أنصتوا إلى حزب البعث إنه يسير بالأمة نحو النصر العظيم

 

 

شبكة المنصور

ابن تونس

ترددت كثيرا قبل الشروع في كتابة مقال حول حزب البعث و ذلك لسبب بسيط هو يقيني أن المنتمين لهذا الحزب هم الأقدر على الحديث عنه لإلمامهم بتاريخه و اطلاعهم على المحطات المفصلية التي عاشها و المبادئ الفكرية التي انبنى عليها. لكني رأيت أن موقفي هذا بقدر ما يجنبني من امكانية  التورط في استنتاجات و أحكام غير دقيقة ، فإنه يعزز بداخلي شعورا بالتقصير في ابراز أهمية المبادئ البعثية  و دورها في المساهمة الفاعلة في صنع انتصارات المقاومة العراقية الباسلة خصوصا و أني  كنت شاهد عيان تابع  تفاصيل تطورهذه المقاومة العظيمة  يوما بيوم . صحيح أني لست بعثيا  لكني و احد من أفراد هذه الأمة  الذين يهمهم كل مكسب تحققه حركة التحرر العربية .

 

إن  انتظامي في متابعة  ما ينشر من أخبار و تحاليل حول  المقاومة هو الذي مكنني من التعرف على حزب البعث و دوره فيها  . فمعرفتي به كانت من  هذه البوابة ، من باب الثورة العراقية المسلحة التي أعد لها حزب البعث بقيادة أمينه العام الشهيد صدام حسين. من هذا الموقع بدأت أحس بالمسؤولية. فإذا كنا نحن المثقفين العرب نعتبر أن المقاومة العراقية الباسلة هي جزء من المقاومة العربية الشاملة  فذلك يلقي على عاتقنا مهمة قومية مقدسة و هي دعم هذه المقاومة العظيمة . و تبنينا لمثل هذا الموقف يحيلنا مباشرة إلى أهم مكونات هذه المقاومة و أحد ركائزها الأساسية و نقصد بذلك حزب البعث.

 

لماذا حزب البعث بالذات

من جانب آخر أتساءل و أقول إلى متى ستبقى مهمة الدفاع على البعث مقتصرة على البعثيين  في الوقت الذي حمل هذا الحزب هموم الأمة بأكملها و التزم بمشروع تحررها و اتبع من أجل الدفاع عن مقوماتها و ثرواتها   أخطر المسالك  التي  كلفته أكثر من 120 ألف شهيد إلى حد الآن نتيجة تسليط عليه   قانون استثنائي  و دموي سموه " قانون اجتثاث البعث" ؟

 

بل أكثر من ذلك . ألا يدعو ما حققه هذا الحزب من انتصارات في قيادة المقاومة العراقية الباسلة و في قدرته على مواجهة أعتى حملة اجتثاث و إبادة بأن نتوقف أمام ما حققه من نجاحات في اجتياز أخطر امتحان هدد وجوده بالكامل ؟  من هذا المنطلق فإن المفاخر التي حققها هذا الحزب لم تعد ملكا للبعث فقط أو للعراق فقط بل هي ملك الأمة بأكملها. مَن مِن المثقفين الصادقين لا يعتبر دعوة الحكومة العميلة للمصالحة مع البعث أكبر انتصار تحققه طليعة المقاومة العربية الباسلة  لأن  ذلك هو بمثابة اعلان قوات الاحتلال عن فشلها الذريع في سحق أحد دروع الامة الصلبة التي وقفت في وجه المعتدين لمدة خمسة و ثلاثين سنة؟

 

و بالتالي ،ألا يحق لنا  أن نتفاءل في نظرتنا لمستقبل هذه الأمة بعد أن اختبرنا أحد الأدوات الناجعة  و القادرة على بلورة و انجاز المشروع القومي العربي ؟ ألا تلمسون معي وزن وقيمة حزب البعث ؟  فمنذ أن أثبت جدواه  في دحر القوة الاستعمارية الأشرس في العالم التي تسعى إلى  إجهاض حلم الأمة في التحرر و الوحدة و الازدهار، تحوّل هذا الحزب إلى احدى الأدوات الرئيسية لتحقيق حلمنا الجميل  إذ بفضله أصبح الحلم برنامجا قابلا للتحقيق.  

