ترنيمة كرخية الى غزة

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

اطلقوا ما شئتم من صواريخ وابعثوا ما اردتم  من رسائل الموت ، فغزة ستبقى قرة عيوننا ، كما الفلوجة وبغداد وكربلاء ، لا الموت يغيب اسمها ، ولا النار تمحي رسمها .

 

رايت طفلا فلسطينيا ، وسط سمفونية الانقاض والنار التي الفها العم سام ، يرسم بابتسامته غدنا العربي . تساءلت اين اخي عبدالله ابا منيف * الان ؟ اين ؟ هل دفن شهيدا تحت انقاض صارت تقليدا عربيا نعانقه يوميا من كرخ بغداد حتى شواطئ عمان مرورا بغزة ؟  غزة اليوم تحتفي بزفة شهداء اعادوا لفلسطين كرامة البندقية ودفنوا ، بعد سنين طويلة من احتساء الماريجوانا في ليالي السمر في اوسلو او كامب ديفيد ، اسطورة التعايش والسلام . غزة مرة اخرى كللت رؤوسنا بتاج دخول نادي شهداء الامة ، الذين لا لغة في افواههم سوى رعد قطعة فولاذ اسمها كلاشنكوف . غزة نظفت ( عصا ) ارتكازنا على الارض ، البندقية ، من الصدأ الاسود والخرس الاهوج ، وهاتفت بغداد في ذكرى سيد شهداء العصر صدام حسين عبر اسلاك الاحمر القاني .

 

الا ترون معي اننا امة الشهداء بامتياز كما لم تسبقنا امة من قبل ؟ من قال اننا امة المهزومين ؟ غزة هي الامة كلها من محيطها الى خليجها العربي ، كما ديالى وكربلاء ، وليس من الامة من يقومون بالتفرج على جز راس طفل فلسطيني وسحق رأس توأمه العراقي ، وهم يرتدون قناع العار في قصور تحكم وهي مخصية . نحن لسنا امة مهزومين بل امة منتصرين حتى حين يتدلى قادتها من اعواد المشانق من عمر المختار حتى صدام حسين ، فلولا اننا امة معجزات بشرية لما قتلوا اطفالنا و لا اغتالوا قادتنا ولا هدموا مدننا ولا حلوا جيشنا ، ولا ابادوا الالاف من علمائنا ، ولا شردوا منا ستة ملايين عراقي بعد تشريد اربعة ملايين فلسطيني . 

 

انها انفلاقات غضب ودمدمة عتب حينما يرتكب بعضنا خطئا فاحشا بقوله ( اننا امة مهزومين ) ! لم يسبقنا في ( قواميس جينيس ) في الاستشهاد احد ، لا بين السابقين ولا بين بشر يصارعون الان وحوش تقيم في واشنطن تزق الكنيست بالجنسنج والفياجرا ، وتمد ذيول الموت لتصل خنادق اقمار قارات العالم السبع !

 

الشهيد لا يهزم ، من قال ان الشهيد يهزم ؟ الشهيد لا يندم ، من قال ان الشهيد يندم على سفح دمه من اجل وطن غلفناه بحدقات العيون ؟ الشهيد مذنب ، وهو يهوي من سماءه المعتمة ، يملأ الارض عدلا ووضوحا واشراقا ، ويهزم بتوهجهه ليالينا البهيمة . الشهيد  يصر على اذلال من اغتال حدقات طفل في بغداد او ماجدة في غزة بابتسامة يطلقها حتى وهو يغادرنا شهيدا ، فيحرق الارض تحت اقدام ذلك اللص الغاطس بدمنا وكوفأ برميه بقندرتين عراقيتين .

