نصائح الى السيد سيف الدوري
(
قناة الديمقراطية )

 

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

تحية طيبة: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

استمعت الى جنابك عدة مرات في ندوات على قناة المستقلة والديمقراطية آخرها ظهيرة هذا اليوم الاربعاء 11-2 في قناة الديمقراطية.

 

وحيث انك تدعي انك بعثي سابق وعندك معارف من قادة الحزب كثر احياء وتوفاهم الله ... لذلك قررت ان اعاونك على نفسك الحاقدة على شهيد الحج الاكبر القائد الخالد صدام حسين رحمه الله والتي قادها حقدها ان تقرأ جل ما تعرفه مشوها او قاصرا .... او مغلوطا. املا ان تكون ملاحظاتي مفيدة ليس لك، بل لمصداقيتك التي تخسرها و تتشوه امام آلاف البشر الاّ ممن اراد لهم الله ان يجانبوا الحقيقة فيكون مسراهم الى حيث ما يغضب الله بحكم انهم يبخسون الناس اشياءهم.

 

اولا": عبادة الفرد: لا يوجد عراقي سوي يعبد شخص فالعراقيون شعب مؤمن لا يعبد غير الله. مَن يعبدون الاشخاص هم ليسوا رجالا. وصدام حسين رحمه الله رجل مسلم مؤمن يحتقر مَن يعبد غير الله سبحانه. وقد كان واضحا رحمه الله  في الرد على هذه التفاهة في مقابلة صحفية مع صحفي غربي بل وفي اكثر من مقابلة واكثر من حديث. انت تخلط بين حب الناس واحترامهم واعتزازهم الذي كانوا يعبرون عنه بعفوية نادرة حين يركضون مسافات طويلة لبلوغ مكان يتواجد فيه القائد الخالد زائرا او متفقدا او حين يتسمرون امام شاشات التلفاز يستمعون الى لقاءاته المتلفزة او الخطب التاريخية في المناسبات الوطنية او في نظم شعر او تلحين اغنية او اقامة معرض للصور او تقديم هدية رمزية. لقد حبا الله الرجل رحمه الله بمحبة شعبه وبما اغاض اعداءه.

 

ثانيا": العشائرية والعشيرة: العشائرية, منظومة قيم بالية ومتخلفة منها الثأر والدية وغسل العار خارج اطار قانون الدولة ودولة القانون، اما العشيرة فهي وحدة بناء اجتماعي لا يتنكر لها الاّ من لا اصل له ليس في العراق وحده بل في كل الامم والشعوب ذات الموروث الاجتماعي والاصالة. لقد حاولت الدولة العراقية الوطنية مع تصاعد نفوذ التحضر والتمدن وبناء الاسس الحديثة لدولة المؤسسات في النصف الثاني من السبعينيات ان تقلم اظافر العشائرية المتخلفة بوسائل مباشرة وغير مباشرة والغاء الوجاهة الفارغة والمحسوبية والمنسوبية. ان تحفيز النخوة اليعربية عند ابناء العشائر ضمن الحشد والتعبئة الوطنية وما تطلبه من تعزيز لدور الشيوخ والوجهاء امر لا يمكن لاي انسان يعرف ابسط قواعد التحشيد والتعبئة الوطنية اثناء الحرب ومواجهة تداعيات الحصار الظالم والردات العدوانية العسكرية وصولا الى مواجهة الغزو المجرم لا يمكن ان تصنف على انها عودة للعشائرية بل هي استثمار لاصالة الانتماء للعشيرة كجزء من تكوينات البناء الاجتماعي. انها فن تحريك قوى الشعب لاسناد الدولة التي نجح صدام حسين في نموذجها لخمس وثلاثين عام ... أليس كذلك استاذ سيف الدوري؟

 

ثالثا": الديمقراطية: ضمن سياقات الخلط المتعمد بين قوة شخصية القائد الفذ صدام حسين وصلابة ارادته في ادارة دفة البلد في السلم وفي الحروب التي نفذت ولاتزال لغرض تشويه وتبشيع صورة القيادة والدولة الوطنية والتي بدات بشكل واسع مع نهاية الحرب العراقية – الايرانية بالنصر الناجز الكبير للعراق .. لقد كانت هنالك قيادة للدولة اسمها مجلس قيادة الثورة يليها مجلس الوزراء وهناك قيادة حزبية هي قيادة قطر العراق بفرعيها العسكري والمدني.

