الـــحـــــــــــــــــــواســــــــــم

﴿ الحلقة السابعة والاخيرة ﴾

 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

هي واحدة من معارك الامة في مواجهة الغزو والعدوان ،بدءا بمعارك الامة ضد محاولة الفرس والترك الهيمنة على القرار السياسي منذ العصر العباسي الثاني وقبيله بقليل ،والغزو المغولي ومن ثم مواجهة الغزو الاستعماري الذي اتخذ الدين غطاءا فسمى عدوانه بالحروب الصليبية ومن ثم الاستعمار المتغير الزعامات والتي كانت كلها تستهدف الامة وجودا وموقعا جغرافيا استراتيجيا وثروات ومقدسات

 

تعرضنا في الحلقات الست السابقة لتبيان حيثيات واهداف الحواسم كمعركة ضمن سلسلة معارك الامة ضد اعدائها التاريخين ،وصراعها ضد كل قوى البغي والارهاب والجريمة التي تستهدف الامة ،وفي هذه الحلقة سنربطها بالتاريخ الجهادي النضالي الطويل من اجل الحفاظ على مقدساتها وارثها الحضاري، ووجودها الفاعل ضمن التكوين البشري وتأكيدها على انها امة رسالة ،من خلال الفعل والتضحيات الكبيرة لاعادة مجدها ودورها الانساني الذي شع نورا ايمانيا وحضارة وقيما ورقيا في الفهم الاخلاقي ووضع تعريف للمعنى الاخلاقي للحياة كما ارادها ربنا الذي لم يخلق الانس والبجن عبثا بل لاداء رسالة،فكان لذلك الابداع الحضاري لامة العرب الاثر الكبير على البشرية ،عبر الرسالات السماوية التي اصطفاها الله سبحانه وتعالى لحملها ونشرها الى كل البشر،وما اكدته سجلات التاريخ الحضاري البشري لنشوء وتكون الحضارة البشرية والتي اجمع المؤرخون والدارسون والباحثون والمنقبون والجيولوجيون انها ولدت وبدأت اولا في ارض الرافدين ثم في وادي النيل وكررت نفسها في جنوب الوطن أي ارض سبأ وحمير في اليمن السعيد ،وهو تواصل واحد كون التكوين البشري واحد هو امة العرب ،والتكوين الجغرافي واحد هو الوطن العربي ،وكان لها السبق والريادة في ذلك ،وهذه نعمة الله لها واعدادها للمهمة الاسمى والاكبر الا هي حمل رسالة الاسلام العظيمة.

 

من خلال وعي كامل لتاريخ هذه الامة وطبيعة الاطماع المحدقة بها والقوى المعادية لها منذ القدم ولغاية الزمن الحاضر ،وضع العراقيون كطليعة لهذه الامة بقيادة ابنها البار ونموذج جهادها وذراعها وسيفها البعث برنامجهم ،للجهاد المقدس من اجل اعادة وحدة الامة وتحررها السياسي والاجتماعي والاقتصادي وارساء قيم العدالة الاجتماعية والبناء والتنمية والعودة للمساهمة النوعية الفاعلة في التاريخ الانساني ،للتعبير عن رسالتها الخالدة الهادفة للخير ونشر المحبة والاخاء والتعاون والتسامح بين كل البشر،وعبر عنها بالاهداف المركزية الوحدة والحرية والاشتراكية ،فالمتتبع المنصف والمحايد للتاريخ البشري لابد ان يؤكد ان العرب امة رسالة قيمية ايمانية حضارية ترفض وتدين التعصب العرقي والتميز العنصري بكل اشكاله ، ولا تقر العداء والبغي والارهاب والطمع والشح والبذيئة ،تحب الخير والسلام والحرية لغيرها كما تجاهد لتحقيقه لنفسها ،لان الله سبحانه وتعالى جبل العرب على ذلك ،ورسخها وارسى دعائمها الاسلام كرسالة رحمة وهدى وخير للبشرية ورسول الله وحبيبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الامة ،فكانت الفتوحات الاسلامية رسالة خير للامم والشعوب التي وصلها العرب خالية من كل هدف مصلحي او قومي ،بل هي رسالة نور وبشرى خير وهدى ورحمة لهم ،لذلك احترمت تلك الشعوب العرب من خلال ما تعاملوا به من خلق هو خلق القرآن وظلوا يحترموهم لذلك .

