تعقيبا على مقال الاستاذ عوني القلمجي

اوباما والتفاؤل العربي والعالمي بانتخابه ورسالة المقاومة العراقية له

 

 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

جاء اوباما كغيره ليحكم امريكا فترة رئاسية ، وقد يكرر انتخابه هذا يتعلق بادائه ومدى انسجامه مع القوى الفاعلة في مصير الانتخابات الامريكية ،ومستوى الاداء الاقتصادي الذي يلعب الدور الاهم في قرار الناخب الامريكي ، الذي تخلى عن مسائل اساسية تحكم الناخب الوطني في بلدان اخرى، لاسباب موضوعية واخرى تكوينية ،اما الموضوعية فهي ان امريكا قوة عسكرية واقتصادية كبيرة بل هي القوة الاكبر عسكريا في العالم، فلم يعد الناخب الامريكي يحركه او يؤثر فيه هذا الجانب، بل قد تجاوز كثيرون حتى السياسين هذا القلق او الهم الوطني، لهذا نجد الادارات المتعاقبة تحاول ان تستخدم اشعار الفرد الامريكي بان القلق الوطني الذي يجب ان يهتم به هو العدو الخفي الذي يهدد مصالحهم، خصوصا الطاقة والاسواق اللذان يشكلا محوري النمو الاقتصادي ،لذلك كانوا في السابق يركزوا على الاتحاد السوفيتي وخطورة وصوله الى المياه الدافئة ،ثم دبروا او تدبروا احداث الحادي عشر من ايلول 2001ليبرروا ستراتيجهم المخطط له سلفا،وهو محاربة الاسلام عموما والعرب خصوصا، واستعمار المناطق الاكثر حيوية وفاعلية في العالم فكانت الحرب على عدو وهمي اسموه الارهاب وكأن العالم مليء بالارهاب ،متغافلين ان اسباب الاعمال الارهابية الحقيقية او ما تعتبره الادارت الامريكية التي تحكمها ايديولوجية عنصرية استعمارية ارهابا ،هو عمل كفاحي وجهادي تقره كل قوانين العالم لانه اما كفاحا ضد مستعمر يغتصب ارض شعوب، او ضد قوى خارجية طامعة في بلدان وثروات الشعوب الاخرى ،فمعايير تصنيف الفعل البشري الصحيح والخاطئ لا يعتمد لمعايير محددة، لتغييب ذلك بقصد كي يتاح لقوى الارهاب الحقيقي والمسببة له في جانبه الشرعي الكبير، او الداعمة له في جانبه الحقير،والسبب التكويني الذي يجعل الموضوع الخارجي غير فاعل في راي الناخب الامريكي هو ان طبيعة تكوين المجتمع الامريكي غير متجانس الاعراق ولكل مجموعة موطنها الاصلي غير الامريكي حيث ان سكان امريكا الاصلين هم الهنود الحمر الذين على اشلائهم قام التكوين الامريكي الجديد من اناس جاءوا امريكا لاسباب عديدة وظلت امريكا ولازالت احدى اكبر البلدان المستقطبة للبشر من كل الجنسيات والقوميات والاعراق والمستويات الدراسية والاديان ،يجمع الكل هدف رئيسي واحد هو البحث عن الثروة والامان السياسي ،وليس شيء اخر،لذا فان طبيعة تكوين المجتمع غير تركيبة الشعوب العريقة الاخرى، التي تكونت فيها علاقات مبنية على اسس ثقافية واجتماعية ودينية ووطنية مغايرة كونت بمجملها ارتباطا بين الانسان والارض سميت العلاقات الوطنية او القومية ،لذا فان كثير من الشعوب وقواها الطليعية التي آلت على نفسها ونذرتها لتحقيق اهداف تتطلع لها تلك الشعوب التي تعرضت بحكم اطماع الدول الكبرى الى الاستعمار والتجزئة والاستغلال والنهب لثرواتها بل حتى لابنائها، خصوصا العلماء الذين اضطرت لارسالهم لاكمال دراستهم في جامعات الغرب نتيجة ما لحق بها وبتعليمها من دمار ادى بها للتخلف نتيجة فعل قوى الاستعمار كما هي اليوم معانات الامة العربية ،كل ذلك جعل كثير من قوى الكفاح البشري ومنها قوى الجهاد العربي تامل في ان يكون التغيير الذي جرى في الانتخابات الامريكية الاخيرة هو انتفاضة للمجتمع الامريكي حقيقية للتخلص من السياسات الخاطئة التي قادته الادارات الامريكية المتعاقبة والمرتبطة بالبرنامج الصهيوني الارهابي الفاشي العنصري القائم على فكر تلموذي لا يختلف عنه والمعتمد على العدوان والارهاب والجريمة والتضليل والكذب والقوة الغاشمة في تنفيذه،هكذا كان امل الشعوب وقواها المجاهدة والمكافحة ،ولم تضع السوء في مجرى الفعل الذي عكسته الانتخابات الامريكية الاخيرة من تغيير،بانه مجرد مناورة للقوى الشريرة الفاعلة والمتحكمة في الانتخابات هناك.


