دعوة العبد الذليل لسيده المتشفي الغليل

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية
بعد الزيارة الثقيلة التي قام بها آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الخبراء و رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية للعراق تلبيه لدعوة عبده الذليل الرئيس جلال الطالباني المنصب من الاحتلال شن عدد كبير من مجاهدي القلم حملة شعواء على الزيارة ولهم الحق في ذلك ولا أعتقد ان هناك ممن لا يشاطرهم الرأي في هذا المضمار بإستثناء شرذمة الاحتلال الذين يتعبدون في محراب العم سام. سيما أن الزيارة زخرت بأكثر من ألف حارس يرافقون سماحة الزائر في إستهانة كبيرة بقوات الأمن العراقية واعترافا بعجزها عن تأمين حياته خلال الزيارة! ولا نعرف ان كان هؤلاء الحراس ممن هم موجودين في العراق ضمن فيلق قدس وإطلاعات الأيرانية أو أصطحبهم معه من طهران؟


وزاد الطين بله ان الزيارة تخللها عمل عدواني سافر من قبل دولة الضيف على دولة المضيف، حيث أسفر نظام الشيطان الأصغر عن وجهه القبيح بالأستيلاء على جزيرة أم الرصاص العراقية وسبقها السيطرة على حقول نفطية في منطقة مجنون جنوب العراق, كالعادة كانت مواقف الحكومة العراقية ومجلس نوابها الهمام أبرد من قالب ثلج أخرج توا من المعمل! ولا يخفى على أحد الأسباب التي تقف ورائها فالولاء المزدوج للشيطانين الأكبر والأصغر من ابرز سمات حكومة الأحتلال ومجلس النواب.


فرحة رفسنجاني بهذه الزيارة كبيرة جدا كفرحة قرد وجد عرنوصا من الموز أمامه، فهو احد المنظرين لتصدير الثورة الاسلامية لدول الجوار وقطب من اقطاب الحرب على العراق، كما أنه من الداعمين لأحتلال القوات الامريكية للعراق, ومن المؤكد ان زيارة التشفي جاءت لألقاء النظرة الأخيرة على العراق الجريح وهو ينزف الدماء الغزيرة! ولا أظن ان هناك منظرا اكثر متعة لرفسنجاني من رؤية هذه اللوحة المريحة التي تضاهي لوحة الموناليزا له ولحكومته! فما عجز عن تحقيقه في الثمانينات من القرن الماضي تمكن من تحقيقه مع مطلع الألفية الثالثة. وأكيد ان قلبه قفز فرحا كفرحة طفل بحصوله على هدية وهو يرى آثار الدمار التي لحقت بكل مفاصل العراق ودماء العراقين التي صبغت خارطة العراق من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه باللون الأحمر. ومن الطبيعي انه ما أن يعود الى بلده حتى يقرر تقديم مساعدات كبيرة لأعوانه في العراق من الحكيميين والصدريين وحزب الدعوة بفرعيه وحزب الله وثأر الله وبقية الله زلزل الله بهم الأرض إنشاء الله على التزامهم القوي بتحويل العراق الى ضيعة فارسية.


الحملة الخجولة التي شنها الحزب الإسلامي كانت دعائية أكثر منها واقعية فالحزب لا يقل عمالة عن بقية الأحزاب في المشهد العراقي. وكما نصب الحزبان الكرديان أنفسهما كأوصياء على الأكراد ونصب المجلس الأعلى وحزب الدعوة وشظاياه وبقية الأحزاب أنفسهم أوصياء على الشيعة فأن الحزب الأسلامي نصب نفسه وصيا على السنة! ولا نعرف من خول هذه الأحزاب الوصاية وكيف ولماذا؟ فالحزب الأسلامي ساهم في الزيارة وكان في مراسيم استقبال القائد الخراساني الزائر عضو المكتب السياسي للحزب أياد السامرائي البريطاني الجنسية الذي شارك في الإجتماعات الثنائية, لذلك فأن احتجاج الهاشمي مثير للإشمئزاز ولا معنى له ولا مبرر فهو أشبه بأحتجاج طالب مسكه المعلم متلبسا وهو يغش في الإمتحان!


