صدور روايات ثلاث للكاتب : جلال / عقاب يحيى

 

 

شبكة المنصور

 

بدعم من وزارة الثقافة في الجزائر، في إطار تدعيم وترقية الكتاب، صدرت روايات ثلاث للمؤلف والباحث السوري الأصل، الجزائري الجنسية : جلال / عقاب يحيى .

 

العنوان المشترك للروايات : تلاوين شرقية ، تحكي بلغة الرمز أحيانا، والتاريخ المسقط، المتداخل ثانيا، والمباشر الموغل في عالم الاستبداد .. ثالثاً.. قصة الواقع ، والإنسان، والحلم العربي ..

 

الرواية الأولى بعنوان : سرحان ومضارب الجذور ، حين يقف سرحان في " الزاوية الحرجة" سجين العمر، مقلباً الكلمات، والأوصاف، والأحوال، بدءاً من ربطة عنق يكتشف أنها مزيفة الصنع، وحين يقلب ربطات عنقه المرمية أرتالاً.. لا يجد واحدة منها كتب عليها أنها صناعة عربية، رغم تأكده من بلد الصنع .. يرتحل في الكلمات، والتواريخ، وإذ به عند أسوار بابل، أمام نبوخذ نصر العائد من انتصاره الكبير على ممالك الزيف والتصنيع . يعشق سارة اليهودية، وسارة أسيرة بلباس مراهقة تخفي طيَات القرون .. يحاورها فيلج الدهاليز، تحاصره فبلتقط ثقب الخروج .. وعند الحجاج يتفرَج على قطع الرؤوس وقد انتشى الحجاج، وفجأة يكون في ركب مستقبلي سليم الأول الباحث عن " عظمة التاريخ" : أحداً من سلالة بني العباس يمنح المنتصر ثوب الشرعية، وقد جاؤوا به أغبر، أشعث، بالياً، حافيا .. حفظ الكلمات التي ستقال بالمناسبة، ومنها إصباغ اللقب اللائق بالمنتصر " خادم الحرمين الشريفين"، إضافة إلى لقب خليفة المسلمين ..

 

ولأن شاعراً بوهيمياً، أو جريئاً يغضب لسرقة عقول وصنَاع، ومهرة الشام، حين قرر سليم الأول تجميعهم وجرَهم معه إلى العاصمة، فينطق ببعض الحق.. يتجه العسكر، الجند والمفاتي، وقواد الحملة، وعلى رأسهم كبير القواد.. يشطرون ويمزقون الشاعر، إلا أن لسانه يطير منهم، يحلق عالياً في الفضاء، وينطلق في هجائهم، وتعريتهم أمام الخلق .

 

يغضب سلطان السلاطين، الفاتح المنتصر، إمام وخليفة المسلمين، خادم الحرمين الشريفين المتوَج من" عظم التاريخ" للتو، فيأمر كبير المفاتي أن يجيء له بتفسير لهذه الظاهرة الخطيرة : لسان يطير ويحكي ويفضح..يتأتئ كبير المفاتي . يحمرَ ويعرق، ويصل إلى التفسير المبدع : شيطان يتلبس ذلك الشاعر المارق . يأمر السلطان بالقضاء على إبليس المتلبس، وعندما يعجز المفتي يأمر كبير القواد بقطع رأسه، ثم التربَع مكانه : مفتياً جديداً للسلطنة . يتضرَع كبير القواد . يذكر السلطان بالتاريخ الذي كان، بالوفاء، بالعمر الذي أمضاه في الخدمة. يبوس الأقدام وما من فائدة، فالأمر السلطاني صدر، وعلى كبير القواد أن يصبح مفتياً، وعندما يراه مرتجَاً، يقترح سرحان عقوبة القرفصة للجميع، أو لنقل : بنات افكار سرحان، وإذ بالجميع في وضع القرفصة، وفي مقدمهم : كبير القواد السابق، مفتي الممالك والسلطان . والقرفصة صعبة خاصة لمن لم يعتد عليها، ولمن انتفخ كرش الوجاهة فيه فارتفع حتى الفم، والمفتي الحالي يعاني، والعيون عليه . عيون من كانوا حتى اللحظة يخضعون لقيادته، وإذ بهم يتحيَنون الفرصة للانتقام منه. ينتظرون أي حركة صغيرة كي يبدأوا واجبهم، خاصة إذا ما حامت ذبابة زرقاء، أو سوداء، أو برغشة جائعة تبحث عن دماء (طاهرة) فتضطره لتحريك بد أو رمش، بينما الوضع يمغصه، والروائح تضغط عليه . يضحك سرحان ويرتحل في التحليق.. وإذ به أمام أسوار القسطنطينية مع جند محمد الفاتح . في الخرائب يعثر على رومية، يعشقها، يحاول وصالها بطريقة حضارية لا تعرف الاغتصاب، لأنه عصري، ومؤمن بحرية النساء ومساواتهن بالرجال، ويحاورها حواراً طويلاً في الحق، والعدل، والقوة، والظلم.. تنتصر عليه، فيتركها وشأنها ...

