بشارة المرتضى في تنفيذ الأمر المقتضى

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية
 
تحت شعار " شرً البلية ما يضحك" وبتوجيه مباشر من نيافة الشيطان الأكبر إدارة الإحتلال الأمريكي للحكومة التي نصبها في العراق، وبهمة عناصر الميليشيات المنطوية تحت جناح قوات الشرطة ومغاوير الداخلية التي من خلال سعيها الحثيث لتغيص حياة الشعب العراقي والسهر المتواصل عى أزعاجه ومداهمته ليلا بعد ان وجدت النهار غير كاف لأنزال بركاتها على الناس وبالتعاون مع الوزارة المنسية وزارة العمل والشئون الأجتماعية التي لم يسمع لها صوت منذ فضيحة ملجأ الحنان للأيتام. زفت حكومة الأحتلال هذه البشرى السارة الى الشعب العراقي العظيم. فقد أعيد إفتتاح سجن ابو غريب بحلته وإدارته الجديدة وتم تغيير إسمه الذي ارتبط بجرائم الاحتلال الامريكي ب)سجن بغداد المركزي) إحترما وتمجيدا لعاصمة الرشيد! ويمكن تسميته أيضا بدار استراحة الحكومة، وإنتهزت الإدارة الجديدة هذه الفرصة المباركة لتطمين الشعب العراقي بأن السجن الجديد تتوفر فيه الخدمات التالية" وحدات حديثة للرعاية الطبية وعلاج الاسنان وغرفة دردشة للكمبيوتر وباحة للاسر الزائرة تضم ملعبا للاطفال ونافورة مياه. ويمكن للنزلاء ان يحيكوا ملابسهم بانفسهم في مصنع صغير للحياكة.

 

ورفد السجن ايضا بمسجد وصالون للحلاقة" كما عبر الشريف المرتضى وهو بالطبع ليس الأديب المعروف ولا من نسله بل هو مدير عام السجن" وتتطمح إدرة السجن البارة بتأمين كافة الاتصالات السلكية واللاسلكية للسادة النزلاء لتمكينهم من الإتصال بذويهم وإعلامهم بوجودهم في متنزه السجن! كما تتوفر خدمات الستلايت والانترنيت بأسعار زهيدة مدعومة من وزارة المالية حيث تبرع الغيور الشهم لحد العظم باقري صولاغي الخراساني وزير المالية من خزانة الدولة بما يؤمن هذه الأحتياجات لأحبائه النزلاء الذين عاهدهم بأن يبذل الغالي والنفيس من أجل إسعادهم وتقليل مدة بقائهم في السجن الجديد بوسائله التقنية المعروفة للجميع لتمكين إدارة السجن من تبديل الوجوه عبر إستاضفة المتبقين والموزعين على بقية السجون السرية التي لا يعلم بها الا الله والصولاغي وبطانته! وتسربت اخبار بان السيد المرتضى وافر الضل والظل تعاقد مع مطعمي أبن سمينة والقره غلي الشهيرة في العراق لتقديم وجبة الغداء للسادة النزلاء وستكون معززة يومين في الأسبوع بوجبة قوزي على تمن والغرض من إناطة الغداء بمطعمين هو لضمان المنافسة الشريفة بينهما والتي ستصب في مصلحة السجناء الأعزاء. أما وجبة الفطور فقد أنيطت بمطعم قدوري وطلب المرتضى رضى الله عنه وارضاه بأن ينوع قدوري من وجبات الفطور ولا يقصرها على الباقلاء بالدهن والجلفراي ووعد الأخير بأنه سيلبي احتياجات السادة النزلاء بكل إمتنان.

 

كما قررت الإدارة الشريفة المباركة تخصيص يوم الجمعة من كل إسبوع ليكون الفطور الكاهي مع القيمر واعلم السيد حلمي من مطعم كاهي أبو علي في شارع الرشيد بأن يستعد إبتداءا من الشهر القادم لتقديم وجبته الاسبوعية أما القيمر فأن احدى النائبات في البرلمان العراقي تولت المسئولية بإعتبارها مارست الصنعة منذ نعومة أظافرها لغاية وصولها باحة البرلمان, اما وجبة العشاء فقد انيطت بعدة مطاعم حيث سيتولى مطعم قاسم تزويد السجناء بالشاورما مرتين في الأسبوع وسيوفر مطعم بغداد كبة السراي من فرعه في الكرادة يومين في الإسبوع وسيقوم مطعم(Happy Time) في شارع الربيعي بتزويد السجناء مرتين في الأسبوع كنتاكي وهمبركر، اما اليوم السابع فسيكون مفاجأة تعلنها إدارة السجن في يومها تحت شعار" أكلة اليوم لاحبابنا السجناء".