 

الأرضية القومية لحزب البعث

إن حزب البعث جدير باهتمام المثقف الوطني  العربي لاعتبارات عديدة

 

أولا: لأنه حزب قومي يتبنى  كامل طموحات الأمة  في:

 

   التحرر من الاستعمار و الصهيونية من خلال تحرير فلسطين من النهر إلى البحر و عبر التخلص من أي نوع من الاحتلال يجثم على كل شبر من أرضنا العربية.

 

   الوحدة التي أصبحنا نفهم اليوم أكثر فأكثر سبب حرص الأعداء الشديد على منع حصولها و أصبحنا  نشعر أكثر من أي وقت مضى  بأن مستقبل الأمة بل تواصل وجودها  مرهون بمدى قدرتنا على انجازها .

 

   ازدهار الأمة و تطورها في كل المجالات عبر ارساء نظام  اجتماعي مبني على العدالة الاجتماعية و سياسي مبني على التعددية السياسية و على التعامل الديمقراطي بين مختلف القوى الوطنية.

 

ثانيا : لأنه حزب استطاعت قيادته أن تتسلح بنظرة استراتيجية ثاقبة تمكنت بواسطتها من استشراف المستقبل و كشف كافة استراتيجيات الأعداء و بالتالي إعداد الخطط المناسبة لقلب موازين القوى  لفائدة الأمة بل لفائدة شعوب العالم.

 

ثالثا: لأنه أعد الأرضية الفكرية و البشرية و العسكرية لمواجهة شاملة مع الأعداء و نجح باقتدار في خوض هذه المعركة التي سماها " معركة الحواسم " لأنه أعد لحسم كافة القضايا المتعلقة ليس بمستقبل العراق بل بمستقبل الأمة بأكملها .

 

رابعا : امتلاك قيادته القدرة على التحكم في مسار الأحداث المستقبلية بفضل  ما يملكونه من جرأة و حنكة و شجاعة و حسن تخطيط مما أجبر قوات الاحتلال على فقدان زمام المبادرة في كامل مراحل فترات الاحتلال.

 

إن أهمية حزب البعث تكمن خاصة في ما يملكه داخل مخزونه الفكري و السياسي و النظري من قيم  نحن و أمتنا في أشد الحاجة إليها في هذه المرحلة المتقدمة من الصراع ضد أعدائنا.

 

ولا نبالغ إذا قلنا أن الهدف المركزي الذي تشترك كل القوى الامبريالية و الصهيونية  في بلوغه و تحقيقه هو تقسيم الأمة و شرذمة الأقطار و تفتيت المجتمعات باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد القادر على إضعاف الأمة و تركيعها . كما أننا لا نغالي إذا قلنا أن  النواة المركزية الصلبة القادرة على انجاز مهمة دحر الأعداء و تحقيق المشروع القومي العربي هي التي تخزن في داخلها السلاح المقابل لسياسة التفتيت و التقسيم و نعني بذلك قيم التوحد و الوحدة.

