أسباب قوة البعث وخلوده

 

 

شبكة المنصور

ابو عدي العربي

نشاء حزب البعث العربي الاشتراكي في الأربعينيات من القرن الماضي ليس ليكون حزبا يضاف للأحزاب الموجودة أو زخما من الشعارات التي تضاف فتتعب كاهل الأمة وهي تكون بلا فعل..... بل جاء ليعبر عن نبض الشعب العربي وأهدافه وردا كاملا لا جزئيا على المصاعب والمشاكل التي تواجه امتنا والمخاطر التي تهددها وهذا هو سر قوة حزب البعث وخلوده.

 

قبل أن يولد حزبنا العظيم من رحم العروبة وينطلق معبرا عن إرادة الشعب العربي أنشأت قبله العديد من الأحزاب القطرية و الأحزاب القومية ولكنها لم تستمر ولم تحقق غاياتها المعلنة ولا الشعارات التي رفعتها لانها اصلا بعيده كل البعد عن تاريخ الامة العربية وبعضها كان عبء وثقل على الأمة وخدم المحتل وأعداء الأمة سواء بقصد أو من دون قصد بسؤ تقدير الأمور والفهم الخاطىء للواقع وعدم معالجته فكلاهما تخندق في خندق المحتل وقدم له الخدمات وروج الأفكار المسمومة التي يسعى المحتل إلى ترسيخها في عقول أبناء امتنا فمن هذه الأحزاب ما نشاء ليرسخ فكرة القطرية حيث أن التجزئة التي تعرضت لها الأمة وتناثر أقطارها ما هي إلا سبب رئيسي من أسباب ضعف الأمة وتسهيل السيطرة عليها ونهب ثرواتها وعدم تحقيق أمنها الكلي... كل هذه وغيرها من المصاعب نتجت عن القطرية وكانت معظم هذه الأحزاب معبرة عن طموح الطبقة البرجوازية التي يستفيد منها المحتل أو الدمى التي وضعها لتسير له أعماله بوجوه وصور غير التي اعتدنا عليها وهناك النوع الأخر من الأحزاب التي أنشئها المحتل واخذ يعطيها طوابع براقة وبراقع تتخفى خلفها كالدين أو شعارات أخرى لا تغني ولا تسمن من جوع وتعمل على ألمساهمه في غزو الفكر العربي وأخلاقه وعاداته والعمل على تفكيكها وتذويبها وهناك نوع من الأحزاب جاءت رد على المشاكل التي تعصف بالأمة لكنها لم تستطيع أن تقدر الواقع وتقدم له الحلول فمثلا عندما جاءت الشيوعية وبالشعارات التي تحملها من إزالة الفقر وتحقيق الراحة لشعب استبشر المواطن العربي لها لكنه سرعان ما أدارك أن الأخلاق التي جاءت بها الشيوعية والحلول التي قدمتها غريبة عنه وعن أخلاقه ومخالفه لدينه وأنها تسعى للقفز عن القومية العربية وتحقيق الأممية دون المرور بالرابط الأساسي وهو القومية فأصيب المواطن العربي بخيبة أمل وسرعان ما تراجع عنها وهناك أحزاب نشأت كردة فعل على سبب معين وظرفي وبعد زوال هذا الظرف زالت معه فكل تلك الأحزاب ومعظمها باءت بالفشل لأنها انكشفت وأظهرت عجزها عن حل قضيا الأمة بشكل كلي و عن تقديم الحلول لها.

 

إن أهم الأسباب التي تسببت في كل المشاكل والمصاعب في الأمة و التي ما زلنا نعاني منها نجملها بما يلي:

 

 1- التجزئة والقطرية التي أوجدها المحتل ليشق الأمة حتى يسهل عليه السيطرة عليها وان يبقي الأمة في حالة ضعف وهوان والعمل على تذويب هويتها وحرمانها من احتلال موقعها ودورها التاريخي والحضاري والإنساني بين الأمم الأخرى.

