حكمة كردية
طيار في اليد خير من عشرة في السماء

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

تحدث الكثير من الكتاب الأفاضل عن مسرحية حلبجة والتي سماها البعض الهولوكوست الكردي المبني اساسه على اربعة ركائز هي الكذب والتلقين والتزوير والغباء, فقد كانت مستوى شهود المحكمة على مستوى شخصيات مسرحية" شاهد مشافش حاجة" مع احترامنا لأداء أبطالها, تلبيس وتدليس وروايات ملفقة يكذب بعضها البعض وتكذب الرواية نفسها من نفس فم راويها أو من غيره لأن الكذب كما قالوا عمره قصير، ومن الأخطاء القاتلة في مسرحية حلبجة عدم إتقان الممثلين أدوارهم بسبب حداثتهم في فن التمثيل فهم هواة ولسوا محترفين رغم تدريبهم على أدوارهم حوالي ومضي عشرين سنة على البروفات مما يدل على غباء وتهافت مقدم ومخرج المسرحية وسوء اختيارهم، وكان يفترض ان يتم أختيار ممثلين بارعين لأقناع المشاهدين الاذكياء والمثقفين وليس الأغبياء الذين حضروا العرض لغاية في نفس يعقوب, ومن المؤسف ان الاكراد لم يترجموا للغتهم المثل البغدادي المعروف" الكذب المصفط أحسن من الصدق المخربط" ليستفيدوا منه لتلافي الفخ الذي نصبوه ووقعوا به, ويمكن لمن يرغب بالإطلاع على المزيد من المعلومات عن الهولوكوست مراجعة ما كتبه الأساتذة محمد العبيدي وعلي الكاش وعشتار العراقية وغيرهم من الكتاب والكاتبات ليكتشف الاعيب هذا الهولوكوست اللعين.

 

من المفارقات المكشوفة ان موضوع حلبجة يفترض ان يكون اول قضية تعرض على الرأي العام العربي والدولي نتيجة للعطف والتعاطف الذي أثمرت به للاكراد في دعم مظلوميتهم المزعومة رغم انهم من أظلم الظالمين، وكانت حلبجة من الاسباب المعلنة لمحاربة النظام الوطني السابق وأستباحة أرضه ودماء شعبه, فهي كما بوق لها تتعلق بإبادة جماعية وهذا اتهام مهول من شأنه تعريض السلم والأمن الدولي الى مخاطر كبيرة وهو ما تتشدق به الشرعية الدولية المتسترة بالجلباب الامريكي بالمحافظة عليه, وكان يفترض أن تكون حلبجة اول تهمة توجه الى الرئيس الشهيد صدام حسين بسبب ضحاياها الذين تراوحوا ما بين(110) الى أكثر من نصف مليون قتيل حسب الروايات المختلقة وهذا الفارق الشاسع في العدد من مهازل المسرحية ولكن مع هذا فإنه رقم مضاعف آلاف المرات بعدد عناصر زمرة العمالة في محكمة الدجيل الذين حاولوا اغتيال الرئيس صدام حسين في مرحلة تاريخية حرجة وهو يخوض معارك العز والشرف ضد الهجمة الفارسية الصفراء وكأنهم توقعوا ان تنثر الزهور على الخونة ويرشوا بماء الورد.


بسبب حاجة الأكراد لأكثر من عشرين سنة لحبك محكمة حلبجه وإعادة تلقين الشهود أداء أدوارهم مجددا وتلافي التناقضات في إفادات الزور فأنهم أرجئوا محكمة حلبجة لما بعد محكمة الدجيل لكن الأمر صعب عليهم أيضا فالذي لا يستطيع دماغه الثقيل إستيعاب ما لقن لأكثر من عقدين فما عسى ان يفعله خلال أشهر قبل بدء جلسات المحكمة! من جهة ثانية فأن حديث المتهم الرئيسي في هذه المحكمة وهو الرئيس الشهيد صدام حسين من شأنه أن يقلب السحر على الساحر ويفضح العاب خفة اليد الكردية، ولغرض غلق الباب التي تأتي منها ريح الحقيقة التي ستبعثر قضية حلبجة إرتأت زمرة العمالة إعدام الرئيس صدام رحمه الله قبل أن تجري محكمة حلبجة في بلاهة مكشوفة, وحتى هذه الخطوة البائسة فأن الله لم يرحم العملاء بها كما شهدنا فأنقلبت عليهم.


