اخلاق اوباما  وحصاد الحرب في العراق

 

 

شبكة المنصور

د. محمد رحال / السويد
حملات الرئآسة الامريكية والتي تبدأ في العادة بابراز الخبرة الكبيرة لأي مرشح , ومعها تأتي  البهورة الاعلامية الكبيرة والتي تتحدث عن الاخلاق الرئآسية , هذه الاخلاق التي تبدأ بمثاليات الحياة الزوجية , ومدى السعادة الكبيرة التي يظهرها الزوجان السعيدان , مغلفا بالحب العائلي الكبير, في قوالب مذهلة من التصنع المصحوب بالقبلات الفضائية , لتستجر عواطف المقترعين لاختيار الرئيس الجديد , والاخلاق الخاصة للرئيس تعتبر من ملك الشعب الامريكي , باعتبار الرئيس موظفا لدى هذا الشعب , وبالتالي فان اي وعد يخل به الرئيس القادم يعتبره الشعب والعالم كذبا يحسب عليه , والتصرفات المجرمة التي يقوم بها اي رئيس امريكي من المفروض ان توضع في ميزان المحاسبة الاخلاقية والقانونية الواضح , وقد وعد اوباما انه سيعيد دراسة الملف العراقي , كما وعد باعادة العراق الى اهله والخروج منه, والعجيب ان الرئيس اوباما والذي ابقى وزير الدفاع السابق في ادارة بوش المجرمة في مكانه وهذا شيء مبتدع في الادارات الامريكية , هوتعهد واضح باكمال مسيرة الكذب الامريكي في مايسمى تحرير العراق والمدعوم بابقاء اكثر من خمسين  الف جندي على ارض العراق , وهاهو بوش يمضي وادارته من غير محاسبة عن مئآت المليارات المهدورة والمسروقة , وهاهم احذية بوش الذين جلبهم معه عملاء لحكم  العراق مكانهم , واذا كان اوباما مختلفا عن بوش في اخلاقياته , فما هو الفرق بين كلا الرئيسين في التعامل بشأن العراق ,ولو اجرينا جردا لأخلاقيات بوش في العراق والتي يكمل مشوارها اوباما وبنفس الاخلاقيات والحماس مع اختلاف في التكتيك , فاننا سنجد حصادا من القيم الاخلاقية لكلا الرجلين, يعتبر من اسود واسوأ انواع الحصاد المر في تاريخ العالم , فلا يبدو ان هناك كثير فرق بين الرجلين في النتائج الا ان اوباما متورط  في رئآسة غاطسة في كم كبير من المصائب المحلية والعالمية ومعها الحفر العميقة التي حفرها شيطان البيت الابيض الراحل بوش, فالازمة الاقتصادية الخانقة والتي يشهد بدايتها العالم اليوم تنذر بغمام شديد السواد يلف العالم , ومن اهم اسبابه هو الجشع الاقتصادي والمالي لحفنة قذرة مأفونة من تجار السياسة والمال في نيويورك , استغلت قوتها السلطوية في نهب المال العالمي , في ظرف سيطرت فيه حكومة الاستخبارات الامريكية على معلومات حركة المال العالمي , هذا الجهاز الذي يعرف تماما اين هو الفاقد العالمي من المال , والذي استطاع وقبل تفجير الازمة ان يرفع الاسعار العالمية وذلك من اجل طحن الشعوب الفقيرة , وبعد تمكنه من هذا الارتفاع المذهل وتثبيته , جاءت لعبة فقدان المخزون السائل من المال العالمي , وضاعت معها الاستثمارات المسروقة من دول العالم الثالث وغيرها , وانك ياصاحب الاخلاق العظيمة فيما لوكنت تملك هذه الاخلاقيات , فانك قادر على كشف هذه الألاعيب المالية  , ولكني اؤكد لك ياسيد البيت الابيض الجديد انك تعلم من سرق المال العالمي , وان الذي سرق هذا المال هو نفسه من اوصلك الى هذا الكرسي والذي كان لك اكثر من حلم , وهم انفسهم من اوصلوا من سبقوك الى نفس المكان.


