يستطيع حسني مبارك . أن يستمر في وهمه الذي يعتقد فيه أن دور مصر مازال
حاضرا ، و فاعلا ، و مؤثرا في شيء فيستمر في حربه على ايران ، و يمرّر
تهديداته المبطنة لمؤتمر " قمامة " الدوحة.. كما يستطيع عبد الله بن
عبد العزيز أن يستمر في ذات الوهم .. بل أن يضخمه إلى ما يشاء هو ، و
فيصله ، و مقرنه ، و كلّ الطاقم الطويل العريض من طويلي العمر ، و
الأيدي.. الجالسين على صدر ما يسمى " بالسعوديّة " ، و المحتلّين
للحرمين الشريفين .. فيظهرون الأحداث الأخيرة في " سعوديتهم " كحركة
شغب انفصاليّة موالية لإيران ..بعد أن فعلت " خيزرانة مطوّعي الأمر
بالمعروف " فعلتها .. كما يستطيع عبيد الله الثاني بن الحسين أن يظن
أنّ هناك دورا " لمملكة شرق الأردن " أكبر من أن يكون وكرا تابعا
للمخابرات " الأمريكيّة – الصهيونيّة " .. بعد أن زالت " سري جدّا " عن
وثائق المخابرات العالميّة و السفارات الغربيّة .. و التي يغرّد بها "
حسنين هيكل " على قناة الجزيرة ... فيستمر في كذبة " الهلال الشيعي "
.. كما تستطيع " مميلكة البحرين " أن تقيم الدنيا ، و تقعدها على تصريح
" إيراني " و حين تصل مفاعيل الموضوع إلى المغرب العربي .. يتذكّر أمير
المؤمنين " رئيس لجنة القدس " بالوراثة ..عروبة البحرين .. و حين كان
وزيري خارجيّة إيران ، و البحرين يتمايلان أمام ميكرفونات المؤتمر
الصحفي " مثل طيري حبّ " . كان أمير المؤمنين ، و طاقم مستشاريه "
الصهيوني " قد بلغ شوطا طويلا في قطع علاقته مع إيران .. و تظهير "كذبة
" تمدّد المذهب الشيعي إلى المغرب العربي ، و خطره على إسلاميته "
العلويّة - العليّة "، و الذي أظهر المذهب الشيعي ، و كأنّه حكر على
إيران
الثالوث المنخرط في مشروع الشرق الأوسط الجديد ، و تابعيه، و الذين هم
" رأس حربة المشروع الأمريكي " و الذين تمّ توصيفهم " بمحور الاعتدال
العرباني " مازال لا يعي التغيرات التي تصيب العالم بشرقه ، و غربه ..
و راعية إرهابه الدولي " أمريكا " .. و التداعيات الدراماتيكيّة لحلم
الإمبراطورية الذي أسقطته ضربات المقاومة العربيّة في العراق ، و لبنان
، و فلسطين .. و من قبل .. سياسات الطاقم الصهيوني الذي قاده " المضروب
بحذاء الزيدي " ، و ديك تشيني ، و الذين مشوا في طريق ضربات حرب
وقائية.. نالتهم ارتداداتها ، و أفقدت أمريكا هيبتها .. فتطلعت للخلاص
من هذه الزمرة بانتخاب " ملوّن " ، و لمّا يزل هناك جماعات " الكلوكس
مان ... و آلاف العصابات العنصريّة التي تعدّ عناصرها بالملايين .. و
الحروب الخارجيّة التي قادتها " امريكا ".... كانت في جانب منها ..
هروب نحو إرهاب خارجيّ مصنوع مخابراتيا .. للتخلص من مأزق إرهاب داخلي
.. صنعه متعصبون " آريّون " .. كانت رسائل " الجمرة الخبيثة " أحد
فصولها التي أرعبت " المضروب ، و طاقمه " .. و التي ستظهر مفاعيلها على
وقع السقوط الاقتصادي المفتعل ، و هزيمة أمريكا في العراق ، و فرارها
المرتقب من أفغانستان ..
و على خلفية احتلال العراق .. كانت إيران تحشر يدها في وطن فقد جيشه ..
