الثورة الإيرانية , هل هي إسلامية شيعية أو فارسية

 

 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي
إن الأمة الفارسية امة ذات تاريخ وحضارة عريقة ,لها مميزات تختلف عن غيرها من الأمم ,ورغم وقوعها تحت سيطرة الآخرين لأكثر من مرة إلا إنها لا تنفك أن تعود وأقوى مما كانت لتمارس دورها الإمبراطوري ,ربما بسبب التعصب القومي أو العناد أو الخبث أو الغطرسة وحب السيطرة الذي يتصف به الشعب الفارسي أو صفات أخرى اجهلها ,ولم يستكن هذا الشعب ولم يروض إلا  بعد الفتح الإسلامي ,ومن المؤكد إن تأثير الدين كان كبير على  الشعب الفارسي لكي يتغلب على صفاته التي كانت تضغط عليه ليثور على الأجنبي أو المحتل, والأصح إنهم لم يعتبروا الفتح الإسلامي غازيا مثل بقية الغزاة ,بل اعتبروه محرر لهم ,إلا إن صفات هذا الشعب بقيت وازدادت بعد تفكك الدولة الإسلامية ,من جهة وتقليل تأثير التعاليم الإسلامية,مما أعاد صفات وروح هذا الشعب إلى سابقه ولكن بصبغة أو بمسحة دينية ,ومن المؤكد إن تاريخه الطويل والعريق يولد باستمرار ضغطا هائلا على ثقافته وعلى تفكير قياداته عبر الزمن ليعود بأحلامها إلى مجد إمبراطورياتهم الغابر ,لقد اتضح ذلك في زمن الدولة الصفوية ,وعاد في العصر الحديث ليأخذ حجم اكبر في زمن الشاه ومن خلال احتلاله الجزر العربي  الثلاث ومحاولات التدخل في العراق والبحرين ,وغيرها من السياسات التي توضح طموحات إيران القومية ,وتحديدا محاولتها إعادة الأمجاد للإمبراطورية الفارسية ,وكانت الدعوة القومية علنية في زمن الشاه ولم تلجا إلى الدين أو الطائفة كغطاء لهذه الدعوة وذلك لكونه يؤمن بالعلمانية من جانب ولعلاقته السيئة جدا برجال الدين الشيعة , عكس اتجاهات الدولة الصفوية التي كانت تستند إلى الطائفية كغلاف للدعوة القومية ,وعندما سقط الشاه عام 1979 بعد نجاح الثورة الإسلامية بقيادة آية الله خميني تغيرت فلسفة السلطة ,من العلمانية والقومية إلى الفلسفة الإسلامية نظريا ,وعمليا المذهبية الطائفية الشيعية ,ولكن الغريب هو الاستمرار بنفس النهج القومي الشاهنشاهي عمليا ولكن مستترا,مع الإنكار التام لذلك النهج نظريا ,والأدق إبدال الفلسفة التي يستند إليها النظام لتبرير نفس الأهداف المراد تحقيقها ,من القومية الصريحة إلى الإسلامية (وطبعا ليس الطائفية)على أن تكون الطائفية هي السلاح لتنفيذ تلك الأهداف أي الأهداف التوسعية وإعادة بناء الإمبراطورية الفارسية.وهذه نظرية مركبة من الصعب جدا نجاحها والأصعب المحافظة على سرية الهدف لحين الصولة النهائية .


إن الأهداف التوسعية هذه تفرض دراسة المناطق والدول المحيطة بإيران لتحديد المناطق المحتملة لهذا التوسع وطبيعته,فمن الشمال والشرق تحدها كل من الباكستان وأفغانستان وتركيا ,وهذه الدول فقيرة نسبيا إضافة إلى إن شعوبها ذات الأعداد الكبيرة سكانيا وعوامل أخرى مثل الإمكانيات العسكرية لهذه الدول تفرض عدم التفكير بالتوسع على حسابها .


