ايران القوية مصلحة ستراتيجية امريكية – صهيونية : لماذا ؟

﴿ الحلقة الرابعة ﴾

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

يستطيع الشيطان أن يكون ملاكاً  لكن أمام الحمقى والسذج فقط

مثل عالمي

 

ملاحظة مهمة : كتب هذا التحليل قبل بث رسالة الرئيس الامريكي باراك اوباما التصالحية الى ايران ، يوم 20 / 3 / 2009  ، والتي جاءت لتؤكد بصورة حاسمة ما ورد فيه ، وتحديدا صواب حقيقة ان ايران الملالي هي الذخيرة الستراتيجية والاحتياطي الستراتيجي لامريكا والكيان الصهيوني الاهم والاخطر في المنطقة  قدر تعلق الامر بتفتيت الاقطار العربية ، والتحليل الاتي يثبت ذلك .

 

-----------------------

 

كيف نفسر مواقف مشتركة لثلاثي الشر ؟

 

ان من يقولون بان ايران القوية ليست مصلحة ستراتيجية امريكية – صهيونية وان ثمة صراع رئيسي امريكي- صهيوني مع ايران عليهم تفسير الظواهر الرئيسية والخطيرة التالية والاجابة على الاسئلة المقترنة بها :

 

1 – لماذا منع مجلس الامن القومي الامريكي ، عندما كان زبجنيو بريجنسكي مستشارا للامن القومي ، جنرالات الجيش الايراني من تنفيذ اوامر الشاه بسحق الانتفاضة الشعبية ضد الشاه ، بارسال الجنرال روبرت هويزر القائد العام للقوات الامريكية في اوربا وقتها الى طهران في ذروة الازمة وطلب من الجنرالات ذلك مقابل وعد بعدم اعدامهم عند سقوط الشاه ؟

 

2 - لماذا لم تضرب ايران لمدة 30 عاما من صراع الديوك مع امريكا والكيان الصهيوني مع ان التهديدات كانت تصل بالاوضاع الى حافة الحرب ؟ ان اولئك الذين اثاروا الرعب والقلق ، خلال العقود الثلاثة الماضية خصوصا منذ غزو العراق ، لدى الكثيرين بقصة ان ضرب ايران وشيك عليهم ان يفسروا عدم ضربها على الاطلاق .

 

3 – لماذا دعمت امريكا والكيان الصهيوني ايران اثناء الحرب التي شنتها على العراق في عام 1980 ، بتقديم الاسلحة والعتاد والمعلومات الاستخبارية عن القوات العراقية ، وعرفت هذه الفضيحة ب(ايرانجيت ) وعرفت الاخرى ب ( اسرائيلجيت ) ؟ وهنا نكرر التحدي : لم تقدم امريكا الى العراق اي سلاح على الاطلاق بعكس ما روج من اجل شيطنة العراق بنظر العرب والقوى المناهضة للامبريالية ، نحن نكرر التحدي ليقدم ايا كان اي دليل على ان العراق تلقى سلاحا من امريكا اثناء الحرب مع ايران .

 

4 – لماذا تطابق الموقف الامريكي مع الموقف الايراني تجاه مسألة ايقاف الحرب بين ايران والعراق ؟ لقد عرف بوضوع تام ان امريكا ومعها بريطانيا وقفتا ضد اي مبادرة لايقاف الحرب رغم قبول العراق لكل المبادرات منذ الايام الاولى لاندلاع الحرب ، وكذلك نظام خميني الذي كان يصر على رفض كل مبادرة لايقافها ولكنه اضطر بفضل بسالة العراقيين وجيشهم العظيم على تجرع سم الموافقة الجبرية على وقف اطلاق النار بعد مرور 3 سنوات على اندلاعها .

 

5 – لماذا قصف الكيان الصهيوني ، بدعم كامل من الولايات المتحدة وفرنسا ، المفاعل النووي العراقي مع انه كان في طور الانشاء ولم يقصف اي مفاعل نووي ايراني مع انها مفاعلات كثيرة وتقدمت كثيرا مقارنة بما وصل اليه العراق باعتراف المسؤولين الايرانيين ؟ ان التبرير البائس والساذج او المتساذج الذي يقول بان ايران قوية وان امريكا والكيان الصهيوني يخشيان من عواقب ضربها يتجاهل اهم الحقائق وهي ان بامكان امريكا ليس فقط تدمير كافة المنشأت النووية الايرانية بل ومسح ايران برمتها من الخارطة . ان عدم تدمير المنشأت النووية الايرانية يعود اساسا الى قناعة امريكا والكيان الصهيوني بان السلاح النووي الايراني لن يستخدم ابدا ضدهما بل هو مبني على اضعاف العرب وابتزازهم ، ولعل ضرب ايران للمدن العراقية  بالصورايخ وقتل مئات العراقيين بذلك القصف مؤشر واضح لحقيقة ان ايران القوية لن تكون مهددا لامريكا ولا لاسرائيل بل للعرب .

