اختطاف القرار الفلسطيني والعربي والدولي

 

 

شبكة المنصور

محمد داود / كاتب وباحث

تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلي الجاثمة على أراضي الشعب الفلسطيني من فلسطين التاريخية المحتلة في عامي 48-1967م محور اهتمام العالم ، فمن خلالها تنعم المنطقة بالهدوء والأمن والاستقرار، وبيدها يحقق الفلسطينيون احلامهم في نيل الاستقلال وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأيضاً ينال اللبنانيون والسوريون وغيرهم حقوقهم في إستعادة أرضهم المحتلة.


فالتهديد الإسرائيلي لم يقتصر على الشعب الفلسطيني المحتل، ولا عند بعض دول الطوق، بل يشمل المنطقة برمتها حتى عند أقرب الدول الموقعة على اتفاقيات ومعاهدات سلام مع إسرائيل مثل الأردن ومصر الشقيقة،التي نجدهما أيضاً مهددين أمنياً وثقافياً و..، فمصر على سبيل المثال مهددة وفي حيرة من أمرها، وقد اعلن عن ذلك قيادات إسرائيلية ابرزها كانت تلك التصريحات الصادرة عن ليبرمان وغيرهم من اليمين المتطرف بضرب السد العالي وتجويع مصر، وتحميلها المسؤوليات اتجاه دعم المقاومة أو عدم مكافحتها تهريب السلاح والانفاق مع قططاع غزة، نموذج مصر ينطبق ايضاً على تركيا التي لم ترتاح للسلوك الإسرائيلي المنفرد بالمنطقة بلا رادع اتجاه المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وقتلها المدنيين العزل في غزة. ليس فحسب عند هذا الحد؛ بل إن التمرد الإسرائيلي لم يكف للحظة واحدة عن لغة التهديد باستهداف سوريا ولبنان وإيران في تارة أخرى ،رغم بعد الأخيرة جغرافياً عن فلسطين .


فإسرائيل تشكل عامل قلق سياسي وعسكري ونفسي واقتصادي واجتماعي في العالم أجمع بشكل عام، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، إذ يقف العالم كله حيال ذلك حائراً وقد شعرنا ذلك أثناء الانتخابات الإسرائيلية وما سينتج عنها سواء "حكومة يمين أم حكومة يمين متطرف أو حكومة خليط بين اليمين واليسار" ولا أدري ما الفرق بينهم جميعاً، فقناعتي أنهم جميعاً يثنون على قهر الشعب الفلسطيني وإرتكاب المجازر ومواصلة الاستيطان وابتلاع الأراضي واعتقال المزيد من الفلسطينيين، وعدم احراز أي تقدم على مسار المفاوضات السياسية.


إن دور إسرائيل كبير ومؤثر على القرار الفلسطيني على وجه التحديد بل أنه بلغ الأمر به في أن يؤثر على بنية مسار الحوار الفلسطيني الداخلي بتأجيل وتعطيل جلسات الحوار وعلى مسار التهدئة وقضية الندي شاليط، واستثمارها كأوراق ضغط لإبتزار المفاوض الفلسطيني "بترحيل الملفات لحكومة نتنياهو والابقاء على الحصار وسط الحاجة الملحة إلى إعمار غزة"، كما وصل درجة القلق والشؤم عربياً وفلسطينياً في "رام الله وغزة والقاهرة وواشنطن وعواصم أخرى ... وكأن الحكومة المنصرفة أوقفت المجازر وقدمت الدولة والأرض والحقوق للفلسطينيين؛ وإن كانت أدناها "إزالة الجدار الفاصل ونقاط التفتيش المنتشرة في الضفة الغربية ورفع الحصار والإغلاق المفروض عن قطاع غزة منذ عامين" بالتالي نصل إلى نتيجة مفادها؛ أن الدور الإسرائيلي وجد أرضية خصبة في التعامل مع الساحتين الفلسطينية والعربية ووجد صدى له حتى يعبث في أوراق الساحة الدولية، التي أبدت قلقاً وتشعر بخيبة أمل تزامنت مع تسلم إدارة أوباما الجديدة مقاليد الحكم.

 

والسؤال كيف ستكون طريقة تعامل المبعوث "جورج ميتشل" المكلف بإنشاء مكتباً له في القدس.؟ وهل سينجح في مهمته ؟ وسط صعود اليمين المتطرف في تل أبيب الذي ينادي ويهدد بمارسة سلوك إجرامي بحت وغير معهود قد يقلب المعادلة في المنطقة رأساً على عقب، والممارسة الفعلية تدل على ذلك وقد بدأت خطواتها العملية اليوم بهدم مناطق شاسعة من القدس لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، وتغيير معالمها الديموغرافية تمهيداً للسيطرة الكاملة عليها؛ بعد نتائج الاستطلاع التي حذرت من النمو الديمغرافي للفلسطينين في السنوات القادمة مما يهدد الوجود اليهودي بها.


إذاً المشهد يروي أن الكل يناشد إسرائيل ويتوسل إليها فهي من تملك مفتاح الأمن فمثلاً : "تركيا وصلت في أتصالاتها كوسيط بين دمشق وتل أبيب لمرحلة اللقاء المباشر، لكنها أفشلتها الأخيرة" أيضاً "مصر وصلت لمرحلة إبرام صيغة إعلان مبادئ للتدهئة وحل لصفقة شاليط، لكنها أفشلتها" ووصل الجدال حداً به بين الرئيس المصري مبارك والمبعوث الإسرائيلي جلعاد. كما جعلت القضية الفلسطينية مقصورة على السعي لإبرام اتفاق تهدئة قد يكون مؤقت والنضال الفلسطيني ينحصر في حيز محدود من أجل فتح المعابر ورفع الحصار وإدخال المعونات والوقود والعالقين إلى قطاع غزة.


تلك هي معادلة اليوم وسط تفكك وانقسام الشعب الفلسطيني وتفسخ نسيجه الوطني ومن خلفه العالم العربي في لحظة يتصاعد حدة الاستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية وارتكاب المزيد من المجازر بلا رادع أو حسيب، والقادم أعظم مالم ينهض الفلسطينيون والعرب والمسلمون لإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني والإسلامي.

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٢٩ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٤ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م