بقيت المنطقة العربية والتي تتوافر الظروف والمستلزمات التي تساعد في أي إستراتيجية توسعية إذا أحسن استثمارها وهذه هي :


1_ كل هذه الدول غنية بالموارد الطبيعية .
2_تتصف دولها بصغرها مساحة وسكان .
3_اغلب هذه الأراضي سبق وان كانت تحت السيطرة الفارسية يوما ما ,مما يعني وجود مبرر تاريخي .
4_وجود نسبة متفاوتة من الشيعة في كل واحدة من هذه الدول مما سيساعد في نجاح هذه الإستراتيجية.
5_عدم وجود دولة قوية يمكن أن تقف بوجه هذه الإستراتيجية في المنطقة.


إذن هذه هي حال المنطقة ,ولكن يجب أن ترتكز الدعوة أو الخطاب الإعلامي الرسمي على الدين الإسلامي ظاهريا وعمليا والابتعاد عن الدعوة الطائفية لمنع أي ردود أفعال عامة من المسلمين السنة بل وحتى الأكثرية من الشيعة أولا والابتعاد عن الدعوة للمفهوم القومي الفارسي نهائيا حتى لا تثير العرب كقومية وهذا كفيل بخسارة بل بعداء للشيعة العرب والسنة على السواء,أي إن الهدف الحقيقي هو هدف قومي والمعلن هو إسلامي  والوسيلة هي المذهبية أو الشيعة ,أو الفكر الشيعي على أن لا يستخدم في المراحل الأولى وان يستخدم بحذر شديد في حالة الاستخدام وبسرية تامة .


ولكن هذه الإستراتيجية تصطدم بمصالح الغرب وتحديدا أمريكا إضافة إلى القوى الأخرى في المنطقة ,مما يفرض عليها :


1_محاربة أمريكا .
2_محاربة الأنظمة العربية في هذه المنطقة.
3_محاربة الشعب العربي.وبقية الأنظمة العربية .


إن الإستراتيجية هذه تعتمد على إيجاد قاسم مشترك مع مراكز قوى يمكن خداعهم لتنفيذ سياسة يمكن من خلالها الوصول إلى تحقيق جزء أو كل الأهداف المنشودة .


وبما إن الأنظمة والسلطات الحاكمة لا يمكن إيجاد قاسم مشترك معها لأنها المتضرر الأول من هذه الإستراتيجية ,لأنها تمس وجودها ..والأمريكان لا يمكن أن يتنازلوا عن مصالحهم من اجل عيون الفرس ,إذن بقي الشعب العربي وقواه الوطنية والحكومات التي يمكن إيجاد قواسم مشتركة معهم تمهيدا لإيجاد أرضية يمكن من خلالها التغلغل في المنطقة العربية,كمرحلة أولى ,وتتزامن معها شن الحرب على الولايات المتحدة ,رغم عدم وجود أي مبرر,حيث الكل يتذكر إن أمريكا قد تخلت عن الشاه في آخر أيامه ولم تأخذ موقف معادي للثورة الإسلامية متشددة لكي يتبرر ما اتخذته الثورة من مواقف عدائية غير مفهومة ,مثل احتلال السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز موظفيها من قبل الطلاب,إضافة إلى حربها الإعلامية والتعبئة ضد الولايات المتحدة وإطلاق اسم الشيطان الأكبر عليها.وهذا تم بعد الثورة مباشرة مما يوضح إن الإستراتيجية الفارسية قد خطط لها قبل الثورة الإيرانية.


