المنظمات النسوية بين الاستثمار الرأسمالي وترويج الفكر الامبريالي والاحتلال

 

 

شبكة المنصور

انتصار إبراهيم الآلوسي

تحت شعار الحرب من اجل التحرير والديمقراطية احتلت القوات الغاشمة العراق ضاربة بهذا الاحتلال ابسط الحقوق الإنسانية والاجتماعية والثقافية والحضارية . اما  اقتصاده فقد رزح  تحت السيطرة الاحتكارية ولهذا حديث أخر . نحن اليوم بصدد قضية المرأة ليست المرأة العراقية فقط بل المرأة العربية التي استحالت لقضية تتاجر بها  الامبريالية والصهيونية للحد من نمو المجتمعات العربية والإسلامية . فالأم أولى المدارس الفكرية والعقائدية والوطنية للطفل إذن فهي المستهدف الأول بعد احتلال  الأرض لتنمية رغبة الخنوع والخضوع والترويج للفكر الغربي الامبريالي الصهيوني . الحديث هنا عن دور المنظمات الديمقراطية أي ( منظمات المجتمع المدني )  التي جاءت مع الاحتلال بعلامات تعجب!! ابتداء من أول ندوة في بغداد بعد احتلال العراق مباشرة وبرعاية منظمة  الحياة لتقريب وجهة النظر الديمقراطية بين نساء أمريكا والعراق تحت عنوان ( تفعيل دور المرأة في المجتمع العراقي ) وقد نلنا بهذه الندوة شرف القطيعة من قبل هذه المنظمات التي تدار بأيد أمريكية ملطخة بدماء الأبرياء العرب والمسلمين على حد سواء , هدفها كان تفتيت الأسرة العراقية وتخريب عقول الأجيال القادمة بفرض أفكار لا تمت للقيم والمبادئ العربية والإسلامية قيد شعرة والتي صفقت لها منظمات المجتمع المدني  في العراق والمنظمات النسوية الغربية محاولة بها عزل قضية المرأة عن المجتمع  ( تحت مظلة الاحتلال  ) مدركة خطورة النهضة بالمرأة التي تعني النهضة بمجتمع حر يعمل بالمبادئ العربية والإسلامية والوقوف بوجه الاحتلال , فكانت ثمرة هذه المنظمات هي الترويج  لديمقراطية الاحتلال وتأجيج قضية المساواة والصراع الازلي بين الرجل والمراة  ومقاومة عنف الرجل للمرأة محاولة بذلك أستثمار قضية المرأة لمصلحة الاحتلال !! في حين تمارس قوات الاحتلال الأمريكي العنف والإرهاب على المجتمع العراقي والأراضي العربية والإسلامية  المحتلة خصوصا مع الرجل لتتمحور في كل هذه المسميات التي يطلقها دعاة الديمقراطية بوجود منظمات المجتمع المدني في بلد محتل يموت فيه الإنسان العراقي بمعدل 100 ضحية يوميا وطبعا للرجل حصة الأسد فأين حق هذا الرجل الذي استباح الاحتلال دمه وأرضه وعرضه ؟
 وأي مدنية ومجتمع مدني تحت تهديد وظل السلاح الأمريكي والامبريالية  ؟


 وهل تبنى المجتمعات المدنية بالحروب لإخضاع دولها  ومقدراتها   من اجل الديمقراطية ؟؟ وما هي سمات المجتمع المدني الذي يرنوا الى التحرر من سيطرة الهيمنة الاستعمارية ؟ وماذا تعني الديمقراطية ؟؟


لقد جاء الاحتلال بفرض هيمنته بالقوة   حاملا معه عناصر لا تمت للوطنية والوطن والإسلام قيد أنملة  لتروج وتبوق له لإعادة تركيبة هيكلية  دماغ المواطن العربي والمسلم   لخدمة المصالح الأمريكية الصهيونية الامبريالية , فوجد الفكر الامبريالي أن إعادة هيكلة دماغ المرأة هدف رئيسي لإنجاح مخططاته  في حين  تناسى أن الأسرة  العربية والإسلامية ترتبط بعضها ببعض بوشائج قوية ومصالح مشتركة وأهداف متقاربة ,غير مدرك أن  طموح الفرد في المجتمع العربي يجب أن  لا يؤثر على تماسك العائلة وترابطها . فالبنت ما أن تفتح عينها حتى تجد هذا الرجل الذي يطلق عليه الأب  يقوم برعايتها وتوفير كل الحماية والأمان والحب والثقافة والمستلزمات الحياتية لها حتى تقف متمكنة وصلبة في مواجهة الحياة ناهيك عن أخوتها الذكور الذين يعرضون حياتهم ومستقبلهم للدفاع عنها وحمايتها ثم يأتي دور العشيرة ووو.


