صدام رمز الثورة الدائمة والمتجددة

 

 

شبكة المنصور

خالد صبّاغ  / لبنان

لم أفكر يوما ً أن أكتب عن شخص ٍ او حاكم ٍ، إلا أن صدام حسين ليس أي شخص أو أي حاكم، إنه الشهيد الخالد الذي افتدى بروحه وبأرواح أبنائه، العراق العظيم وأمته العربية المجيدة. لذا عندما نتحدث عن الشهيد الخالد صدام حسين، نتحدث عن فتى البعث بل عن فتى الأمة.


لقد بدأ صدام حياته مناضلا ً في صفوف البعث، متمسكا ً بمبادئه العظيمة التي تشكل الطريق الوحيد لتحقيق مشروع عربي نهضوي يليق بأمة العرب. دفع صدام ثمن تمسكه بمبادئه منذ الأيام الأولى لنضاله في معتقلات الأنظمة العراقية العميلة وفي المنافي، وبقي متمسكا ً بمبادئه وبمشروع البعث النهضوي. وعندما توج البعث نضاله في العراق بثورة 17-30 تموز المجيدة، بقي القائد صدام يعمل من أجل تجسيد مبادىء البعث العظيمة، بالرغم من كل التعقيدات والظروف الصعبة التي  كانت تحيط بتلك الثورة الفتية. إلا أن ثورةٌ يقودها قائد كصدام لا تهن، فبإرادته الفولاذية اقتحم الصعاب وصنع الإنجازات العظيمة والكبيرة.


فلا يمكن لأحد أن ينكر الإنجاز العظيم الذي هندسه الشهيد صدام الا وهو تأميم النفط  ليطبق شعار "نفط العرب للعرب". بعدها تراكمت الإنجازات على كافة الصعد الأقتصادية والتربوية والإجتماعية لصنع الإنسان العراقي الجديد. لذلك وظّف الشهيد صدام عائدات النفظ في مجال بناء الجامعات والمعاهد والمدارس، مما زاد في اعداد الأطباء والمهندسين والباحثين في كافة المجالات والإختصاصات. ولعل اهم إنجاز انجزته ثورة صدام المجيدة، هو محو الأمية في العراق، بإعتراف منظمة "الأونيسكو" التابعة للأمم المتحدة. وما ان أنجز الشهيد الخالد مرحلة بناء القاعدة العلمية، انتقل الى بناء القاعدة الصناعية لنقل العراق الى مرحلة من التطور والتقدم والإزدهار. عندها أطلّت على العراق الريح الخمينية الصفراء التي أرادت تفتيت العراق وضرب نسيجه الإجتماعي، وتدمير إنجازاته العظيمة، لا لشيء إلا لعفن و أوهام مريضة كانت تعشعش في عقل خميني الصفوية المقبور، الذي تحالف مع الصهيونية رغم رفعه لشعارات مقاتلة "إسرائيل"، وكانت هذه المسألة جلية فيما يمسى " إيران-غيت" والتي لم تكن الحادثة الوحيدة.


ومن أعظم إنجازات الشهيد الخالد صدام حسين، وقوفه بوجه تلك الرياح الصفراء  العاتية، وقيادته لأطول حرب بعد الحرب العالمية الثانية بحنكة وشجاعة وتخطيط عالي المستوى وشديد التعقيد مما جعل الخميني يعترف بتجرعه جرعة العلقم. فحقق صدام حسين أول نصر عربي في العصر الحديث على عدو حاقد ولئيم، وبالتالي حافظ على وحدة العراق وعروبة الخليج وحصّن البوابة الشرقية للوطن العربي.......


ففي الوقت الذي كان صدام حسين يقف في وجه الأطماع الفارسية المجوسية، كان يبني أيضا ً بنية صناعية عسكرية متينة، لأن حربه الدفاعية ضد الخميني لم تسنه يوما ً، أن العدو الأساسي للأمة هو الصهيونية  وراعيتها الإمبريالية الأميركية. فما أن أطلق العراق العظيم صاروخ "العابد" الى الفضاء، حتى تكشفت النيات الأميركية والصهيونية ضد العراق وقائده الملهم وصاحب العقل الجبّار صدام حسين المجيد.وأخذت الدوائر الغربية والصهيونية تحضّر للنيل من قائد العراق وتجربته العملاقة، فوجدت في صعاليك الكويت " ال الصباح" ضالتها ووظفتهم لمحاربة العراق إقتصاديا ً وسياسيا ً. وهيأت المسرح لعمل عدواني كبير، تجهض به ثورة العراق العملاقة، كما اجهضت ثورة محمد علي من قبل . وما كان من فارس الأمة إلا أن يخوض غمار المواجهة عبر اختراقه لخط "سايكس بيكو" الإستعماري ويعيد "قصبة كاظمة" الى اهلها ويحقق أول عمل وحدوي جبّار بعد فشل تجربة الوحدة المصرية-السورية في اوائل الستينات.