 

6 – لماذا شجعت امريكا ، باعلامها ودبلوماسيتها الرسمية ، على توجيه الاتهامات للعراق علنا او ضمنا بانه من بدأ الحرب مع ان الادلة الكثيرة تثبت ان ايران هي التي بدأتها وفرضتها ؟

 

7 – لماذا تصاعدت الحملات الاعلامية الغربية والصهيونية على العراق اثناء الحرب وروجت كل الاتهامت الايرانية وغير الايرانية له باستخدام اسلحة كيماوية اثناء الحرب وتم تجاهل استخدام ايران لاسلحة كيماوية ؟

 

8 – لماذا تجاهلت امريكا احتلال ايران للجزر الثلاث التابعة لدولة الامرات العربية المتحدة في زمن الشاه وواصلت التجاهل في زمن خميني مع انه ، لوكان هناك صراع حقيقي ورئيسي مع ايران ، لتم استغلال ذلك ضدها كما حصل مع العراق في مواضيع عديدة منها الاسلحة الكيمياوية وغيرها ؟

 

9 – لماذا تجاهلت امريكا ، ومازالت تتجاهل ، تدخلات ايران الفظة والرسمية في الشؤون الداخلية لدول عربية تقيم حكوماتها علاقات متينة جدا وبعضها يعتمد في حماية ( امنه الوطني ) على القوات الامريكية كدول الخليج العربي والجزيرة العربية ؟ لقد وقفت امريكا بقوة ورسميا ضد ما اعتبرته ( تدخلا عراقيا ) في شؤون اقطار عربية مع انه كان علاقات عربية – عربية .

 

10 -  لماذا تجاهلت امريكا والكيان الصهيوني ودول اوربية قيام ايران الملالي بشراء اسلحة ، بعضها متقدمة ، من دول الاتحاد السوفيتي السابق بما في ذلك وجود معلومات عن شراء ايران يورانيوم واسلحة نووية تكتيكية صغيرة ، اوصلتها الى مرحلة التفوق عسكريا على جميع دول المنطقة ؟ هل كان سرا ان هذا التسلح الكثيف والمتطور سوف يستخدم لتعزيز وتوسيع النفوذ الايراني ؟ ولو كان هذا التسلح يهدد المصالح الامريكية والصهيونية هل كان الغرب والكيان الصهيوني سيسكتان ويقفان متفرجين ؟ وللتذكير فقط لقد فرضت امريكا وبريطانيا حظرا على التسلح العراقي وعلى استيراد العراق لاي تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام ( مدني وعسكري ) قبل ازمة الكويت بزمن طويل .

 

11 – لماذا تزامن وصول خميني للسلطة ، بدعم امريكي اوربي اصبح ثابتا وواضحا الان ، مع دعم امريكا واوربا لمن اطلق عليهم اسم ( المجاهدين الافغان ) في افغانستان ضد الاحتلال السوفيتي ؟  هل كان صدفة ام انه حصل كثمرة لمخطط عام لتشجيع ودعم النزعات الاسلاموية المتطرفة والطائفية ؟ ان عام 1979 ( عام اسقاط الشاه وعام وضع الاتحاد السوفيتي في افغانستان امام تحد خطير ) دخل التاريخ على انه عام بدء الهجوم الامريكي المضاد للاتحاد السوفيتي وقوى التحرر ، انطلاقا من ايران ذات التوجه الديني الزائف ، وافغانستان ذات التوجه الديني ضد الشيوعية ، ردا على هزيمة امريكا في فيتنام وتبنيها سياسة عزلة مؤقتة منذ عام 1975 وحتى عام 1979 اعادت خلالها ترتيب اوضاعها ورممت الجروح النفسية التي نشأت عن هزيمة فيتنام .  وهنا يجب ان نذكر بان بريجنسكي قد نفذ اعتبارا من عام 1976 ، بصفته مستشارا للامن القومي في ادارة جيمي كارتر ، نظرية اصطناع قوة ايديولوجية فعالة وذات جاذبية وشعبية اسماها ب ( الاصولية الدينية ) لخوض الحرب بقوة امريكا ودعمها الكامل ضد الشيوعية وحركات التحرر ، خصوصا في العراق ، في المنطقة المسماة ( البطن الرخوة ) للاتحاد السوفيتي اي جنوبه ، بعد فشل الايديولوجيا البرجوازية في صراعها مع الشيوعية .

