البعث وضرورات النضال السري

 

 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي

من المعلوم إن ديمومة الحزب هو في العمل الجماهيري,وبما إن الحزب يمر بفترات نضالية متغيرة ,مما تفرض على الحزب بتغيير إستراتيجيته في العمل الحزبي وبالذات العمل بين الجماهير حسب طبيعة المرحلة التي يمر بها الحزب , ولا نبالغ بالقول بان التجربة البعثية فريدة من نوعها ,حيث لم يشهد تاريخ الأحزاب السياسية والثورية تجربة مشابهة ,حيث بدا العمل الجماهيري بعد تأسيسه في عام 1947 وكون تنظيم استطاع من خلاله استلام السلطة في العراق بداية عام  1963
ليفقدها في نهاية ذلك العام , وعلى اثر ذلك تعرض لحملة إبادة وإقصاء جعلت الجميع يظن إنها نهاية الحزب وخاصة بعد اعتقال كل منتسبيه عام 1964 بما فيهم كل قياداته.

 

ولن ندخل في توضيح ما تعرض له الحزب لأنه ليس موضوع مقالتنا هذه ,ورغم ذلك استطاع , رغم تعرضه للانشقاق , من العودة إلى السلطة بعد اقل من خمس سنوات ,أمضى نصفها ,قيادات وقواعد في السجون, وقد تقلص تنظيمه ضمن تلك الفترة لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية , ولكن بعد استلامه السلطة فرضت عليه ضرورات تلك المرحلة فتح الباب للانتماء للحزب بشروط ربما تكون أسهل من الفترات السابقة مما سهل تسرب الكثير من العناصر النفعية إلى تنظيمه ,حيث إن فترة حكمه التي دامت خمس وثلاثون سنة , لا بد أن تفرز الكثير من السلبيات التي استطاع أن يتجاوز اغلبها , ولكن لا يمكن أن يتجاوزها كلها , إن عدد الحزبيين قد تجاوز الملايين مما فرض تسلق الكثير ممن لم يتم اختبارهم بصورة صحيحة إلى مراكز قيادية وكل ذلك حالة طبيعية تتناسب مع ضرورات المرحلة مادامت تحت سيطرة القيادة , وما دام هؤلاء غير مؤثرين على سلطة القرار في الحزب , ومن الطبيعي إن ايجابيات ذلك اكبر من سلبياته ,كل ذلك من اجل الوصول إلى المرحلة الحالية أي ما بعد الاحتلال ,ماذا حدث بعد 2003 ,تعرض الحزب إلى أقسى حملة شهدها حزب في التاريخ مما فرض هجرة مئات الألوف وترك العمل الحزبي مئات أخرى واستشهد وسجن مئات الألوف ,فهل من الطبيعي أن يعود هذا الحزب للعمل النضالي ؟

 

بل ويزيد عليه العمل المسلح ضد المحتل فما هي صفات هؤلاء البشر الذين لم ينكسروا رغم شدة وقساوة الهجمة ,بل وعادوا إلى العمل الحزبي بل وأقوى مما كان ,ببساطة إنهم أناس مؤمنون ولديهم الإرادة ,ولكن هل الجميع يتصفون بذلك ,وبصراحة أكثر إن الفترة الحالية للتنظيم لا تشابه الفترة ما بعد ردة تشرين رغم إنهما يعتبران ضمن فترة النضال السلبي وهل إن كافة منتسبي حزب البعث تنطبق عليهم هذه الصفتان أي الإيمان والإرادة ,وإذا كان ذلك مسلم به,فهل إن من هاجر خارج القطر وحافظ على عائلته وعلى حياته يتساوى مع من بقي يناضل ويجاهد ولا يعرف بأية لحظة يقتل أو يفقد احد أبنائه, إن الجواب حدده الرفيق القائد في خطابه بمناسبة عيد الجيش ما نصه في الرسالة الثالثة (نخاطب فيها كل الخيرين والمجاهدين الرافضين للاحتلال خارج الوطن وعلى رأسهم مناضلو البعث ومجاهدو القوات المسلحة أن يعودوا إلى الوطن فورا وكل حسب جاهزيته للعودة وبدون تأخير لينضموا إلى صفوف رفاقهم .....الخ

 

وذكر في موقع آخر/وليعلم الجميع إن معركتنا للتحرير والاستقلال هي في الداخل على أرضنا الطيبة ومع شعبنا الأبي الوفي الصابر المحتسب وليس خارج الوطن .وفي موضع آخر /أما بعد الآن وقد انتهى الإرهاب والقتل على الهوية والتكفير فلا عذر لأحد .) ولكن  هل إن الوقت ملائم لطرح مثل هذا السؤال ,وهل إن جميع البعثيين في الداخل بنفس الروحية والمستوى النضالي وهل يتم تقييمهم على هذا الأساس ,وبالرغم من خطورة مثل هذا الطرح إلا إن مرحلة ما بعد الاحتلال قد فرضت الكثير من العمليات الجراحية وان الأساليب السابقة والتي كانت تفرض عدم التطرق لمثل هذه الأمور قد تم تجاوزها من قبل القيادة ,لضرورات الجهاد والمرحلة الحالية والتي تتطلب منتهى الحزم والمجابهة .

 

إن الامتحان الحقيقي للمناضل ليس العمل الحزبي خلال الخمس وثلاثون سنة ,أي ليس التمتع بمغريات السلطة بل هو النضال في فترة ما بعد الاحتلال بل هي الامتحان الحقيقي لصحة نضال تلك السنوات والشهادة التي تثبت إن ذلك النضال لم يكن مزور وانه نضال حقيقي ,ولم يكن من اجل السلطة و المصالح الضيقة والخاصة بل كان من اجل الشعب والوطن والمبادئ.علما بان ذلك يشمل ضباط الجيش والمسئولين السابقين وهنا لابد من الإشارة إلى إن الدرجة الحزبية التي حصلتم عليها قبل الاحتلال ليس مقدسة وفي الانتظار متى عدتم .إن تلك الدرجات الحزبية والمناصب ليس ارث لكم ولا حق مكتسب بانتظاركم, إنها فخر ولكن للمناضلين  الذين ضحوا ويضحوا من اجل الشعب والمبادئ  .


إما من يتصور إن مكانه السابق محفوظ وفي انتظاره بعد التحرير فهو واهم وعلى أساس ذلك كان نداء المجاهد القائد في خطابه الأخير, فها هي الفرصة الأخيرة لكل بعثي حقيقي فرضت عليه الظروف إلى الهجرة أن يعود وفورا إلى الوطن للمساهمة مع رفاقه قي المرحلة الأخيرة من صفحات الجهاد وكذلك هي فرصة أخيرة للبعض داخل الوطن ممن لم يساهم بالعمل الجهادي طيلة المدة الماضية ,أن لا يبقى تحت وهم الماضي فلن تتاح لهم فرصة ثانية ,إننا نرى النصر إنشاء الله اقرب من مما يتصور المحبين وليس الأعداء ,وان غدا لناظره لقريب .

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢١ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م