 

فجأة سرحان مقبوض عليه من كبير المفاتي، والتهم من العيار الثقيل، وكل واحدة منها تؤدي إلى المشنقة، أو الخازوق، أو التقطيع، وخلع الأظافر، وسلخ الجلد، وأهمها ثلاث : إزالة صورة مولانا السلطان من غرفة النوم ووضعها في غرفة الصالون ـ السخرية يوم القرفصة، والقهقهة على وضعية كبير المفاتي ـ  إطلاق سراح الرومية، وذلك الحديث الخطير، المسجل، الذي دار بينه وبينها..

 

ينتظر سرحان قدره، لكن لسان الشاعر البوهيمي يأتيه فيقترح عليه خطة للإنقاذ، آخرها أن يقترح على كبير المفاتي اصطياد لسان الشاعر مقابل الإفراج عنه ..يقبل كبير المفاتي، فيقرر سرحان الهروب . يهرب سرحان إلى حياة التخفي، يخترع اسماً وكنية وتاريخا وذكريات، ويعيش في المدينة بصفة أنه كان تاجراً، وأصله من المغرب..

 

في بيت جماعي يضم حفاراً  للقبور عاقراَ( ربما بسبب الخوف والأهوال التي عاشها مذ كن يرافق والده في هذه المهنة) وزوجته الثرثارة، وعامل بالخزف، وشاعر، نقاش بوهيمي، وصاحب البيت.

 

يتحفهم المغربي بقصص غريبة من حياته، ومغامراته، فيحبونه، ويعمل لبعض الوقت مع أبو محمد في المقابر، ثم يكتشف أن المقابر ليست أكثر أمناً كما توهم، فهنا يأتي مراراً أصحاب الحكم والنفوذ لتفقد أضرحة أقربائهم، وعندما يموت عم أمير المدينة ـ والد زوجته ـ يضطر سرحان لفتح تاريخه من يوم جاء عرياناً، جوعاناً، إلى يوم صار من كبار الأثرياء، ووفاته المجلجلة في مبارزة جنسية لتعيين البطل الذي يمارس أكثر، والذي اعتبر شهيداً سقط في ميدان الشرف، ولأن الميت غني، ومشهور، وشهيد.. فإن السلطان يوفد وفداً كبيراً سيكون فيه بالتأكيد كبير المفاتي.. فيهرب سرحان، وقد جرَب العمل بالخزف أياماً فلم يقدر على عمل بمثل ذلك النوع من الجهد، هو الذي كان طرياً، مثقفاً، ناعماً، رغم إكثاره من شعارات الشغيلة، والبروليتاريا، وصناع التاريخ . يهرب، والجيال وجهته..( صابر المغربي) الذي اخترعه اسماً حركياً يتمرد عليه، ينفصل، وينفصم، فينطلق على هواه. يحاوره، ويعاركه، ثم يقرر إعدامه ..

يكتشف في الجبال الاختناق، مغاور التاريخ، وكهوف العقل، ومن سبق، يتأمل قصص اختراق الماء للصخر، حكاية المقاومة وتشكيل الرمل .. فيقرر أخيراً الذهاب إلى المضارب للبحث عن الجذور : مضر وما أدراك ما مضر..يخترع اسم رحيل، ورحيل أكثر خبثاً من صابر المعدوم . يتجادلان ويتقاتلان، خاصة وأن رحيل يحب سرد السيَر، وقصص الحكواتي، فيغمره بفيض منها، ويغوص رحيل في حكاوي غريبة، وعندما ينفعل من سرحان يتناوله، فيبدع له تاريخاً، وعقداً، وعشقاً، وعشيقة اتتحرت لأنه لم يكن فارسها .....

