كيف اختطف الاخطبوط الايراني استقلالية الاقتصاد العراقي ؟

 

 

شبكة المنصور

د.بسمة العزي
اصبح من المألوف ان يصرح المسؤولون العراقيون بأجراء مباحثات مع ايران و يدعون انها تمخضت عن ثمار مواثيق او معاهدات اقتصادية بين الجانبين بهدف رئيسي هو تطوير اواصر التعاون الثنائية في ميادين الاسكان و البناء ، الصناعة ، الزراعة و النقل برا و جوا .. لكن تلك الجهود دائما ما تذهب ادراج الرياح من دون ان تحقق اية نتائج ملموسة على ارض الواقع .. و اخيرا صرح رئيس اتحاد المصدرين و المستوردين (ثابت البلداوي) لصحف محلية بأنه سيفتتح (ميناء كاوة) الايراني و ليس العراقي المعروف بأنه ميناء صغير في جزيرة قشم (جزيرة القواسم المسلوبة من اراض الامارات العربية المتحدة) الذي لم يسمع به احد سوى البلدواي مثلما انك لم تتمكن من ايجاد موقعه على اية خريطة ..

 

واضاف البلداوي ان الميناء سيكون متاحا لأستخدامه من قبل التجار العراقيين على وجه الخصوص خلال الشهرين المقبلين في خطوة مبشرة بتخفيف معاناة التجار العراقيين زاعما ان الامر سييحقق تخفيضا في كلف نقل السلع والبضائع المستوردة و المصدرة للعراق و تقديم تسهيلات مهمة في عمليات انسيابية نقل البضائع من العراق واليه .. كما نقل عن البلدواي البشرى التي جاءت في رجم الغيب عن عدم هدر الوقت من خلال تنفيذ آلية جديدة للعمل بدلا من قطع السلع طريقا طويلا سواء عن طريق ميناء (العقبة) الاردني او ميناء (دبي) الاماراتي مع ملاحظة ان جميع الموانيء المذكورة عربية لكن البلداوي اشار اليها وكأنها تقع في كواكب تبعد عن الارض الآف السنوات الضوئية او هي ليست الموانيء الجاري استخدامها سابقا و حاليا لتطوير و تنمية الاقتصاد العراقي المتهالك مثلما ان ثابت البلداوي حاول في تصريحه (الناري) التضليل على موقع ميناء (كاوة) المزعوم الذي هو في حقيقة الامر مجاور لميناء (دبي) الاماراتي !!

 

