نافذة / المبدئية والواقعية .. مذهب الثوار

﴿ الجزء الاول

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
نعيش عالم ضاعت فيه مدارس ينتظم فيها العقل في اكاديميات تلاشت كانت فيها عقولنا تتعلم من حكمة الانبياء وفلسفة الفارابي وابن خلدون ومعهم ديكارت و كنفوشيوس و رسو.وعلماء  في كل ما وضعوه من نظريات ومعادلات تحكي وتتكلم عن  الكيمياء وصور لجابر بن حيان وتراكيب الذرة و صورة دالتن والهيدروجين و دراسات بوهر والعلاقة بين اشعة اكس والكتلة الذرية و الفيزياء وصور العباس بن فرناس ونيوتن وحركة الاجرام السماويةوقوانين الطبيعة وانشتاين والنظرية النسبية,فاخذتني الحسرة بوطني العراق الذي كان به كل هذا واكثر. و  وطني العربي و بالعالم  كله وانا ارى واتحسس بتراب الارض الذي روت هولاء العباقرة ولم يعد لهم وجود الا بارثهم الفلسفي و العلمي, وا نا في وسط هذه الامواج التي تضرب بجوانب الزورق الذي ارتضى بي كانسان من هذا الكوكب الذي يعاب على الذين يأكلون من ترابه بنهم المفترسين وحولوا الكبار منهم إلفردوس الذي خلقه رب الجلالة إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف, طارت نظراتي عبر نافذتي إلى الآلاف من الكيلو مترات إلى وطني الحبيب وشعبه الطيب نعم شعب العراق طيب وهذا الذي طفى ومنذ 6سنوات لا يمت بشئ لشعبي الطيب ,فكما يطفوا الخبث  (فضلات الحديد)عندما يصهر الحديد ليسحب الخبث بعد ذلك كفضلات وللزبالة يكون ,هذا هو حال شعبي. فالايام القادمة ستشهد زوال الغبار عن سماء وطني وسيطلع فجر  جديد بصباح طيب وستدق اجراس الكنائس وتؤدن الجوامع وكل معابد وطني تفرح  ليركع كل  المصلين لرب السماء والارض ولترفع ايادي المؤمنين كذبيحة مسائية رافعين الشكر وكل الشكر على حرية وطني العراق وطن الانبياء برحيل كل الاعداء  .


واما الاصيل يبقى اصيلا مهما تعرض للاذى و الطرق والسحق ولكنه يبقى محافضا على معدنه,وهكذا هو الحال بالنسبة لبشرنا . ولكن الانسان يحدد طريقة حياته بموجب مفاهيم يعتنقها ويتعامل معها وبموجبها تتحد هويته ومنها مفاهيم الواقعية و المبدئية والتي اريد ان اتعرض لها وخاصة بعدان شاع ان الذين اصدروا قانون المسئ للبشر مما يحمله من عنصرية وشوفينية وسموه ب(اجتثاث البعث) بانهم سوف يحولونه إلى اجتذاب الحزبين وليس البعثين!ومرة اخرى استميحكم العذر لي ان اصلح لمن انزلق لهذه المسميات, ايظا اني لا اتفق مع الدعوات الكريمة والمخلصة بكل تأكيد والتي تنبه البعض من الانجرار إلى هذا المنزلق,وحجتي ان الذي نخاف عليه هو الواعي لمبادئه والاصيل الذي يفهم البعث كعقيدة وطريق لتحقيق اهداف الامة من غدر الغادرين, واما الذي يختارالسقوط في الشوط الاخير من المسيرة فهذا لا يتحمله البعث بل يتحمله الذي يحتفظ به بين الرؤوس ومستوى ايمانه بالبعث الخالد.ولكني أقول ان المبدئية تنطلق من القيم والاعراف السائدة ومجموعة الثوابت والاصول ومقدار الثبات فيها  والالتزام بتطبيقها والتخطيط للمستقبل بموجبها والتمسك بهذه الثوابت بمعنى اخر ان هذا الاصرارهو ما يسمى المبدئية الواقعية والتي  تريد أن تعبر عن عالم تكون فيه العلاقات أوضح مما هي عليه في العالم الحقيقي, ولا بد من أن تعبر عن الجوهر الداخلي للأشياء وهي غير قابلة للتغير او التعديل بحكم المرجعية سواء ان كانت دينية او سياسية او اقتصادية او اجتماعية وان الثوابت المبدئية هي التي تحدد المواقف وان قيمة الانسان ودوره في الحياة يتحدد بقوة تمسكه بالمبادئ التي اعتنقها و امن بها وقد يكون قد قدم التضحيات من اجلها سواء كانت هذه التضحيات مادية او قيمية او كل ما ترتب على هذه المواقف من التضحيات.

 

وخير ما نستشهد به هو موقف الرسول العربي محمد (ص) وذلك عند عرض الرسول محمد (ص)على قوم بني عامر بن صعصة وبعد ان دعاهم الى الدين الجديد وفي نفس الوقت عرض عليهم لنصرة دينه ,فكان ردهم بالابجاب الا انهم اشترطوا عليه قائلين: (أرأيت ان نحن بايعناك على امرك,ثم أظهر الله على من خالفك,أيكون لنا الامر بعدك؟).رفض النبي (ص) قائلا:(الامرالى الله يضعه حيث يشاء)فقا لوا (له لاحاجة  لنا بامرك) ,وأبواعليه .  

 

هذا الموقف للرسول محمد(ص) يجمع بين المبدئية والواقعية وبهذا يكون مدخلنا للموضوع اصبح اكثر سهولة..اذن لنتفق في البداية على ان حاملي المبادئ و الافكار العالية و الرسالات الخالدة يعملون على تغير الواقع فلا يستسلمون ولا يتنازلون عنها لاي مغريات دنيوية لا ترتقي لها بل يبقون ثابتين عليها (المبادئ)وما يحملون من افكار .واي تصرف بعكس ذلك يعطي دلالة اما على سطحية الذين يتشدقون بل يكذبون بانتمائهم لها او انهم دخلاء وغرباء عنها وبحكم سلوك انتهازي وضرف تشابكت فيه الافكاروالمصالح وضاعت فيها الحقائق فاصطبغوا بهذه المبادئ والقيم .إن حاملي  المبادئ والأفكار وذوي الهمم العالية يعملون على تغيير الواقع فلا يستسلمون ولا يتنازلون و لا يضعفون بل يبقَون ثابتين على مبدئهم وما يحملون من أفكار و معتقداتهم.

 

ولا يجوز لمن كان ان يتصرف بالمفاهيم أو المصطلحات ويستخدمها للتوضيف المصلحي الذاتي ,ومنها الواقعية والمبدئية وبتدخل من قوى خارجية للترويج لمفهوم الواقعية بمضمون الاستسلامية لاضعاف روحية الانتفاضة أو مقاومة الاحتلال أو الاستعمار, والخطر منها هو ما يخطط لضرب الحركة الوطنية وباعلام يدعو للواقعية ولتشكل خطرا على الامة بابعادها عن المشروع الحقيقي للنهضة الوطنية أوالقومية  ولتجعل من المفاهيم للواقعية التي تتبناها واصحاب الغرض المؤذي للامة هي الصالحة و المعتمدة وكل ما هو غير ذلك ضرب من الخيال...

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٠٣ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / أذار / ٢٠٠٩ م