كركوك .. وعلاقتها بالسبي البابلي

 

 

شبكة المنصور

د.يوسف اليوسفي

بعد احتلال العراق من قبل أمريكا , بداء الحزبان الكرديان بالسيطرة على مدينة كركوك .


من خلال البيش مركة ولمدة ثلاث أيام متتالية من حرق وتدمير لكافة المؤسسات الحكومية , من خلال القتل والتدمير والنهب والسلب وحرق المؤسسات الاقتصادية وتمزيق أوصال الحياة في هذه المدينة , بعد هذه الأيام الثلاثة صدرت الأوامر من جديد بإيقاف الحرق والتدمير , وباشرت البيش مركة بالصفحة الثانية من العدوان بالتهجير والقتل للعرب والتركمان , ورموز المعرفة وقادة الجيش العراقي وربما يسال سائل سؤال مشروع مفاده .


لماذا كركوك بالذات ؟ ولماذا يصر الحزبان الكرديان لتنفيذ هذه ( الأجندة ) الأمريكية الإسرائيلية ؟


وبعد وقت قصيرعثرت على الجواب الشافي , بعد اطلاعي وقراءتي ( الكتاب الكردي الأسود ) من تأليف نخبة من الكتاب الأكراد العراقيين وتحرير الباحثة الكردية العراقية ( سهام ميران ) والذي يحتوي على كثير من الملفات والخطايا العنصرية , التي ارتكبتها قيادات الحزبان الكرديان بحق الأكراد , وعموم العراقيين , حيث وجدت الإجابة لي والى السائلين عن الأسباب الجوهرية التي دفعت باليهود إن يتواجدوا في ( كركوك ) من خلال المقالة في هذا الكتاب والتي كتبها الكاتب ( وجدي أنور مردان ) تحت عنوان لماذا يعود اليهود إلى كركوك ؟

 

وبعد احتلال العراق واجتياحه من قبل الأمريكان وحلفائهم وعملائهم قصدت إعداد كبيرة من عناصر الموساد الإسرائيلي إلى العراق تحت غطاء (شركة الرافدين ) وشركات وهمية عديدة , حيث بلغ عدد الدفعة الأولى أكثر من (90 ) جاسوسا قامت بتشكيل فرقة خاصة لتنفيذ مهام اغتيالات الكوادر والشخصيات العراقية السياسية والعسكرية والإعلامية والقضائية , وبالتعاون والتنسيق مع مليشيات البيش مركة وكذالك مليشيات الأحزاب الحاكمة من خلال هذه الاغتيالات التي طالت أكثر من (1000) عالم متخصص عراقي خلال عام واحد .


بعد فترة ليست بالقصيرة تحول أكثر من (450) عنصر حيث يشير صاحب المقال إلى مركز إدارة عمليات فرقة الاغتيالات الإسرائيلية في مدينة كركوك , من منزل قريب لمبنى محافظة كركوك ويضم هذا المركز اليهودي عناصر كثيرة من الأكراد الذي سبق للمخابرات المركزية الأمريكية نقلته من شمال العراق عام (1996) إلى جزيرة (غوام) .


يتحدث معظم إفراد هذه المجاميع اللغة العربية وخصوصا اللهجة العراقية وبطلاقة مضاف إلى اللغة الانكليزية .


حيث كثفت الفرق الإسرائيلية جهودها منذ بداية العام الحالي في شراء الأراضي والدور السكنية والمزارع في كركوك , وضواحيها مع ازدياد عدد العمليات لاختيال الشخصيات السياسية التركمانية والعربية والكردية , وقامت بقصف المقرات الحزبية للتركمان والأكراد في كركوك , والغرض من هذا كله هو إشعال الفتنة بين المكونات المذكورة .


ولكن المقاومة العراقية البطلة أحبطت هذا المخطط وقتلت العديد منهم .


وفي السياق التاريخي يظهر لنا إن اختيار (الموساد الإسرائيلي) لكركوك له علاقة مباشرة بـ ( السبي البابلي ) من خلال تدمير البطل والقائد العراقي (نبوخذ نصر ) دولة إسرائيل الجنوبية عام (576 ق م ) حيث اخذ معه أكثر من ( 50 إلف ) يهودي أسير إلى العراق وهذا ما اصطلح على تسميته بـ ( السبي البابلي ) وكان من بين الأسرى اليهود ثلاثة من أنبياءهم وهم (دانيال – وحنين – وعزيز ) وفي طريق عودة القائد ( نبوخذ نصر ) إلى بابل مر في كركوك (لوقوعها على الطريق الاستراتيجي للقوافل ) الصاعدة إلى الشمال وشمال الغرب وهي حاليا تركيا – سوريا – فلسطين , وهذا الطريق نفسه الذي سلكه ملك الفرس ( دارا) وجيشه إثناء محاربته ( الاسكندر المقدوني) في معركة ( اربيلو ) ( اربيل الحالية ) .