و تسلطت على مقاديره ما يسمى أحزاب إسلامية .. دخلت قياداتها على ظهور
عربات الاحتلال ... أو عادت من منفاها الإيراني .. و كانت هذه اليد
تبحث عن مصالحها قبل كل شيء...و تلاقت مصالح أحزاب فاسدة مزدوجة الولاء
" إيراني – أمريكي " ..مع مصالح إيرانية شاهدت أمريكا تغرق في مستنقع
تم توريطها فيه ...و على وقع مشروع بعثرت العراق .. كانت السياسة تلعب
لعبتها القذرة .. و بوجود " نيغربونتي " بدأ العراق يطبخ طائفيّا على
صراع " قبلي سنيّ – قبلي شيعيّ " .. سالت فيه الدماء الطاهرة .. و
انتفت منه رابطة العروبة ، و روابط العيش المشترك ... و الدين ، و
المصاهرات .. و تحول العراق إلى صراعات تقودها عمائم " سوداء ، و بيضاء
" ، بملتحين يسمون أنفسهم قيادات " أحزاب إسلامية " و الإسلام منهم ، و
من مفاسدهم براء .. و مع استمرار " يد إيران " في البحث عن مصالحها في
العراق .. كانت " إيران "تعدّ " أمريكيا " لتصبح العدو البديل .. عن
الكيان الصهيوني .. و رويدا رويدا بدأت حملات إعلامية تظهّر هذا العدوّ
..و على وقع المجازر العراقيّة .. عادت للظهور مفردات " فارسيّة –
رافضيّة – صفويّة " ، و كلّما ازداد عتوّ الكيان الصهيوني و زادت
عربدته .. زادت جرعة التظهير .. حتى إذا ما انهزم مشروع الشرق الأوسط
الجديد في حرب تموز 2006 كان احد مخلفات الإقطاعية الدرزيّة في لبنان ،
و هو وليد جنبلاط .. يتهم حزب الله ، و مقاومة لبنان .. برأس المشروع "
الصفوي الفارسي " و كان عبيد الله بن الحسين قبل وقت غير بعيد قد روّج
لكذبة " الهلال الشيعي " ، و في الظلّ كان رجل أمريكا في النظام "
السعودي " بندر ابن سلطان " يوجّه السياسات المعادية لإيران في مطابخ
المخابرات " السعودية – الأردنيّة – المصرية – الصهيونيّة – الأمريكيّة
" ..
و في انغماس إيران المطرّد في نهر الدماء العراقي . كان المثقفون
العراقيّون من داخل ، و خارج العراق قد اظهروا من خارج دهاليز " مطبخ
نيغربونتي " أبعاد هذا التدخل ، و ارتداده على وجود ، و بقاء كيان
العراق ..و الذي ترافق مع الدعوات الانفصاليّة التي بدأت تحلم بها "
أحزاب ، و ميليشيات " ذات انتماء شيعي .. كانت إيران حاضنة منفاها ..و
التي انطلقت في سعارها .. متجاوزة حدود الفعل ، و ردّ الفعل .. و حين
كانت إيران قد أعّدت هذه الميليشيات لتنفيذ أجندتها الخاصّة .. و التي
ظهرت إحدى صفحاتها انّها ذات جدوى بالضغط على أمريكا .. كلّما لوحت
بعقوبات " تجميد الملف النووي " .. كانت هذه الميليشيات . تتصارع على
مناطق النفوذ ، و السلطة ، و اقتسام المغانم .. و كانت في كلّ مرّة
برهن إشارة إيرانية تعيدها عن انفلاتها .. و هذا قاد إحساس المثقف
العراقي إلى خطورة اللعبة الإيرانية فيما لو وقعت دولة عربيّة أخرى تحت
ظروف مشابهة .. و هنا ظهر هذا الوعي في كشف أبعاد هذه اللعبة السياسيّة
، و قذارتها و وقف عند حدودها . فيما غرّد البعض من المثقفين على وقع
الصراع . ليظهروا وجها قبيحا للفتنة بأبعادها الطائفيّة .. و ليعلنوا
إيران عدوّا وحيدا ، نظاما ، و شعبا ، و مذهبا .. و إن كان هذا البعض
قد ردّ على " تدخل إيران " بمعاينة واقع فرضته تداعيات الاحتلال ..
فإنّ ذلك في النهاية كان يصبّ في مصلحة " طبخة نغربونتي " .. و كان وجه
العدو قد بدا يظهر على شاشة الأحداث " فارسيّا .. صفويّا " .. و يغيب و
جه العدو الآخر .. الذي انتشر موساده ، في طول العراق و عرضه .. و
بقواعده " الكردستانيّة " ..