في تلك اللحظة كان صدام "بسمارك العرب"، ولا ضير في ذلك، فلماذا يريدون من العرب أن يقبلوا التقسيم الإستعماري الذي تم بالقوة الخارجية و لا يقبلون ان تتم وحدة لا عبر القوة ولا عبر غيرها. إن الشهيد الخالد باستعادته "قصبة كاظمة" حرّك التاريخ محاولا ً تصحيحه، ليكون القائد الديناميكي الأوحد في منطقة، لا همّ لحكامها سوى الحفاظ على السلطة و على تركة سايكس بيكو المشؤومة ومراعاة أسيادهم في بلاد الغرب الإستعمارية.


ومنذ ذلك التاريخ، أخذت الدوائر الصهيونية والغربية تخطط للنيل من العراق ومن قيادته ورمزه الشامخ بالتعاون مع صغار العرب وأدعياء محاربة " الشيطان الأكبر "........


وجاءت اللحظة التاريخية العظيمة، التي أوقعت الإمبريالية الأميركية في فخ العراق العظيم، بعد أيقن بوش الصغير وأعوانه من عرب اللسان والصفويين الخمينيين أن قيادة العراق وعلى رأسها الشهيد الخالد صدام حسين لن تتزحزح عن مبادىء البعث العظيم والثورة العربية وسيبقى حاملاً للواء فلسطين ولوحدة العربية، وعدم منحهم أية إمتيازات نفطية........


وهنا قد يتساءل البعض ألم يكن صدام يريد فط الحصار عن شعبه وعن العراق؟ نعم  لقد كان يريد ذلك، ولكن ليس على حساب المبادىء الكبرى والثوابت الوطنية والقومية التي آمن بها منذ نعومة اظافره. فما نفع الإنسان الذي يكسب العالم و يخسر نفسه. ومن هنا اكتشفت الأمة صدام  الثائر، صدام المجاهد، صدام الإنسان، الذي أبى أن يتنازل عن ثوابت الأمة وإن أدى ذلك الى خسارة السلطة لأن السلطة في نظر صدام  لم تكن غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق رسالة الأمة....


أعادتنا وقفة صدام ورفاقه الى مراحل الإسلام الأولى، حيث لم تهن القيادات ولم تبخل في تقديم الغالي والنفيس في سبيل تحقيق رسالة الأمة وعزتها....


وقد يحاول بعض الخبثاء أن يقولوا ألم يكن صدام رومانسيا ً؟ ومن قال أن الرومانسية ليست من شيم الثوار الكبار، وهل أصبحت " الوقوعية" في شرك الأعداء ومخططاتهم، دليل نضج ووعي وواقعية ؟!وهل قرب صدام من  رومانسية الجماهير تعتبر نقيصةً ؟إنها بلا شك مكمنا ً من مكامن قوته وشخصيته العظيمة، بحيث بقي صدام الرمز قريبا ً من تطلعات الجماهير، وهو الوحيد الذي كان يؤمن إيمانا ً عميقا ً بالعمل المنظم. لذلك أعدّ العدة لمواجهة مغول العصر وأحفاد العلقمي، ثورة عراقية مسلحة، أدهشت الأعداء قبل الأصدقاء، وجعلت من حلمهم الإمبراطوري المريض وهما ً وسرابا ً، وحطمت القرن الأميركي الجديد عند أسوار بغداد... وجعلتهم يستذكرون هرب فيتنام وهنا إكتسب صدام حسين بعدا ً عالميا ً يضاف الى بعديه الوطني والقومي...


إن معركة الحواسم التي تخاض اليوم على ثرى عراق البعث، عراق صدام حسين، عراق العروبة والإسلام، لن تحرر العراق فحسب، ولكنها ستحرر العالم من قبضة الرأسمالية المتوحشة، ومن الأحادية القطبية التي ظنّ عدد من السذج والخدج انها قدرا ًمحتوما ً.


لقد نالت الزمر الصفوية الخمينية مستقوية بالصهيونية والإمبريالية الأمريكية، من صدام الجسد ولم ولن تنال من صدام الروح والعزمية والمبادىء والتخطيط المحكم. لقد جدد صدام العظيم بعثه عندما وقف أمام جلاديه المقنعين، مزهوا ً، فرحا ً، شامخا ً شموخ نخل العراق العظيم، مؤمنا ً بأن المعركة الحاسمة التي قادها وخطط لها ستستكمل مسيرتها الظافرّة، لأن التاريخ يصنعه الشهداء العظام لا الصعاليك المقنعين الصغار...وفي نهاية المطاف، لا بد من القول أن صدام كان كل العرب فليكن العرب اليوم صداما ً.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٠٥ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م