 

الوحدة و التوحد هي كلمة سر حزب البعث

لاحظوا جيدا كيف أن أدوات الاحتلال الأمريكي و الصهيوني و الإيراني تسعى أينما تحل إلى نشر بذور التفرقة و زرع الفتنة لإنجاح برنامج التقسيم . هم يسعون إلى تقسيم الوطن جغرافيا و يعملون على تفكيك النسيج الاجتماعي مذهبيا و طائفيا و يحرصون على بث الشقاق بين مختلف فصائل المقاومة و يسلكون سياسة اختراق الكتلة المقاومة الرئيسية و يعملون على شق صفوفها و فرقعتها من الداخل.إن ما يحدث في العراق و فلسطين و السودان خاصة و في كافة الأقطار العربية عامة مرتب على هذه الشاكلة .  انهم يعلمون جيدا أن التقسيم هو كلمة سر انهزام العرب و لو تمعنا في برامجهم الاستراتيجية التي أعدوها منذ عشرات السنين لاكتشفنا أن محور بنائها يرتكز على كلمة السر هذه.

 

لهذا السبب بالذات رتبوا  خصومهم  حسب درجات الخطورة  فهم يعادون و يقاتلون كل من يعلن مقاومة سياستهم العدوانية لكنهم يخرجون عن صوابهم حين  يحمل الفصيل المقاوم الذي يواجههم إضافة إلى روح المقاومة  بذور التوحد و الوحدة. فالخصم الذي يتبنى إضافة إلى ثقافة المقاومة روح الوحدة يشكل أخطر الأعداء بالنسبة لهم . هل علمتم الآن لماذا  أجمعت كل قوى العدوان الأمريكية الصهيونية و الإيرانية على صب جام حقدها  على حزب البعث و تخصيص له سياسة استثنائية في التقتيل و الإبادة سموها سياسة اجتثاث البعث ؟

 

دوره في صهر وحدة العراق

إذا كانت قوى العدوان قد انتهجت سياسة تقسيم المقسم و تجزئة المجزأ فقد استندت سياسة البعث على تجميع المجزأ و توحيد المجمع. لقد ترك حزب البعث  في مجال التوحيد بصمات بارزة داخل المجتمع العراقي خلال الخمسة و الثلاثين سنة التي حكم فيها بلاد الرافدين. إذ استطاع بفضل تجسيد فكره الوحدوي في المجال الاجتماعي  أن يعزز روابط الوحدة بين مختلف الفئات و الطوائف و العشائر بشكل أصبح الشعب العراقي كتلة واحدة من الاسمنت المسلح تعجز كل القوى المعادية على تفتيت مكوناته . و الجميع يعلم أن القوة التدميرية و التفتيتية التي استخدمها الاحتلال الأمريكي الإيراني لتفكيك النسيج الاجتماعي للشعب العراقي فاقت كل التصورات و لو تم تسليطها على مجتمعات أخرى لأصابها ليس التشتت و الانقسام فحسب  بل حتى الزوال مثلما حصل للهنود الحمر.

 

وحدة الحزب شعار البعثيين

و ما كان لهذا الحزب أن يتوصل إلى بناء عراق موحد متمسك بعروبته  لو لم يحمل في داخله بذرة الوحدة . ما كان له بأن ينجح في القضاء على كل النعرات المذهبية و الطائفية و القومية لو لم يكن ما يفعله نابع من قناعات راسخة داخل كل أعضائه. و مثلما يقول المثل العربي " فاقد الشيء لا يعطيه ". فوحدة الحزب هي مبدأ مقدس لدى كل بعثي فلا محاصصة و لا مذهبية و لا طائفية داخل الحزب لا فرق بين شيعي و سني إلا بقدرته على النضال من أجل التوحد و الوحدة و من أجل خدمة الأمة و الوطن. لقد راهن الاحتلال الامريكي الإيراني منذ البداية على شق صفوف الحزب بترويج ادعاءات تزعم  هروب قادته من العراق و خيانة العديد من أفراده القياديين و غير ذلك من الدسائس من أجل شق صفوفه و حين فشلت هذه المؤامرات مروا إلى الصفحة الموالية صفحة الاعتقال و التعذيب و الإعدام و الإبادة  و التي تلخصت فيما سمته قوات الاحتلال بسياسة اجتثاث البعث. كل ذلك أملا في إرباك  البعثيين و عزلهم عن حاضنتهم الشعبية. لكن كل هذه المؤامرات كان مصيرها الفشل فلم نسمع عن قادة بعثيين انهاروا أو خانوا في غرف التحقيقات أو فوق منصات الإعدام ، بل عكس ذلك هو الذي حصل فقد زاد  تعاظم نسق تضحيات البعثيين كلما ارتفعت وتيرة  حملة الإبادة ضدهم . و لعل قمة ملاحم البطولة و الفداء  التي جسدها قادة البعث و على رأسهم الرئيس الشهيد صدام حسين خير مثال على ذلك. نتيجة لكل هذا كانت حصيلة حملة الإبادة بالنسبة للأعداء عكس ما هو مأمول. فقد زادت تلك التضحيات  الجسام في صهرالوحدة بين جميع العناصر البعثية و مكنت الحزب من التخلص من العناصر الانتهازية التي عششت داخله لفترة طويلة بل أكثر من ذلك قوت اللحمة بين هذا الحزب و جماهير الشعب.