 

12 – لماذا وقفت امريكا وايران على ارضية واحدة اثناء ازمة الكويت وشن العدوان الثلاثيني على العراق في عام 1991 ، وهي ارضية معاداة العراق ؟ لقد ثبت الان ولم يعد اشاعة ان ايران كانت وراء صفحة الغدر والخيانة ، وهي عملية تمرد مسلح وقع في جنوب العراق مباشرة بعد وقف اطلاق النار يوم 28 / 2 / 1991 في حرب عام 1991 خططت له ايران ونفذته المخابرات الايرانية بدعم امريكي كامل وواضح ، وكانت نتيجة ذلك قتل الاف العراقيين وخسارة الدولة العراقية مدنيا وعسكريا وبشريا اكثر مما خسرته اثناء العدوان الذي استمر اكثر من اربعين يوما وشنته امريكا ومعها حوالي اربعين دولة ! ان ماقامت به ايران بعد وقف اطلاق النار كان اكمالا لمهمة امريكا التي لم تنجح في الحاق الخراب والكوارث التي كانت تريد ايقاعها بالعراق ، فقامت ايران عير مرتزقتها بالعمل الذي دعمته امريكا ، وفي تلك الكارثة كانت ايران هي الحليف الاهم لامريكا وليس بريطانيا او فرنسا في حرب عام 1991 .

 

13 – لماذا اعترفت ادارة بيل كلنتون في عام 1998 ، بعد فشل العدوان المسلح على العراق الذي اطلقت عليه تسمية ( عملية ثعلب الصحراء ) ، بان اي غزو للعراق لاجل اسقاط نظامه لا يمكن نجاحه بدون دعم ايراني مباشر ؟ لقد قدمت تلك الادارة الجواب بالقول : ان الاحتلال لابد ان يبدأ من جنوب العراق وهذه المنطقة لايران فيها نفوذ لذلك فان النجاح في احتلالها مشروط بالتعاون مع ايران .

 

14 – لماذا انضمت التنظيمات التابعة لايران ، مثل المجلس الاعلى جماعة الحكيم ، الى ما سمي في التسعينيات ب ( المعارضة العراقية ) مع ان هذه المعارضة كانت تابعة عمليا ورسميا للمخابرات الامريكية والبريطانية ؟ ما الذي يجمع ايران وامريكا وبريطانيا في جبهة استخبارية واحدة ضد العراق لو لم يكن هناك قاسم مشترك بينها ؟ ان اجتماعات لندن وشمال العراق للمعارضة العميلة لوضع الخطط لغزو العراق كانت بحضور ايراني مكثف ونشط ورسمي .

 

15 – لماذا لعبت ايران الدور الاهم والاخطر في انجاح الغزو الامريكي للعراق وافغانستان ، طبقا لاعترافات محمد خاتمي الرئيس الايراني وقتها ونائبه محمد علي ابطحي وقتها ، وغيرهما ، اللذان قالا ، وبالقلم العريض ورسيما ، في عام 2004 بانه ( لولا المساعدة الايرانية لامريكا لما نجح غزوها لافغانستان والعراق ) ؟ ان هذه ال ( لولا ) الشرطية تجعل الدعم الايراني لغزو العراق وافغانستان هو العامل الاكثر حسما في نجاحه وليس اي عامل اخر مهما كان مهما ، وهي تعني تحديدا بان غياب المساعدة الايرانية للغزو الامريكي كان سيقود الى نتيجة واحدة وهي فشل الغزو كما فشلت عملية ( ثعلب الصحراء ) . ان انصار ايران يتهربون من مناقشة هذا الموقف الرسمي الايراني لانه غير قابل للدفاع عنه على الاطلاق الا اذا قبلت فكرة الغزو ذاتها .

 

16 – لماذا كانت ايران اول دولة تعترف رسميا وفعليا بالاحتلال الامريكي للعراق وتدعمه منذ مجلس الحكم وحتى الان ؟ لقد شاهد العالم كله وزير خارجية ايران يزور العراق المحتل قبل اي شخصية رسمية اخرى ويقدم الدعم لمجلس الحكم والحكومات التي اعقبته .