 

ادراكا لكل ذلك قاتل العراقيون المحاصرون منزوعي السلاح حشد الشر والارهاب والعدوان والبغي ،الذي يمتلك كل انواع الاسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا وذات القدرة التدميرية،بحشدها الكبير الذي ضم كل قوى الامبريالية والجريمة اضافة لتجنيد كل مجرمي الارض واشرارها ومغازلة ايران كطرف خفي سرعان ما كشف عن دوره ووجهه الاسود بمجرد دخول قوات التحالف العدواني المجرم الاراضي العراقية ،وبدعم بكل شيء مالي ولوجستي وادلاء ومرتزقة ومخازن سلاح وتسهيلات عملياتية ،وفتح بل استباحة كاملة لمياه واراضي العرب لقوات الغزو الهمجي من قبل حكام العرب (الذين هم في حقيقتهم عملاء ومرتزقة لقوى الامبريالية)،هكذا كان العدوان وهكذا بدأ الاحتلال حتى وصل المجرمين الى بغداد،ولأن العراقيين واثقون من نصر الله وثقتهم بان الحرب ليست معركة وان المنازلة طويلة وشاقة وفيها كثير من التضحيات ،وهم واثقون من ان التدمير والقتل قادم باي حال فانه قبلوا المنازلة وعاهدوا الله والوطن وانفسهم انهم سيعيشوا احرارا مقاوميين او يموتوا احرارا شهداء في سبيل الله والمباديء العظيمة التي امنوا بها وفي طليعتهم البعثيين ،تلك المباديء التي امرهم الله بها اقوله عز من قائل (وقاتلوا الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا ان الله لايحب المعتدين) ،قاتلوا لانهم مؤمنين بدينهم وامر الله ورسوله للمؤمنين ،قاتلوا لانهم لا يمكن ان يستسلموا لعدو كافر ارهابي باغي مجرم ،يستهدف مقدساتهم وارضهم وعرضهم وثرواتهم وانفسهم وكل هذه توجب الجهاد شرعا وقانونا .واليكم الادلة على انها حرب عدوانية فاشية قذرة الوسائل والاهداف :

 

1.  اعلان المجرم الدولي بوش الكلب في بداية اعلانه عن بدأ الحرب بانها حرب صليبية ، وللتوضيح فان الحروب الصليبية ليست مسيحية الفكر والاهداف بل هي عدوان امبريالي بفكر ومنهج صهيوني ،اما الصبغة المسيحية عليه فهي من ترتيب وصياغة الصهيونية العالمية والمتصهينيين من المسيحين والذين يسمون انفسهم المحافظون الجدد ،وفي الحقيقة هم وجندين سياسيا وفكريا للصهيونية من خلال جوانب عديدة ،منها المحافل الماسونية ،وكونهم اعضاء في حكومة دولة مالطا الوهمية وعبر المشاركات الاحتكارية الاقتصادية المتشعبة للصهيونية واذرعها الاخطبوطية ،هدفها توظيف وتسخير قدرات وجيوش وشعوب تلك الدول لخدمة المخطط الشوفيني العنصري الخبيث والشرير للصهيونية ،وذلك كان واضحا ومكشوف في الادارات الامريكية التي تعاقبت على زعامة العدوان ضد العراق والاسلام خصوصا المجرمين ضد الانسانية بوش الاب والابن ،لذا فهي معركة الامة ضد العدوان الصليبي .

 

2.  كان واضحا الدور والتشجيع بل الاصرار والدفع الصهيوني للعدوان على العراق وتوضيفهم لكل امكاناتهم المادية والاعلامية لذلك ،وتبني ممثليها في الادارات الامريكية للحرب وتلفيقهم الاباطيل والكذب والتزوير لخداع وتضليل الرأي العام الامريكي والعالمي باتجاه تأييد الحرب ،وخصوصا دك جيني ورامسفيلد وباول وكونديزا رايس وغيرهم،لذا هي امتداد لمعارك نبوخذ نصر ضد الصهاينة من اليهود.

 

3.  تهيأت دولة مالطا الوهمية (دولة على الورق هي دولة المرتزقة والمجرمين والمافيات وتجار الرذيلة بكل اشكالها – مخدرات ،جنس ،مجندي حروب ،قتل ،اباحية ،تبييض اموال،شركات امنية في حقيقتها هي جيوش للقتل والجريمة ،وغيرها ملايخطر على بال بشر – هيأت كل مجرمي البشرية للتجنيد ضمن حشد الشيطان العدواني ضد العراق والاسلام ،لذا هي معركة الامة ضد الشر والعدوان والجريمة .

 

4.  دور الرغاليون من حكام وخونة من الاعراب في دعم واسناد وتقديم كل تسهيلات يحتاجها العدوانيون على الارض وفي الاجواء ،لذا هي امتداد لحرب المؤمنين ضد كفار العرب في صدر الاسلام.