وفي نفس الوقت البدء بالعقبة الأولى أمام المشروع الإيراني ,وهو سلطة البعث في العراق من خلال التحرش بالحدود وافتعال المشاكل,كمثل ,لم ترسل برقية جوابية من قيادة الثورة على تهنئة المرحوم البكر بمناسبة الثورة الإيرانية إلا بعد طلب ذلك من قبل وزارة الخارجية العراقية وبعد عدة أشهر ؟مما يوضح إن النية مبيتة ,وشبيهة لموقف الثورة من الأمريكان وإذا كان مفهوما ذلك الموقف من الأمريكان فلم يكن مقبولا موقفها من الحكومة العراقية ,ولا أؤيد إن ذلك بسبب موقف القيادة من الخميني بعد طلبها منه مغادرة العراق لأنه يعلم بان العراق مجبر على ذلك علما بان القيادة ماطلت في التنفيذ فترة من الوقت وكل ذلك يجب أن يبرر موقف القيادة إن لم يكن جميل في عنق الخميني ,إلا إذا كان هناك أهداف أخرى غير معروفة أو معلنة,أما من يضن بان الهدف كان شيعة العراق ,فأقول نعم إنهم جزء من المخطط على أن يكونوا في خدمة الإستراتيجية الفارسية ,وكانت هناك عدة إجراءات لذلك الأول هو تغيير الفكر الشيعي بما يخدم هذه الإستراتيجية وخصوصا الدعوة إلى نظرية ولاية الفقيه بدلا من نظرية الإمامة التي يرتكز عليها الفكر السياسي الشيعي والتي لحد الآن ما تزال تواجه معارضة من الكثير من علماء الشيعة حتى في إيران ,علما بان الشرط أن يكون الفقيه فارسيا ولذلك تطلب ضرب المرجعيات العربية ومحاولة تهميش دور الحوزة النجفية عموما والعربية خصوصا وإحلال قم كبديل لها مما جعل المذهب جزء من أدوات تنفيذ الإستراتيجية الفارسية.    


علما بان ذلك لم يكن وليد الصدفة أو ردود أفعال مؤقتة بل كان مخطط له وقبل حتى التفكير بالثورة على الشاه .   
ولم يبدأ المخطط  في التنفيذ إلا وبدأت الحرب العراقية الإيرانية التي لم تكن ضمن التوقيتات التي رسمتها الإستراتيجية والذي نغص مضجع القيادة الإيرانية هو صلابة الجيش العراقي والأكثر هو رد الفعل غير المتوقع من شيعة العراق ,والتي كانت تضن إنها ستقف مع إيران وضد وطنهم تلبية لنداء المذهب وفاتهم إن الأغلبية لم يؤمنوا أساسا بالنظرية الجديدة للخميني إضافة إلى إن المراهنة على المذهبية أمام الوطنية و العروبة والشعور القومي لن يكون سهل وخاصة عدم وجود ما يبرر هذا التصادم مذهبيا أو شرعيا ,مما افشل المرحلة الأولى من المخطط ,ليس بسبب ضعف التخطيط بل اعتقد بسبب استباقية العراق لضرب إيران ,والتي لم تكن مهيأة لها لتصورها بان العراق لن يجرأ على ذلك ,لما تتمتع به إيران من أفضلية مادية عسكرية بشرية لا تسمح لأي عدو باستسهال محاربتها وخصوصا العراق ,أي بمفهوم آخر إن الحرب كانت واقعة ولكن العراق استبق إيران فيها مما فرض عليها تأجيل تنفيذ بعض مخططاتها إلى حين .


وعلى الطرف الآخر ,وفي نفس الوقت كان تحرك إيران لكسب ود الشعب العربي والحكومات العربية وبالأخص التي لا تقع ضمن مخططها ,كان يسير بالطريق المرسوم وقد ساعد عليه العداء المتبادل بين القيادتين و المشاكل والاتهامات المتبادلة بين سوريا والعراق مما كشف لها الساحة السورية فسقطت سوريا في الفخ الإيراني ,ومن الأمور المساعدة إن القيادة السورية تدين بالعلوية مما سهل العملية.


أما حربها مع واشنطن فكانت تفرض عليها إيجاد ساحات وأدوات لها ,ومن أفضل من الشعب العربي كأداة لضرب أمريكا به من خلال استغلال قضاياه القومية المصيرية ,كمبرر وكهدف معلن يمكن استغلاله في :


1_محاربة أمريكا من خلال تبني الفصائل المساحة الفلسطينية ومحاربة إسرائيل الابنة المدللة لأمريكا وقاعدتها المتقدمة في المنطقة.وهي بذلك جعلت القضية الفلسطينية كورقة ضغط ضد أمريكا والحكام العرب وبموافقة الشعب العربي بل إن الكثير من المثقفين العرب قد وقف حائرا أن لم يؤيد الموقف الإيراني .