 

بالامس ، قبل عامين في يوم كهذا 30 / 12 / 2006 رايت شهيدا يصفع بابتسامته سيد ( ليفني ) وكلب حراستها ، ويركل برجليه ، وهو يتدلى من حبل مشنقة شرف رفيع ، باراك القديم ، الذي يجز رؤوس اطفال غزة الان ، وباراك الجديد ، الجلاد المنتظر المتلفع ببزة سوداء وربما سيجز الرؤوس بنعومة قطن طبي . هل تذكرون من هو ذلك الشهيد الذي ، وهو يستعد للجلوس تحت (سدرة المنتهى ) ، صرخ بلغة فلسطينية بليغة : ( عاشت فلسطين حرة عربية من النهر حتى البحر ) وغاب وسط احراش السدرة المقدسة ؟

 

ارسلوا ، ياحملة مناجل الموت ، ما شئتم من كواتم صوت تسكت الاطفال الى الابد ، فغزة ام لا تعقر ابدا كفلسطين كلها ، كالعراق كله ، كالامة العربية كلها ، غزة حصن منيع بناه ابناء الله لتبقى لتقاوم موجة الايدز المنداحة من قبور تقبع فوقها وجوه بشرية لكنها ليست لبشر ، وجوه تتحرك باسم الموت وتتعاطى مورفين  الموت وتعطيه ، وجوه بشرية  لكنها ليست لبشر لم تتعافى بعد من اسطورة الهولوكوست ، صنعّتها وباعتها وسلعتّها وسوقتها مخلوقات تحمل ملامح بشر لكنها ليست بشرا ! تنبش القبور في عرض تخترق موسيقاه طبلات الاذن ، وتطفأ اعاصيره نبضات قلب حي اسمه طفل غزاوي مازال يبتسم ، وهو يقبع تحت اطنان النار ، وجه فقط بلا اطراف ولا جذع !

 

 اتذكر طفلة الفلوجة هناء ، وهي مسحوقة تحت جنازير باراك الاخر ، الذي يعمل في العراق متخفيا باسم مستعار هو بوش ، كنت ارى راسها مفلوقا كحبة مازالت طرية في اديم الارض ، وكنت ارى  وجه الطفل الغزاوي الملتصق بقوة براس مجزوز ، مازال يبتسم وهو ملقى بين النار والانقاض .

 

أبتسمت بلغة حرب سرية ، وعدت الى الكرخ ، ملعب طفولتي ، التي هدم باراك الاخر في بغداد أحياءها العتيقة كعتق بيتنا الاول مكة وبيتنا الثاني القدس  ، وقلت في دخيلتي : صدروا الهولوكوست لنا فلم نعد ، بعد ان راينا من هز كرسي باراك ب ( 43 ) صاروخا في عام 1991 معلقا بمشنقة الشرف وابتسامة النصر تحلق فوق عينية المفتوحتين مختتما جولة العمر ، بعد ترنيمة الشهاديتن ، بهتاف سيبقى مسمرا في ضمائرنا وخالدا في احلام بنادقنا ، التي لم تصدأ ولن تصدأ ، مهما تصرم الزمن ونشر حزب اوسلو عفنه : ( عاشت فلسطين حرة عربية ) .

 

نعم نقولها مع شهداء غزة اليوم : عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر ، ونقسم بالله العلي العظيم لن يبقى بين النهر والبحر سوى فلسطين . تذكروا ولا تنسوا ابدا ان غزة اليوم تدفع مهر عرس فلسطين القادم ، بعد زفة العمر بتحرير بغداد ، ومن بغداد صدام الشهيد سيمتد عرسنا الى غزة غدا .

 

نحن قادمون ياغزة ، فانتظري ليلة عرسنا المشترك في الفلوجة الشهيدة .

أيها الطفل ، الذي يبتسم وجهه بتقاطيعه الغزاوية الحلوة وهو نائم على راس جزه بوش في غزة ، نقسم لك بابتسامتك الحلوة ، كحلاوة تمر البصرة الصامدة بوجه جراد الشرق والغرب ، بنادقنا لن تصدأ ، ابدا لن تصدأ ، انها ممهورة بذكاء يصوب ضرباتها ، أنها تعرف متى وكيف واين تبدأ ، بدأ باراك عندكم في غزة لكننا سننهيها في الكرخ مدرسة المناضلين الاشداء .

 

انتظر ياوجه طفل فلسطيني يبتسم ، وقد جز راسه ، نحن عائدون عبر بغداد الى فلسطين ، كل فلسطين من البحر الى النهر .

 
*- المقصود المناضل عبد الله حوراني المقيم في غزة

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠٢ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / كانون الاول / ٢٠٠٨ م