والتي استقر فيها ( الاسكندر المقدوني ) بعد وصول ( نبوخذ نصر إلى منطقة كركوك ) والتي كانت تسمى في العهد السومري بـ (كاركوك ) إي ( العمل المنضم الشديد ) وجدت ثلاث تلال متقاربة نسبيا ( فسخر الأسرى اليهود لجلب التراب والأحجار من المناطق القريبة منها , وتكديسها بين تلك التلال على إن يكون البناء بمستوى أعلى اقل من بينها ) وعلى حد هذا القول المقتبس في المقالة نفسها تم تشيد قلعة كركوك التاريخية .


بعد إن تم انجاز البناء أمر نبوخذ نصر بناء سرداب في المواقع وتم سجن فيه الأنبياء الثلاثة ( دانيال – حنين – عزيز ) إلى حين تم نقلهم إلى بابل .


وفي العصر العباسي تم بناء مسجد فوق السرداب ( مقام الأنبياء) تكريما لهم وأطلق عليه اسم مسجد ( نبي دانيال ) ويعرف باسمه التركماني ( دانيال بيغمبر جامعي ) ولا يزال شامخا في مدينة كركوك يتحدث عن كيف إن اليهود القاطنين في كركوك قبل هجرتهم إلى فلسطين المحتلة عام (1952) كانوا يحتفلون في المسجد بيوم ( عيد كيبور اليهودي) الذي يبدءا في 6 – تشرين الأول – أكتوبر , وهذا دليل أخر مضاف إلى التسامح الديني الذي كان سائدا في المدينة من ذلك الوقت إلى يوم دخول الاحتلال إلى العراق .


ومن كل هذا نعلم بشكل لا يقبل الشك أطماع إسرائيل في العراق وبالأخص الأماكن المعروفة لدينا ومنها ( كركوك – وبغداد – وبابل ) بالإضافة إلى الشمال الحبيب .


مما يجعلنا إن نقر بهذا السبب الأول لتعلق اليهود بمحافظة كركوك لمكانتها الدينية بالنسبة لهم وهذا شاهد أخر كما قلنا على تسامح كافة القوميات والطوائف العراقية بالنسبة إلى الجانب الديني والروحي لهذه الطوائف .


وهناك سبب أخر اقتصادي كون مدينة كركوك تضم احتياطي نفطي يقدر بـ (60 %) من النفط العراقي , وهو من أجود أنواع النفط الخام في العالم مما دفع اليهود لشراء اكبر قدر ممكن من الأراضي فيها وبناء مشاريع كبيرة وضخمة في مدينة كركوك .


حيث تم رصد مبالغ خيالية لبناء المشاريع العملاقة في هذه المحافظة التي تجمع كافة مكونات الطيف العراقي .


والسبب الأكثر خطورة هو إن إسرائيل قدمت عرضا إلى ( الطالباني والبرزاني) بحماية الدولة الفدرالية الكردية , التي سعى لها الحزبان الكرديان وبمعاونة الائتلاف الحاكم لتقسيم العراق وتجزئته . وهذه الحماية لأقاليم كردستان والذي تعهدت فيه إسرائيل إن تدافع عنه من إي خطر سواء من داخل العراق أو من تركيا أو من سوريا حيث وحسب الخطة التي وضعتها أمريكا وإسرائيل بمشاركة إيرانية , فان كركوك ستكون عاصمة الدولة الكردية , ولهذا أصبحت إسرائيل تفرض تواجدها الاستراتيجي في محافظة كركوك لقربها من تركيا وسوريا وإيران .


إذا ما علمنا إن أمريكا ا ما كانت لتغزو العراق إلى لحماية ( امن إسرائيل ) وجعلها القوة العظمى الوحيدة في المنطقة وتثبيت سلطة الحزبان الكرديان في المنطقة الشمالية ودفع الأكراد إن يتجاوزا على مناطق أخرى كالموصل وصلاح الدين وديالى لضمان ترسيم الحدود بين هذا الإقليم والجارة تركيا وتثبيت السلطة بين الحكومة في بغداد ( حكومة ضعيفة ) وطمس معالم وهوية العراق العربي الإسلامي , وبنفس الطريقة القذرة تتعامل أمريكا والصهيونية في إثارة النعرة الطائفية في الجنوب وكذلك في مدينة الحلة لأسباب معروفة لدى الجميع.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٧ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م