مصطلحات غير متفق عليها .. احتلال أم تحرير ؟

﴿ الحلقة الثانية

 

 

شبكة المنصور

سعد السامرائي

أتحرير أم احتلال هو الذي حصل للعراق ,تباينت الآراء على هذين المفهومين رغم دفاع الطرفين عن رأيهما , وبينما الاختلاف جوهري وكبير وواضح في معنى الاحتلال ومعنى التحرير لا بل متناقض, لم يكن ليجري هذا الاختلاف في الرأي لولا تبريرات من جاء الاحتلال ليخدم مصالحهم..


قبل أن نطلق عليه نحن احتلالا أم تحرير تعالوا نسميه غزوا للعراق.. فالغزو الأمريكي الانكليزي على العراق حدث لأسباب ذكرها الغازون كمبررات لفعلتهم الشنعاء وهي أن العراق مستمر في تصنيع أسلحة الدمار الشاملة وثم امتلاك الحكومة العراقية على علاقات مع تنظيم أسامة بن لادن بينما يرى معظم المحللين السياسيين أن أسباب الغزو الحقيقية هي الهيمنة على بترول الخليج العربي بتشجيع من المصالح والشركات الأمريكية البترولية في المنطقة ومحاولة تغيير الأنظمة العربية لتتوالم مع المخططات الصهيونية في المنطقة .وبعد سقوط وفشل الإدارة الأمريكية في إثبات هذه المبررات حيث وجد الكثيرون إن غزو العراق كان مخالفا" للبند الرابع من المادة الثانية للقانون الدولي الذي ينص على –لا يحق لدولة عضو في الأمم المتحدة من تهديد أو استعمال القوة ضد دولة ذات سيادة لإغراض غير أغراض الدفاع عن النفس - ومما يذكر أن السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان وقتها كان قد أعلن بعد احتلال بغداد إن الغزو كان منافيا لدستور الأمم المتحدة !


حدث فور احتلال بغداد عمليات نهب وسرقة منظمة شملت كل مرافق مؤسسات الدولة ما عدا وزارتا النفط والداخلية وهيئة المخابرات حيث حمتها الجيوش الغازية كما تسببت القوات الأمريكية بدمار مدينة بابل الأثرية قيل إنها خدمة لليهود كانتقام من نبو خذنصر الذي سبى اليهود ..وصلت أعداد المدنيين العراقيين القتلى مباشرة بسبب الغزو إلى 140 إلف قتيل حسب المصادر التي تستقي المعلومات مما يصرح به رسميا أما الحقيقة فالله يعلمها ناهيك عن قتلى الحرب الطائفية العنصرية التي شنتها ميليشيات إجرامية عنصرية ممولة من دول الجوار - .


وبعد أن وجد الغازي نفسه مدانا أمام القانون الدولي فلقد تساقطت كل مبرراته الواهية في احتلال وتدمير العراق الواحدة بعد الأخرى ,فلجأ إلى الترويج إلى أن العراق يحكمه طاغية وأنهم جاؤوا ينهون حكم الطاغية وإقامة نظام ديمقراطي في العراق يكون نموذجا لتغيير بقية أنظمة دول المنطقة التي تحيط إسرائيل اللقيطة ..لكن رغم ذلك فان هذا المبرر الجديد لم يكن ذا حق أو مقنع فالقانون الدولي لا يجيز لأي دولة حتى لو كانت أمريكا أن تسعى لانقلاب واحتلال عسكري لدولة عضو في الأمم المتحدة لذلك لجأت إلى زبانيتها من العملاء ممن كانت تدفع لهم الأموال الطائلة لغرض خيانة بلدهم لكي يعلنوا من أنهم طلبوا هذا الأمر من أمريكا في مساعدة لهم لقلب النظام ومن ثم لجأ الأذلاء الطامسين في مستنقع العمالة إلى إطلاق تسمية تحرير العراق بمساعدة أمريكا !! ..


إذن هذه التسمية العمياء الصماء – تحرير - لا تنطبق إلا لخدمة مصالح العملاء خونة العراق والأمة العربية والإسلامية وقد يكونوا استعملوا هذه الكلمة كون غالبية المتنفذين فيهم غير عرب ولا يفهمون معاني اللغة العربية فكلمة تحرير تعني تخليص البلد من المحتل فكيف ببلد كان يحكمه أبناءه أن نقول عليه محتل ؟! ..الآن العراق محتل من قبل عدة دول أجنبية والعمل والجهاد على إخراج هؤلاء المحتلين هو ما يمكن أن نطلق عليه تحرير فألا يصغون العجم لما يتقولون..وبالعودة للتاريخ فإننا لم نسمع ببلد يتحرر من قبل دولة أجنبية أخرى ؟! لكن كل بلدان العالم تحررت على أيدي أبنائها .. ولم نسمع إن تحرير بلد ما يقود إلى فعل الجرائم التالية - الجميع يعرف أن الغازي قد اصدر أمر حل الجيش العراقي واجتثاث البعث في انتهاك صارخ للحريات الثقافية والفكرية ثم قامت آليات الاحتلال بتأسيس جيش جديد طائفي من 8فرق وقام بإلغاء العملة العراقية وتم إلغاء النشيد الوطني ومن ثم العلم وقوانين أخرى جائرة ليست بإرادة أبناء البلد.


جرى خلال فترة احتلال العراق أيضا تدمير مئات الجسور والطرق والمطارات وحتى المستشفيات ودور العبادة والمدارس وحرق المزارع وسرقة أرشيف العراق وتم استخدام قذائف اليورانيوم المنضب والغير منضب وتدمير مقابر ومدن عديدة وسرقة المتاحف العراقية وجميع الوزارات العراقية ومنها وزارة الدفاع .وقتل مئات الألوف من الشعب العراقي المقاومين والناس العزل فهل يجوز أن يطلق البعض على ما جرى تحرير,, أم انه التخريب والاحتلال بعينه .


واستمر الدمار للمدن العراقية بعد تمكن المحتلين من احتلال بغداد وبدأت تظهر مباشرة عمليات المقاومة المسلحة ضد المحتل وأذنابه في مسعى منها لتحرير العراق في سابقة ليس لها مثيل , فالعالم الحر قد وضع أصابعه في عينيه ولم تجد المقاومة المسلحة في العراق من يرى ويناصرها غير الشعب العراقي أبناء هذا البلد المحتل.
فللعجم نقول هذا العراق الآن بلد محتل والجهاد وإخراج المحتل هو الذي تنطبق عليه كلمة تحرير ..


الآن أصبح واضحا, فكلما ستسمعون مصطلح تحرير العراق في عام 2003 فإنكم ستفهمون المعنى في انه احتلال العراق وان من يتقول كلمة تحرير لا بد وان يكون عميلا خائنا للوطن أو تتطابق درجة خيانته واستعداده لخيانة وطنه مع من جاء على دبابات المحتل .رفعت الأقلام وجف الحبر وطويت الصحف !..

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

السبت / ١٠ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أذار / ٢٠٠٩ م