الأيتام محنة الحاضر ونكسة المستقبل

 

 

شبكة المنصور

قطر الندى/ كاتبة عراقية

مما لاشك فيه أن الحروب تعد نا الكوارث البشرية ولها تداعيات و نتائج وخيمة، لا تنحصر فقط في الخسائر الأقتصادية و البنى التحتية فحسب، بل تتعدها إلى ما هو أبعد من ذلك. فالخسائر المادية معما تعاظمت تبقى مسألة تعويضها الأمر الممكن خلال سنوات قد تطول أو تقصر ولنا في المانيا واليابان وغيرها نماذجا فقد حسنة فقد عادا الى الميدان الدولي بقوة ونشاط اكبر بعد ان نفضا عنهما غبار الحرب, لكن المشكلة الأكبر هب الخسائر البشرية فهي الخسائر التي لا يمكن تعويضها بسهولة وتحتاج الى عقود من الزمن حتى يمكن تعويضها ولنا في كوريا والفلبين نماذجا مفيدة, ومن هذا المنطلق تعتبر الحروب خسارة لكل الأطراف المنتصرة أو الخاسرة في الحرب مع تباين الخسائر


والعراق احد الدول التي تعاني منذ أكثر من عقدين من حروب أحرقت اليابس والأخضر وتركت آثارا سيئة على كل الأصعدة, ومن هذا المنطلق وجدت نفسي أمام واجب وطني وإنساني مشفوعا بشعور الأمومة أن اتناول موضوع الأيتام في العراق فهي مأساة انسانية ذات ابعاد خطيرة على مستقبل العراق فالأطفال هم بناة المستقبل وعماد الوطن بذرة الخير في أرضنا المعطاء. هذه الشريحة الاجتماعية المظلومة من الأطفال و الشباب ذكورا و إناثا، وجدوا أنفسهم في غفلة من الأنسانية أمام تيار متلاطم من المحن والمشاكل من الوحدة والفقر والجوع والمرض والجهل، بلا أهل و لا عائلة ولا معين يحتمون بظله في وقت عز في الأمان وفقد.


وبقدر ما تكون هذه المشكلة ذات طابع إنساني فأن مسئولية معالجتها تقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأولى وعلى المؤسسات الأنسانية والمجتمع العراقي في نفس الوقت إنطلاقا من النظرة بأن المجتمع كالأسرة او خلية النحل مبنيي على التعاون والتآزر والتماسك خصوصا أيام المحن والحروب والنكبات, ربما يخالج البعض الشعور بأن العاطفة تطغى على كتابتي، ولكن هل يمكن للانسان ان يعيش بدون عاطفة سيما ان الامر لا يتعلق بمسألة فردية بل مشكلة اجتماعية كبيرة او لنقل بالأصح مصير أمة؟ وهذا الأمر يحتم علينا أن نأخذ الموضوع على محمل الجد فقد تحدثت التقارير على وجود الملايين من الايتام في العراق مما يتطلب باتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة لرعاية أبنائنا الأيتام، أبتداءا من قيام الجهات الحكومية بالاهتمام بفتح المزيد من دور الرعاية الاجتماعية و إعادة تأهيلها و صيانتها وتوفير الكوادر المهنية والطبية والاجتماعية والنفسية بما يسمح بتوفير أجواء مريحة للأطفال داخل الدور.


وبقدر أهمية التغذية والإيواء لليتامى فأن هناك متطلبات لا تقل اهمية عنها منها اشعار الايتام بأنهم جزء من المجتمع وليسوا هامشا بلا قيمة وتوفير الفرص التعليمية لهم إضافة الى الاهتمام الصحي والتربوي و متابعة سلوكيات الأطفال و توجهاتهم العلمية والادبية وهواياتهم والعمل على تهذيبها وتنميتها ودعمها بما يعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع, وان عملية المتابعة المستمرة لسلوكبهم وميولهم وإهتماماتهم تساعد على تقويم الأخطاء و تسهم بتوجيه الطفل في المسار الصحيح.


إن هذه التوصيات سالفة الذكر تشكل من وجهة نظري البيئة المثالية لتنشئة الأطفال النشأة الصحيحة و منحهم الاهتمام اللازم، وأي إهمال أو تقاعس سيكون له اعكاس سلبي ويؤدي الى انحرافهم وإنجرافهم الى تيارات لا تحمد عقباها يدفع المجتمع كله ثمنها


رب يعتقد البعض إن هذا الكلام سوف لا يكون له صدى لدى الحكومة العراقية سيما أن فضيحة ملجأ الحنان لجمت أفواه المتشدقين بالحرية والديمقراطية وكشفت زيف هذ الشعارات الرنانة، ولكن مع هذا فالسكوت أيضا لا ينفع والتستر على الأخطاء يفقس أخطاءا اخرى. إنني اتفق بأننا العراقيين أصبحنا جميعا أيتام سواء داخل الوطن أو خارجه، ربما يهون علينا فقدان الأب والأم بأعتبار أذ ذلك سنة الحياة والموت كتاب مؤجل ولكن الذي لا يهون ولا يمكن تحمله عندما نفقد أمنا الكبرى العراق.

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢٥ صفر ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / شبـــاط / ٢٠٠٩ م