تأملات / المقاومة ... ثقافة ونهج بعثي

﴿ الجزء الثاني ﴾

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
 
المقاومة الحقيقية قبل كل شئ هي حركة تحرر وطني او قومي او حتى قد تكون عالمية.فالصراع من اجل تحرير الوطن في اعتبارات القيم السماويةجزء من الافعال التي تباركها السماء وصورة من صور الاعتزاز الانساني بهبات الخالق للانسان فهو تعبير عن اعتزاز المخلوق لهبات الخالق وكاعتزاز الانسان بدينه ودفاعه عن اعضاء جسده عندما يحاول كائن من يكون سلبه اياه..,فالمقاومة وبكل انواعها و التي تحدثنا عليها سابقاهي فعل متأتي من القناعة بالمنهج المعارض لمسببات الاحتلال,فهي بالاضافة لذلك تأخذ شكلا من اشكال حماية الوطن والشعب وهو سلوك لاداء هذه الاهداف .ان القناعة بالفعل المقاوم يكون قويا لو تقدمه فكرا متطورا اي ان يرتقي هذا الفكر ليكون ثقافة ومن ثم يولد الفعل المقاوم الواعي .

 

وبكل حيادية اقول ان هذين العنصرين للمقاومة الواعية تتوفر في المقاومة العراقية البطلة,فالاعتبارات السماوية موجودة في ايمان وفكر المقاوم العراقي من خلال كون المقاومين مؤمنين بقيم السماء وبالرموز الدينية و الوطنية والقومية في التراث العربي الاسلامي ,فهدف المقاومة تحرير الوطن العراقي وشعبه من حالة الظلم والسلب الذي ارتكبه الاجنبي ومرتزقته,و لكي نفهم و نستوعبالمقاومة وفعلها لابد من نفهم ان المقاومة بالنسبة لامتنا العربيةهي جزء من منظومة دفاعية وهجومية تحتاج اليها أمتنا في كل كياناتها السياسية سواء تلك التي تحتمي بقواعد الاجنبي او تلك التي تعارض اي شكل من اشكال الوجود الاجنبي ، وهي بالتجربة برهنت أنها تمثل قوة ردع حقيقية تحمي شعبنا العربي من غدر الأعداء ووسيلة لمحاربة العدوان والاغتصاب.

 

وان كل اشكال المقاومة العربية التي تطرقنا لها كانت تفتقد في انطلاقتها الى ثقافة  مقاومة رصينة تستنير بهاالافعال المقاومة وتكون لها مرجعية عند بروز اي خلاف او اجتهاد. واما المقاومة العراقية البطلةفقد  تكونت وعلى المستوى الفكري أي( ثقافة المقاومة) موجودة في حزب البعث الذي يقود الفصائل المقاومة ففي فكر حزبنا ومنذ تأسيسه ,يقول القائد المؤسس و الفليسوف العربي الكبير ميشيل عفلق في ((في سبيل البعث)) (سأتناول في حديثي معنى من معاني حركتنا,هذا المعنى هو البعث العربي يتلخص في كلمة الانقلاب.) وفي مكان اخريقول في نفس الكتاب في موضوع ((من معاني الانقلاب في كتاب في سبيل البعث)),يقول ((اذن فنحن لا نحارب الاوضاع الراهنة لانها فاسدة فحسب,بل نحاربها لاننامضطرون الى ان نحارب ,لانه لابد لنامن ان نحارب,لابد للامة من ان تستكشف في نفسها بقايا القوى الصادقة ,ان تستخرج من اعماقها كنوز الحيوية الكامنة,اننا نناضل و نكافح الاوضاع السياسية و الاجتماعية الزائفة الفاسدة,لا لمجرد ازالتها و تبديلها,بل ايظا لكب تعود للامة وحدتها في هذا النضال,فالامة امكرت ذاتها نتيجة الغفوة الطويلة, ونتيجة التشويه الطارئ عليها حتى لم تعد تعرف ذاتها)) .

 

اذن محاربة الاوضاع الفاسدة هي معركة على المستوى الايدلوجي وكذلك على المستوى الافراد والتنظيمات السياسية التي تحمل الافكار الرجعية و المتخلفة وكذلك الافكار التي لا تتبنى نهضة الامة ,فالانقلاب مقاومة الاوضاع الفاسدة والتي عبارة عن ايدلوجيات وواقع, والمطلوب من الثوريين هو الانتفاضة الحاسمة بوجه هذا الواقع الفاسد,والانقلاب هو مقاومة العقول والاشخاص الذين يفرضون واقعا فيه الاستبداد والتخلف والظلم والتمزق وسلب الارادة والثروة وهذه كلها من مظاهر الاحتلال .اذن الانقلاب هو فعل مقاوم ,وبذلك نستطيع ان نقول ان حزب البعث هو حزب المقاومة لانه حزب الانقلاب .