 

17 - لماذا كانت القوى الاساسية التي استند اليها الاحتلال الامريكي ايرانية او ايرانية الاصول والولاء ، مثل حزب الحكيم وحزب الدعوة والتيار الصدري وغيرها ؟ ان هذه الكتل كانت ، منذ بدء الاحتلال ، ومازالت هي العماد الاساسي لبقاء الاحتلال ولتواصل العملية السياسية المصممة لاضفاء شرعية زائفة عليه . هل كان ذلك صدفة ؟ هل كان ثمرة خطأ ؟ ام انه مخطط ايراني وضع لتدمير العراق وقام على الدعم الكامل للغزو الامريكي تمهيدا للانفراد باحتلال العراق فيما بعد  ؟

 

18 – لماذا كانت المخابرات الايرانية هي القوة الاساسية التي نفذت عمليات الابادة الطائفية والتصفيات المنظمة لضباط الجيش العراقي وطياريه وتدمير الدولة العراقية ونهب ممتلكاتها واسلحتها ...الخ ؟ ان فرق الموت الاساسية التي ادت جرائمها الى تهجير حوالي ستة ملايين عراقي وقتل اكثر من مليون ونصف المليون عراقي كانت بالاساس تابعة لايران وبدعم امريكي كامل وعلني .

 

19 – لماذا تمركزت المخابرات الايرانية في جنوب العراق وفتحت مقرات علنية لها هناك ، واصبحت اللغة الفارسية لغة معتمدة والتومان الايراني عملة معتمدة في التداول اليومي ؟

 

20 – لماذا صدرت ايران بعد الغزو عددا يتراوح بين 3 و4 ملايين غير عراقي الى العراق ، ومنهم اكراد من ايران ، ومنح منهم حوالي مليونين ونصف المليون الجنسية العراقية ، كما اعترف بذلك ( الايراني الاصل ) ابراهيم الجعفري حينما كان رئيسا للوزراء ؟ ان التهجير القسري لستة ملايين عربي عراقي ، المقترن بتصدير حوالي اربعة ملايين فارسي وكردي ايراني وتركي الى العراق عمل قصد به تغيير الهوية السكانية للعراق وجعل العرب قومية من بين القوميات وليس القومية الرئيسية في العراق التي كانت قبل الغزو تشكل اكثر من 85 % من مجموع العراقيين .

نعم بفضل عمليات المقاومة ضد (الهجرة اليهودية من ايران ) ، اي الفرس والاكراد ، هرب عدد كبير من هؤلاء الذين منحوا الجنسية العراقية ، ولكن مازال كثير منهم في العراق . اليس التهجير الايراني لعرب العراق وتصدير فرس واكراد ايرانيين واتراك للعراق مطابق تماما للسياسة الصهيونية في فلسطين والتي اعتمدت على تهجير عرب فلسطين واستيراد يهود من الخارج ليحلو محلهم ؟ ما الفرق ؟

 

21- لماذا فاوضت ايران امريكا علنا ورسميا حول مستقبل العراق ؟ لقد عقدت على الاقل 3 اجتماعات رسمية في العراق بين السفيرين الامريكي والايراني للبحث في وضع العراق وتحديد مستقبله ، الامر يؤكد حقيقة ان لايران مطامع في العراق وانها دعمت امريكا في غزوها تحقيقا لهذه المطامع او بعضها على الاقل ، والا كيف نفسر هذه المفاوضات حول العراق ؟

 

22 – لماذا اعترفت ايران بنتائج الانتخابات البرلمانية في العراق مع انها تمت في ظل الاحتلال مما يجعلها غير شرعية ؟ ان الاعتراف بالحكومات ، التي اقامها الاحتلال وبالبرلمان المزور بتعاون تام مع ايران ، يعود الى هدف مشترك امريكي ايراني وهو اضفاء الشرعية على الحكومة ومن ثم قبول الراي العام لاي قرار تتخذه فيما بعد مثل عقد اتفاقية امنية او اقتصادية مع الاحتلال او تسليم العراق الى ايران او جزء منه .