2_محاربة الحكومات العربية المعادية وبالذات الخليجية, من خلال استغلال عمالة هؤلاء كمبرر لإيجاد موطأ قدم داخل تلك الدول مبني على مواقفها من القضايا العربية عكس تلك الحكومات العميلة والمعادية للقضية الفلسطينية.إضافة إلى محاولة استغلال شيعة تلك الدول في زيادة الضغط على هذه الحكومات .


3_رفع شعار تحرير فلسطين ودعم الفصائل الفلسطينية وذلك للضغط على أمريكا من جانب وكسب ود الشعب العربي من جانب آخر تمهيدا لاستثمار التنظيمات المسلحة الفلسطينية أو التي تساند القضية لتنفيذ بعض الأهداف المستقبلية .


4_ كسب الشيعة العرب من خلال إقناعهم بصدق نواياها من خلال موقفها من القضية الفلسطينية بل ومد أتباعها ومؤيديها من العرب الشيعة سلاح قوي للدفاع عن توجهاتها وأهدافها, إلا وهو القضية الفلسطينية ,إضافة إلى قضايا الشيعة التقليدية ,وقد نجح ذلك في لبنان من خلال تأسيس حزب الله ودعمه وتدريبه وتبنيه شعار محاربة الصهيونية وتحرير الأراضي اللبنانية وطبعا مده بالقوى التي تمكنه من إعطاء شيعة لبنان موقعهم المتقدم في قيادة السلطة.


وقد نجحت في ذلك نجاح باهر ,وخاصة إن المساعدة السورية كانت حاضرة دوما ,إضافة إلى أن دعمها المادي والذي لم يكن مشروطا للمقاومة الفلسطينية ,وأيضا ابتعاد اغلب الدول العربية عن القيام بواجبها تجاه الفصائل المسلحة أو محاولة جعل أي دعم وفق شروط ,كل ذلك جعل إيران تأخذ موقع مؤثر في الساحة العربية وبالذات بين الفصائل الفلسطينية وخاصة حماس والجهاد والجبهة الشعبية _القيادة العامة ,أما فتح فقد نجحت معها الخطة إلى أن دخلت لعبة التسوية التي فرضت عليها الابتعاد تدريجيا عن إيران وخاصة بعد وفاة عرفات رحمه الله.


لقد حققت إيران نصف أهدافها وبدون خسائر وببضعة ملايين من الدولارات ما تعجز عنه الدول بمليارات الدولارات ,نجحت لأنها استغلت مواقف الحكومات العميلة المعادية لتطلعات الجماهير العربية وهي مستمرة في تهيأت الأجواء العربية والأرضية المادية لتقبل مشروعها التوسعي المستقبلي من قبل الشعب العربي في الجهة المقابلة لشواطئها.وساعد في نجاحها الموقف الخليجي ومصر بعد أحداث الكويت والذي عزل العراق إضافة إلى الحصار الاقتصادي الذي دمر ما تبقى من قوة في الاقتصاد العراقي والمجتمع ,مما هيأه الأجواء للقيادة الإيرانية العمل وبحرية لبناء خطوط كثيرة وقوية مع العالم العربي .


وبما إن مثل هذه المشاريع ليس كلام عربان(مع الاعتذار والأسف) حيث انه يحتاج إلى قوة لتدعيم هذه الإستراتيجية وفرضها بالقوة بعد أن نجحت إلى حد ما في مرحلة التهيئة لها ,جاء دور المفاعل الإيراني ليكمل حلقات الصراع ويضع اللبنة لتنفيذ الاستراتيجي عمليا . وقد سمعنا بعض المطالبات هنا وهناك بالبحرين وغيرها ,وهذا جزء من الحرب النفسية والإعلامية وليس زلة لسان ,وكذلك الاعتذارات والتحركات التطمينية التي تعقب هذه التصريحات في مهزلة والعرب وبالذات الخليج نائم في العسل ومشغول بكيفية محاربة حماس ودعم الاستسلام الفلسطيني لعباس وكل ذلك مبني على أساس إن أمريكا لن تسمح لإيران بذلك لان مصالح أمريكا هي التي ستحفظ سلامة هذه الدول .


