لماذا يحاربون البعث والبعثيين ؟!

 

 

شبكة المنصور

شامل عبدالقادر  / كاتب عراقي

منذ انطلاقة حزب البعث العربي الاشتراكي في نيسا ن 1947 ونشر دستوره ونظامه الداخلي والاعلان عن اهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية والصيرورة التاريخية للرسالة الخالدة للامة العربية الواحدة والتبشير بسياساته التربوية والعقائدية بين اوساط الشباب والطلبة والمثقفين والعسكريين برزت امامه تحديات كبيرة واستراتيجية  على صعيد الانتشار الايديولوجي في سوريا والعراق  تحديدا.


ومثلما تواجه الحركات الجذرية في العالم اعدائها الطبقيين فقد واجهت البعث منذ نشوئه وارتقائه سلم النضال والكفاح والجهاد اعدادا لايستهان بهامن الاحزاب والحركات اليسارية واليمينية ، الشيوعية والماركسية والطائفية والدينية المسيسة والاقليمية والشوفينية وكان على البعث ان يشحذ قلمه الفكري ويرتب بيته الداخلي ويعد اعضاؤه وانصاره ومؤيديه وجماهيره للمارك المصيرية فمن غرائب الحياة السياسية في الوطن العربي ان التكتلات اليسارية المتطرفة والاتجاهات اليمينية الرجعية  تحالفت سوية للقضاء على البعث وتدمير حياة البعثيين من خلال السحق العملي للمناضلين او تشويه سمعة البعث النضالية والادبية والانتقاص من القيمة الفكرية للاستاذ المفكر العربي المرحوم احمد ميشيل عفلقوالرعيل الاول للمثقفين البعثيين .


في اوائل خمسينيا ت القرن الماضي ارتهنت الساحة السياسية الجماهيرية لصالح التنظيم الشيوعي وسيطر الشيوعيون على قطاع كبير جدا من اوساط العمال والفلاحين والطلبة والمثقفين بفضل خبراتهم التنظيمية السرية التي عرفوا بها ولان البعث لم يكن وقتذاك يمتلك التجربة التنظيمية العريقة التي بها يستطيع الحد من النفوذ الشيوعي  وفي عام 1956تبلورت المنطلقات النظرية للحزب واكتسب البعثيون الاوائل الخبرات القيادية والتنظيمية ونجحوا في كسب عشرات الطلاب والمعلمين والكسبة والعمال والفلاحين الى جانب نشا الحزب بين صفوف الجنود والضبا في القوات المسلحة العراقية .


لقد كانت انطلاقة ثورة 23 تموز1952 ونجاح عبدالناصر من السيطرة على قيادة الثورة بعد سنتين من التلكؤ والصراعات الخفية عامل اساس في تقوية التيارات القومية في العراق واكتسب البعث قوة جماهيرية مضافة من خلال ظهور الناصرية وتغلغلها بين اوساط الجماهير القومية في العراق ولم يجد البعث في الحركة الناصرية خصما له مثلما كان يجده في تقييمات الشيوعيين السلبية اضافة الى الكتل والتنظيمات الدينية والطائفية المشبوهة بارتباطاتها الاقليمية والدولية .


لقد اسهم البعث والناصريين والوطنيين في نصرة معارك جمال عبدالناصر في العراق ونظم البعث اكبر التظاهرات الجماهيرية لتاييد عبدالناصر في انجاح قرار تاميم قنال السويس ومن بعده تعبئة الجماهير باتجاه فضح عمالة وخسة النظام الملكي وفي مقدمته نوري السعيد وعبدالاله اللذان  ساندا العدوان الانكلو –سكسوني- الصهيوني  الغادر على مصر في شتاء 1956.


ان البعثيين الاوائل الذين اخذوا على عاتقهم تغيير النظام الملكي الى النظام الجمهوري وبناء عراق مستقر بعيد عن الاحلاف العسكرية المشبوهة فاجئوا الحزب الشيوعي والوطني الديمقراطي والاستقلال بقوته الجماهيرية المتعاظمة .


كان البعث يلتقط مناضليه من اكواخ الشاكرية والكسرة ومن بيوت الكرادة والاعظمية والكرخ والكاظمية ويجسر علاقاته التنظيمية بقوة من خلال ارياف الناصرية والديوانية والحلة والانبار وسامراء وتكريت والدور وبلدوكركوك وعشرات القرى والنواحي والاقضية العراقية.


من الامور الملفته للنظر في تاريخ الاحزاب العراقية ان نشوء البعث وترعرعه في بغداد لم يمنع بعض الشبان المتحمسين لافكارالبعث من قيادته في المرحلة التاسيسة الاولى . لقد كان فؤاد الركابي وكاظم شمس الدين وحازم جواد وناظم جواد من اوائل العرب الشيعة الذين اسهموا بقدر كبير في بناء الحزب وتوسعه.. لايمكن تجاوز هذه الحقيقة اذا اردنا ان نبحث الموضوع بلغة الطائفيين الحاكمين بغداد اليوم ونقول لهم ماكان البعث في كل مراحل حياته وتطوره ونضاله ينظر الى انتماء اعضائه وانصاره ومؤيديه على اساس جذوره الطائفية والعنصرية .