 

يقترب من الصحراء، فينصحه أحد الأدلاء بالتوجه إلى حدود تدمر : هناك طيَات التاريخ طبقات، وهناك الجذور والمطلوب . ينكش، ورحيل، في طيات التاريخ، الرمال . يتعب. يعرق. ييأس . يتشاءم أمام كتل وطبقات الجثث، والرؤوس المقطوعة، والأشلاء المبعثرة محاولاً معرفة الزمن الذي وقعت فيه.. فيتوه، والزمن عامر بالرؤوس المقطوعة.. ثم يصل إلى أجساد ما زالت حيَة كأنها دفنت الأمس . ما زالت تتحدث عن نفسها، عن تلك المجزرة الرهيبة التي وقعت قبل حين، وقادها قائد الفوارس وجيشه اللجب، حين هجم هجمة واحدة على النائمين، المساكين فاجتثهم، ودفنهم : الميت والحي..

 

على أنقاض رمال تدمر تترى الهجمات.. وإذ بسارة اليهودية تقود جيشاً لجباً، وإذ بالرومية الأسيرة التي أطلق سراحها غيرها تلك التي حاورته وتكلمت بلغة حضارية عن الحق والعدل، والظلم.. وإذ بسرحان السارح يدخل معارك كثيره، وسيف البدوي أكله رمل التاريخ فما قدر على انتزاعه ..

 

( يقع العمل في 301 صحة من الحجم المتوسط )

 

الرواية الثانية : وميض أحلام حالمة ..

 

سرحان البائس، اليائس، المهزوم، المكلوم.. يحاور صلاح الدين الأيوبي . ينهره القائد الكبير يأسه، وتمزقه، وشعارت " ميزان القوى" . يتجادلان، يفصفص له بطلان هذه الشعارات، وكيف كانت أيامه. يرشده إلى الطريق، والطريق : امتشاق الإيمان والإرادة والسلاح، ووحدة الكلمة ..

 

يسرح سرحان في " اكتشافه العبقري" أننا أمة، وأوضاع، وأحزاب، ومعارضات رد الفعل. يسبح في فضاء الانتشاء، وإذ به أمام جلجامش، ونبوخذ نصر، وحشد التاريخ، وإذ بوحمة" البروتريسكا" تسد الأفق، يتلوى التاريخ فيتقيأ..يحضر العراق وجلجامش يقاوم الفيض والفيضان، ويعاتبه نيوخذ نصر الذي خدعته راشيل فتغلغلت في شرايينه . دخلته في لحظة ضعف الشيخوخة فسكنته وحنطته، ويحتج لينين على تحنيطه، ما هكذا أحب، ولا هكذا أراد، لكنه العم ستالين، وخروتشوف الخارج من عباءة الفلاحين ينتقم بطريقته ، والثلاثي المنتقم/ فالزلزال الكبير/ وغزو العراق .

يحضر حمدان صديقه . يضطر حمدان للتذكر. يرتحل بعيداً، أعواماً إلى الفداء، الأرض المحتلة، رفاق الشهادة . أصدقاءه، وعندما جُرح ونقل إلى بيت العم عبد الرحمن المقيم في مخيم جنين القسام .

 

في بيت العم تفتح ابنته الشابة جنين القسام دفتر الذكريات الصغير.. تحكي الجدة بعض القصة، وفصولاً من الغصة، وحمدان جريح، وصديقه يستشهد في البيت.. تتوغل فيه جنين فتسكنه، يتعاشقان عشقاً خاصا. يتزوجان ويتسربلان إلى خارج فلسطين. وفي المنفى تحكي الأيام قصص الرحيل والترحيل . الفشل، والضغط، الشبيحة والشفط، وأعوام القحط، وحمدان لم يبق له سوى الحلم .