 لكن بعد الاحتلال أدرك الاستعمار خطورة هذا الترابط القوي على مصالحه لذا نجده استهدف فكر المرأة بفصل عالمها ومشاكلها عن المجتمع وعن الرجل ليسوق بهذه القضية منظوره ومفاهيمه ويهيئها  لتقبل المرحلة الجديدة فجاء بهذه المنظمات التي تسوق له بحجة التحرير من عنف وعبودية الرجل  .فهل هناك عبودية اكبر من عبودية الاحتلال حين يداهم هذا الأخير المنازل ويعتقل الآباء والأزواج والأبناء والإخوة أمام عيون الصغار والنساء ؟ وكذلك أدرك جيدا أن وراء هؤلاء الأبطال في المقاومة العراقية والإسلامية نساء يدفعن بهم الى الجهاد ويقاومن معهم جنبا الى جنب , فالإسلام فرض الجهاد على الرجل والمرأة سواء وفرض العلم والتعليم حيث  نصت جميع قوانين في الشريعة الإسلامية على المساواة والعدالة  بالعقاب والثواب دون التفريق بين الجنسين , فأي مساواة  تطالب بها مثل هذه المنظمات ؟؟ 


والطامة الذي تتناساها منظمات المجتمع المدني ألا وهي الاحتلال الذي فرض الحياة العسكرية على كل مفاصل الحياة وخاصة في الطرق والشوارع التي تعج بالارهابين الاحتلاليين المجرمين الذين يرتدون ملابس الجيش الأمريكي والمارينز الذي يختبئ تحت مسميات كثيرة كقوات متعددة الجنسيات او قوات التحالف ( التحالف مع الموت ضد الشعوب النامية والفقيرة) ثم يروجون للديمقراطية والحرية .فأي ديمقراطية وأي حرية تحت هذا الذل والظلامية الصليبية والتعسف الذي سلب العراقيين ابسط حقوقهم ؟


وأي مجتمع مدني في العراق ونحن نخوض حرب التحرير من براثن الأمريكان والصهاينة والامبريالية ؟ ؟
وهل تصلح مثل هذه المنظمات في مجتمع ينام تحت الرصاص ويستيقظ ليجد فوهة بنادق الاحتلال فوق رأسه هذا ان أستيقظ ؟.


ما حرضني على كتابة هذه المقالة هو المؤتمر الذي انعقد  قبل فترة ليست ببعيدة بأفخر الفنادق الأردنية وصرفت  عشرات ألاف الدولارات لا لتحسين أو مساعدة المرأة العربية ورفع مستواها الفكري والعقائدي والتصدي لكل أنواع الاحتلالات والوقوف صفا بصف مع شريكها الرجل واثبات وجودها الفعلي على الصعيد الوطني والاجتماعي والقومي والانساني , ولا لمساندة المرأة الفلسطينية ودعمها ضد الاحتلال الصهيوني  أو نعم  لحرب تحريرية لكل شبر من الأراضي العربية , بل لزعزعت الوشائج الأسرية العربية تحت مسميات غربية لا تمت لنا بصلة , منها طلب المساواة بين الرجل والمرأة وفصل تداعيات الاحتلال على المجتمعات وتجريد المرأة كونها احد اهم العناصر في تركيبة المجتمع وفصل مفهوم الجندر وتجريده من معناه الحقيقي وإعطائه صيغية غربية غريبة واستثمار قضية المرأة ومفهومها والمتاجرة بها . فالمؤتمر  تطرق لمقاومة الإرهاب والجميع يشاركه هذا الرأي لكن أي إرهاب !! هنا السؤال الذي يجب التوقف عنده , فحديث بعض النسوة ( بعض النسوة ) الموجودات كان حول النساء اللواتي ظلمهن الاحتلال وجردهن من  إنسانيتهن فوجدن خير وسيلة للجهاد والمقاومة هي التحرير فكان الدرع البشري خير مفخخة للنيل من ظلم المحتل ( ارهاب) لكن اعتقال الاحتلال الامريكي للنساء والرجال والاطفال ماذا يكون ؟؟؟ .


