المقاومة العراقية هي التي تقف وراء النصر العراقي

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

يزداد الحديث هذه الأيام عن الإنسحاب التدريجي للقوات الأمريكية من العراق ..

وعن إنسحابات فورية ..

وإعادة إنتشار..وجداول زمنية !..

 

قبل كل شيء فإن تأريخ الولايات المتحدة لم يتضمن ولو لمرة واحدة (إعترافا بالفشل ) وفي كل الحروب الخاسرة والمنازعات التي خاضتها !..

 

سواء كان الإنسحب قد تم فعلا أو سيجري بعد كذا شهر ..فقد أصبح اليوم حقيقة ..

ومع ذلك فإن الانسحاب الأمريكي من العراق شيء والإعتراف بفشل وهزيمة شيء آخر ..فنحن وفي معركتنا مع المحتل وأذنابه لا نفهمها أنها معركة تصريحات أو معركة إعلامية ..وساحات المعارك هي التي ستتكلم ..وهي التي ستحدد من المنتصر ومن المهزوم..

 

ستكون لهذا الإنسحاب ومهما كان شكله وتوقيتاته آثار إستراتيجية وتكتيكية واسعة النطاق على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي ..وستم تفسيره وفقا لتيارين متعاكسن:

 

الأول: وهو إن القوات الأمريكية قد أدت مهماتها (على أكمل أو نصف وجه!) وعادت بعد تنفيذ مهمتها ..وهذه المهمة يفسرها المنتفعون بأنها مهمة (إنسانية وإلاهية ومقدسة وجبارة حيث إستبدلت النظام الديكتاتوري بنظام ديمقراطي وتركت عراقا مزدهرا ومحررا ومؤثرا وناميا!) وبعد أن أصبح العراق قادرا على حماية نفسه وإدارة سيادته وتدريب منتسبيه وحكم نفسه!..

 

ويفسرها الذين (يقال عنهم) بأنهم يفكرون بواقعية من المؤيدين بأنها (كانت مهمة صعبة خلفت الكثير من المآسي للشعبين الأمريكي والعراقي ودمرت العراق وأججت الطائفية وأطلقت يد إيران في هذا البلد ..ولكن مع ذلك فهذه القوات قامت بأعمال بطولية خارقة عندما حررت العراق الذي هو الآن أفضل من حاله أيام النظام السابق!)..

 

ويظهر بشكل ضعيف تيار آخر يقول بأن إنسحاب القوات الأمريكية من العراق جاء لإنقاذ ما تبقى من السمعة الأمريكية التي نالتها سياسة (إدارة الحرب الفاشلة!) ..بإعتبار إن قرار الحرب كان قرارا صائبا وصحيحا ولكن سياستها كانت خاطئة!.

 

والتيار الثاني هو: إن قرار الحرب على العراق كان قرارا خاطئا وبني على معلومات خاطئة وكان حماقة كلفت الولايات المتحدة الكثير وقد أنتجت هذه الحماقة سلسلة من الأخطاء والإنتهاكات بحق العراق شعبا وسيادة وأرض وإن القوات الأمريكية فشلت في العراق فشلا ذريعا وحتى في إختيار حلفائها ودعمهم والذي مكّن إيران من التوغل في عمق المجتمع العراقي وسطلة الدولة ..وهذه القوات هي قوات غازية ومحتلة ومقاومتها حق مشروع للشعب العراقي ويجب عليها أن تغادر العراق اليوم أو غدا وأنها غزت ودمرت العراق وإحتلته بشكل عدواني وغير شرعي وعليها أن تعترف بذلك.. وإن إستمرار وجودها في العراق لن يكون في صالحها مطلقا بفعل تنامي وتصاعد روح وفعل المقاومة العراقية التي تسيطر على الميدان العراقي.

 

عموما ..ولكي لا ندور في حلقة نقاشية قد لا تفيدنا في هذه المرحلة فنحن نقول ..

إن الإنسحاب الأمريكي من العراق والذي كان يبدو مستحيلا في نظر البعض في السابق أصبح حقيقة اليوم ..

وبقاء البعض من القواعد والقوات في العراق ليس إلا مسألة وقت وإرادة وتصميم وعزم للشعب وقواه المناضلة والمقاتلة التي أرغمت الولايات المتحدة أن تتخذ هذا القرار..فهي أرضنا وهذا شعبنا وهذه إرادتنا ونحن من يقرر كيف تكون المنازلة ومتى وكيف..

 

لذلك علينا ان نقر بالحقائق التالية:

 

-         حقيقة الهزيمة الأمريكية في العراق..سياسيا..حيث أنهت هذه الحرب من أشعل نارها ظلما وحقدا وعدوانا..وبعد إفتضاح كذب وزيف الإدارة الجمهورية وعلى رأسها بوش وتشيني ورايس وما لحق بالإدارة الأمريكية من صقور الحرب والعدوان والكذب من هوان بسبب إستغفال الشعب الأمريكي والعالم والمخادعة وتزييف الحقائق والإدعاء بمسوغات وأسباب لغزو وتدمير العراق إبتداءا من أسلحة التدمير الشامل ومرورا بالعلاقة مع القاعدة وما أضيف الى ذلك من أهداف تتعلق بالديمقراطية والحرية والمثال النموذجي للدولة التي تتعارض مع الواقع العراقي الذي خلفه الإحتلال.