 

إن استهداف قوى العدوان الامريكي الصهيوني الإيراني لحزب البعث ليس اعتباطيا أو عرضيا أو تجسيدا لأحقاد شخصية أو  من أجل التنفيس عن ثأر قديم مع حزب البعث و أمينه العام الشهيد صدام حسين المجيد  بل المسألة اعمق من ذلك بكثير. ان التركيز على سياسة اجتثاث البعث يندرج في إطار مخطط استعمارى رتبت له مختلف القوى الامبريالية بدقة منذ عشرات السنين و تهدف من ورائه إلى تحقيق هدف مركزي يتمثل في  تقسيم العراق.

 

استهداف البعث هواستهداف لوحدة العراق

 إن الأعداء يعلمون جيدا أنه لا يمكن تحقيق مشروع تقسيم العراق بدون اجتثاث البعث أو شق صفوفه . هكذا يفكر الأعداء ، فهم يبنون مشاريعهم على حقائق خصصوا لها خبراء من أجل اكتشافها. إنهم يعلمون أن حزب البعث هو الذي كان وراء متانة النسيج الاجتماعي لعراق عربي موحد  خلا ل الخمسة و الثلاثين سنة التي سبقت الاحتلال و يعرفون أن حزب البعث هو الفصيل المقاوم الوحيد الذي تنتشر جذوره و فروعه في كامل أرجاء العراق إذ له ممثلين و أنصار فاعلين في الشمال و الوسط و الجنوب . و يعلمون أن هؤلاء الأنصار هم الذين يحولون دون تحقيق عملية فصل أجزاء العراق الثلاثة عن بعضها . إن الأعداء على دراية تامة أن شق صفوف حزب البعث و خلق أجنحة متناحرة داخله يشكل أحسن مدخل لحرب أهلية. فمثل هذا الصراع مرشح بأن يتحول في لمح البصر إلى حرب طائفية و مذهبية بعد أن أعد الاحتلال كل الظروف المواتية لإشعال  مثل هذه الفتن.

 

لقد خبر حزب البعث العدو و درس مشاريعه بدقة كبيرة و انكب على إعداد الخطط المضادة  المناسبة لإفشالها. و كان أحسن رد هو تحصين الحزب من الداخل بفضل ما زرعه في صلب البعثيين الصادقين من خصال الدفاع عن وحدة العراق و ما رسخه من قيم التضحية و الوفاء للوطن و الأمة.