 

يرتحل حمدان في الحمل بعيدا، عميقاً، هو المؤمن أن هذا الكون اللامتناهي، والسموات السبع الطباق.. لا بد وأن فيهما الكثير من الأسرار. لا بدَ أن كائنات متطورة موجودة، وتزور الأرض . يقرأ بعض الكتيَبات، ويستعرض جزءاً مما جاء فيها عن أخبار الصحون الطائرة، ورؤيتهم من قبل ناس كثر..ينتظرهم طويلاً . تحاول جنين القسام ثنيه . إيقاظه، لكن حمدان، او جواد العامري يبقى معلقاً بذاك الأمل. وفي لحظة فوران يقرر الذهاب إليهم.. لا بدَ انهم يرتادون الصحراء. يشتري حماراً وزاداً ويسافر. يحاور حماره وقد( اتفقا) على أسم صبَار، ويعشق صبَار في الطريق حمارة كاد يحرن فلا يستمر..يسافر. يسافران، وفي واحة داخل الصحراء ينتظران.. أسبوع، أسبوعان.. يمتد الحلم وقد خالطه اليأس، ويجيئون..برقاً، نوراً، كوكباً يحط على الأرض، يهبطون .. ثلاث، أربعة، وربما ستة، وعندما ينظر إلى الحمار صبار يجده تقرمد، أو تيبَس كأنه محنط . يحاورونه طويلاً، يدخلون تجاويف مخه، تكاد وهج الكوكب أن تتوهج أنثوياً.. ولكن .. وفي الأخير يرتحلون. يرتحلون حلماً كما جاءوا، كأنه يصاب بفقدان الذاكرة، يستنجد بصبار المقرمد الذي عاد.. لكنه لا يتذكر شيئاً، فجأة يتكلم صبار، يساعده على التذكر، فيستعيد حمدان تفاصيل المشهد، الحوار، واللقاء، وتوهج وهج الكوكب التي كادت.. لولا ..ثم يأتيه الجواب بإرسال رسالة إلى مخه مباشرة يبلغونه فيها موافقتهم، مع الاشتراطات التي وضعوها .. 

 

الاتفاق بسيط : منحه ومجاميع يختارها، بحدود /1500/ قدرة الاختفاء، والوعد بفعل التجريد، وعدم اللجوء للعنف إلا للضرورات القصوى . يبذل جهداً خارقاً لإقناع سرحان، لأنه صديقه الحميم، وأول من يجب أن يكون.. يسخر سرحان. يتجادلان، يتشاجران، ثم يقتنع سرحان، وتقتنع جنين القسام، وسهيلة، ويبدؤون وضع الخطط، بدءاً من شروط انتقاء العدد المطلوب وبلدانهم العربية وجنسهم، إلى فعل" التجريد" الذي يعني تجريد القوى المعادية، خاصة أمريكا، وبريطانيا، والكيان العنصري أساساً من كل قواه الاستراتيجية والحربية، ثم توجيه ثلاث رسائل أو إنذارات للشعوب الأمريكية بوضع حد لإداراتها العدوانية كي يعيش العالم بأمن وسلام، وترك بلادنا، وإيقاف الدعم للعدوانيين الصهاينة، ورسالة أخرى للشعوب البريطانية، تحاول تذكيرهم بالدور الخطير الذي لعبته حكوماتهم على مرَ التاريخ في تقسيم الوطن، وهندسة التجزئة، وزرع الألغام، وأن المطلوب تعايش الجميع في عالم خال من التآمر والقتل والحروب. والرسالة  الثالثة، وهي الأهم، إلى الكيان الصهيوني، وبعد التذكير بالحق التاريخي للعرب في فلسطين، ووجودهم كغزاة، ومعمرين، ومحتلين، والاعتراف بجزئهم العربي(اليهود الشرقيين الذين عاشوا معنا قرونا)، ثم ترك الخيار لهم : إما العيش في كنف دولة ديمقراطية تحقق المساواة لجميع مواطنيها، كجزء من الوطن العربي الموحد، أو الرحيل، مع الوعد بتقديم تعويضات عادلة.. وإلا ستكون الدماء، وتكون الحرب ..

 

بعد نقاشات تقرر قيادة المجاميع( وقد أنجزت فعل التجريد) نسف مقرات الموساد، وتتبعها بمقرات( الشين ـ بيت)، وتحصل على أكوام الوثائق . الوثائق خطيرة، مليئة بالمعلومات والمفاجآت.. وفيها الكثير عن الحكام والمسؤولين. المثقفين، والمحللين الاستراتيجيين وغير الاستراتيجيين، عن آلاف العملاء والمزروعين . يقررون الاهتمام بهذه الوثائق لاحقا، لأن المهم تحرير فلسطين، وقد وضعوا مدة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر . وتبدأ عملية التحرير، وحين تقلع طائرات العدو التي اعتادت تحقيق النصر في كل حروبها على العرب، تنفجر في قواعدها، أو في الجو، وبعضها الذي طار ترتد قذائفه إلى الجهة التي انطلق منها. تبدأ مرحلة انهيار الكيان، تتلاحق المصائب بضرب مقرات وزارة الدفاع، وهيئة الأركان، والقيادة الأمنية المصغرة ، ويبدأ سيل الهجرة والبحث عن مخرج ومهرب .