كانت مسارات المحكمة مهزلة بكل ما للكلمة من معنى أما الشهود فالحق يقال انهم يحملون بسلتهم أغرب أنواع الغباء الحماقة والجهل كأنهم تخرجوا من جامعة أبي لهب كلية أبي جهل قسم الغباء ، وعلاقة أجوبتهم بالأسئلة تتم وفق منظور المثل الدارج" عرب وين طنبورة وين" فهم كالأغنام المتشتة كلما حاد الكلب واحد منهم لادخاله الحضيرة تشتت بقية الاغنام, ولكن الفطنة الكردية وما أدراك ما الفطنة الكردية؟ دعك ما يقال عنهم في القديم والحديث من صفات ونكات فبالرغم من ذكائهم الهش الذي لا يتجاوز معلومات طالب لم يتمكن من تجاوز دراسته إلابتدائية لكنهم عباقرة في فن العمالة وفنانين في تطريز المؤامرات والمكائد وخبرتهم في هذا المضار لا يمكن لأحد أن يجاريهم فيها, إنها موهبة ربانية جديرة بهم ولم تخلق لغيرهم منذ فجر التأريخ ولم يتخلف عنهم في ذلك الا النزر اليسير. المهم كانت هناك ورقة كردية مخفية وفق الحكمة القائلة لا ترم بكل اوراقك دفعة واحدة على الطاولة ولذلك أخفى الاكراد ورقة الجوكر لحين الفرصة الذهبية, الكل كان يترقب بشوق المفاجأة الكردية كما يترقب الناس الخسوف والكسوف, وعندما وصلت المحكمة الى الأبواب المقفلة بسبب تدني إفادات الشهود التي تحولت الى مسخرة وليست محكمة، طلب قاضي الميليشيات مفتاح الماستركي لفتح الابواب المغلقة الذي أوصدها الاكراد حيث أدخروا دليلهم الأوحد لهذا اليوم الموعود وهو العميد الطيار طارق محمد رمضان الذي ضرب حلبجة حسب الرواية الكردية والذي كان مسجونا في احد سجون السليمانية التي ترفل بآلاف السجناء, الطيار هو الدليل الوحيد حسب ما ذكر حزب الاتحاد الوطني على قصف حلبجة بمعنى ان الحزب يدرك أن بقية الأدلة هي اسخف من ان يتم إعتمادها في المحكمة الصورية، فالطيار حي يرزق وهو الشاهد الوحيد وشهادته ستعتمد أكثر من غيرها فالأعتراف سيد الأدلة؟ رغم ان بعض الشكوك بدأت تحوم كالغربان حول هذه المسألة فلماذا السكوت عن هذا الدليل المهم وعدم عرض شهادته وهي أهم شهادة في قضية حلبجة على الرأي العام ومالغرض من أخفائه وعدم الاشارة الى موضوعه وتساؤلات كثيرة أخرى؟ سيما ان الاكراد ضخموا كل الأكاذيب وأخفوا هذا الدليل الواقعي؟ مع العلم ان شهادات الزور السابقة أكدت بان هناك عدة طائرات قصفت حلبجة وليس طائرة واحدة ولكن تماشيا مع الرواية الجديدة سنؤمن بوجد طيار واحد صحا ضميره فجأة ليعترف بأنه ضرب حلبجة! لنمشي مع الكذاب لحد باب بيته.