 

-         وأمنيا..لما لحق بالعراق ودول المنطقة من خلل وتوتر امني كبير ..حيث تعرض العراق الى إختراق أمني كبير وخصوصا الإيراني الذي طال كل مؤسسات الدولة وأجهزتها وقواها الأمنية وما قامت به من عمليات تمويل ودعم وتدريب لمجاميع القتل والتخريب الخاصة والتأثير على قرارات الحكومة العراقية وما تقوم به تركيا من عمليات قصف يومي للقرى الحدودية العراقية وتوغل في أراضيه حتى أصبح العراق بلدا غير آمن من حكومته ومن جيرانه..وما يشهده من حرب طائفية مقيتة معلنة أحيانا ويختفي الجزء الأكبر منها في كل مفاصل الحياة.

 

-         وإقتصاديا..لما لحق بالولايات المتحدة والعالم والمنطقة وبالعراق من دمار إقتصادي وتراجع واضح بفعل الخسائر الجسيمة التي تكبدتها في هذه الحرب  حتى وصل الأمر الى أزمة مالية عالمية كانت الولايات المتحدة المتضرر الأكبر فيها بفعل سياسات الإنفاق العسكري الغير منضبط والسرقات والإختلاسات التي تحقق بها الإدارة الأمريكية حاليا.

 

-         وعسكريا..حيث إستطاعت المقاومة العراقية بإمكاناتها الذاتية من تحميل القوات الأمريكية خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات وكسب المبادأة والتوقيت وهي تتصدى الى القوات الأمريكية بمايزيد عن 40 عملية مسلحة يوميا بين تفجير مدرعات وناقلات جنود وسيارات وقنص وتدمير تجمعات وقصف معسكرات حتى أصبحت هذه القوات المعتدية في وضع دفاعي بحت ويخاف جنودها الظهور العلني في شوارع وأزقة مدن العراق.    

 

-         وخلقيا..بفعل الممارسات اللااخلاقية لقوة تدعي إنها مثال للمباديء والقيم الإنسانية والديمقراطية عندما تسترت على أفعال جنودها يوميا التي تطال المواطنين والنساء والأطفال وتقصف بيوتهم الآمنة وما فعلته القوات الأمريكية في فضائح سجن أبو غريب وما يحدث في السجون السرية وجرائم حديثة واليوسفية وديالى وصلاح الدين والموصل وغيرها من مدن العراق. لقد أسقط العدوان الأمريكي على العراق قيمة وأخلاق الولايات المتحدة وسيكون من اهم واجبات الإدارة الجديدة كما قالت هيلاري كلنتون هي كيف نعالج الأخطاء الفادحة لبوش في العراق.

 

-         وتأريخيا ..فقد كان إنتصارنا حتميا وكنا مؤمنين به وسيخلده التاريخ لأننا على حق والعدوان على باطل وستبقى الأجيال تتحدث عن بطولات شعب الرافدين وليوثه الذين أرغموا القوات الغازية على الهزيمة والرحيل.

 

-         وإستراتيجيا ..بعد أن أصبحت هذه الهزيمة في تداعياتها ذات تأثيرات واسعة في ميادين الصراع بين الحق والباطل وبين الشعوب في المنطقة والعالم ومن يعتدي عليها بعد أن كانت تغطيها دعايات وضوضاء المهرجين والدجالين والمخادعين.

 

-         إنها هزيمة مكلفة معنويا ..لقد كلفت هذه الحرب الولايات المتحدة وسياسييها من جمهوريين وديمقراطيين الكثير والغالي وستكلفهم الأكثر والأغلى.

 

-         وسيكون الإنسحاب أكثر كلفة ماديا من خوض الحرب ..ويعرف المختصون ماذا يعني سحب هذا الكم الهائل من مئات الآلاف من الدبابات والعجلات والمدافع والعربات من ساحة مثل الساحة العراقية  وفي ظرف مثل هذا الظرف!..

 

-         وسيكون الإنسحاب الأمريكي من العراق عملية معقدة وصعبة وفضيحة عسكرية وإعلامية وهدفا سهلا للمقاتلين العراقيين الذين يدافعون عن العراق.

 

-         وهي هزيمة لكل المتعاونين مع المحتل الذين بدأوا منذ الان بالبحث عن خطوط رجعة وملاذات آمنة .

 

-         هذه الهزيمة تأكيد واضح وصريح على الضعف الأمريكي وعدم قدرته على فرض الإرادات خاصة في ظرف فقدانهم لعناصر التأييد العالمية والشعبية .

 

-         لقد تأكد لكل الأعداء والأصدقاء بان الهزيمة الأمريكية في العراق تعود بالدرجة الإساس الى صلابة وإرادة المقاومة العراقية وخطتها الناجحة والبطولية في التصدي وإستدراج العدو ثم إجباره تحت القوة بالإستسلام لإرادتها.

 

-         وإن الهزيمة الأمريكية في العراق تعود لأن العراق قبل الإحتلال كان سورا منيعا لم يمكّن العدو الأمريكي من الحصول على متعاون واحد أو جاسوس لينقل لهم حقيقة ما موجود في العراق.

 

-          غباء وتعنت وجهل القيادة الأمريكية في فهم طبيعة النظام العراقي وحقيقة المشاعر الشعبية والوطنية والاستعداد التام للتضحية والقتال ورعاية المقاومة ودعمها.

 

-         فشل العملية السياسية وطائفية وحقد وإنتقام وخيانة القائمين عليها التي خلقها الإحتلال في الدفاع عنه والذي سارع بغلحاق الهزيمة السريعة به.

 

عاش العراق ..

عاشت المقاومة الوطنية العراقية ..قيادات وجيوش وقواعد وفصائل وسرايا وكتائب..

هذه المقاومة البطلة والباسلة التي صنعت للعراقيين نصرا ولا كل الإنتصارات.

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٠١ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م