 

5.  تحالف كهنة النار ممن يدعون الاسلام (حكومة ايران اللا اسلامية وبتاثيرهم وبحكم الانتماء القومي للسي ستاني )مع الاحتلال ولعبوا اكثر من دور في دعمه والمشاركة فيه ،لذا فهي امتداد لذي قار والقادستين الاولى والثانية،ويتجلى تحالف الفرس من خلال :

 

·   اصدار الفتاوي الباطلة لتفتيت وفتنة الشعب العراقي وتمزيق وحدته في مواجهة العدوان ،لذا فهي امتداد للضلالة والانحراف عن الدين والتي كانت واحدة من اسباب ثورة الحسين عليه السلام ،لذا فالحواسم امتداد لثورة الحسين عليه السلام.

 

·   دفع مجاميع غير قليلة تمثل قوات اسناد للمقاتلة مع قوى العدوان وهؤلاء كانوا اخطر من جيوش العدوان كونهم يعرفوا كثيرا من الناس وخصوصا القيادات الحزبية والعسكرية والشعبية المقاومة للعدوان ،فكان فعلهم الشنيع حماية ودعما لا حدود له للعدوان ،وارباك المقاومة الشعبية في بداية الامر،لذا فهي امتداد لحرب سيدنا علي عليه السلام ضد الخوارج.

 

·   دورهم القذر والذي يمثل ليس ارتدادا عن دين الله فقط ،بل حربا على الاسلام والمسلمين في  نشر وتسعير الفتن الطائفية والتشتت المذهبي والعنصري من خلال عصابات بدر (غدر) ،وفيلق القدس (الرجس) الفارسي، وضباط وقوات اطلاعات (المخابرات الفارسية) وحرس خميني ،وبيش مركة العميلين ألمتعددي الارتباطات البر زاني والطلباني ،وخرق عناصر جيش المهدي ومن ثم توظيفه لنفس الغرض ،والعلاقة المشبوهة واللا تفسير لها الا التحالف الاستراتيجي مع قوى الاحتلال،بفتح حدودها للمرتزقة السريين لقوات البغي والاحتلال والذي سموهم القاعدة ،وكان لكل هذه القوى الدور المخزي والاجرامي الكبير في قتل العراقيين ونشرف الفتن في اوساط الشعب ،لانهم اعتبروها فرصتهم التي لابد من استثمارها لتحقيق مخططهم الدنيء.

 

هكذا كان العدوان متعدد الاطراف والقوى والافكار والمصالح والغايات ،لكن المدافع والمقاوم واحد هو شعب العراق وطليعته البعث المجاهد،

 

وعرض البعض ممن لم بفقهوا فكر البعث وحقيقة مبادئه ومنهجه وتكوينه الفكري الايماني القومي الحضاري ،عرضوا على القيادة الاستسلام دون حرب ولها ضمان حياتها وبعض من السحت الحرام ،خسؤوا،بحجة ان الحرب غير متكافئة بكل معاييرها ومقايسها وان الاحتلال واقع لا محالة ،ونسوا او تركوا امر الله للمؤمنين بالقتال ووعده لهم ،ولم يدركوا حقيقة شعب العراق والبعث ،انه شعب لا يقبل الضيم والاستسلام ،وفاتهم من خوفهم ان الحرب ليست معركة واحدة بل هي سلسلة معارك والنهاية للمؤمنين الصادقين الصابرين اولي البأس الشديد،بعد ان وقع الاحتلال ومن اول لحظة بدأ الشعب وطليعته المقاومة الشعبية ،وتغيرت صفة الحرب من حرب نظامية الى حرب جهاد وتحرير ،وبدأت الصفحة الثانية من الحرب وتخلى المجاهدون عن مقراتهم النظامية الرئيسية والبديلة واتخذوا مقرات اكثرامنا واوسع وارق انها قلوب كل الشعب وماجداته وارضه التي يفتدوها بانفسهم ودمائهم ،فنعم البديل .

 

هنا تحول المحتل من الهجوم الى الدفاع وانعكست صورة الحرب ،نعم اعطينا الكثير من التضحيات بالارواح والبنى، ولكن هذا قدر المؤمنين ،وفي كل يوم يمر تزداد المقاومة قوة وينخذل حلف الشيطان وتتفكك اطرافه ،وسياتي اليوم الذي يولون الدبر وينصر الله جنده ويقروا بجريمتهم وهم صاغرون ،(وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) ونعم بالله وليا وهاديا وما النصر الا من عند الله العزيز القدير.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ١٠ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٦ / نـيســان / ٢٠٠٩ م