فرك الأكراد الفانوس السحري لأخراج العفريت ولكنه لم يخرج ولكونه طيار فيبدو انه طار وحط في مكان ما! والمصيبة لم يطير الآن بل منذ سنة لكن الاكراد أخفوا الأمر لماذا لا أحد يعرف؟ ولكي يفكوا هذا اللغز المحير جرونا معهم الى لغز اشد حيرة، فأن مساعد البرزاني اكد بانهم لا يملكون معلومات وتفاصيل عن هروبه ؟ هكذا بكل بساطة! وزاد الطين بله صحوة أحد عباقرة الحزب فؤاد حسين من غفوته ويتذكر" سنكلف الجهات المعنية بفتح التحقيق في الموضوع" بعد مرور سنة من هروب الطيار سيتم فتح تحقيق بهروبه؟ لله ما أوسع صدر القيادة الكردية وصبرها وحكمتها!


في غمرة المتاهات في عالم التخبط والفوضى الاعلامية ظهرت مصادر كردية بفزورة جديدة هذه المرة وهي أن الرئيس الطالباني أفرج بالخطأ عن الطيار بعد ن توسط شيوخ من عشيرة العزة لأطلاق سراح عشرة ضباط يحتجزهم الآسايش من ضمنهم طيار حلبجة المزعوم وأمر الطالباني بأطلاق سراحة دون ن ينبهه عباقرة الآسايش بأن الطيار مطلوب في محكمة حلبجة! ولكن اليس من الغريب ان هذا الدليل المهم لا يعرفه الرئيس الطالباني الذي طالما زمر بقضية حلبجة ليرتكب مثل هذه الهفوة القاتلة؟ كما أكددت صحيفة "آوينة" الكردية نقلا عن مصادر موثوقة من حزب الطالباني, الغريب ان الحمق الاعلامي تجاوز مستوياته فبعد أسطر قليلة تفيدنا نفس الصحيفة بأن"الآسايش بعث برسالة منتصف الشهر الماضي الى قاضي محكمة حلبجة يعلمه بان العزاوي فر بتأريخ 25 تشرين الاول العام الماضي اثناء نقله من المستشفى ". فإن صحت رواية اطلاق سرح الطيار بالخطأ فكيف ترسل سلطة الاقليم رسالة الى القاضي تعلمه بأن فر؟ عجبا من يفك لنا هذا اللغز ويربح المليون:- حزر فزر شغل عقلك لا تتأخر اربح مليون ولا تتبطر: هل طيار حلبجة


1- فر من السجن كما ذكر حزب البرزاني


2- فر من المستشفى اثناء العلاج


3- بيع الى إيران كما نقلت المصادر


4- أطلق سراحه بالخطأ من قبل الطالباني


لا نريد التحدث عن القضاء وفيما إذا يسمح الدستور لحكومة الاقليم بالاحتفاظ بالسجناء من غير مواطني الاقليم دون اعلام حكومة المركز أو موافقتها لأن ذلك من شأنه ان يفتح ابواب نحن في غنى عنها الان ولكن من حقنا ان نتساءل كم عدد المسجونين من القادة العسكريين والطيارين وغيرهم في سجون الاقليم ولماذا ؟ وما هو رأي الحكومة المركزية بذلك؟ وما هو الغرض من إخفاء هذا الموضوع؟ وهل حقا الحكومة لا تعرف بهذا الموضوع؟ أم هناك تنسيق وتعاون لطمر هذا الحقيقة واخفائها عن الرأي العام وفق صيغة " شيلني واشيلك"؟ وهذا سينقلنا الى مصيبة اخرى بمعنى ان الدولة هي ليست دولة القانون كما تصر الحكومة بل دولة الميليشيات! وهل فعلا جرى بيع الطيار من قبل الحزبين الكرديين العميليين الى إيران؟ وهذه كما يبدو فبركة أخرى لأن هذه الطيار قيمته لا تقدر بثمن مهما دفع الأيرانيون بسخاء, وربما هذا يفسر التظاهرات التي قام بها الاكراد لمعرفة حقيقة ما يجري في الدهاليز؟ فسقف حلبجة سيقع فوق رؤوس من بنوه وحولوه من زريبة الى قصر عاجي, ولن يبقى من حلبجة سوى نصب يشير الى أكبر عملية نصب حصلت في التأريخ.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت  / ٢٠ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م