جمال بغداد في ثغرها

 

 

شبكة المنصور

أحمد علوش / لبنان
في مثل هذه الأيام النيسانية تزهو بغداد بالبعث.. يسترجع البغداديون تلك الأواصر التي تربط عراقهم بحزب الأمة.. حيث يختلط الفرح برائحة غريبة تنبعث من حدائق البيوت لا يعرف وصفها إلا البغداديون والذين عشقوا بغداد وعاشوا فيها.


دجلة الخير يحدد الفواصل بين الكرخ والرصافة وعلى جنباته تتلألأ الأضواء ترسم معالم الحدائق والأبنية القريبة، وتمتزج الذكريات مع شدو العصافير آمنة في بغداد الرشيد.


هذه هي بغداد، أصالة الماضي وإبداع الحاضر، قبل أن يغزوها الغول ويتسلل إليها خلسة ابن العلقمي، فيتفقان معاً على توزيع الحزن في كل أزقتها وبيوتها، وزراعة الموت في كل ناحية وشارع.


الذين أرادوا اقتلاع التاريخ أو ظنوا أنهم يستطيعون ذلك، لم يتركوا شيئاً إلا وحاولوه، طعم الماء والشاي. "قيمر الصاج".. شناسبل ابنة الجلبي، ووقفة السياب عند حافة شط العرب.. نسفوا تمثالاً للمنصور.. وشوهوا تمثال الرصافي، وأقاموا حفلات التكريم وألقوا قصائد المديح للألسنة التي بها عوج، أو تلك العصية على لغة الضاد..


إنه زمان غير الأمان.. زمن "أبو ناجي" ومعه الأمريكان، ومن يحنون إلى مجد إزالته سيوف سعد من النهروان.
بغداد جميلة وتبقى كذلك مهما فعلوا بها أو حاولوا تشويه وجهها الجميل، وبغداد أجمل عندما تقيم أعراسها وتحتفل بانتصاراتها.. كم هي جميلة في نيسان عندما كانت تحتفل بلياليها البعثية حيث تختلط رائحة الورود برائحة التاريخ وشاي "أبو الهال".


بغداد عرساً لا يوصف للفرح عندما احتفلت بنصرها في القادسية الثانية، أيام وأيام الشوارع تحتضن الناس يحتفلون كل طريقته، وقد غدت بغداد منارة للنصر والعلم والفرح، هنا يتجمع التاريخ كله، يخرج سعد شاهراً سيفه.. يبعث الحسين معلناً زمن الحق والشهادة.. والمثنى يذكر الجموع بذي قار وقول الرسول اليوم انتصف العرب من الفرس وبي نصروا.


حاولوا عبر كل الجرائم.. قتل جمال بغداد، سرقة الحلم من عيون أطفال العامرية.. إشاعة الموت في الكرخ وأزقة الرصافة العتيقة.. لكن بغداد في ذكرى العدوان عليها. تلملم جراحها، والقصة هي: ان بغداد تستعد من جديد لعرس نصرها.. فالوحش يستعد للرحيل بعد أن انتحر على أسوارها، بدأ الرحيل فعلاً يجر أذيال الخيبة والعار والهزيمة، أدواته من العملاء لن يجدوا لهم مكاناً على دباباته الراحلة التي جاءوا عليها، ومعاونوه من خلف الحدود الذين يجيدون المكر والغدر ومصادرة كل الارادات حتى غير الدنيوية ليس أمامهم إلا الفرار.


علائم النصر عادت إلى مدن العراق.. الجنوب العربي رفض كل التقسيميين ودعاواهم، هزلهم في انتخابات مجالس المحافظات.. وكذلك فعل الوسط والأنبار والموصل.. الحالة هي نفسها في البصرة وكربلاء والنجف.


صور سيد شهداء العصر عادت إلى المدن الجنوبية والى جانبها صور رفيق دربه وحامل راية الجهاد عزت ابراهيم الدوري، كذلك الشعارات التي تمجد العراق وتغني للبعث وتجدد عهد الجهاد.. العشائر العربية في جنوب العراق تقاوم كل محاولات تشويه مواقفها وتزييف إرادتها، والجماهير تلتف حول بعثها.


مشهد قد يعتبر البعض أنه مبالغ فيه، ولكن نخيل العراق يشهد على بدايات مرحلة قادمة. عندما تعانق بغداد أختها البصرة ومعهما الموصل في عرس فرح جديد احتفاءً بنصر جديد بدأت تباشيره.. عندها تشمخ بغداد كما كانت على الدوام عاصمة كل العرب.. وإنا غداً لقريب.

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٣٠ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٧ / أذار / ٢٠٠٩ م