جيش ولا ... كل الجيوش

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

لم يسجل جيش في أي مكان في العالم سفرا خالدا ونقيا تجاه شعبه كالذي سجله جيش العراق الباسل منذ تأسيسه قبل 88 عاما. يشتمل هذا السفر على صفحات مشرقة في علاقة الجيش العضوية مع الشعب حيث ان الشعب هو الرافد الحي الذي غذى جيشنا برجاله من القادة والضباط والمراتب .. وشعبنا هو الذي وفر المستلزمات المادية المطلوبة ليكون جيشه قويا من امواله وقوت يومه ومدد حياته ومن ذخره وذخيرته.

 

شعبنا هو الذي بنى جيش العراق المليوني العملاق الذي تسلح بالعقيدة قبل ان يتسلح بأدوات القوة والمنعة الاخرى فصار كابوسا يقض مضاجع الصهيونية وأُجراءها ومرتزقتها ومطاياها. والحديث عن العدة العملاقة التي جاد بها شعب العراق على جيشه حديث يحتاج الى دواوين ومجلدات, غير ان الاشارة اليها واجبة فلقد امتلك جيش الشعب ما لم يمتلكه من قبل في البحر والبر والجو لا في الكم ولا في النوع. بَحريّة لم تكن يحسب لها وجود ولا شأن فصارت بلّورة التاسيس صلبة متكاملة ومتطلعة من الرجال المؤهلين في اكاديمية البحر ومن المعدات التي عصفت بساحتها الضيقة في ثغور العراق الحبيبة. قوة الجو الاسطورية في نوع طياريها وملاحيها وفنييها المؤهلين من احسن مدارس واكاديميات العالم الى طائراتها المقاتلة والسمتية التي تنوعت في انواعها من الروسية الى الفرنسية الحديثة الضاربة. وفي البر كان الرجال لهم بداية وليس لهم نهاية، يأتون من كل فج عراقي عميق ويرسمون قوس قزح العراق المتألق في افق الامة. رجال البرّ بكل الصنوف وكل الرتب ببناء جسدي علمي وتاهيل اكاديمي في كليات عسكرية حديثة، وتربية عربية قومية مسلمة فيها العراق قلب والامة شرايين وامتدادات ونبض حب وعناوين غيرة وشيمة وشجاعة منقطعة النظير ...

 

الشعب يغني .. الجيش سور للوطن .. وجيش يردد .. يا كاع ترابج كافوري , فأية صلة وأية علاقة تلك التي نستعرضها اليوم في عيد جيش الرجال، أهل العقيدة الوطنية القومية التحررية ... حماة أعظم تجربة عروبية تقدمية يشهدها تاريخ الامة في العراق.

 

جيش العراق وفىّ وكفىّ عبر تاريخه المجيد وكانت القادسية محطة اسطورية رفع من خلالها رأس العراق والامة عاليا وسجل أول انتصار أستراتيجي في تاريخهما الحديث بعد أن أظنت الأمة كثرة الانهيارات والانكسارات وصارت كيس تدريب تلطمه كل كف وأي كف وهدرت كرامتها ووضعت في خانات اليأس والاذلال والقنوط. في القادسية المجيدة، تجسدت تلكم الوحدة العضوية حين صار الجيش اسطورة عجيبة للانتصارات المعمّدة بدم التضحيات الجسام وصار الشعب أما ولودة تضخ الرجال في كتائب المجد دونما توقف .. صار شعب القادسية وكأنه منجم يغرف منه جيش القادسية جحافل الرجال الرجال .... ويسجل الجيش مجدا تليدا وسفرا خالدا لشعب العجب.

 

لم يكن نصر جيش العراق في القادسية الثانية, قادسية صدام المجيدة, نصرا تقليديا بمقاييس الحروب واصطفافات القوى واصطراع الارادات، بل كان نصر شعب ضد غزو يريد استلابه وتعفير تأريخه العظيم بوحل العار والذل, كان نصر عقيدة العرب القومية المسلمة على عقيدة الجهل والتجهيل, عقيدة الحقد والباطنية وغلو الشعوبية والشوفينية والطائفية الفارسية المتلبسة زورا وبهتانا باثياب دين لا نعرفه ينبعث من بين اكداس الموت وعفن الارث المجوسي وطاغوته ورعونته وبلادته. كان نصر بلد يمثل ذاته ويمثل امته التي كان العدوان يستهدف الايغال في اذلالها وتمريغ المتبقي من شرفها في وحل يكمل وحل العدوانات الصهيونية وكيانها المسخ ووحل العار الذي لحق بالأمة جرّاء استسلام بعض زعماءها وتنفيذهم الذليل لارادة الصهيونية والامبريالية.