أما موضوع المشروبات فكانت إدارة السجن متشددة جدا في موضوع تأمين الفيتامينات للسادة السجناء فقد تقرر تحديدها بمشروبين أولهما الشرابت وهناك منافسة شديدة في العروض المقدمة من أبناء الحاج زبالة وهي المعروفة (شربت زبيب) من فرعه في شارع الرشيد والعرض المحموم الثاني من (جبار أبو الشربت) وهو شربت الرمان ومن المتوقع أن تتم الموافقة على العرضين بعد أخذ التعهدات اللازمة بزيادة الفيتامينات في الشرابت وتقليل الغش في نسب الماء, والعرض الآخر سيكون اللبن وهناك مشاكل بسبب العروض فقد قدم الزعيمان البرزاني والطالباني كل منهما عرضا منفصلا بتقديم لبن هاولير الفدرالي الديمقراطي الموحد ويعتقد البرزاني بأن هاولير( أربيل) مقاطعة تخضع لنفوذه وليس من حق الطالباني أن ينافسه في هذا العرض، في حين يرى الطالباني بأن اللبن وان اشتهر بأسم هاولير فهذا لا يعني إن افضله يصنع في هاولير لأن السليمانية تنتج انوعا راقية وافضل منه، واكد بأن اللبن المدخن الذي يصنع في السليمانية لا يضاهيه أي لبن في العالم بما في ذلك هولندا والدنمارك وفرنسا وتتحدث الأوساط اللبنية بأن الطالباني أشار بأن حليب البرزاني غير طاهر وهو يؤخذ من أثداء غير نظيفة وفيه حموضة غير مستحبة! في حين ينشر البرزاني إشاعة بأن الطالباني هو الذي حليبه غير طاهر!


أما وجبتي الشاي والقهوة فقد تعاقدت إدارة الشريف المرتضى مع مقهى أم كلثوم والزهاوي في شارع الرشيد لتزويد النزلاء في الدار بثلاث وجبات منه وسيتم إدخال مقهى الشابندر كعضو فخري مرة واحدة كل إسبوع بعد إعادة ترميمه أثر الهجوم الإرهابي على شارع المتنبي, في حين حصرت مسئولية تقديم القهوة بمقهى البرازيلي بإعتبار لا منافس لها ونظرا لباعها الطويل في هذا المجال, في حين ما يزال موضوع الحلوى قيد الدرس والبحث فقد تقدمت عدة عروض أهمها من محلات علي المراياتي لكن إدارة السجن قررت أنه الأفضل في صناعة الحلاوات لذلك سيتولى المهمة خلال شهر رمضان فقط بالتعاون مع حلويات الحيدري المعروفة( زنود الست) و(كنافة النابلسي)، أما بقية الحلويات التي ستقدم في بقية الشهور فمختلف عليها وكانت حلويات الخاصكي وابو عفيف والأمراء ورعد قد استبعدت من قبل لجنة إجتثاث البعث بعد أن تبين بأنها كانت تصنع الحلوى للقصور الرئاسية سابقا!


لابد من الإشارة للموقف الكبير لصاحب القلب الرحيم والامين الحليم ذو العقل الرشيد السليم وزير التجارة الهميم نجم البطاقة التمونية الكريم حيث نسب بعد إستشارة المرجعية وافرة الظل بأن تكون كافة المواد المستخدمة في تغذية النزلاء الاعزاء من التمن والطحين والزيت والسكر والشاي والقهوة والبقوليات من مخازن الوزارة وتقدم مجانا! ووعد بلسانه الحريف وشرفه النظيف وضميره العفيف المعروف للجميع بانها ستكون خالية من الحديد والصدا وبقية الشوائب مؤكدا إستبعاده الزيت العراقي الكريه الذي يثير الإشمئزازالذي تنتجه الزيوت النباتية العراقية مبينا ان وزير الصناعة الحالي فوزي الحريري ليس جديرا بمنصبه كوزير فقد كان سكرتيرا لهوشيار الزيباري ونصبوه وزيرا لذلك جاء الزيت الذي تنتجه مصانعه رديء النوعية مثله. ولا بد من الأشارة الى موقف البطل المغوار الذي لا يكل في خدمة المواطن ليلا ونهار الحاج الكرار متعدد الحجات والأسفار مدير عام إسالة الماء المهدار الذي جعل الأنابيب تغط بالنوم ليلا ونهار وتشخب بأستمرار, فقد قرر بعد أستشارة المرجعية العصماء بفتوى للماء على تزويد السجناء بالمياه المعدنية حيث أعترف بأن الماء الذي يتزود به المواطنون ماء غدار عسر معسار لم يتذوقه هو وعائلته وبقية المسئولين لأنه غير صالح للشرب لذلك قرر أن يحصره على المواطنين الذين انتخبوه جزءا على فضلهم وسعيهم المشكور! في حين ستكون حصة السجناء مياه معدنية إعتزازا من المديرية بهم وتقيدرا لظروفهم الخاصة. وبالطبع لم يضيع بطل الصواعق والمواحق قائد الكواسر والنواهق الحاج وزير الكهرباء اللاوطنية هذه الفرصة الثمينة ليعلن بصوت ناعق ولسان رائق تكاتفه مع أخوانه السجناء فقرر بعد إستشارة المرجعية النجباء بأن يكون التيارالكهربائي متواصلا في السجن وبلا برمجة ولا قطع! فيكفي السجناء ما هم فيه من ظروف قاهرة وحالة نفسية صعبة! وأكد بأنه سيغادر الى الشقيقة طهران قريبا لعقد صفقة جديدة بملايين الدولارات مع الجارة الشقيقة إيران لتزويد السجن بالطاقة الكهربائية سيما ان لها مواقف معروفة ومشهودة من السجناء قبل الاحتلال، ومواقف أروع تجاه السجناء بعد الغزو فأغلبهم سجناء رأي ومن المقاومة العراقية وعوائلهم واقاربهم واصدقائهم وجيرانهم! مستبعدا شراء مولدات ضخمة جديدة لأنها ستحرم الدولة الاسلامية الشقيقة من هذا المورد المالي الإسلامي الكبيرفالقاعدة الفقهية تنص بأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك!