 

وكان لا بد من معاقبة المجرم شارون، فتقتحم مكان نومه مجموعة صغيرة مختصة، تفاجئ شخيره فيرتعب. تصفعه، وتترك فيه جروحاً ورضوضاً من النوع الغريب الذي لا يمكن لطبيب أو مختص أن يكتشف أصله، ودواء له، وتشترط على المجرم أن يظهر بهيئته الجديدة على الناس، وإلا سيكون للمجموعة كلام  آخر معه . ثم نقف مع حالة شارون، وهلوسته مع نفسه، ومع أمين سره، واضطرارهما إلى المجيء بطبيبه الخاص المندهش مما يرى، وحالة شارون المصاب بما يشبه الشلل (( للمناسبة تنبأت هذه الرواية المكتوبة عام 2002، وبوهج مجزرة مخيم جنين نهاية مشابهة للذي حدث لشارون..)) ..وخلال زمن قصير يتمَ تحرير فلسطين . تعود فلسطين جزءاً من وطن كبير، يتعايش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون، مواطنون متساوون بحكم القانون، وحرية التعبير والتنافس، والمشاركة عبر انتخابات حرة، نزيهة ..

 

أما الأنظمة العربية.. فتكتشف المجاميع أنها كورق الكرتون. بناء رملي يطير بالنفخ، وعند أول هبة ريح، وأعتاها، وأقواها لا يصمد فيه أكثر من مئة .. بينما يقتصر العدد في بعضها على واحد، واثنين، وكمشة.. مما يسهل عمل المجاميع، حتى أنها وبغمضة عين، وعبر سيل الجماهير المنتشية بتحرير فلسطين.. تهرب القيادات المقودة.. وتلتحم الشعوب مع مصيرها..

 

وبينما كان حمدان يعد بيان الانتصار، ووعد الناس بإجراء انتخابات شاملة في الدولة الاتحادية العربية.. التي تستوعب تفاوتات الأقطار، والأقليات والتنوعات العرقية والدينية والمذهبية.. وغيرها.. كانت أصوات جنين القسام وهي في مخاض الولادة تنبش حلمه . تشده وتصرخ : أين أنت.. لقد نزلت ماء الرأس، وأكاد ألد وأنت نائم لا تحس .....

 

يقع العمل في /280/ صفحة من الحجم الوسط .

 

الرواية الثالثة : رسائل حكايات متناثرة ..

 

وهو أكبرها، إذ يقع في نحو /440/ صفحة، وأكثرها تشعباً، وشاعرية، وخيالاً، وتنوعاً..

لقد هجَ سرحان بحثاً عن فضاء حر.. وفي سرحانه تختلط عليه الرؤى.. بين الحلم واليقظة، أو يقظة الحلم، أو العكس.. يراها " المقصودة "، الحلم.. مايا المايات..حكاية النساء العربيات المتزوجات العذراوات، المغتصبات، السارحات، الباحثات عن الحب، والدفء، والاحتواء .

 

يكتب لها، يحاورها، ولا يدري إن كانت حلماً، وهما من نسج يأسه الهارب، أو واقعاً. تطلب منه أن يكتب لها عشر رسائل، يوضح فيها حياته، رؤاه، تجاربه، مشاهداته.. كل شيء، وتحذره الكذب والتصنع، لأنها تكتشفه، وعلى أن يضع الرسالة في مكان حددته، واحدة كل ستة أيام .