ثم ان التغيير الذي جاء نعم بحكم الدستور الامريكي، ولكنه يعكس ان الناخب الامريكي قد ادرك بدرجة ما حجم الخسارة التي جناها نتيجة السياسات السابقة فجاء التغيير كبيرا يتكثل بالجوانب الاتية :


• فوز امريكي من اصول افريقية بكرسي الرئاسة لاول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية،التي كانت الى وقت ليس بعيد تعاني من التمييز العنصري واضطهاد الامريكين من اصول افريقية واسيوية.


• لم يحصل في التاريخ الامريكي على الاقل القريب ان فاز مرشح للرئاسة بهذا الفارق في الاصوات ،الذي اعطى مؤشرا بان التغيير ناتج عن وعي عام للخطر وليس لعبة من لعب اللوبيات الاحتكارية والصهيونية في الانتخابات .


• ان واحدة من الاسس الاخلاقية لجيوش المسلمين ان تطرح على العدو الحجة قبل البدأفي المنازلة ،عل الله يهدي القائمين على جيوش الاعداء فيعيدوا النظر في انفسهم خصوصا وقد اثبتت القرائن والواقع خطئهم في شن العدوان ،واعترفوا هم بذلك.


كل هذه الحقائق جعلت المقاومة العراقية توجه رسالة الى الرئيس الامريكي تدعوه للسلام، الذي هو واحد من قيمنا الدينية ومبادئنا البعثية، ولم تتخلى المقاومة عن برنامجها الجهادي بهذه الدعوة، التي وجهتها الى الرئيس الجديد للادارة الامريكية، ولم ترهن مستقبلها وبرنامجها لشروطه ،ولم تتنازل عن حقوق العراق ولا مبادئ البعث والعرب في ان يكون التعامل والتفاوض بالندية التامة والاحترام الكامل للسيادة والحقوق ويحتكم للقانون الدولي،ان المقاومة العراقية وبفضل الله وهدايته قاب قوسين او ادنى من التوحد التام الذي هو اول اسس النصر وان تخلفت بعض قوى المقاومة فلاسباب يقدرها الذين يقودوها وهو اسباب صغيرة فيما لو احتكموا للدين والمسؤولية الوطنية والعقل والهدف ،اما قوى تدعى انها مقاومة ولكنها اما ضالعة في العملية ااجارية في العراق التي اسماها الاحتلال العملية السياسية او هي مجرد واجهات كاذبة لقوى مرتبطة بالاحتلال عبر مخابرات ودول مجاورة، والمقاومة تعرف ذلك جيدا، ولا تريد ان تكون تلك القوى محسوبة عليها لانها تسيئ لها ولجهادها .


ان معركة التحرير طويلة ومضنية وتحتاج الى جهد ووسائل لابد ان تضعها قيادة المقاومة في حساباتها ،وترسم لها برنامجا عمليا فهذا امرا مفروغا من ضرورته واهميته،واذا كانت قيادة العراق الشرعية التي تقود المقاومة حاليا قد كانت قبل الاحتلال مستعدة لوضع صيغ تكتيكية لتفادي التدمير الذي قدرت حجمه الذي سيتعرض له العراق ،فانها الان غير مستعدة لذلك بعد ما دمر كل العراق بشرا وحجرا.

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٦ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢١ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م