ومن مهازل الأقدار أن تجني إيران ثمار ما أنجزته المقاومة العراقية ,رغم دورها القذر في مساعدة أمريكا على احتلال العراق ودورها في المهزلة الطائفية التي كانت احد أركان ظهورها سواء بتدخلها المباشر أو تبنيها لجيش المهدي فارس الطائفية ودعمها للقاعدة في قتل الشيعة العراقيين الذين دعموا المحتل على حد تبريرها لهم ؟!!!


أما كيف جنت إيران ثمار انتصار المقاومة فيمكن أن نوجزه بما يلي :


1_إن انتصار المقاومة على الجيش الأمريكي قد فرض معطيات جديدة على المستوى العسكري والاستراتيجي في المنطقة ,جعل من المستحيل قيام أمريكا باحتلال  إيران عسكريا بعد ما لاقته على أيدي المقاومة العراقية وجعل الخيار الوحيد المتبقي أمامها هو قصف المفاعل والمواقع الإستراتيجية المهمة في إيران كبديل ممكن ,وحتى هذا تخاف من القيام به إلا بعد تفويض عالمي بعد افتضاح كذب ادعاءاتها لأسباب الحرب على العراق,وهي مستمرة في معالجة تأثير التدخل الإيراني في العراق من جهة ومحاولتها الحد من تنامي القدرات العسكرية الإيرانية المقلقة لدول الخليج ولإسرائيل ولها من جهة أخرى .


2_فرض على أمريكا مغازلة إيران لتقليل تدخلها وتأثيرها في العراق ,مما أعطى إيران الوقت والمساحة لبناء المفاعل النووي من جهة ولزيادة تأثيرها الدبلوماسي والسياسي في المنطقة بل وبدأت علانية مطالبتها بدور أساسي في المنطقة كقوة إقليمية.أي تبدل السياسة الإيرانية من المدافع إلى المهاجم ,فبعد أن كانت تريد كسب ود أمريكا من خلال مساعدتها في حرب أفغانستان والعراق أصبحت مهاجم تهابه أمريكا ودول المنطقة .


3_نتيجة الدور الذي لعبته إيران في دعم جيش المهدي والمجاميع الخاصة ,بعد أن تهاوت القوات الأمريكية على أيدي المقاومة ,ومن خلال عملاء إيران في الحكومة بدا التغلغل الاقتصادي لإيران داخل العراق من خلال صادراتها التي زادت على ثلاث مليارات ومشاريعها الاستثمارية المنتقاة مما اكسبها أسواق كبيرة لصادراتها الرديئة .


وأخيرا فان كل ما ذكر أعلاه لا يبرر اتهامنا لإيران بان ثورتها فارسية وليس إسلامية,فكيف يمكن إعطاء الدليل على هذا الاتهام؟


لو نظرنا إلى مجمل الفعاليات السياسية لإيران في المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين عدا دورها في العراق لتبين إن دورها يتطابق مع أهدافها المعلنة والتي تتحدد بمحاربة أمريكا وإسرائيل من خلال دعم الفصائل الفلسطينية ودعم حزب الله في حربه مع العدو الصهيوني لتحرير الأراضي اللبنانية وغيرها من المواقف التي وسنوضح أدناه ما يبرر لنا الاتهام؟


1_المهم والأساسي دورها في العراق حيث انه الحجر الأساسي الذي يوضح ماهية أهدافها هل هي قومية أم إسلامية بل وحتى شيعية طائفية , حيث بدا دورها ابتداء بطريقة غير مباشرة من خلال منظمة بدر والمجلس الأعلى وبعض المنظمات السرية التي ترتبط بالمخابرات الإيرانية وفيلق القدس وذلك بتصفية البعثيين وضباط الجيش والطيارين الذين شاركوا بالحرب العراقية الإيرانية وانتقلت إلى اغتيال العلماء وأساتذة الجامعات وغيرهم من الكفاءات