 

بين الحلم والواقع يشرع سرحان بالكتابة.. عشر روايات ونصف، أو قصص طويلة يتناول فيها قضايا كثيرة..ولأنها طويلة، وشديدة التداخل، والشاعرية، سنكتفي بموجزات صغيرة عنها. حيث أن الرسالة الأولى بعد الأولى يتحدث فيها عن المضارب، ثم الاستبداد المستبد عبر ذلك الكاتب الذي نشر كتاباً موسوعياً عن البذر والفصفصة ودوره في تاريخنا وحياتنا، ومصادرة الكتاب، وتوجيه عديد التهم الخطيرة له.. وكيف عقدت المحكمة، وأصدرت الحكم بقتله بنفس العلة" وداوني بالتي كانت هي الداء"، أي القتل بالبذر..بعد ربطه ووضعه في الشمس الحارقة ..

 

الرسالة الثانية بعنوان : عام الطوف، وفيها يحكي عن تلك النبتة التي أعطت ثماراً مخصَبة لكل شيء. انتشرت، فتزاحم الناس. تقاتلوا، وتناثروا، وضجَت النساء، والحيوانات، والأطفال.. فالفورة طفرة، أكبر من أي ثورة، وقد شقلبت كل شيء.. وباتت المرأة تطالب الرجل بالحبل، ورفست الحيوانات أصحابها، واختلط الحابل بالنابل... وكان لا بدَ من اجتماع القبائل لمواجهة الكارثة. يجتمعون.. ونستمع إلى ما يقولون . يختلفون، ويتنابزون... ثم إلى اللجان يلجأون، وما زالت اللجان منعقدة حتى يومنا هذا .فيسرح سرحان ..

 

الرسالة الثالثة بعنوان : التاريخ.. حين نزل التاريخ البكر. كان جائعا فالتهم ما وجد من الحشائش والثمار، أصيب بمغص شديد فراح يتلوى . يخرمش ويخربش، وعندما غادره المغص أعجبه الرسم، فقرر تركه ليكون عبرة، ولغزا يحار المؤرخون في اكتشافه، وعندما يأتي مستبد شامل يدعي أن الرسم إشارات مقدمه، فيشكل لجنة من كبار المؤرخين لتأكيد الحقيقة . نستمع لتخريفات ودجل أعضاء اللجنة، ومعارضتهم من قبل أحدهم، ثم مصير هذا المعارض برميه في " جبَ الغفران" الذي كان للتوبة ، وتحول لأفظع أنواع القتل والتخويف .

 

الرسالة الرابعة " وسرحان هارب وعائلته.. يلتقي بخيمة وحيدة في جبل أجرد، ورجل أمرد.. يصفه عاداته الغرائبية، وقصة الخلاف على البيضة التي باضتها دجاجة سرحان عنده، ثم الاشتباكات بعد أن فلت حماره وركب حمارة الجار.. وأقاصيص صغيرة ساخرة.. وصولاً إلى ولادة كرين أبلقين...ولأته يكتشف أن (أبو جماح) شيئاً آخر غير مظهره، ويخفي قصصاً رهيبة عن تاريخه.. لا تكتمل الرسالة، فيعد المقصودة إتمامها لاحقاً .

 

الرسالة الخامسة.. تبدأ بالعراك الفكري بين سرحان وشيخ المدينة، خاصة حول الاجتهاد وموقعه، و" أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" فيتهمه بالزندقة والمروق، يحلل دمه فيهرب. في الطريق يحاور النسر، يعترض بصناعة قصة حب بين نسرة وعقاب، وولادة نوع جديد، أطلقت عليه العرب عدة أسماء، يذكره النسر بجاره (أبو جماح) الذي تركه وحيداً، فيقرر الارتحال إليه .

 

الرسالة السادسة :  يعود فيلتقي أبو جماح، يعرف منه بعض قصته، يدخل أبو جماح طيَات التاريخ، يشرح له من أين جاء اللقب، وأنه كان " يكبَس" الحمير الصغيرة، ثم بات خبيراً فذاع صيته وافتتح خاناً كبيراً، والخان ملتقى الأصناف، يتبادلون الكلام والآراء.. فداهمتهم عسس السلطان . بطشت بحميره، ودجاجه، واعتقلته، وفي الطريق هربت الشرطة عند سماعهم بمقدم غزو المغول . يتبادلان الرأي في استغلال الكرَ والكرة البلقع.. لكن الخوف كبير من غضب السلطان ومصادرته لهذا النوع النادر . يطتفي سرحان بأخذ الكر، ويغادر صاحبه .

