وحدتنا فوق كل خلاف

 

 

شبكة المنصور

نصري حسين كساب

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا

 

مأساة  فلسطين وكارثة غزو واحتلال العراق وما تتعرض له غزة اليوم من هجوم صهيوني وحشي  ، يشكل تحديا  للنظام العربي الرسمي واختبارا لأرادة الشعوب العربية . ويظل السؤال :

 

*هل  يتفق اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي على قرار بقطع أي علاقة دبلوماسية واقتصادية مع الكيان الصهيوني فورا وبدون فزلكات يعربية ويشجبية  ؟

 

*هل جنرالات الجيوش العربية استدركوا  ان النجوم على اكتافهم قد  صدأت ، وصار الكحل والغفر لهم والسلاح بيد النساء العربيات خيرا للأمة منهم   ؟

 

* هل الشعوب العربية من المحيط الهادري الى الخليج الثائري اثبت التاريخ والواقع لها ان وحدة العالم العربي تسمو دائما فوق كل خلاف في الفكر ، أو النظم ، أو العقيدة ؟

 

انها وحدة مصير . وان اشد ما يحتاجه المواطن العربي في مرحلة التحرير والتغيير الحاضرة هو ان يعي بالقدر الكافي الفلسفة التي يتمثلها ، وان يسهم بنصيبه في بلورة هذه الفلسفة ، وتدعيمها ، ولا يجوز له ان ينطوي على ذاته ، أو يظل معزولا في زاوية من هذا العالم العربي دون سواها .

 

ان دور المواطن العربي لا يقتصر على استقبال الافكار والاراء والتوجيهات ، مهما كان مصدرها ، وانما ينبغي له ان يكون قادرا على المناقشة والاسهام بالقدر الذي يمكنه من النقد البناء ، وبهذا تتفاعل المعرفة والافكار في كافة ارجاء العالم العربي ، وهذا بدوره يجعلنا نرى الامور على حقيقتها ، ويساعدنا على فهم مخاوفنا والسيطرة عليها . وبهذا نستطيع ان نحدد أهدافنا ، ومناطق مخاوفنا .

 

ستون عاما مضت  على احتلال فلسطين ولا زلنا كلما صفعنا على خدنا الايمن ادرى لأعداءنا الخد الايسر  وهذا واقع لا يمكن تجاهله ، والمواطن العربي فاقد الثقة بالقادة السياسيين والعسكريين وبالانظمة السياسية على مختلف اشكالها والوانها وبيارقها ويراها  ( قرص عجة ) . وعاجز عن مواجهة التحديات  ، ينظر الى ما ألت اليه حال فلسطين والعراق والسودان والصومال ،وجنوب لبنان وهضبة الجولان ، والاحواز وجزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وجزيرة ابو موسى ومعها الوضع العربي الرسمي  الراهن ، لا يستطيع الا ان يرى لوحة سوداء ، تتشابك عليها خطوط واشباح تبعث على اليأس والقنوط . وما

 

خلاصنا من هذه النظرة البائسة اليائسة ، الا بالتصميم على التحرير والتخطيط العلمي لتنظيم قدراتنا وتوحيدها ، وتعبئة الطاقات العربية من اجل تجاوز النكبات والكوارث ، وهو امل نتشبث به مهما كانت قساوة تلك النكبات والكوارث التي حلت بنا ، والتي قد تحل بنا في المستقبل .

 

لقد كانت احدى نتائج هذا الواقع الحزين ، أن اتسع اطار المشككين في مصير المقاومة العربية الشعبية المسلحة ، وردنا على هؤلاء المشككين ، هو ان النكبات والكوارث لم تستطع قط سبيلا الى ايمان الجماهير في الوطن العربي كله بعدالة القضايا العربية التي حملت عبئها ، ونادت بالمواجهة المسلحة ضد الغزوة الصهيونية  الصفوية الاميركية .

 

الشعب الفلسطيني منذ العام 1920 شرع البندقية ، ولا تزال مشرعة الى اليوم . وما يجري اليوم من عدوان على اهلنا في غزة لم يكن الاول او الوحيد في تاريخ الشعب الفلسطيني ، وعلى الامة العربية ان تختار المقاومة المسلحة وهي الخيار الطبيعي الذي لا بديل له ولا محيص عنه . ذلك ان العدو الصهيوني هو اعتى القوى الاستعمارية العنصرية التي شهدها التاريخ المعاصر ، وأكثرها رغبة في التدمير وسفك الدماء .

 

يجب ان ترجح عند الشعوب العربية فكرة الحرب الشعبية لمواجهة العدو ، ويجب ان يرافق المقاومة الشعبية المسلحة في فلسطين والعراق ، مقاومة مسلحة على هضبة الجولان وجنوب لبنان ، والاحواز وجزر الامارات العربية المحتلة من ملالي الفرس شركاء الصهاينة في العدوان على الامة العربية ، وعلى الانظمة العربية فتح الابواب امام المقاوميين العرب والمسلمين في الداخل والخارج وعبر الحدود . وغني عن القول ان العدو لم يكن يستطيع ان ينتقل من حالة التهديد والدفاع الى حالة التنفيذ والعمل الهجومي لو ان روح الوحدة العربية والتضامن العربي الاسلامي حية . ولا يجوز ان توضع المقاومة العربية المسلحة في فلسطين والعراق موضع المقارنة بالقوات الغازية ، فذلك يخرج عن طبيعة الاشياء ، ويتجنى على منطق المقارنة ، لأن نسبة القوى بين الاطراف تسقط مفهوم المقارنة اصلا . ولا اود استعراض تاريخ مبدأ ( قومية المعركة ) من حيث مفهومه ووقائعه وادلته في الصراع العربي – الاسرائيلي – الاميركي – الصفوي ، فذلك امر يكاد يكون معروفا ، وان اختلفت فيه الاراء والتفسيرات والتحليلات .

 

الحكمة والعقلانية والدين والوطن والامة والشرف  تفرض على حركة حماس وفتح ان يتجاوزوا التناقضات والصراعات والمزايدات ،  ويتقوا الله بأهلنا في فلسطين . والمعركة القومية والدين والوطنية تفرض على فصائل المقاومة الشعبية المسلحة  العراقية الوحدة والتماسك ، واعادة النظر في الحسابات السياسية والعسكرية .

 

الشعوب العربية عليها دعم ومساندة المقاومة في فلسطين والعراق بكل اشكال الدعم بدءا من خفقة القلب ، والفكرة والقلم واللسان والمال ، وانتهاء بالبندقية المقاتلة ، التي تسترخص الحياة في سبيل الشهادة .

 

ولتظل وحدتنا فوق كل خلاف .

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠١ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م