينة ولم يعانق اولمرت وليفنيـ ولم يضحك ضحكة مجلجلة مع بيريز وشارون... ولم يكن اراجوزا خائنا لأمته ووطنه...

 

بنى جيشا عظيما شجاعا مغوارا... وأشرف على مقاومة بطولية ملحمية أذاقت الاعداء الويل والثبور...

 

هذا هو جيشنا وهذا هو قائدنا الشهيد... وهذه هي مقاومتنا العظيمة الشجاعة... وتلك هي أوراق اعتمادنا... فأتونا بمثلها إذا جمعتنا يا محللين المجامع...

 

بالله عليكم...

 

أنتم ايها المحللون والمتلفسفون والناعقون الذين تظهرون على فضائيات النباح... لاتتحدثوا عنا وعن بلدنا وعن شهيدنا ولا تضربوا بنا الأمثال... لسنا بحاجة لكم... اقطعوا السنتكم... أو اخيطوا افواهكم... إذا ما أردتم تحليل أو أمر ما لا تتحدثوا عن العراق ولا عن جيشه ولا عن قائده.. تحدثوا عن أنفسكم فقط ... وعن بلدانكم...

 

رفعت الأقلام وجفت الصحف... وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم...

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٠٢ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٨ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م