صدق من قال شر البلية ما يضحك فقد جاء في تصريح المرتضى بشارة المصطفى فقد اوجز الصحفين بان" السجن مفتوح وإنهم استقبلوا نزلاء جدد" فصفق الصحفيون حماهم الله بحماس شديد لهذه الخطوة المباركة حتى أدموا ايديهم التي سخرت لخدمة الاحتلال! مبتهلين من الله ان يرفد المرتضى بالمزيد من النزلاء ليطلعوا على الصرح الحضاري الجديد، لكن المصيبة التي تكشفت عن غير قصد بالطبع عندما أكد مسؤولون في السجن بان السجن يستوعب ما بين(13-14) ألف سجين كحد أقصى! فهل يمكن بعملية حسابية بسيطة ان نكتشف هول الماساة عندما كان عدد السجناء يناهز(60) ألف سجين أي اكثر من أربعة أضعاف قدرته الإستيعابية! فأي ظروف قاهرة كان يعيشها السجناء العراقيين؟


لنقف لحظة ونستبدل القلم الرفيع بعد أن جف حبره ألما وحسرة وغضبا بالقلم العريض و نمعن التفكير لمصلحة من هذا الإجراء الجديد؟ فهل الحكومة العراقية المنصبة من قبل الإحتلال حريصة على السجناء بالتأكيد لا؟ إذن هناك جهة أخرى مستفيدة منها وهي إدارة الأحتلال! فقد أصبح سجن ابو غريب بيرقا لفضائح قوات الاحتلال الأمريكي في العراق ولطخة عار في جبينها على مدى الدهر لا ينافسها في ذلك فضائح محاكم التفتيش وسجن الباستيل وكما اصبح سجن الباستيل رمزا للأضطهاد والظلم والجبروت في فرنسا، اصبح سجن ابو غريب رمزا لجرائم قوات الاحتلال ضد الشعب العراقي ويفترض ان توثق كافة الجرائم التي حصلت في هذا المرتع الديمقراطي الخصب ويقام نصب لأول شهيد عراقي فيه وهو (مناضل الجميلي) الذي كان صائما خلال شهر رمضان وطلبوا منه سب الرسول والأفطار على الخمر فلما رفض أطلقوا عليه كلابهم المسعورة مثلهم وقتلوه.


من المعروف ان هناك سجنان فقط أحرجا الولايات المتحدة الأمريكية وعصفا بسمعتها في المحافل الدولي بل مرغاها في التراب وهما سجن أبو غريب وسجن غوانتانامو الذي قرر الرئيس الجديد اوباما غلقه ودسر أفواه المتحدثين به، وكانت المشكلة الثانية سجن أبو غريب الأكثر بشاعة من غوانتناموا، وفضائحه تزكم أنوف الشرفاء سيما ان الأخبار أشارت الى ان رامسفيلد حامل سيف الإمام علي كرم الله وجهه ( أهداه أياه رئيس للوزراء السابق إبراهيم الجعفري) ستتم محاكمته على جرائم سجن أبو غريب، بمعنى ان الحديث سيعود مجددا بشأن فضائح سجن أبو غريب ولأن حكومة الأحتلال حريصة على أسيادها الأمريكان فقد وجدت في تغيير أسم السجن فرصة ذهبية تقدمها لهم لتشتيت الأنظار عن الفضائح التي جرت فيه! فقد أصبح سجن أبو غريب رمزا لجرائم الإحتلال وكان من الأولى أن يبقى على أسمه أو يحول الى متحف يذكر العراقيين والعالم بأبشع جرائم الألفية الثالثة لا أن يطمر أسمه بهذه الطريقة البخسة, لكن للعملاء حسابات أخرى!

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٢٠ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / أذار / ٢٠٠٩ م