ولن أقول بان إيران وحدها من قام بذلك ولكن لها حصة الأسد حيث شاركها الحزبان الكرديان وإسرائيل والكويت في ذلك إضافة إلى المحتل .إن تنفيذ هذه السياسة من قبل بدر أو غيرها إثبات ودليل لا يمكن نكرانه على إنها إرادة إيران, لان بدر منظمة إيرانية بأسماء عراقية,بل وصل الحد إلى الاعتراض على قرار البرلمانات العربية القاضي بعروبة الحزر العربية المحتلة ,في سابقة تؤشر عمالة هؤلاء ,من جانب وتؤشر تطلعات إيران الفارسية.
2_محاربتها المد القومي العروبي.


إن الهجمة التي تلقتها العروبة والفكر القومي في العراق بعد الغزو الأمريكي لم يقتصر على البعث فقط بل طال كل ما هو مرتبط بالقومية العربية والغاية واضحة وهي طمس الهوية العربية وليس البعث فقط من خلال استغلال المواقف الدينية من القومية وكأن الإسلام جاء ضد العروبة وان محمد نبي الرحمة والأئمة الأطهار فرس وليس عرب وقد قادت هذه الحملات إيران من خلال مرتزقتها وعملائها.


3_من المفروض إن أمريكا عدو إيران الأول وبالتالي على إيران مساعدة كل من يقاوم أمريكا في العراق إضافة إلى واجبها الإسلامي ,ولكن الذي حصل هو محاربتها لكافة فصائل المقاومة من خلال كلابها في السلطة العميلة للأمريكان مما جعل موقفها يحتاج إلى أكثر من تبرير فكيف تحارب أمريكا وعملائها هم أدوات السلطة العميلة لأمريكا,وربما يقول البعض بان البعث عدوها وبالتالي قد يبرر موقفها منه ومن فصائله ,وماذا عن موقفها من بقية الفصائل المقاومة ,ولماذا دعمت القاعدة وجيش المهدي وهما طرفي المعادلة الطائفية التي تولت القتل والجرائم على الهوية. مما يوضح إن الثورة لا كما تدعي ثورة إسلامية ,فلو كانت كذلك حقيقة لاتخذت موقف ايجابي ومؤيد لكل من يحارب أمريكا بغض النظر عن الاختلافات وبالحد الأدنى عدم خلق المشاكل للمقاومة ,ولكنها فضلت تصفية الحسابات مع العراقيين واستغلت ظروف الاحتلال ,ولم تتركهم للقيام بدورهم وخاصة إنها لم تتصدى سوى للمقاومة بحجة البعث وغيرها مما سلبها أهم أركان نظامها الإسلامي ووضح بما لا يقبل الشك إن ثورتها قومية أي فارسية وليس كما تدعي إسلامية أو كما يضنها البعض شيعية.


أما من يحاججنا بموقفها من حزب الله فان موقفها لا يمكن أن يخرج عن الإطار الطائفي الذي يصب في خدمة القومية الفارسية , وخاصة إن مرجعية حزب الله تؤمن بولاية الفقيه أي إنها تؤمن بقيادة المرجع الفارسي وبالتالي فان الوطنية والقومية تأتي بعد ذلك وفي خدمة الأهداف الطائفية الشيعية والمرتبطة بمصالح وتعليمات الفقيه مما يعني ضمنيا ارتباطها بإيران ومصالحها القومية وليس الشيعية .


أما عن الفصائل الفلسطينية وخصوصا حماس والجهاد ,فان موقف الدول العربية قد فرض عليها اللجوء لإيران ليس محبة ولكن من من العرب ساعدهم وقدم الدعم دون شروط الاستسلام مما جعل إيران تقوم بهذا الدور وخاصة إنها تقدم الدعم بدون شروط بل إن دورها يتطابق مع السياسة المعلنة في محاربة الصهيونية وأمريكا بعكس توجهات الحكومات العربية, ولا ننسى في ذلك الدور السوري في العلاقة بين الطرفين.