 

23 – لماذا تدافع ايران عن الحكومة العميلة للاحتلال في العراق في المحافل الاقليمية والدولية كما تدافع عنها امريكا ؟ أليس لان الحكومة العميلة هي ثمرة ( زواج المتعة ) الامريكي الايراني في العراق وحرص الطرفين على عرض الوضع في العراق في ظل الاحتلال وكانه وضع طبيعي ويستحق دعمه والاعتراف به ؟

 

24 – لماذا تصمت امريكا على النشاطات الايرانية الطائفية التفتيتية والتوسعية في اقطار الخليج العربي      والمملكة العربية السعودية مع ان هذه الاقطار فيها انظمة حكم تقيم علاقات ( صداقة ) وطيدة مع امريكا ؟ ان صمت امريكا الذي يفسر خطأ على انه يستهدف ممارسة الضغط على حكومات تلك الاقطار للاعتماد اكثر على الحماية الامريكية ، في حين ان الهدف البعيد الذي تشترك امريكا وايران في العمل من اجله هو تفتيت الاقطار العربية طائفيا وعرقيا . ان قيام ايران بنشر الفتن الطائفية يعد بحق مصلحة امريكية – صهيونية رئيسية ومباشرة ورسمية ، وهذا احد اهم اسباب صمت امريكا على النشاطات التخريبية الايرانية في الاقطار العربية .

 

25 – لماذا تصدر تصريحات امريكية رسمية او شبه رسمية تشير الى وجود احتمال عقد صفقة اقليمية امريكية ايرانية على حساب الارض والسيادة العربية ؟ هل يدل ذلك على وجود تناقضات عدائية بين امريكا وايران ؟ ام انه يشير الى ، ويؤكد على ، وجود خطة تقاسم المصالح والنفوذ في الوطن العربي ؟

 

26 – لماذا قامت جميع الستراتيجيات الامريكية المرحلية على معاداة العراق والعمل على اسقاط نظامه الوطني في حين ان كل تلك الستراتيجيات قامت على مهادنة ايران والتعاون معها ورفض عدها عدوا رئيسيا وتبني هدف غزوها او اسقاط نظامها السياسي ، واكدت مرارا على ان حل اي مشكلة او خلاف مع ايران يجب ان يتم بالوسائل السلمية والاقناع ، وفي اسوأ الاحتمالات بواسطة الضغوط السياسية والاقتصادية ؟

 

ان نظرة سريعة الى اهم ستراتيجيتين ، مازالت الادارة الامريكية تتقيد بثوابتهما ، هما سياسة ( الاحتواء المزودج ) التي تبنتها ادارة الرئيس بيل كلنتون ، والتي قامت على رفض اي حوار او تفاهم مع العراق وتبنت هدف اسقاط نظامة بكافة الوسائل ، في حين اصرت على حل المشاكل مع ايران بالوسائل السلمية ! اما سياسة ( محور الشر ) التي تبنتها ادارة بوش الابن فانها قامت على غزو العراق وترك الحبل على الغارب لايران وكوريا الشمالية ووجود استعداد لعقد صفقات معهما . ان عنصر التمييز في الموقف الامريكي من العراق وايران واضح تماما وهو السمة الرئيسية في السياسة الامريكية تجاه منطقتنا .

 

ان هذه الحقيقة تعد الاساس الثابت للسياسة الامريكي تجاه ايران الملالي ، وهي لاتختلف من حيث الجوهر عن السياسة الامريكية تجاه ايران في عهد الشاه ، والتي شهدت توترات في السنوات الاخيرة من عهد الشاه انتهت باسقاطه بمساعدة امريكية فرنسية مباشرة وقوية مهدت لايصال خميني الى السلطة .

 

27 – لماذا لا يوجد في الستراتيجية الصهيونية العظمى اي بند رئيسي ثابت يفرض على الكيان الصهيوني معاداة ايران والعمل على تدميرها مثلما هو حال العراق ؟ ان السبب مركب ، فبلاد فارس تاريخيا هي اهم داعم لليهود ، ولعل ما سمي ب ( تحرير اليهود ) من الاسر البابلي والذي قام به الامبراطور الفارسي كورش ، كان من اهم مؤشرات التداخل والتلاقي الفارسي اليهودي عبر الاف السنين ، بعكس التنافض العربي – الصهيوني ووجود صراع وجود بينهما وليس صراع مصالح .

 

ان المشروع الصهيوني يقوم على الاستحواذ على الاراضي العربية وليس على الاراضي الايرانية ، مقابل ذلك فان المشروع النهضوي القومي الفارسي في عهد الملالي لا يقوم على حساب المشروع الصهيوني بل انهما متكاملان في الاطار العام ، ومبنيان على قاعدة تقاسم المكاسب وتقسيم المناطق بينهما ، واذا حصل خلاف او صراع فانه على كمية ونوعية مكاسب كل منهما ، وهو يشابه الصراعات التقليدية بين القوى الاستعمارية التقليدية على مصادر الثروة .