 

الرسالة السابعة : والسبعة مجهول مجاهيل التاريخ . حكاية قديمة طويلة، وسرحان مشغول بفك الرمز فلا يعثر على جواب من أبيه وجده. يذكر والده شيخ بني عمور الذي يمكن أن يعرف، فيقرر السفر إليه . لكن مجيء"ابن البلد البار" إلى المدينة، والاحتفاء به .. يضطر سرحان لتأجيل السفر. ويفتح لنا هنا حكاية طويلة عن منشأ وتطور "ابن البلد البار"، وانتقاله من قوَاد في ملهى إلى مسؤول كبير، ضمن صفحات طويلة مليئة بالأحداث، وعندما يقابله، بعد ضغط من زوجه وحماته، ووفد المدينة، يختلف معه، يصفعونه بالتهم، فيقرر الرحيل. تتنوع الحكايا في هذه الرسالة التي هي الأطول، فتعرضنا قصص السلاطين من طين وعجين..

 

 الرسالة السابعة والنصف ..ولأنه ما زال في همَ البحث عن سر السبعة، يواصل الكتابة إليها فيما قال : السابعة والنصف، فيروي حكايا التاريخ، وفي الطريق لاكتشاف السبعة، يرى ويكتشف أشياء كثيرة، وعندما يصل الحدود إلى بني عمور.. يتفاجأ بوجود مخيم القعود. يتعرَف على المجنون أبو مسعود، وإذ به أعقل الجميع. يخدثه عن مخيم القعود، وعشقه الذي هناك، خلف التلة، والذي هناك فلسطين، وبعض سيرتها.. وحكايتها مع مخيم القعود وحراسه من الدول العربية. وينصحه بالأخير الكفَ عن هذا البحث السخيف، والتوجه إلى عمل مفيد.. فيرجع سرحان .

 

الرسالة الثامنة : الاغتيال.. وهنا يغوص في معاني وقصص الاغتيال . اغتيال النساء بالزواج المرغم، واغتيال أخته التي زوجوها من قريب لص، واغتيال الصحاب، والأوطان، واغتيال المبادئ والشعارات والأحزاب، يروي لها قصة "مولانا" الانتهازي الذي صار ضابطا كبيرا يعذبهم وهم سجناء، وكتبه، ورواياته، وتحول زوجته الأميَة إلى كاتبة روائية شهيرة بغمضة عين، وفلسطين، وأمه، ووالده ..

 

عندما يضع الرسالة الثامنة يكتشف وجود رسالة منها . الرسالة قصتها، هي العذراء التي تزوجت دهراً...وقصة ابن عمها وعقده، ثم تبلغه أنها يمكن أن تعفيه إتمام العشرة لأنها عرفت الذي تريد .

 

يتبلبل سرحان، ثم يواصل التاسعة بعنوان " الهزيمة . وبلغة الرمز، ثم الصعود والتصعيد، نفهم أنه يتناول هزيمة ال1967 وأسبابها ونتائجها، وهزائم الجيوش والدبابات المدببة، وفلسطين الحاضرة في الانقلابات المحببة...

 

الرسالة الأخيرة بعنوان : اكتمال الوعد.. وماذا بعد .. يسبح سرحان في حلم اللقاء. الزواج. الإقامة في هذا الجنان الممتد. الوحدة. الأولاد والخلاف على أسمائهم بين أن يكونوا اشتقاقه، كما تصرَ مايا، وبين أن يكونوا تكرارها، كما يلح هو..ينتشي وهما يعبان كؤوس حب أسطوري، والأولاد حولهما. يختلفان في بعض الأمور الصغيرة. تخرج بدوية سرحان في لحظة اندفاع فلا يرى غير السلبيات في مايا..وفي لحظة اندماج.. تمحو الذاكرة ما علق.. ينتصر الوهج.. فيتحاممان ..

 

عندما يهمَ بوضع الرسالة الأخيرة يكتشف رسالة منها.. الرسالة عبق، وأسف. فقد جاءها الخبر بأن أمها تحتضر، وأنها تناجيها الحضور.. تعتذر مايا، لأنها مضطرة للرحيل، وتعده بأن  تجيء يوماً.....

 

 

*******

للإشارة : هذه الأعمال جزء من مجموعة أعمال واسعة، منوَعة للكاتب، تصل العشرين، وتنتظر الظروف الملائمة للنشر .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٩ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / أذار / ٢٠٠٩ م