 

جيش العجب لشعب العجب ودولة العرب في العراق .. قاتل ببسالة وبطولات متفردة ونادرة في كل المواقع التي تطلبت ان يحمي الوطن والروح الوطنية ويحميهما, وقاتل ببسالة وبطولة اسطورية عندما اقتضى الحال ان يحمي العراق ارضا ومياها وسماءا وخيارات وبشر وخيارات.

 

العلاقة الحيّة الجدلية العضوية بين الشعب والجيش في العراق مميزة ومتفردة بكل المعايير والمقاييس. لم يسجل التاريخ واقعة واحدة يتقاطع فيها شعبنا العظيم مع جيشه الباسل, ولم يطلق جيشنا اطلاقة واحدة تحت أي ظرف وفي أي زمان ضد عراقي واحد اطلاقا.

 

جيش الشعب, قاتل في معارك كثيرة دفاعا عن الوطن والامة .. في العراق حمى الوحدة الوطنية وقهر التمرد العميل في شمال الوطن الحبيب وغسل ارض الوطن من دنس الفرس الذين استغلوا ظروف الانسحاب من الكويت وتعقيداتها وغدر اميركا وحلفاءها وتجاسروا على العراق مع ادلاء الخيانة وتجار العهر الفارسي في صفحة الخيانة والغدر ... وجيشنا سطر الى جانب ملاحم القادسية ملحمة ام المعارك الخالدة ومن ثم خاض غمار الحرب العالمية الثالثة ضده وضد العراق في معركة الحواسم التي مازالت مستمرة حتى يتحرر العراق من رجس الاحتلال البغيض المجرم. وعلى المستوى القومي سجل رجال الجيش العقائدي العظيم حضورهم البطولي في فلسطين الحبيبة وفي سوريا ومصر والاردن ولبنان وفي كل المواجهات التي خاضتها الامة العربية ضد الصهيونية والامبريالية الامريكية.

 

وبعد ان نافح ببطولة اعجازية طوال سنوات وسنوات دون ان يتخاذل او يتراجع او يرتد او ينكل, بل تجذر وصار اقوى وامتلك عتلة العلم والتكنلوجيا والتصنيع في احلك ظروف القتال واصعب صفحات المواجهة الاسطورية, شاءت ارادة الله ان يصل جيشنا بتعجيزه للصهيونية والفارسية والامبريالية الى حد اضطرارهم للغزو والاحتلال المجرم واتخاذها لقرارها الشوفيني المجرم القاضي بحل الجيش العراقي البطل. وكان رفض شعبنا لقرار حل الجيش مساويا بل يزيد وضوحا وصرامة من رفضه للاحتلال ذاته الى الحد الذي يمكنا القول ان قرار الحل قد جلب الويل والثبور للاحتلال واذنابه ومطاياه واعوانه.

     يخطئ من يتصور للحظة واحدة ان جيش 6 كانون البطل قد حل كما اراد وقرر المحتلون والصهيونية والفرس والعملاء بل انه قد انتقل برجولة وتخطيط مسبق الى مرحلة القتالات غير النظامية التي قصمت ظهر الاحتلال واجنداته الاجرامية للعراق وللامة العربية وغطسته في وحل لا يعرف كيف يخرج منه. جيشنا العظيم برجاله الشجعان يقودهم شيخ الجهاد والمجاهدين المهيب الركن عزت ابراهيم الدوري ومعه قادة القادسية وام المعارك والحواسم ومعه شرفاء العراق من الوطنيين والقوميين والاسلاميين يصوغون الآن صفحات اخرى متألقة في سفر هذا الجيش العظيم هي صفحات طرد الاحتلال المجرم واعادة صيرورة وتشكيل الحياة لشعبنا لتضعه من جديد على مساراته الرسالية الخالدة واهدافه العروبية العظيمة.

 

تحية حب وتقدير واعتزاز كبير لجيشنا في ذكرى عيده الاغر.

تحية لقائد الجهاد والتحرير ورفاقه قادة الجيش وثواره ضباطا ومراتب ومنتسبين.

تحية لمنتسبي جيشنا العظيم في كل جيوش التحرير العراقي القادم.

تحية لشعب العراق حبيب الجيش وتحية لجيش العراق حبيب الشعب.

عاش الجيش ذراع التحرير الاقوى باذن الله.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠٩ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م