 

28 – لماذا تصر ايران منذ الغزو وحتى الان على وصف المقاومة العراقية ، بلا استثناء اي فصيل ، بأسوأ الاوصاف مثل انها ( عصابات ارهابية ) وتركز جهدها الاستخباري ، خصوصا عبر فرق الموت التابعة لها على تصفية المجاهدين العراقيين ؟ ان مناهضة الاحتلال ليست مجرد شعارات عامة مضللة كالشعارات الايرانية بل هي موقف واضح لا غموض فيه ولا التباس باي شكل . ومن الملاحظات المهمة جدا ملاحظة ان جواسيس المخابرات الايرانية في الاقطار العربية الذين كشفت الان مؤخراتهم كليا امام اضواء الاعلام ، مثل جاسوسها العامل في قناة الجزيرة والاخر الذي كان ماركسيا نهلستيا فوضويا عمل مع كارلوس ثم انتقل الى اقصى اليمين المتخلف ، ونائب سابق في البرلمان اللبناني ، يتجرأون عندما يظهرون في الجزيرة وغيرها على القول بان ايران تدعم المقاومة العراقية ! بل وصلت الوقاحة والانحطاط الاخلاقي قبل الوطني بعضو البرلمان السابق الى حد القول بان مقتدى الصدر هو قائد في المقاومة العراقية ( !!! ) مع ان الاخير هو الرمز الاكثر انحطاطا للعمالة لايران ، والاشرس في محاربة المقاومة العراقية ، وهو مشارك في الحكومة والبرلمان في ظل الاحتلال ، كما انه اباد الالاف على الهوية الطائفية ، وتشهد احداث بغداد في عام 2006 على ذلك .

 

29 - لماذا يصمت هؤلاء الساداتيون الجدد على جرائم ايران الثابتة والمعترف بها رسميا من قبل ايران ، مثل دعم الغزو الامريكي للعراق والمشاركة الجوهرية فيه ، مع انهم اقاموا الدنيا ولم يقعدوها حتى الان استنادا الى اكاذيب فجة ووضيعة سربتها المخابرات الامريكية وتوأمها المخابرات الايرانية حول دعم امريكي مفترض للعراق اثناء الحرب التي فرضتها ايران عليه ؟  بكل المعايير فان ما قيل عن العراق كان اشاعات غير ثابتة ولا توجد ادلة رسمية عليها ، في حين ان مواقف ايران علنية ورسمية في دعم الاحتلال والتعاون مع امريكا ، من هنا فان التساؤل عن السر في صمت هؤلاء عن ايران وتجنب مهاجمتها مشروع وضروري جدا .

 

30 – واخيرا : هل مواقف ايران هذه اخطاء ثانوية كي يتواصل الدفاع عنها ؟ ام انها جرائم تساوي جريمة غزو فلسطين ؟ ان الوطني العربي والقومي العربي ينطلق من ، ويستند على ، مبدأ ثابت ومتفق عليه وهو ان الارض العربية متساوية القيمة ، وان اي جزء من اجزاء الوطن العربي مساو للاجزاء الاخرى ، لذلك فان من يسكت على غزو العراق من قبل ايران ، وهي الشريك الاول لامريكا في غزو العراق وليس بريطانيا ، هو ساداتي بلا اي غموض ومنفذ مباشر للمخطط الثلاثي الامريكي – الصهيوني – الايراني .

 

ان هذه الاسئلة وغيرها والاجابات المترتبة عليها تقدم حقيقة ثابتة من العبث محاولة اخفاءها او انكارها وهي ان الدور الايراني اجرامي المنحى واستعماري الطابع تجاه اقطار الامة العربية وقضاياها المصيرية ، لانه قام طبقا لوقائع الاحداث على غزو وتفتيت الاقطار العربية ومحو الهوية العربية لكافة اقطار الامة ، وهو لذلك دور يساوي ويكمل الدورين الامريكي والصهيوني . من هنا نجد ان هذه الحقيقة التي بلورتها احداث غزو العراق ، تضع من يدافع عن ايران ، من المثقفين والساسة والاعلاميين العرب ، في صف واضح جدا وبلا اي التباس او غموض ، هو صف من أيد السادات والساداتية .

 

يتبع ...

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٩ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / أذار / ٢٠٠٩ م