دور إيران في العراق .. ساعد المخططين لخلق " العدو البديل " على
الاستمرار في تضخيم " هذا العدوّ " .. و رغم سقوط المشروع الأمريكي في
جزئه العراقي على يد مقاومته ، وسقوطه في جزئه الأفغاني على يد "
طالبان " ومن يدور في فلكها من معادين لهذا المشروع .. و رغم هزيمة
العدو الأساسي للعرب ، و المسلمين في لبنان ، و غزّة ، و كسر شوكته ...
فإنّ بعض من تواطىء مع أمريكا ، و الكيان الصهيوني على مشروعهما
الإحتلالي التقسيمي للمنطقة .. مازال يغرد خارج سرب التغيرات
التراجيديّة الحاصلة على مسرح الشرق الأوسط " الذي لم يتحوّل إلى جديد
" .. و على حين أنّ أمريكا تستجير بتراب الأرض للخروج من مأزقها ... و
تخفيف حدّة هزيمتها في العراق ، و أفغانستان ، و إعادة بعض ماء الوجه "
لحليفها الحقيقي ، الكيان الصهيوني " فإنّ سرب العربان ممن أصابهم
العمى الاستراتيجي .. يروجون لكذبة اخترعوها ، و صدّقوها ، و هي أنّ
إيران " عدوّ العرب ، و المسلمين " حيث لم يشفع لها " دعمها " لحركتين
مقاومتين عربيتين .. بل أصبحت علاقة هاتين المقاومتين بإيران سبة
عليهما .. ليدخلا في فلك " مشروع الهلال الشيعي " و مشروع تمدّد النفوذ
الإيراني ، و مصطلحات " عودة الاحتلال الفارسي للمنطقة " ، و مشروع "
إثارة الشيعة العرب " في دول الخليج على " دولهم " و اختراع فكرة "
الانفصال عند هؤلاء العرب الشيعيين " ، و تصويرهم كأعداء لأبناء شعبهم
، و عروبتهم ، و كتابعين " لإيران " عدوة العرب ، و المسلمين من "
أتباع السنّة ، و السلف الصالح " .. و إيران على المقلب الآخر .. تنجز
مشروعها " النووي " ، و تطوّر " صواريخها " و ترسل " قمرا صناعيّا " و
تدخل على مسرح الأحداث .. بطلا .. تستجدي حكومة " باراك اوباما "
مساعدته للفرار القريب .. بعد ان " قرأ " هو و طاقمه السياسي " تقرير
بيكر – هاملتون " بشكل جيّد .. و بعد أن عرف تماما .. أنّ من زيّن
لأمريكا احتلال العراق .. من عربان " اعتدال ، و اعتلال " هم أضعف من
ان يقدّموا لسيدهم " الأمريكي " أي مساعدة .. فمن يطبخ " خططه " في
أوكار المخابرات ، و في غفلة من الزمن .. مصيره أن يبقى في " وكره "
تابعا .. ينفّذ الأوامر ، و يقوم بالمطلوب منه حرفيّا .. و حيث يضعه
سيده .. يظلّ عبدا مطيعا .. و لقد تمت برمجة هذا العبد على موجة معينة
كان يريدها سيّده لتنفيذ سياساته ، ثم ّ نسيها هذا السيد ، و مازال هذا
العبد " بطبعه الذي جُبل عليه " يعمل عليها ، و بإخلاص و غدا عندما
تلتقي المصالح " الأمريكيّة – الإيرانية " على " أمر قد قدر " ..
سيتذكر السيّد الأمريكي " الموجة التي تمّت معايرة عبيده عليها "
فيغيّرها ... و سيتذكر النظام العرباني الرسمي " أنّ العدو " كان هو "
ذاته " التي سلّمت رقبتها منذ زمن بعيد " لنير الأمريكيّ " .. بحثا عن
مصالح ضيّقة ، و خدمة لمشاريع بهلوانيّة ، و عداوة لشعبها " الكاره "
للوجه الأمريكي القبيح .. وقبل ذلك ، و ذلك " استبدال العدوّ " الذي
تمت تجربته " حربا ، و سلما ذليلا " بعدو تمّ إعداده من اجل أن يكون
احتلال العراق " نزهة أمريكية " .. ومن اجل أن تكون " عربدة الكيان
الصهيوني ، و جرائمه " تحت غطاء تواطىء عربان الاعتدال عبيد " أمريكا "
، و عبيد مصالحهم .. على فلسطين .. و على العراق .
|