أوبـــــاما وإســــتراتجـــية الــعمـــلة الــــواحـــدة

 

 

شبكة المنصور

الــــــوعـــي الــعـــربــــــي

إستراتجية أوباما للانسحاب من العراق التي أعلنها يوم الجمعة الماضي من قاعدة ليجوين التابعة لمشاة البحرية الأميركية (المارينز) في كارولينا الشمالية لا تختلف كثيراً عن إستراتجيات سلفه الأرعن الصغير بوش فأكثر ما يهم الرئيس باراك أوباما في هذه المرحلة هو الخروج من المستنقع العراقي بأقل قدر ممكن من الخسائر التي تتحملها القوات الأمريكية في العراق مع إستمرار نزيف الإحتلال المستمر علي أرض الرافدين في ظل ضائقة مالية وأقتصادية عالمية تكاد تعصف بالاقتصاد الأمريكي خاصة أن الحرب التي ورثتها الإدارة الأمريكية الجديدة في كل من العراق وأفغانستان تكلفان خزينة الولايات المتحدة الأمريكية حوالي" مائة وأربعون مليارا سنويا " ،

 

إذن كل من الفيل الجمهوري والحمار الديموقراطي الأمريكي كلاهما وجهان لعملة واحدة حيال المشروع العراقي لان أمريكا لم تأتي عبر البحار والمحيطات غزوا لكي تنسحب فإنهم يتحملون الخسائر البشرية والمادية من أجل وضع أياديهم علي هذا البلد وعلي ثرواته النفطية والعلمية الهائلة وحماية أمن الكيان الصهيوني والذي يأتي علي أهم اولوياتهم فتعللت بأسلحة الدمار الشامل وإعلان الحرب علي ما أسموه الإرهاب فتخلصوا من نظام صدام حسين العربي القومي والذي كان يمثل الحجر العثرة أمام طموحاتهم التوسعية والإستعمارية في منطقة الشرق العربي وهذا ما ورد علي لسان أوباما في خطابه الأخير عن إستراتجية الأنسحاب ، هذه الإستراتجيات هي ذاتها التي تم إتباعها في عهد بوش من المرواغة إلي عقد الأتفاقيات الأمنية مع حكومة العملاء بشأن جدولة الإنسحاب ولكن الفارق بينهما هي في بعض المفردات والمعاني والتفاصيل البراقة ، فما زال المشروع الأمريكي يبحث عن مداخل جديدة ورؤى مختلفة بعد فشل المشروع العسكري الاحتلالي وعمليته المسماة زورا وبهتاناً بالسياسية والتي أراد الاحتلال أن يكون العراق هي نقطة التحول لتحقيق الحلم الإمبراطوري الأمريكي ومشروعه الشرق الأوسط الكبير بالمفاهيم الصهيونية ،

 

ولكن أبرز ما جاء في خطة أو إستراتجية اوباما عن الإنسحاب من العراق هو ذلك الإعتراف بهزيمة الإحتلال ولكن هذا الإعتراف يحتاج إلي مزيد من الوقت لكي يعلن هروبه من تلك المصيدة ومن هذا المستنقع والذي ما كان له أن يتحقق لولا تصاعد ضربات المقاومة العراقية بكل أشكالها وطوائفها الشعبية من قومية وإسلامية والتي أدت إلي إستنزاف طاقة التحمل لدي قوات الإحتلال والتي أقر بها الرئيس الأمريكي في معرض حديثه عن مدي التضحيات التي لحقت بالجيش الأمريكي في حربه علي العراق والذي وصلت إلي الحد الذي لا تستطع أمريكا أن تتحمله حيث إنها أصبحت عاجزة عن الصمود في وجه المقاومة التي أستطاعت أن تحيد التطور التكنولوجي لآلة الحرب الأمريكية بعملياتها النوعية الخاطفة ، الرئيس اوباما ينظر بعينين وفي إتجاهين مختلفين فعين علي أمريكا وأخري علي العراق أنه لا يرغب في إعلان هزيمة أمريكا في هذه الحرب والعين الأخرى لا تريد ترك العراق لان تداعيات الهزيمة تمس كيان أمريكا كدولة عظمي وتلحق أضرارا بمركزها وثقلها الإقليمي كما أن ترك العراق علي حالها سوف يكون مطمعا للنفوذ الإيراني عدوهم اللدود وبذلك تكون أمريكا قد أهدت أليهم العراق علي طبق من ذهب فأمريكا لم تكلف نفسها كل هذه التضحيات وجاءت من أخر الدنيا من أجل إهداء العراق لإيران ،

 