 

مساعي البعث لتوحيد المقاومة

بمثل هذه العقلية الوحدوية دخل حزب البعث ساحة المواجهة العسكرية مع أعتى قوة استعمارية تدميرية . فما  أن وطأت قدم الاحتلال أرض العراق حتى  ارتقى البعثيون من حزبية المقاومة  إلى شعبية المقاومة ، فدعت قيادة  الحزب كل أعضائه و كل عناصر القوات المسلحة إما إلى  تشكيل فصائل مقاومة لا تخضع لشروط حزبية أو الانصهار داخل مختلف الفصائل بغض النظر عن لونها السياسي و ذلك من أجل تعزيز خبرتها العسكرية. كما سعى حزب البعث إلى إمداد كل الفصائل بمختلف ألوانها بالسلاح و حتى بالمال حين كان متوفرا في السنوات الأولى من اندلاع المقاومة المسلحة . و في هذا الإطاربالذات تتنزل التوصية المشهورة التي أطلقها الشهيد صدام حسين للبعثيين في بداية انطلاق المقاومة الشعبية المسلحة و التي قال فيها " لا تبعّثوا المقاومة" أي لا تحولوها إلى مقاومة بعثية . و مثل هذه الخطوة تعكس إيمان حزب البعث  بأن المقاومة يجب أن تضم كافة القوى المناهضة للاحتلال و تسعى إلى الترفع عن الانتماءات الحزبية . إن تشريك كافة فئات الشعب في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال هو الهدف الأول الذي سعى حزب البعث إلى تحقيقه أما الهدف الثاني فهو توحيد المقاومة . و لإثبات تمسكه بالنهج الوحدوي أكد حزب البعث في كل بياناته  بأن حكم العراق بعد التحرير سيؤول إلى كل الفصائل التي شاركت في مقاومةالاحتلال و التي سيقوم الشعب بانتخابها بصورة ديمقراطية .

 

أكثر من ذلك فقد اتبع حزب البعث أسلوب تجنب أي مشاحنات مع بقية الفصائل المقاومة قد تحرف التركيز على استهداف العدو الرئيسي ، فعمد إلى توخي نهج  الجهاد الصامت إذ كان يتحاشى الرد إعلاميا على التهجمات التي تطلقها بعض الفصائل على حزب البعث بلغت حد تكفيره  و يتجنب الإعلان عن  العمليات التي ينجزها بل أكثر من ذلك  ترفع عن تفنيد  أخبار تنسب فيها بعض الفصائل  تلك العمليات لنفسها .

 

السؤال الذي يطرح نفسه هو إذا كان البعث وحدويا بهذا الشكل في تعامله مع بقية الفصائل المسلحة ؟ و إذا كان الحزب قد تجاوز فكرة الاستفراد بالساحة السياسية و نقى نفسه من الأخطاء التي سقط فيها فبل الاحتلال بعد أن تخلص في خضم المقاومة المسلحة من الأعشاب السامة التي انتعشت في السابق فلماذ لم تتحقق وحدة جبهات المقاومة إلى حد الآن ؟

 

لا بد من الإشارة إلى أن حزب البعث إضافة إلى كونه حزبا مبنيا على الفكر الوحدوي فإنه أعلن في أكثر من مناسبة ( عبر بياناته أو عبرالرسائل الصوتية للمجاهد عزة ابراهيم الدوري أمين عام حزب البعث) عن إيمانه بضرورة تقديم المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية و ذلك لتوفير الظروف الملائمة لتشكيل الجبهة الوطنية الشاملة المناهضة للاحتلال. و بالتالي لا يمكن أن يكون البعث معرقلا لمسار وحدة جميع الفصائل بل إنه كان المحرك الرئيسي لعملية التوحيد .  فقد كان  يسعى دوما  بكل ما أوتي من خبرة و صبر و سعة بال لإقناع بعض الفصائل و خاصة منها الاسلامية للتخلص من بعض المفاهيم الخاطئة التي خلفها اندساس بعض التيارات الاسلاموية  في صفوف المقاومة و نخص بالذكر منها تنظيم القاعدة .