 

 2- الفقر فأصبحت الثروات   يتحكم بها دمى المحتل وأذنابهم ويحاربون بها الشعب ويحرمونه من حقه بها وعدم استغلالها بالاستغلال الأمثل وعدم توفير الفرص المتكافئة التي تهيئ للفرد بان يطلق عنان الإبداع حتى يبقى عقله محجم ومنشغل التفكير بالطعام والأزمات التي تعصف به.

 

3- الخواء الروحي والبعد عن الدين حيث أصبح الفرد منشغلا في مشاكل الحياة وهمومها ويسعى إلى حلها وأصبح الدين غريب عن موطنة الأصلي . والفقر هو سبب و طريق البعد عن الدين واهم أسباب الخواء الروحي وإشغال العقول وتحجيم قدراتها.

 

جاء حزب البعث من رحم الأمة ليلبي صرخات وحاجات المواطن العربي ويكون ردا شامل على كل المصاعب وتقديم الحلول لها بعد القراءة الصحيحة للواقع العربي وفهم الواقع بشكل جيد صحيح وواعي فوضع أهدافه وهي (الوحدة,و الحرية,و الاشتراكية).

 

اعتبر حزب البعث أن الوحدة هي الحالة الصحية الصحيحة للأمة ومعدل وجودها وانه من دون الوحدة لن تستطيع الأمة احتلال مكانتها الحضارية والإنسانية والتعبير عن مكوناتها الجوهرية والتاريخية وعن أخلاقها الحضارية التي انتشرت إلى كل أنحاء العالم , حيث إن هذه القطرية والتجزئة التي نعاني منها أوجدها المحتل والهدف منها هو تفتيت الأمة وتسهيل السيطرة عليها , وبيد أن القطرية اصبحت حقيقة لا يمكن تجاوزها أو القفز عنها إلا انه من الممكن إزالتها والتصدي لها و للمشاريع الغربية ومرتزقتها الذين يسعون إلى تعميقها وترسيخها في عقول ابناء امتنا ... فلذلك جعل حزب البعث الوحدة  هي اولى مطالب عمله النضالي وقدمها على الحرية , والاشتراكية .

 

فكلا الاهداف الاساسية الثلاث التي وضعها حزب البعث مرتبطه بعضها ببعض فالنضال من اجل الوحدة هو نفس النضال من اجل الحرية والاشتراكية فلا يمكن تحقيق وحدة دون النضال من اجل الحرية ولا يمكن تحقيق الوحدة والحرية دون النضال من اجل القضاء على الفساد والاحتكار والامراض والامية والتخلف والجهل والرجعية وغيرها من الازمات .

 

وللحرية في حزب البعث مفهوم مختلف عن الحريات المصطنعه التي صنعها الغرب لعبدته وعملائه ليتشدقوا بها ويرفعوها على شاكلة شعارات واهية ... وليست ايضا هي بالمفهوم الذي يحمله اصحاب العقول ذات القالب الرجعي , وانما هي بالمفهوم الانساني الحقيقي والاصيل وتعني حرية الوطن والمواطن وهي من اهم اهدافه التي اولاها اهتمام كبير في ادبياته كما اكد في دستوره على " صيانة حرية القول والنشر والاجتماع والاحتجاج والصحافه , في حدود المصلحة العربية العليا " وينص ايضا في المبداء الثاني من الدستور على ما يلي "ان  حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر : 1 – حرية الكلام والاجتماع والاعتقاد والفن مقدسة لا يمكن لاي سلطة ان تنتقصه " واكد عليها ايضا بالكثير من المواضع ومنها بالماده (17) من السياسة الداخلية للحزب اذ نص فيها بما يلي " يعمل الحزب على تعميم الروح الشعبية (حكم الشعب) وجعلها حقيقة حية في الحياة الفردية، ويسعى الى وضع دستور للدولة يكفل للمواطنين العرب المساواة المطلقة امام القانون والتعبير بملء الحرية عن ارادتهم واختيار ممثليهم اختياراً صادقاً و يهيىء لهم بذلك حياة حرة ضمن نطاق القوانين  "

 

