رسالة إلى رمضان شلح

 

 

شبكة المنصور

محمد الكوري ولد العربي / موريتانيا

في الوقت الذي تنفطر أكباد العرب والمسلمين، وتتقطع أوصالهم من شدة الألم لما يعانيه أهلنا وأحبابنا في فلسطين الحبيبة على أيدي الصهاينة الكواسر، في هذا الوقت الذي توحدت فيه كل عناوين الأمة تحت راية فلسطين، وخاصة في غزة الصامدة المجاهدة، كان من الأنسب، ومن الحكمة أن تكون التصريحات السياسية الصادرة عن الإخوة في حماس والجهاد تجمع ولا تفرق، تقرب ولا تباعد. لكن هذا هو ما لم يحدث، فلقد سمعنا لكم تصريحات تتطاول على أهل العراق وصمود أبطال العراق، حين قلتم إن غزة ليست العراق! سبحان الله أين العقل الراجح، والحكمة الوازنة أيها الأخوة الإسلاميين؟..

 

لماذا هذا التطاول غير المبرر؟ ولماذا في هذا الوقت الذي انتم فيه أحوج إلى دعم أشقائكم من كل العناوين في الوطن العربي؟..ألا تدرون أن مئات الآلاف من أبناء هذه الأمة خرجوا في مسيرات عارمة مع إخوانهم من مختلف الاجتهادات السياسية، وهم يحملون صور الشهيد الرئيس صدام حسين، وكانوا يناصرونكم دون اهتمام بالاختلاف السياسي، فلماذا تفرطون بهم وبدعمهم من خلال هذه التصريحات التي لا أعرف كيف أصنفها منطقيا وعقليا؟.. هل تعتقدون أنكم تكسبون المعركة مع الكيان الصهيوني من خلال الاستمرار في تشويه هذا الشهيد الذي دفع حياته، وسلطانه، وأبناءه من أجل فلسطين، وكانت آخر كلماته ، قبل الشهادتين، هي فلسطين؟


والله لقد حيرتمونا بتصرفاتكم، هل هذه الرؤوس تسكنها عقول، أم تملكتها روح الشعوبية، حتى أصبح أصحابها معتوهين،ما هي الفائدة، يا شلح .. من تبخيس المجاهدين العراقيين، هل إن ذلك يصب في رفع معنويات المجاهدين في غزة؟ قل نا يرحمك الله أي فائدة من قولك "غزة ليست العراق"؟
 
من جهة أخرى، على من تزايد، هل تعرضت غزة لحصار ثلاثة عشر سنة، وعدوان 33 دولة، من أقوى أمم الأرض عسكريا، واقتصاديا وسياسيا؟، وهل تعرضت لعدوان ثان اشتركت فيه أكثر من 40 دولة في طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية؟.. وهل تعرضت غزة ـ مع كل البطش الصهيوني ـ لقصف القاذفات الاستراتيجية الآمريكية من طراز B52 ؟.. وصواريخ توماهوك وأكروز، وغيرها، وهل قذفتها البوارج وحاملات الطائرات من البحار والمحيطات، وهل تعرضت غزة لغزو 135 ألف جندي آمريكي وعشرات الآلاف من أبريطانيا واسبانيا، واستراليا وإيطاليا...، وهل اشتركت الدول العربية عسكريا في العدوان على غزة، كما فعلت بالعراق؟.. وهل دخلت الجيوش الى غزة من الأاردن؟.


وهل اشتركت ايران في العدوان على غزة، كما اشتركت مع أمريكا والكيان الصهيوني في غزوها للعراق حتى نقارن العراق بغزة؟. إرجع إلى رشدك ـ يا شلح ـ وأعرف أن المجاهدين في العراق، الذين بناهم الشهيد صدام حسين، هم الذين يخوضون المعركة الاستراتيجية، مع العدو الاستيراتيجي ـ الولايات المتحدة الامريكية ـ وأن ما يجري من مقاومة في غزة ـ مع اعتزازنا به كجماهير عربية ـ لا يعدو كونه مجرد تجلي من تجليات الحرب الاستراتيجية، التي يخوضها البعث وفصائل المقاومة في العراق، مع العدو الاستراتيجي المتمثل في الولايات المتحدة.

 
إن المقاومة الميمونة في غزة، وفي لبنان، لا يمكن أن تشكل حسما في الصراع الاستراتيجي الدائر اليوم بين الأمة وآمريكا، ولكن الحسم هو ما يجري في العراق، الذي أفشل مجاهدوه مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي كان يهدف إلى تفتيت سوريا والسعودية ومصر .. والجزائر والسودان.


إن مخططا بهذا الحجم وهذه الخطورة، ليس بامكان المقاومة مع كل الإكبار، لا في لبنان، ولا في غزة، أن تصده، ولكن المقاومة التي بناها الرئيس الشهيد صدام حسين، قبل عشرات السنين هي وحدها القادرة على إفشال هذا المشروع، وهي التي أفشلته بالفعل.


السيد رمضان شلح:


انه من نافلة القول أن تعرف أن عدوك هو الكيان الصهيوني، ومن يصطف في طابوره، وليس البعثيون الذين قدموا لك المساعدة، ولسواك من شتى فصائل المقاومة في فلسطين دون تمييز، وهذا بشهادة من سبقك إلى الشهادة، المجاهد والبطل عبد العزيز الرنتيسي، الذي كان متحررا من الذهنية الشعوبية، التي تتحكم في عقول كثير من القيادات الاسلامية، مدفوعة بوهم الطمع في مساعدة ايران، ولم يتخلص كثير من أنصار التيارات الاسلاموية من وهم إسلام إيران، وهو الأمر الذي جعلهم لا يدركون أن من يحتل ارض العرب ويشارك في احتلالها، لا يمكن أن يكون حليفا في تحرير ارض عربية أخرى، لأن من مصلحة إيران الاستراتيجية أن يظل الكيان الصهيوني يحتل فلسطين، حتى لا يتفرغ العرب للتفكير في احتلال إيران لأراضي عربية أخرى.


أخيرا، أريد أن لا يفوتك وأنت تجلس في قمة غزة المنعقدة في الدوحة أنك تجلس إلى جانب عميل أمريكا طارق الهاشمي، الذي "يمثل" العراق المحتل أمريكيا وإيرانيا، وأن من يتولى السلطة بفضل المحتلين لا يكون سندا في طرد الاحتلال. إنها السياسة السياسوية ـ  وليس الاسلام ـ التي تخون محمود عباس في الضفة، لأنه يتفاوض مع الكيان الصهيوني، وفي ذات الوقت تتعاطى مع المحتل الإمريكي في ترويج عملائه وحلفائه (ايران) لدى الجماهير العربية، من خلال القمة في الدوحة.. فأرجو ـ يا سيد شلح ـ أن لا تبخل على الناس بتميز الفرق بين عملاء الصهاينة وعملاء أمريكا .


من فضلك .. أرجوك ، في انتظار أن تكف عن الوقوع في دائرة السقطات الكبرى!.

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  / ٢١ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٨ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م