لم يذكر هذا المؤتمر في اجتماعاته العنف الذي تعرضت له المرأة الفلسطينية والعراقية في ( الفلوجة وتلعفر والنجف والبصرة وديالى وغزة وجنين وغيرها من المدن العربية المحتلة  ) وهذه المدن خير شاهد على استمرار العنف الذي وضعهن في نظر المؤتمر بمصاف الإرهاب . وكذلك ابتعد بحديثه عن إرهاب الاحتلال للنساء والمجتمع على السواء  . كما روج بصورة غير مباشرة الى التطبيع وكأنه الحل الحتمي للقضية الفلسطينية  . وناقش  موضوع الزواج المثلي الذي حرمه الله وكأنه يعطي نفسه صبغة إلهية لتمرير كل المفاهيم والقيم الغربية والتسويق لتحويل الصراع من الصراع نحو التحرير الى صراع ديني اجتماعي كما هو الحال في البرلمان العراقي حيث أصبحت قضية المرأة التي تنتهك حقوقها الإنسانية والاجتماعية والفكرية والعقائدية وحقوق عائلتها الى صراع بين العباءة الإيرانية والجينز الأمريكي . فهل ياترى في مثل ظروف العراق وفلسطين وجود لمثل هذه المنظمات ؟؟
وهل يقتصر التحرير على الرجل وحده او المراة وحدها ؟؟


 فحركات التحرر ليست حركة نسوية  او ذكورية بل حركة شعبية تستقطب كل القوى الوطنية في العالم العربي . لقد أدرك الاحتلال أن القوى النسائية المثقفة والوطنية لن تسقط في هذا الصراع والدخول في البرلمان لمصافحة قتلة الشعب العراقي  لذا وجد في مثل هذه المنظمات والمؤتمرات خير الحلول لتمرير وإعادة هيكلة دماغ المرأة ومن ثم المجتمع , فعلى ما يبدو أن مهمة هذه المنظمات تمييع المفهوم العربي الإسلامي التحرري داخل المفاهيم الاستعمارية الامبريالية  لمصلحة وخدمة الغرب  ولسرقة مقدرات وثروات الشعوب العربية  والسيطرة على الاقتصاد العالمي .فسعي هذه المنظمات للأندماج مع منظمات المجتمع المدني  الدولية  والحصول على وضع قانوني ومكانة في المجتمعات الغربية  ليتسنى لها الاستثمار وجمع الأموال عن طريق مانحين  في الخفاء ( حبا بالله ) تضحية منهم إزاء وضع المرأة العربية التي يراد غسل دماغها كما تتم عملية غسيل اموال العراق . ولهذه المنظمات معاناة في التسجيل فاما تكون عن طريق  دعم إحدى الدول الغربية أو تسجيلها كشركة !!!. لان المرأة في نظرهم عملية استثمارية تجارية  , هذا ما دله خطابها النسوي الأنثوي الذي عزل وفصل المرأة عن المجتمع ووضعها موضع فتيات الإعلانات والفيديو كليب  ,  كما وأن هذه المنظمات  تعطرت بعطور الديمقراطية كأي منظمة جاءت مع الاحتلال  وعليه صار مفهومها اقرب الى الاحتلال وتطالب بالمساواة !!.  أي مساواة  تلك التي تطالب بها   والرجل العربي  والمسلم يقبع في السجون والمعتقلات الإسرائيلية والأمريكية ؟ بل أين الحقوق الإنسانية في ظل الاحتلال ؟ أوليس الأجدر لهذه المنظمات أن تطالب أولا بحقوق الرجال وإخراجهم من المعتقلات والسجون؟؟؟


أو ليس من حق المرأة أن تطالب في هذا الوضع الراهن بإخراج الاحتلال ثم متابعة قضاياها التي هي جزء من قضايا المجتمع وقضايا الأمة العربية , ولأنها عنصر فعال فرض وجوده من خلال دعمه لقضاياه  ومفاهيمه الاجتماعية والإنسانية والاهم الوطنية والوقوف بوجه الاستعمار والامبريالية والصهيونية الغاصبة اذن لن يحررها أحدا سواها  ( فالحرية تأخذ ولن تعطى ) . من هنا يبدأ تحريرها ومن هذا المنطلق تبدأ المرأة بأخذ حقوقها بجدارة وليس هبة من الاحتلال الذي أعادها لقرون بعيدة بعد ان وقع عليها ظلم وضيم العبودية كأي فرد عراقي إلا ان قوة إرادتها في طرد المحتل هي التي سترفع من شأنها ومكانتها وتهبها حقوقها  كاملة  بالفصل بين ما هو حق مشروع في تقرير المصير الإنساني العربي وبين استيراد أفكار غربية لتفتيت الأسرة العربية وطمسها في الرذيلة والتبعية  . أليس هذا هو الحل الأمثل في فرض أرادتهن على الواقع لان الحرية لا تأخذ عن طريق الامبريالية بل بالموقف الثابت والمشروع التحرري والإرادة الحرة ..

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ١٢ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / أذار / ٢٠٠٩ م