لم يكن البعث في اي حقبة من جهاده حزبا للشيعة اوللسنة او للعرب  وحدهم فقد ضم البعث العربي الاشتراكي بين صفوفه اطياف العراقيين والعرب والقوميات والاديان المتاخية في الاقطار العربية.. ضم الى صفوفه الركابي من الناصرية وتولى قيادته لسنوات المرحوم علي صالح السعدي وهو من اهالي السعدية وكان عدد من كبار قادته من الديوانية والرميثة وخانقين كطالب حسين الشبيب ومنذر الونداوي وكسب الحزب الى تنظيماته عدد من الكرد والتركمان والمسيحيين والاثوريين.


كان الحزب حتى عام 1958يجسد العراق بكل الوانه واطيافه من دون قصد او تكييف مرحلي .كان المرحوم احمد حسن البكر ضابطا من تكريت عضوا في قيادة يتولاها بعثي من اصول تركمانية او كردية تضم في صفوفها الاكثرية من العرب الشيعة ونسبة قليلة جدا من العرب السنة!!!


كان حسن العلوي (مؤلف كتاب الشيعة والدولة القومية!!!) من اوائل شبان البيوت الشيعية في كرادة مريم- على سبيل المثال لاالحصر-انتظم في صفوف حزب البعث واسهم هو وعدد من العرب الشيعة في الكرادةالشرقية ومريم بقتال الديكتاتور عبدالكريم قاسم والاسهام بالقضاء على نظام حكمه الجائر في ثورة عملاقة اندلعت صبيحة 14 رمضان (8شباط) من عام 1963!!


وانتظم عدد اخر من اقارب المنظر الطائفي المرتد في صفوف الحزب وعندما تخلص منهم الجسد البعثي راحوا يشنعون على البعث ويلصقون به ماشاءوا من الاباطيل  ولم يكتف بهذا القدر من التدليس والنفاق بل راح يقلب الحقائق والوقائع ويرسم لامثاله من المرتدين والطائفيين المرضى نفسيا صورة اخرى مقلوبة تماما عن العراق عبر مراحل الخلافة العربية الاسلامية (الراشدون والاموية والعباسية) ثم مرحلة الحكم العثماني فالاحتلال البريطاني عام1917  مرورا بتاسيس الدولة العراقية في اب 1921 حتى انقراضها في 9 نيسان عام2003 وبدء المرحلة الاستعمارية الامريكية.


من اكثر الامور المضحكة في تاريخ العراق السياسي الحديث ان اعداء البعث من التقليديين ظلوا لسنوات طويلة  وتحديدا منذ نجاح البعث باسقاط النظام الديكتاتوري القاسمي يشنعون على الحزب وقادةثورة 14 رمضان بان الحزب جاء الى السلطة على (ظهر!!) دبابة امريكية ولفقوا كلاما غير دقيق على لسان المرحوم علي صالح السعدي امين سر القيادة القطرية بعد اعتقاله وتسفيره في نهاية عام1963 على اثر انقلاب18 تشرين الثاني من العام نفسه الذي قاده عيدالسلام عارف!!


كان الحزب الشيوعي وبعض الاحزاب الطائفية العميلة وراء نشر هذه الاكذوبة لتشويه سمعة البعث وقادة ثورة رمضان واظهار عبدالكريم قاسم  بصورة البطل الوطني الشعبي الذي  قتله(عملاء!!) المخابرات الامريكية !!!


ومن المضحك المبكي في السياسة العراقية ان الحزب الشيوعي والاحزاب الطائفية التي اطلقت الفرية الشهيرة على البعث وقادة ثورة 14 رمضان جاءوا بعد40 سنة على الثورة وتحديدا في 9 نيسان2003


ليس على ظهور الدبابات الامريكية فحسب بل ارتدوا الملابس العسكرية الخاصة بقوات المارينز بعد ان تدربت عناصرمنهم باشراف المخابرات الامريكية في براغ في كيفية احتلال بعض مناطق بغداد وهكذا اختلطت عناصر من الحزب الشيوعي مع عناصر من المرتدين العراقيين الذين انضووا تحت مايسمى بالمؤتمر الوطني الذي قاده الجاسوس المعروف احمد الجلبي  وهبطوا جميعا في مطار الامام علي في الناصرية وفي النجف ومطار بغداد الدولي وبعد فترة وجيزة اختلط الجميع بالعناصر العراقية القادمة من ايران!!!