حصان طروادة إلى المنطقة العربية


هل من الإنصاف إطلاق مثل هذه التهمة الشنيعة على موقف سوريا العربية ,وخاصة بعد إن بقيت هذه الدولة الوحيدة في رفع راية الثورة العربية ,وبالرغم من قناعتنا بذلك ,إلا إن هناك بعض الأسئلة التي لا جواب لها ,وبالرغم من معرفتنا لأغلب المشاكل بين العراق وسوريا ومنذ أن أصبح الحزب حزبان وما رافقها من اتهامات وخلافات ومشاكل أدت إلى قطيعة لا مبرر لها لان اغلب المشاكل الحقيقية هي مشاكل تنظيمية أو شخصية أدت إلى تطورات على حساب مصلحة الأمة العربية ,ومن دراستنا لم نجد اختلافات مبدئية حقيقية بينهما ,ورغم إننا لا نلوم ولكن ما هو مبرر الموقف السوري من الحرب العراقية الإيرانية وخاصة إن العراق قطر عربي وان حزب البعث السوري حزب قومي ؟
إن الإجابة المقنعة على هذا السؤال المبنية على فكر البعث القومي هو الذي يمكن أن يجنب سوريا أي اتهام ؟!!


ولن نتحدث أكثر ,لان الموضوع ذو شجون ولكننا نحتكم إلى الفكر ألبعثي الذي يفرض علينا جميعا أولوية المصالح العربية لأننا حزب قومي وهذا من الثوابت بل حجر الأساس ومبرر وجود البعث وان أي موقف مهما برر لا يمكن أن بكون مقنعا إلا إذا كان متطابق مع الفكر القومي ,علما  إن أي إستراتيجية لإيقاف المد الفارسي لا ترتكز على التقارب مع دمشق هي مجرد كلام بغض النظر عن موقف سوريا وعلاقتها من طهران وبمعنى آخر إن العلاقة بين سوريا وإيران يجب أن لا تؤثر على ضرورة تقاربنا من دمشق واحتضانها وعلى العرب جميعا الاتجاه إلى دمشق حتى لو احتفظت بعلاقتها بطهران .


وأخيرا لا بد من التطرق إلى ما تريده إيران من مفاعلها النووي والى من هو موجه ,هي تقول لإسرائيل ,وليس للعرب فهل هذا مقنع .


إن السلاح النووي هو سلاح للردع أكثر مما هو للاستخدام فهل إن إيران تريد ردع إسرائيل ,وبالرغم من مواقف إيران المعادية للصهيونية إلا إن إقامتها مفاعلها النووي هو موجه للعرب وليس لإسرائيل لان مهما تقدمت وتطورت لن تصل إلى نصف الإمكانيات الصهيونية بهذا المجال وبالتالي لا يمكن بأي حال أن تستعمله كقوة رادعة تجاه إسرائيل أو تلوح باستخدامه مما يوضح إن إيران ورغم محاولتها المثلى في استخدام القضية الفلسطينية والقضايا الإسلامية للتغطية لم تستطيع أن تخفي نواياها التوسعية ولقد أخفقت بسبب العراق وموقفها من المقاومة .


إننا على قناعة إن الثورة الإيرانية مهما حاولت القيادة الإيرانية تغليف هويتها القومية الفارسية بالإسلامية لن تنجح في أخفاء حقيقتها القومية وما هي إلا محاولة نجحت أحيانا ومع البعض في إخفاء هويتها الحقيقية ولكنها لا يمكن أن تنجح دائما ومع الجميع .


والحل الوحيد أمام العرب هو المقاومة العراقية فهي الوحيدة القادرة على إيقاف التغلغل والتطلعات الإيرانية باتجاه المنطقة العربية ولنكن أكثر وضوحا, إن البعث هو أمل الأمة العربي الوحيد وهو الذي يستطيع ما لا تستطيعه أمريكا ,وهو ليس بحاجة لكم يا حكام الخليج بل انتم المحتاجون ؟!

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢٣ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / أذار / ٢٠٠٩ م