واريد ان اذكرك ياصاحب الاخلاق والضمير ان دولتك العظمى حين هاجمت العراق واحتلته , بذرائع تبين كذبها منذ زمن , وكان من المفروض على الاقل ان تعيد دولتكم العراق الى اهله مع التعويض الكامل عن الخسائر المادية والمعنوية , بدلا من التشدق بنعمة الحرية التي جاءت على ظهور دباباتكم , وقنابلكم النووية , واسلحة الدمار والقتل الامريكي المجرم لدولتكم , وكان من الاخلاق ياصاحب الاخلاق ان توقف مهازل المحاكم الجارية في ظل ظلمكم المستمر , وهذا اقل ماتقدمه لهذا البلد الذي نكب على ايديكم , ويبدو ان مآسي العراق لم تكفيكم كمنجزات على ايدي دعاة الحرية من سياسييكم العظام , واذكر بعضها كمحاسن لديمقراطيتكم والتي منها تهجيركم لأكثر من 70بالمائة من الاطباء خارج العراق , وقتل وفقدان اكثر من خمسة الاف عالم عراقي يادعاة العلم,مع ترك المشافي خاوية من الادوية والاسرة والخبرات , وفي ظل احتلالكم الفظيع تحول العراق الموحد الى مجاميع مجرمة يقتل بعضها بعضا , ويكفي انكم استقدمتم الاخصائي المجرم نغروبونتي سفير الشر والاجرام خصيصا من اجل ترتيب الحروب الطائفية ياأصحاب الاخلاق , ليدخل وعلى يديه وطاولته المحاصصة الطائفية, والتي دخلت الى كل مجالات الحياة بما فيها دورات المياه , ومحاباة فئة على حساب اخرى يادعاة العدل المقلوب والاخلاق العوراء, وفي ظل احتلالكم تفشت الامراض والاوبئة وعجزت حضارتكم القبيحة عن ايجاد المصل لاطفال العراق ليسجل فيه اعلى وفيات لحديثي الولادة في العالم مع ظهور امراض لم يكن العراق يسمع فيها قبل ابتلائه باحتلالكم الميمون , وفي عهدكم الاخلاقي تحول الغذاء المستورد الى سم فظيع بيد ابناء العراق وافواههم , وانتشر الايدز, ودخلت المخدرات بالاف الاطنان امام عيونكم , وحرم ابناء العراق بفضل رعايتكم من مياه الشرب , ومن الكهرباء التي صارت في بلد كالعراق من ضروريات الحياة الآنية , فقد عجزت حضارتكم عن استقدام مولد كهربائي واحد كاف لحل ازمة الكهرباء في كل العراق , ولكنها اخلاق الاحتلال واخلاق امريكا محررة الشعوب , ومع هذا فيجب علينا ان لانغفل ابدا تلك الارواح التي زهقت على ايدي عدالتكم يافخامة الرئيس الاخلاقي والتي تجاوزت المليون والنصف, يقابلهم نفس العدد من الارامل , وثلاثة اضعافه من الايتام , ومعهم ضحايا التشريد الديمقراطي النيغروبونتوي والذين تجاوزوا الخمسة ملايين , ولتقدم  وتجر عدالة دولتكم العظمى اكثر من خمسة ملايين انسان  الى ماتحت مستوى خطوط الفقر الدنيا , وتمكنت اخلاقياتكم من رمي اكثر من ثلث السكان الى خطوط العاطلين عن العمل , وامام هذه الانجازات فيجب ان لاننس ابدا عدالتكم الرهيبة والتي قضت بالقاء اكثر من نصف مليون انسان في السجون , سمحت فيها الاخلاق الامريكية التي انتم جزء منها من استخدام احط انواع الاذلال ضد البشر من اهل العراق , ليس لهم من ذنب الا انهم عراقيون , وكانت هذه الانواع من الاذلال بعلمكم وباشرافكم  وبايديكم, وسجل العالم كله لكم فضل نشر الاعضاء الانسانية بالمناشر الكهربائية, وثقب العيون والجماجم على ايد مجموعات مجرمة جمعتوها من اوساخ المنافي , لتنفذ كل انواع الاجرام وتتفنن فيه امام عيونكم وتحت رايتكم الامريكية التي تعتدون بها , واخلاقكم لم تستثن النساء اللواتي اغتصبن على ايدي الوحوش من جنودكم يادعاة الحرية والديمقراطية والاخلاق , وهذه التصرفات المدروسة من دولتكم كانت من اجل اذلال شعب كريم وامتهان كرامة نسائهم , فهل كنت يارئيس امريكا تتمنى هذا العمل الاجرامي للسيدة زوجتك ولاولادك ولشعبك هذا ان كنت من دعاة الديمقراطية والمساواة , ومانريده منك ياصاحب الاخلاق هو ان تعيد العراق الى اهله , وليس الى مجموعات من اللصوص وقطاع الطرق  , وان تعتذر دولتكم عن جرائمها الفظيعة بحق الشعب العراقي والانسانية كافة , والا فان تنافخ حملتكم الانتخابية عن الاخلاق والحرية والعدل والمساواة مجرد كذب لايناسب رئيس امريكي, واذا كان العالم يكره دولتكم فسبب تصرفات دولتكم المشينة بحق الامم الاخرى ’ ولا جدوى ابدا من تحسين هذه النظرة السوداء عن بلدكم في ظل استمرارية النهج نفسه.

 

تحرير العراق وفلسطين واجب شرعي ووطني فساهم في هذا الشرف العظيم
ساهموا في نشر المقال بعد ترجمته ليصل الى اصحابه

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٦ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / أذار / ٢٠٠٩ م