من الذي ركب الدبابة الامريكية وتولى ارشادها الى المدن العراقية ؟؟ ومن  لبس ملابس المارينز ووضع السلاح الامريكي فوق كتفه لمساعدة الامريكيين على احتلال العراق؟؟ ومن الذي نصب في مطار بغداد الدولي اول اذاعة تعمل بارشادات المحتلين الامريكيين؟؟ ومن تدرب في استوديوهات براغ وجاء الى العراق شيوعيا عضيدا للمحتل الامريكي ؟؟


لقد برهنت بيانات البعث لاكثرمن نصف قرن صحة تحليلات الحزب حول عمالة بعض المحسوبين على الماركسية والاسلام ومن الطبيعي ان تتعاون هذه العناصر مع المحتل انتقاما من البعث وتاريخ البعث وحقائق البعث.. انها فرصة تاريخية لتشويه سمعة البعث والانتقام من البعثيين الذين شهد لهم العراق على مدى 1958-2003 التصاقهم بالعراق ومصالح العراق والامة العربية وطهارتهم من اي تشنيع واكاذيب رددت ضد البعث لاكثرمن نصف قرن ثم جاءت ارادة الله ليكشف للعراقيين وللعرب وللعالم ماهو البعث ومن هؤلااء الانجاس الذين تحولوا الى مطية للمحتل الامريكي تحت مسوغات شتىّّ!!
ان الله مع البعثيين ولانبالغ اذا قلنا ان ماجرى على البعث والبعثيين والاشراف من العراقيين هو امتحان الهي وقدر الهي وفي الوقت نفسه فضح الله سبحانه وتعالى من كان متسترا بالاسلام واخفى عمالته للاجنبي!!


من الطبيعي ان يتعاون اعداء البعث مع المحتلين لازاحة البعث عن الحكم ومن الطبيعي جدا ان تزيح الولايات المتحدة نظام الرئيس صدام حسين عن السلطة بعد ان تاكد لها ان لامفر لها الااحتلال العراق لاسقاط البعث المعادي للولايات المتحدة ولاسرائيل والصهيونية العالمية!!!


يذكر بول بريمر في مذكراته انه طلب حضور حميد مجيد سكرتير عام ما يسمى بالحزب الشيوعي وقال له بالحرف الواحد:طلبتك لتكون عضوا في مجلس الحكم .. ولكن تذكر انني ماطلبتك عضوا في هذتا المجلس باعتبارك شيوعيا بل لاكمل بك عدد الاعضاءمن الشيعة في المجلس!!!


ووافق ابن مجيد على ان يكمل العدد الطائفي لا الماركسي وهو الشيوعي القديم للاسف الشديد!!
لن نحزن ابدا على اغتصاب السلطة الشرعية من قبل الامريكيين وعملائهم فقد اكد البعث وقيادته الوطنية ان الدفاع عن المبادىء اثمن السلطة وان التحصن بالوطنية الحقة ابقى من اي نظام حاكمّّّ!!


واليوم يخافون من البعث وهو بعيد عن السلطة والحكم وهو مع المقاومة الشريفة .. انهم يرددون بتوجس وخوف غريبين ان لاحوار لهم مع البعث وكأن البعث هوالذي يلهث وراءهم من اجل حل معين .. انهم يدركون جيدا مالذي يفعله البعث عندما يغضب.. يعرفون ان البعث قادم الى السلطة مهما طال الزمن وتضاعفت المحن والكوارث والمعضلات.. يعرفون حجم البعث في الحياة والمجتمع والعائلة العرالاقية ويعرفون ايضا كم هو البعث عنيد كالفرس الاصيلة لابد ان تنهض منكبوتها وتستعيد القدرة والسيطرة .. ويدرون تماما قدرات البعث التنظيمية السرية والعلنية لاستعادة العراق منهم .. ويعرفون حجم البعثي في الجيش والقوات المسلحة ووزارات العراق الاخرى !!يعرفون ان البعث لن يرحم عميل وخائن وقاتل وجاسوس .. واذا كان الرفاق في ثورة17-03 تموز 1968 المجيدة قد اتفقوا على ان تكون ثورتهم بيضاء ومتسامحة فان بعث عراق ما بعد التحرير  سينصب المشانق في الشوارع والازقة والمحلات لكل عراقي اوغير عراقي اسهم بطريقة او باخرى بادخال الامريكيين وساعدهم على احتلال العراق.. سيحز رقبة كل من قتل بعثيا او شرده او هدد حياته .. ان اعادة تربية البعض لن تتم في صفوف الدارس فالخونة والجواسيس والعملاء وادلاء الاجنبي سيقتص الشعب منهم على طريقة مقاصل الثورة الفرنسية.. اليس الصبح بقريب ؟؟!!

 

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٠٧ ربيع الاول ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أذار / ٢٠٠٩ م