وإن كانت هناك صفقات سوف تتم في القريب لتقاسم مواقع النفوذ بينهم في العراق مقابل تطمينات للجانب الإيراني بشأن ملفه النووي علي أن تقدم إيران المساعدة للحكومة في بسط سيطرتها الأمنية علي الشارع العراقي ، وأيضا من ضمن العوامل التي لاتسمح لأمريكا بسحب قواتها من العراق هي خوفها في ظل تصاعد وتنامي التيارات الوطنية المقاومة من سيطرة أطراف وطنية علي مقاليد البلاد بعد هروب العملاء ممن تنصبهم أمريكا علي سدة الحكم في البلاد ، الرئيس أوباما لا يختلف عن سابقه في شئ اللهم الشكل واللون فقط أما ناحية العراق فكلاهما ينجز المهمة بوش بدأ المهمة واوباما يُكمل إنجاز المهمة ولو كان اوباما صادقا في إعلانه الأنسحاب من العراق أو جدولته كما يقول لما علق هذا الإنسحاب علي شرط بقاء خمسون الفا من الجنود الذين يقدمون خبراتهم للجيش العراقي للحفاظ علي الأمن والأولي من ذلك تقديم السلاح بكل أنواعه للعراق ولكن بيت القصيد هو الذي لم يعلنه اوباما وهو إعادة نشر فواته من جديد مع سحب بعض الفرق والألوية وعودتها إلي أمريكا لرفع حالة الضغط عليه بسبب وعوده الانتخابية ،

 

اوباما والإدارة الجديدة تريد إنسحابا وخروجا من العراق ولكن بالطريقة والشروط الأمريكية فهي تريد عراقا تفصيلا علي مقاس الإحتلال وعملائه تريد عراقا يتنفس هواءا أمريكيا ، إذن لم يتغير شئ في إستراتجية اوباما نحو العراق ونحن لم نتعجل في حكمنا علي الرجل ولكن انتظرنا كل هذه المدة حتي نكون محايدين و طالما أن هذه الإستراتجية تقدم دعمها ورعايتها لحكومة العملاء والأقزام وأصحاب البازارات فالاحتلال قائم ولكن بوجه جديد ، يطالبنا بالأنتظار حتي إنجاز المهمة ، اوباما في خطابه لم يعترف بخطأ اوخطيئة أمريكا بحق العراق وبحق الأمة العربية في إعلان حربها عليها وعلي غزو هذا البلد الحضاري العريق وتدميره ولم يأسف علي ما وصلت إليه أحوال هذا الشعب وهذا البلد الذي أحتل المركز الأول في فساد الذمم اوباما لم يزرف دموعا ولم يترحم علي حياة أكثر من مليون شهيد عراقي قتلتهم أيدي الغدر ومن آتي معهم علي الدبابات الأمريكية والصهيونية وملايين المعاقين وملايين المهجرين بين خارج وداخل ثنايا الوطن بل فقط ترحم وأثني علي تضحيات جنوده الأمريكان الذين أطلق أسمائهم علي الجسور والكباري من أجل تخليد ذكراهم .

 

إنه مازال يقدم الذرائع للغزو الأمريكي وذلك لتكون مجرد واجهة أمام الرأي العام الأمريكي والدولي تنقذها من المسئولية عن هذه الحرب والإدارة الجديدة لديها نفس أهداف الإدارة السابقة وهي جزء من إستراتجية أمريكا وهي الهيمنة علي النظام العالمي والعراق وأفغانستان هما نقطة الانطلاق لها ، فإذا صدقت نوايا اوباما نحو العراق فليدلل علي صدق نواياه في أن يترك العراق للعراقيين وليس للخونة وعملاء المخابرات والجواسيس وكومبارس السياسة وتجار الملابس الداخلية وصابغي الأحذية وطهاة الحسينيات ممن نصبهم الإحتلال علي سدة الحكم والتي تحولت علي أيديهم الدولة إلي نحل وطوائف وبؤر إجرامية وعصابات للقتل والنهب والتهريب تحت مسمي أحزاب وبرلمان وجيش وشرطة ، لو أراد اوباما في الانسحاب لأخذ في إعتباره التفاوض مع أصحاب الحل والعقد في هذا البلد وهم من قاوم ومازال يقاوم هذا الإحتلال من شرفاء الشعب العراقي الذين ينتمون إلي المؤسسة العسكرية ، والحكومة الشرعية للبلاد والتي كان يرأسها ويمثلها الرئيس الشهيد صدام حسين قبل الغزو وبعد الغزو مع إطلاق سراح جميع الأسري والمعتقلين من السياسيين، والعسكريين ، والنشطاء الموجودين في سجون العملاء والسجون التي يشرف عليها الإحتلال وتقديم الإعتذار للشعب العراقي وتركه لتحديد أمنه وسلامته وتقرير مصيره وتقديم التعويضات اللازمة له عما لحق به من خراب ودمار فهذا هو الطريق الصحيح لتحقيق الأستقرار لهذا البلد ،

 

وأن بقاء الإحتلال تحت أي مسمي لن يعود علي أمريكا إلا بكل ندم وأن البقاء سواء كان لمهمات تدريبية أو قتالية لن تجني منه أمريكا إلا كل خسارة وندم وغرق في المستنقع ، لقد قطعت المقاومة شوطا طويلا وأنجزت المهمة ولكن لم يبقي أمامها إلا شوطا قصيرا لابد من إستكماله لكي يتحقق النصر وإندحار الغزاة والعملاء فلن يهربوا من تلقاء أنفسهم ما لم تشتد الضربات عليهم من كل حدب وصوب وإستنزاف مواردهم ومساعيهم الجهنمية فلا خيار أمامكم أيها الشعب العظيم الصامد إلا طريق المقاومة والضربات المؤلمة للعدو وللعملاء وعند ذلك لن تنفع استراتجيات والمنتظر قادم ؟!!

 
 

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٠٥ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / أذار / ٢٠٠٩ م