 

واما التجربة البعثية في الفعل المقاوم فهو يحمل الكثير من التجارب فمشاركة اعضاء الحزب في كتائب للدفاع عن فلسطين وايظا في مقاومة الاستعمار الفرنسي في القطر العربي السوري ابان الاحتلال الفرنسي وكذلك في مشاركته للحركة الوطنية العراقية قبل ثورة 14 تموز وبعدها ,كلها تعطي جزء من صورة المقاومة البعثية.و بعد ثورة 17-30 تموز الجبارة رفعت الثورة شعار اعداد الشعب لمعارك المصير و ما تجربة الجيش الشعبي الا صورة مشرقة لاعداد مقاتلين عقائدين في المواجهات المصيرية التي تعرض لها قطرنا المناضل انذاك وتبقى جحافل الابطال من فدائي صدام رمزا متقدما للمقاتل المقاوم الذي اربك العدو الامريكي اثناء احتلاله لقطرنا ولايزال هولاء الابطال يشكلون الصفوف الاولى من ثورة المقاومة العراقية البطلة,ومن الحقائق التي عرفها العراقيون ان قواتنا المسلحة وبحكم التزواج الرائع الذي حققته قيادتنا بين العقيدة البعثية و العقائد العسكرية و التي تمثلت في قيادة الحزب التي تمكنت ان تضيف تجربة جديدة للفكر وللسمات القيادية في العالم عندما نجحت في عسكرة العقيدة مرحليا وفي نفس الوقت نضمت العسكر في عقيدة على مدى عمر الثورة وهذا ظهر في شخص سيد الشهداء القائد صدام حسين و الرفاق في كل القيادات الحزبية ,وهذا التمازج في العقائد وفي تحويل المؤسسة العسكرية الى مؤسسة فكرية و قتالية اقلق ولا زال يقلق الاعداء لان هذا الفعل الخارق رصن البنيان للمؤسسة القتالية في العراق وحول شعب العراق الى كتلة متجانسة في صفحات القتال ,والذي اقصده ان المقاومة العراقية الان يتخندق فيها الضابط و الجندي وبرغم من تفاوت الرتب العسكرية الا ان السنوات الحلوة( قبل الاحتلال) كان هذين النموذجين يتصرفان بمستوى واحد في مجال الوطنية بحكم العقيدة البعثية التي جمعتهم والان هما يتخندقان في المقاومة الباسلة ولن يواجهان أي مشكلة ولكنهما يبقيان طرفي المخطط و المنفذ متوازيان بقدر التزامهما بعقيدة الفكر البعثي ,و النموذج الاخر هو الذي حققته ثورة البعث من خارج المؤسسة العسكرية وكان شعارها بالشعب المنظم تنتصر الثورة , فكان الوزير و المهندس و العامل في الحزب تذوب خواصهم الوظيفية وليتوحدو في افتراشهم امام دريئة الشواخص في ساحات الرمي .

 

وهذا ما ارعب الامبريالية العالمية و الصهيونية من طريقة اعداد البعث و ثورته للمقاتلين ,والذي كان في قدرة تكيف البعثيين وباختلاف مهنهم ومكانتهم الوظيفية و الحزبية في الاطر القتاليةو كان عملا شبه طبيعيا ..امام هذه الحقائق و التحليلات ليطلع المحتل واعوانه عن طبيعة وتركيبية المقاومة العراقية .فاي مقاومة انتم تواجهونها ؟و المقاومة العراقية لديها من الخبرة و الاستعداد للشهادة  ومن الصبر و الحلم في ان واحد ما يجعلكم ان تتعقلوا وتقفوا على عتبة مدخل عام 2009 ورئاسة امريكية جديدة .اقترح وليس من باب النصح الودي بقدر مما هوالتحذيري .انكم امام مقاومة من طراز جديد لم تتعرفوا عليها وعسى هذه السطور ان تفتح اذهانكم وهذه المرة بان انسحابكم من العراق مع عرباتكم الملأ بزبالة المجتمع والتي جاءت معكم عند غزوكم لبلدنا ومع احتفاضكم بماء وجهكم و حسب شروط المقاومة الباسلة وخطاب القائد الاعلى للجهاد و التحرير لمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي الباسل هي فرصة والا سترتقون بالغباء الذي جعلكم تحلمون بالتهام العراق بسهولة البلدان الاخرى,اصحوا وانا من هذا المنبر اقولها لكم يا سيد اوباما وغيتس و هيلاري واقولها مخلصا اني لا اتمنى لكم بموقف الذي وقفه كولن باول ولوفتيتز وبوش و رايس وهم يقولونها وبكل خذلان وندم والم واسف عندما اقدموا على غزو بلد الابطال والكبار في سوح النضال .وانتم لستم بمخيرون الان فاما موقفا شجاعا وترك العراق للعراقين وبدون شروط او محددات او اصرار الحمقى الذين سبقوكم وهذا ما لا يتمناه أي عراقي و عربي لكم ولاننا تعلمنا في مدرسة البعث العظيم باننا لانكره احد وحتى الامبريالين بل نعادي الفعل الامبريالي وهذه التبصيرات والتحذيرات من عربي محب للانسانية وليست الا.. واني اقولها لكم كبير وكبير من يعترف بخطئه ويصلحه, وغبي من يتكابر ويراهن على فواجع شعبه وهاهي الازمة المالية في العالم بسبب الاحمق بوش والبطالة وكل الاذى الذي لحق بالشعب الامريكي و العالم بسبب سياسات الادارة السابقة لامريكا ,عندكم فرصة للتصحيح والا هذا النموذج الفريد من المقاومة العراقية سيلحق الهزيمة و لا هزيمتكم في فيتنام , وستضطرون  ان تقفوا واحدكم بعد الاخر لتقولوا ما قاله الذين سبقوكم وتأسفون على غباوتكم على اصراركم (لاسمح الله)بالبقاء في العراق و تجربة لعب مكشوفة لمقاومتنا البطلة ,فهي مقاومة ليست ببارعة في استخدام السلاح بل عي بارعة في كشف الاعيب وتحايل مخابراتكم (كبش الفداء لاغلاط اداراتكم) .

 

اقول ان الهداية من رب السماء و الارض ... امين

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ١٩ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / أذار / ٢٠٠٩ م