 

لست ممن حضر اجتماعات أي من هذه القيادات, غير ان المعروف لدى القاصي والداني ما عدا مَن لا يريد ان يعرف او يصدق لاغراض مشخصنة ان شؤون الدولة وكل قراراتها الاستراتيجية تتخذ في اجتماعات مجلس قيادة الثورة واكد هذا رفاق العقيدة حتى وهم في محنة الاسر والمحاكم التي اقامها الاحتلال الامريكي _ الصهيوني _ الصفوي. وعادة ما تعقد اجتماعات مشتركة بين القيادة الادارية والحزبية ويتم تدارس القرارات.

 

وفي جميع الدول, كبيرها وصغيرها, ثمة قرارات امنية وخاصة قد لا تخرج دائرة المعرفة بها الا عدد من البشر لا يزيد عن اصابع اليد الواحدة واميركا نموذجكم المفضل شاهد. لقد كان المرحومين احمد حسن البكر وصدام حسين يعقدون اجتماعاتهم تحت كلام الله وانت سيد العارفين. وصدام حسين كان يعمل تحت شعار من لا يحب الوطن والشعب فهو غير بعثي .. هذا كلام معلن ومعروف.

 

رابعا": الاعلان القومي: ما لم تسعفك به الذاكرة ان الاعلان القومي قد اعلن من جانب العراق كمشروع لقاء عربي يخطوا بواقع الامة المجزأ وتكامل علاقتها في مختلف المجالات الى حال افضل. غير ان المشروع لم يكتب له أي توقيع عربي ولم يصادق عليه. ولذلك فانك في جل احاديثك تستشهد به على انه نقطة تناقض بين المعلن من سياسات العراق وقائده التاريخي المرحوم صدام حسين وبين التطبيقات ومنها موضوع الكويت. المنطق يقول ان ما لم يوقع او يصادق عليه يعتبر مرفوض .. أليس كذلك استاذ سيف؟

 

وفي كل الاحوال, هل ان دخول العراق الى الكويت سابقة لم تحصل في تاريخ العرب، وانت تقدم الى الناس على انك مثقف ومفكر قومي؟ لمَ لم تجيش الجيوش في حالات اخرى مشابهة او قريبة الشبه انت تعرفها اكثر مني؟ وهل انها المرة الاولى في تاريخ العالم التي تنقض المعاهدات والاتفاقات بين الدول كضرورة وطنية وقومية تستدعي تداخلا عسكريا.       اننا نسمع اطنان الادعاءات عن موضوع الكويت من اعلام اميركا واعداء النظام الوطني .. غير ان الحقائق الكاملة عن هذا الموضوع ومداخلاته مغيبة بالكامل .. فلماذا لا تفتح صفحات الكتاب الابيض للملك حسين رحمه الله؟ ولماذا لا يفتح الموضوع مع قادة العراق لبيان وجهة نظر الطرف الذي لم تسمع وجهة نظره على الاطلاق .... يا سيدي .. قانونيا .. تؤخذ ظروف جريمة قتل عن عمد وسبق اصرار وترصد من قبل المحكمة العادلة ... أليس كذلك؟

 

الاعلام وثيقة تسجل في ذاكرة الامم والشعوب .. فلماذا نسجل على انفسنا ما هو غير محكم الوصف ولا مقترن بالادلة الثبوتية والقطعية لاغراض ذاتية صرفة ونحن مثقفوا الامة وحداة دربها يا سيد دوري انت ومن يحاورك ويشاركك ندوات الود اللندني الرطب؟

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الخميس / ١٧ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م