زملاء القلم سخروا اقلامهم النارية لحرق الزيارة وقد كلل الله مساعيهم بالنجاح وفكوا الكثير من الطلاسم التي تقف ورائها وارجعونا الى حقبة الثمانينيات حيث كان( الرفس جاني ) من ابرز المحرضين على الحرب والمصرين بغطرسة على إستمرارها, ولكن هناك سؤال يطوف في عقلي منذ الزيارة ولحد الآن يرفض ان يهجع أويستريح أو يغادر! هل الزيارة كانت خارج المألوف؟ وهل البركات التي اطلقها العبد الذليل الطالباني على ضيفه الزائر شاذة وجاءت في غير زمانها ومكانها؟ وهل زيارة رفسنجاني ومن قبلها نجادي وسليماني ومتقي تختلف عن زيارة الرئيس الأرعن بوش ورامسفيلد وبقية العترة غير المطهرة؟


لنأخذ الأمر من جهة اخرى فما الذي تتوقعه من اللص؟ من المؤكد السرقة! ومن الكافر؟ الجحود ومن الخائن؟ الخيانة ومن المجرم الجريمة! إذن مالذي تتوقعه من العميل؟ أكيد العمالة! لذلك عندما يسبغ الطلباني هالة من القدسية والبركات على رفسنجاني وسبق ان اسبغها من قبل على الرئيس بوش مفتيا بأن الله وجهه لتحرير العراق! إذن لا وجه للغرابه والإستغراب! لذلك فأن توجيهه الدعوة الى سيده( الرفس) أمرا مألوفا بين العملاء. كما أن الحفاوة التي كرم بها ضيفه مبررة أما كيف؟ فهنا تكمن العبرات وتتفتح المبكيات!


لا احد يجهل ان الزعيمين الكرديين الطلباني والبرزاني من خريجي كلية الكهوف جامعة الجبال الوعرة, ونالا أعلى الشهادات الاكاديمية في إختصاص العمالة والدسائس على أيدي افضل الأساتذة الامريكان والصهاينة والفرس, وأنهما عايشا كل الشياطين وأستمدا منهم كل المعارف والمكائد الخبيثة فاصبحا ينافسان الشياطين خبرة ومكرا ودهاءا، كما إنهما تعايشا مع الضواري والكواسر والزواحف في جبال العراق اكثر مما تعايشوا مع البشر, وأن جل مأكلهم وملبسهم كان مما يغتصبوه في مداهماتهم للمدنيين في القرى الكردية النائية البعيدة عن سيطرة الجيش العراقي, وانهم أرتووا من مياه الأمطار الآسنة وتعفروا بالتراب, ولم يكن ذلك نضال وإنما إمتهان للجريمة وعشق لكل من يعادي العراق وتعصب عنصري جثم كالوسواس الخناق على صدر الوطن. لذلك فما بين ليلة وضحاها يتحول إنسان جاوة الى إنسان متحضر ويمتلك الأقطاعيات والمليارات والأبهة والفخفخه والنفوذ فهو أمر يدخل في إطار الميتافيزيقيا ويتجاوز الخيال ولا يتناسب مع حقائق التأريخ والجغرافية والرياضيات وكل العلوم الأخرى؟


ومن البديهي ان تلك المكرمات لم تكن منحا وهبات ألهية أو مساعي وجهود شخصية وإنما كانت ثمرة الخيانة والعمالة للأجنبي, ولابد للعملاء بأن يعترفوا لأسيادهم بالعرفان والجميل وإلا لولا الأمريكان والصهاينة والأيرانيين والكويتين فكيف سيكون حال البرزاني والطالباني وغيرهم من العملاء؟ لذلك فأن أمر الزيارة والكلام القدسي التي صرح به الطالباني لم يكن بمعزل عن هذه التصورات بل اعتقد ان الطالباني لو أستقبل( الرفس) راكعا وقبل يده وتيمم بتراب نعله ومشى ورائه كالتيس فأنه لا يوفيه حقه!


لا أعرف هل كان البعض يظن بأن الطالباني سيأخذ سيده الفارسي في زيارة الى المنطقة الشمالية ويطلعه على آثار القصف الإيراني للقرى الكردية؟ أم إنه سيفتح ملف التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي ويناقشه تفاصيل هذا التدخل السافر والذي يتنافى مع علاقات حسن الجوار؟ أم أنه سيطلعه على الصواريخ البعيدة المدى التي عثر عليها الجيش العراقي في الجنوب! ويسأله عن كيفية تسريب هذه الأفيال المفخخة الى العراق؟ أو سيعرض عليه احصائيات عن عدد الميليشيات الطائفية المنطوية تحت جناح الجارة المسلمة ومحصلة جرائمها؟ أم سيقدم له وجبة غذائية فاسدة من المعلبات التي توردها ايران للعراق؟ أم انه سيعرض عليه تقارير عن تفشي الأيدز وانتشار المخدرات الواردة من بلاده؟ أو سيطلب منه تفسير سيطرة قواته على حقول نفط مجنون؟ أو يناشده بتفسير تزامن زيارته مع احتلال جزيرة أم الرصاص جنوب العراق؟ الجواب معروف ولا يحتاج الى وقفة؟ ففي التأريخ قرأنا في الأعراف بأن السيد لا يزور العبد عادة. وأن جرى ذلك لسبب أو آخر فأن العبد نفسه وعائلته وكل ما يملك سيكون تحت تصرف السيد والفهيم يدرك الإشارة ويفهم معنى العبارة ؟

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٠١ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٨ / أذار / ٢٠٠٩ م