اما الاشتراكية فهي ايضا من اهم المبادىء والاسس والمرتكزات الاساسية لحزب البعث  كالوحدة , والحرية فهي ايضا جائت بمعنى مغاير للاشتراكيه التي تحملها الشيوعية او الاحزاب الاخرى صاحبت الفكر العاجز التي اثبتت عجزها في  التصدي للازمات التي تعصف بالامة واخفاقها في مواجهتها , فاشتراكية البعث هي النظام الذي تبناه الاسلام الحنيف الذي جاء به القراءن الكريم واكدت عليه السنة النبوية والصحابه الكرام والخلفاء الراشدين . وهي اعطاء الفرص المتساوية والمتكافئة لكل المواطنين لتعمل على اطلاق عنان ابداعاتهم وتحقيق سعادتهم والقضاء على الفقر والامراض والامية ومنع الاحتكار فقد اكد عليها  الامام علي كرم الله وجهه حينما قال: " لو كان الفقر رجلا لقتلته" و اكد ايضا عليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالحادثة المشهورة حول قطعة القماش .

 

وقد نص الحزب عليها في دستوره وتحدث عنها مفكرين الحزب ومؤسسية ووضحوها للناس على انها مغايرة للمفهوم الغريب عن الامة فقد وصفها القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق بأنها " ظفرة الحياة على الموت " وقد نص عليها الدستور بالعديد من البنود والمواضع واهمها في سياسية الحزب الخارجية المادة (26) تنص على ان " حزب (البعث العربي الاشتراكي) اشتراكي يؤمن بأن الثروة الاقتصادية في الوطن العربي ملك للامة." و في المادة (28) " المواطنون جميعا" متساوون بالقيمة الانسانية ولذا فالحزب يمنع استغلال جهد الآخرين" وفي المادة (31) " القطاع الاشتراكي هو القطاع القائد في التنمية الاقتصادية ويمكن ان توجد بجانبه قطاعات اخرى كالقطاع التعاوني والقطاع الخاص، وتوفر الدولة الظروف المساعدة لنمو العام لمجموع الاقتصاد القومي" .

 

ولكن نحن تعرضنا للعديد من الاسله من الكثير من المتحدثين او من الجماهير العربية التي تمارس حقها ودورها الطبيعي بان تسئل وتسفسر على الحركة التي تقودها ومن هذه الاسئلة التي كنا نتعرض لها عن مفهوم الحزب للاسلام وكيف رد على مشكلة غربة الدين عن وطنة الاصلي؟؟؟

 

 فكانت هذه الاسئله تعرض اما بهدف الاستفسار او كانت تعرض باهداف اخرى على اية حال فانه من الواجب علينا ان نشرح لهم ونجيبهم على كل الاستفسارت للمحافظه على العلاقة الحية مع الجماهير التي اكد عليها الحزب مرارا بعتبار الجماهير هي الرافد الاساسي لمسيرة الحزب النضالية ولان الحزب وجد ليعبر عنها وعن تطلعاتها...

 

فكنا نجيبهم على ذلك بان الحزب يرفض الالحاد ويؤمن بان القومية العربية جسد روحها الاسلام وافصح عن ذلك القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق " لقد كان محمد كل العرب فليكن كل العرب محمد" وقال ايضا على الرسول " بانه رجل جمع كل قواه لينجب امة او امة جمعة كل قواه فانجبته"  ونص الحزب ايضا على ان الاسلام دين الدولة الرسمي وهناك الكثير الكثير من المواضع التي اشار ووضح بها الحزب موقفه من الاسلام العظيم ورفضه للالحاد .

 

فالبعث هو حزب قومي عربي نشأ من رحم الامة العربية ردا على كل المصاعب والازمات ليعبر عن ارادة الجماهير العربية واهدافها حيث يتخذ من اجماهير القاعدة الاساسية له ومنطلقة التي تغذي مسيرته النضالية والتي ترفده بالمناضلين وهو بالاصل نشأ منها ليعبر عن تطلعاتها .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٩ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / أذار / ٢٠٠٩ م