الغايات السامية .. وما يتيسر من وسائل !..

 

 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

مهما كانت الغاية وتعددت الوسائل والتبريرات والآليات وتغيرت العوامل فان الهروب من الماضي أمر مستحيل ..إلا أن نسيان ما يتحمله الفرد والجماعة أمر وارد عندما تتقدم مصلحة الوطن والأمة والشعب.. 

 

أما الذين أخطأوا بحق أنفسهم وبحق غيرهم ولديهم ضمير حي ويبحثون عن وسائل للتخلص من أشباح الماضي وجرائمه طالبين المغفرة والتوبة فهؤلاء لا تهمهم صيغة الإعلان عنها وتعميمها بحثا عن البراءة الإعلامية ..

 

وكم مِن الناس مَن يحلم بماضيه ويعيش فيه ويتغنى به ويطرب لقصصه ومواقفه وصعوباته وإنتصاراته وخسائره ..ويتمنى أن تعود تلك الأيام لأنه لا يملك فيها شرخا يسيء اليه  ولمسيرته وسمعته وإخلاصه ونزاهته ..

 

وكم من الناس كانوا ولازالوا يؤمنون وحدهم بأن ما أقترفت أياديهم من أخطاء ما هي إلا إجراءات قانونية صحيحة في مسار طويل من البناء والمواجهات والصعاب ..

 

والذي يصر على المعصية.. فهو لا يبحث عن التوبة ..

ووحدها النية الصادقة بالتوبة والتكفير عن الذنب هي التي تجيز للجاني الذي يقض مضجعه الماضي.. بالاعتراف  والبكاء  ندما ..أما الاعتراف  بالذنب بدون نية صادقة فما هو الا خطوة إضافية في المسير الى الهاوية..

 

وعن الحديث الذي يثار اليوم عن الرغبة في الخروج من (أسر الماضي ) في موضوع العلاقة مع إيران تسعى بعض الأطراف في السلطة الحالية في العراق لتصوير إلتصاقها بإيران والمسير في ركابها وتنفيذ أجندتها بانها نابعة من ( سياسة العراق اليوم بتخطي الماضي !) ..وهذا هو منطق الحكومة الحالية !..

 

وكان المفروض بالحكومة سواءا كانت ممثلة بعلي الدباغ او مستشاري المالكي او الوزراء أن لا يبرروا تطابق منهجهم مع المنهج الإيراني بالكامل على أنه :

 

(علينا ان لا نبقى أسيري الماضي!)..

 

بل يكون التبرير بوضوح (وبلا تردد)!..

 

إلا إذا كان التردد خوفا ومناورة!..

بأن هذا المقف من إيران:

(هو منهجنا منذ أن نشات أحزابنا وترعرعت في إيران )..

والحكومة وأحزاب السلطة الحالية إنما تطبّق اليوم :

(ما خططوا له من عشرات السنين) ..

 

والمطلوب اليوم من الشعب ومن عوائل (الذين قتلوا في حرب العراق الظالمة على إيران !)..ان يتناسوا (صفحة الماضي)! ..

فإيران لم تعد عدوا للعراق!..

 

والتدخل الإيراني اليوم في الشأن العراقي إنما هو حق لها ونحن نؤيدها في ذلك وندعمها ونشجعها ..

ومَن يعترض علينا فأمامه (خياران)!:

 

- الأول ..هو الإحتكام (للعقل والمنطق)!..(ومن طرف واحد!)..ونسيان ( ما زرعه النظام السابق والبعث )! في عقولهم فإيران بلد (صديق وشقيق وغير معتدي)!..وقادته حريصون على العراق أكثر من حرص العراقيين ( والأعراب !..كما يسمونهم ) عليه وعلى سيادته..وزيارات مسؤوليهم مرحب بها في أي وقت وهم أهل الدار وصاحبي فضل على العراقيين ووجودهم بيننا إنما هو ( محبة ومنة ورعاية وفضل من الله !)كما يقول الطالباني ..

 

-  والثاني ..أن تكونو في صف (أعدائنا!)..حينها لدينا من القوانين والتشريعات والقضايا والقوة والوسائل التي تجعلكم تندمون على اليوم الذي فكرتم فيه (بالتعرض للجارة إيران)!..وتهم الإرهاب والتفجيرات جاهزة ..ولهذا لم نعلن عن من يقف وراء آلاف التفجيرات لأن كل هذه الملفات مفتوحة وكل الإعترافات جاهزة منذ تفجيرات عام 2003 ولحد الآن ولا تحتاج أكثر من وضع إسم المتهم فيها! ..

 

كما حدث مع محمد الدايني ..

الذي أراد أن يقاتل إيران وهو يركب حصانا أصفهانيا.. 

ويحمل سيفا تبريزيا..

ودرعا صنع من معادن الدبابات العراقية التي هربها البيشمركة الى قم  تحت مرأى ومسمع ورعاية القوات الأمريكية (عدوّة إيران)!..

 

وهو عضو مجلس نواب الإجتلال ..وهو مَن ساهم بإعطاء الشرعية للحكومة وصوّت ليكون الشهرستاني وزيرا للنفط والخزعلي للتربية والسوداني للتجارة وزيباري للخارجية وناقش القوانين ..

كان الدايني يتوقع أنه يستطيع أن يغيرهم من داخلهم ..

وإستعان بمن كان يتوقع ان يقف معه..

ألا يعرف الدايني ومشعان من قبله والجنابي والعليان أن الحق حق والباطل باطل!..

 

الغايات السامية تحتاج لوسائل شريفة ..

والذي يقاتل الكفر عليه أن يكون مؤمنا ..

ومجاملتهم في موقعة واحدة تعني التخلي عن كل المباديء..

وفي ظل الإحتلال وإعطاء هذه الحكومة ومجلس النواب شرعية زائفة للتسلط والإقصاء ..

ستكون وسائل هذه السلطة غير جديرة بتحقيق الغايات النبيلة!..

وسينقلب السحر وكأي باطل على أي ساحر ..

حتى وإن كان للساحر غايات شريفة!..

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاحد / ١٨ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / أذار / ٢٠٠٩ م