افتتاحية نشرة ( طليعة لبنان الواحد )
عدد كانون الأول
٢٠٠٨

مجازر غزة مهماز العام الماضي إلى من لم تحركهم النخوة العربية
واستشهاد صدام حسين هدية العراق والبعث إلى الأحرار العرب

 

 

شبكة المنصور

افتتاحية نشرة طليعة لبنان الواحد

حدثان ترافقا مع نهاية العام 2008، يجمعهما تقاطع مبدئي، وبهما الكثير من الدروس، لا يمكن المرور عليهما من دون تسجيل مواقف ذات دلالات وعبر.


يجمع الحدثين معاً رباط الدم والكرامة العربية التي لا تجيز الرضوخ لكل وسائل الصدمة والترويع كأسلوب صهيوني أمبريالي في إخضاع إرادة الشعوب بواسطة البطش والجريمة.


منذ مجزرة دير ياسين في العام 1948، كأسلوب صهيوني متمرس في ارتكاب الجريمة، وصولاً لمجازر غزة في نهايات العام 2008، تراكمت شلالات كثيفة من الدم الفلسطيني لتروي حقل الكرامة العربية التي تأبى الاستسلام لمنطق (الحق للأقوى). والبرهان على ذلك أنه قد مضى أكثر من نصف قرن من عمر النضال الفلسطيني، استهلك حياة ستة أجيال من الفلسطينيين، ولم يخضع الأباة منهم لذلك المنطق، وأبت البندقية الفلسطينية أن تخضع وأن تستسلم.


لقد مضت ستة عقود من الذبح والقتل والتشريد والتهجير الجماعي والفردي للفلسطينيين، حتى وصل انتشارهم إلى شتى الأصقاع في العالم، ولم يستسلموا ولم يخضعوا. وتأتي مجازر غزة لتُضاف إلى مسيرة النضال وتسجل جريمة إنسانية كبرى في سجل الصهيونية، وتسجل إشراقة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني.


لم تلو كل تلك المجازر ذراع المقاتل الفلسطيني ولن تلويه كل المجازر القادمة التي تخطط لها الصهيونية، ولم ترهب صور بشاعة تلك المجازر شعب فلسطين لأنه قدَّم، وسيقدم الشهيد تلو الشهيد، إلى أن تتحرر فلسطين كل فلسطين، من البحر إلى النهر، وهي الأمنية التي استشهد من أجلها صدام حسين، شهيد العراق والبعث والأمة العربية، بل شهيد فلسطين بامتياز.
من أجل صموده على مبدئه، تحرير كل شبر من الأرض العربية المحتلة، وفي طليعتها أرض فلسطين، دفع حياته ولم يركع، بل ظل واقفاً بشموخ وإباء العراقيين والفلسطينيين، بشموخ الكرامة العربية التي أصبحت أسوارها منيعة لا تخشى كل مجازر الصدمة والترويع الصهيونية والأمبريالية، والتي أثبتت إفلاسها أمام مناعة أسوار الكرامة العربية.


وإذا كان العرب قد انقسموا إلى فريقين: فريق النظام العربي الرسمي، وفريق الذين طلقوا السلطة ورفضوها إلاَّ من خلال خندق المقاومة، فإن أكثر ما يُخزي هو أن الصفة الرسمية قد جرَّدت الذين يتصفون بها من عامل النخوة العربية والإنسانية، ذلك العامل الذي حرمهم من نعمة الغضب للكرامة ولم يحركهم الدم العربي الذي سُفح، ولا يزال يُسفَح، في لبنان والعراق وفلسطين.


أما الذين طلَّقوا السلطة، أي الفريق الذي اعتنق المقاومة، بالأظافر والأسنان، فينظرون إلى الدم العربي المسفوح على الأرض العربية، في غزة والعراق، كذخيرة وتميمة تحصن الشعب العربي بالكرامة والإباء.


إنهم يرون في شلالات الدم العربي المسفوح سيولاً ستبلغ الزبى، وستجرف معها كل معالم الذين تفرجوا على الأطفال وهم يُذبحون، والنساء وهن يمتن وزغرودة الشهادة تملأ شفاههن، وستندثر كل معالم الاستسلام وعوامله لتغرق تحت أقدام الأباة من الذين سموا فوق الجراح ليجعلوا منها وقوداً لن تبقي ولن تذر.


فمن شهادة صدام حسين إلى شهادة أهل غزة ستبقى المقاومة هي الرابط الحقيقي والفاعل بين جحافل الثوار العرب الذين، مهما طال الزمن وارتفع الثمن، لبالغون النصر والحرية، ليس من الاستعمار والصهيونية فحسب، بل من كل العرب الذين تجردوا من الإحساس بالكرامة العربية أيضاً.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٠٩ محرم ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠٠٩ م