 

إن التعصب للحزب أو للطائفة أو للمذهب على حساب الوطن هو الذي كان وراء

 

-  سقوط بعض الفصائل الاسلامية  في المواقف الخاطئة  تصل حد الانزلاق في مهاوي الطائفية و التكفيرية. و من يكفر الفصائل الاخرى هو من يشترط الولاء المذهبي كأرضية للعمل السياسي المشترك و هذا ما يعطل المسار الوحدوي بين مختلف الفصائل.

 

-  سقوط بعض التيارات اليسارية في التحليل الطبقي و بالتالي الانغلاق في النهج القطري و هو ما يحول دون تلاق فصائل المقاومة على أرضية وطنية و قومية.

 

لن نتعمق في هذه المسألة  أكثر نظرا لكون المجال لا يسمح بذلك و كذلك حتى يكون مقالنا  منطلقا لنقاش فكري يوحد و لا يفرق.

 

و في الأخير

و في الأخير نقول إن تركيزنا على  عمق تجربة حزب البعث و إخلاصه للقضية الوطنية و القومية ليس الهدف من ورائه دعاية إشهارية حزبية مثلما يعتقد البعض  فحزب البعث أرقى من أن يحتاج إلى مثل هذه الدعاية إذ أن عراقته و اتساع قاعدته الشعبية في العراق و داخل الوطن العربي لا يمكن لأحد أن يشكك فيها . لكن الهدف من هذا المقال هو لفت انتباه المثقف العربي إلى أن حزب البعث بفضل الدروس  التي استوعبها  من أعظم مواجهة في التاريخ أصبح يختزل تجربة  عظيمة  مثلت حلقة متقدمة في انجازات حركات التحرر العربية و العالمية . و حيث أن ما يحمله هذا الحزب من مبادئ و أفكار مخصصة على واقعنا العربي و مرتبطة بمشروع تحرر هذه الأمة و توحدها فإننا أردنا أن  تحظى هذه التجربة باهتمام كل مثقف عربي و وطني و قومي خاصة و أن التعتيم الإعلامي الذي أحكمه العدو الامبريالي الصهيوني و التشويه الذي روجه عملاء الاحتلال الإيراني أدخل تشويشا كبيرا في ذهنية المواطن العربي.

 

و لا نبالغ إذا قلنا أن حزب البعث بفضل نجاحه في  إدارة معركة المصير من داخل العراق العظيم استطاع  أن يمد المثقفين الوطنيين العرب بأفكار و مسلكية سياسية تساعد على إيجاد الصيغ التوحيدية لمختلف التيارات القومية و الوطنية داخل القطر الواحد و في الوطن العربي ككل . كما استطاع أن يسلحهم  بأدوات تقييمية  تمكنهم من تحديد الموقع الفعلي لكل التيارات و الأحزاب و الحركات السياسية العربية داخل دائرة الصراع القومي الحالي و أن يضع تحت تصرفهم أدوات قيس ثورية تمكن من تحديد حجم كل واحدة من المجموعات التي تعلن تبنيها لمشروع تحرر الأمة و وحدتها.

 

لقد أدى وضع الركود  خلال العشرييتين الأخيرتين من القرن الماضي  إلى تذبذب و ارتجاج أغلب التيارات القومية ، فقد اختلّت بوصلة العديد من القوميين العرب نتيجة  عاملين أولهما تنامي  نفوذ نهج كامب دافييد و أوسلو  الاستسلامي  و ثانيهما تأثير المغالطات الإيرانية   مما ساعد على انتشار ما تسمى بأحزاب الفرد الواحد و تعدد مشاربها السياسية و الفكرية و بالتالي تفكك الجبهة الوطنية و القومية العربية.

 

إن استثمار المناخ النضالي  الذي فرضته المقاومة العراقية في الساحة السياسية العربية هي احدى المهام المطروحة على كل القوى القومية الصادقة  و هو بمثابة الدعوة للخروج من وضعية  القوقعة و النرجسية  و الشرذمة التي أصابت العديد من الحركات السياسية القومية  العربية.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٦ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / أذار / ٢٠٠٩ م