ثم خلط البلدواي الاوراق مدعيا ان بأمكان رجال الاعمال العراقيين مصدرين و مستوردين الذهاب الى الميناء الذي اكتشفه البلداوي في اضغاث احلامه دون اية معوقات جوا و بحرا و برا (اذا رغبوا) و سوف يشعرون انهم في نزهة سياحية شبه مجانية اذ ليس مطلوب منهم تقديم أي نوع من الاثبات بكونهم تجار و رجال اعمال عراقيين لأنهم سوف يستقبلون هناك على انهم من اهل الدار و على الرحب و السعة بالقبل و الاحضان و ترحيب الجارة ايران (الشقيقة بحسب و صف مسؤول عراقي الجنسية) وهي التي احتضنت مشكورة اسرانا بمزيد من الترحاب و السماحة الاسلامية و نثرت الورود فوق هاماتهم طيلة عشرين عاما من دون الشعور بالكلل او الملل وتخللتها الالتزامات الانسانية السماوية المقدسة التي طالما عرفت بها الجمهورية الاسلامية وعلى سبيل المثال الممارسات اليومية التي تجري تجاه اهل الرافدين و الدول المجاورة مثل البحرين التي ادعت احقيتها بها بأعتبارها محافظة مصادرة من ارض فارس مثلما هو حال الامارات وافغانستان والباكستان و لبنان وفلسطين و اليمن و الجزائر و السودان ومصر وليس آخرها المغرب التي لعبت فيها مخالب ايران دورا رئيسيا في تعميق شرخ الطائفية و بث روح التشدد الديني و تخريب الاقتصاد والقتل و التشريد والسلب و النهب و محاولات الاحتلال و السيطرة بشتى انواعها ! و يختتم البلداوي كحال مسؤولين عراقيين آخرين التصريح بأن اتخاذ ميناء (كاوة) بديلا من شأنه اعادة الحياة وبث الروح في الصناعة الوطنية (لم يذكر شيء منها) و التي ترى النور من خلال استيراد المواد الاولية من الجارة العزيزة ايران كما يؤدي الامر الى زيادة حجم التطوير الذي توفي سريريا بمرور الخمس سنوات الاخيرة بسبب الاستيراد العشوائي بحسب وصف البلداوي دون تشخيص الاسباب الحقيقية لذلك غاضا النظر عن عبث الميليشيات و عصابات الجريمة المنظمة التي تدعمها ايران علنا حيث لم يسلم من اذاها مرفقا صناعيا او زراعيا او تجاريا بالحرق او قتل كوادرها ولم تسلم من الاستهداف الايراني حتى اسواق جميلة و الشورجة و العربي! و يمكن ان تلمس كذب ذلك المسؤول و نفاقه بعدم الاشارة الى بروز ظاهرة الاستيراد العشوائي بتسلل طفيليات ضارة جلبت اوراما سرطانية في جسد المجتمع العراقي من دون ان تجد رادعا او استئصالا من جسد السوق العراقي الذي حفل بالبضائع الفاسدة و الرديئة مما ادى الى انحسار و تراجع قوة التجار العراقيين الاصلاء الذين استهدفتهم بالصميم ممارسات العصابات و اذرع الاخطبوط الايراني الذي اسهم بشكل مباشر في هروب التجار العراقيين او تفضيل الانزواء و ترك العمل تجنبا لتكبد الخسائر و الافلاس او فقدان احد افراد العائلة او التضحية بأنفسهم فيما لو سولوا النفس بالبقاء في ممارسة مهنتهم في السوق العراقية التي خيم عليها شبح الغول الايراني و اتباعه ممن يمارسون الحروب بالنيابة كل حسب اوامر يتوجب تنفيذها بالحرف الواحد .. ويمكن ملاحظة الخواء في مؤسسات العراق الاقتصادية جراء تصفية الخبراء او رحيل ما تبقى منهم هربا من (مكارم) الجارة المسلمة التي خصتهم بالاختطاف و التصفية وحل بدلا عنهم اصحاب الشهادات المزورة الذين قادوا المؤسسات الاقتصادية الى مصير مجهول بالتبعية لأيران و المحاولات الحثيثة لأستشراء الفساد المالي و الاداري اذ لا يكاد ان يمر يوم عراقي الا و يشهد فضيحة فساد تزكم الانوف تطفح على السطح بسبب تخاصم اللصوص على غنائم سرقاتهم ! و بقي ان نعرف عن نظام طهران نفوذه المتعاظم في العراق بمساعدة او غض نظر (الشيطان الاكبر) الذي اصبح اليوم يدعو علانية (صديقه اللدود) على صيغة اقتسام النفوذ في العراق و افغانستان بين الطرفين وكأن المنطقة ارث يتوجب توزيعه شرعا !

 

و اخيرا سقطت آخر اوراق التوت عن عورة نظام طهران و محاولات التوسع العنصرية والطائفية بأسم (ولاية السفيه) ومنها تكريس صفة الفارسية على عروبة الخليج واخرى بالتدخل السافر في الشأن العراقي و الدعاوى العلنية في سد فراغ الاحتلال الامريكي بعد انسحاب قواتها و قبلها تكريس ابتلاع جزر الامارات الثلاثة وآخرها المطالبة بضم البحرين مرورا بزرع ادران الفتنة الطائفية في لبنان من خلال دعم ميليشيا (حزب الله) و شق وحدة الصف الفلسطيني بتحريك دمى (حركة حماس) على حساب منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .. اما آخر هبات الجمهورية (الاسلامية) على الآخرين فهي ادعاء احقيتها بميناء خور العمية و جزيرة ام الرصاص العراقيتين وربما سيشهد العالم عن قريب وفي حالة عدم لجم الاطماع التوسعية الايرانية محاولات اعادة الارث الفارسي المضاع في كل دولة يتلى بها القرآن الكريم او يرفع فيها الآذان للصلاة !!

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٠٤ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / أذار / ٢٠٠٩ م