قراءة في خطاب وتوجيه القائد
البعث قيم ايمانية وقومية انسانية وجيل رسالي جديد بعثه الله لامة محمد والبشرية جمعاء

﴿ الحلقة الرابعة

 

شبكة المنصور

عبد الله سعد
اليوم نتطرق لما وصفه القائد المؤسس رحمه الله (ان القومية حب قبل كل شئ) وتعقيب الرفيق القائد على ذلك وتعريجه على انتماء وارتباط البعثيين بالامة وبالحزب انه عشق وحب (القومية التي ننادي بها هي حب كل شيء. هي نفس العاطفة التي تربط الفرد بأهل بيته، لان الوطن بيت كبير والأمة أسرة واسعة. والقومية ككل حب، تفعم القلب فرحاً وتشيع الأمل في جوانب النفس، ويود من يشعر بها لو ان الناس يشاركونه في الغبطة التي تسمو فوق انانيته الضيقة وتقربه من افق الخير والكمال، وهي لذلك غريبة عن ارادة الشر وأبعد ما تكون عن البغضاء. اذ ان الذي يشعر بقدسيتها ينقاد في الوقت نفسه الى تقديسها عند سائر الشعوب فتكون هكذا خير طريق الى الانسانية الصحيحة... وكما ان الحب لايوجد الا مقرونا بالتضحية فكذلك القومية، والتضحية فى سبيلها تقود الى البطولة. اذ ان الذي يضحي من اجل أمته دفاعا عن مجدها الغابر وسعادة مستقبلها، لأرفع نفساً واخصب حياة من الذي يحصر تضحيته في شخص واحد.


ان الذي يحب لا يسأل عن اسباب حبه. واذا سأل فليس بواجد له سبباً واضحا. والذي لا يستطيع الحب الا لسبب واضح يدل على ان الحب في نفسه قد فتر او مات). (القومية حب قبل كل شئ).


نحن الجيل العربي الجديد نحمل رسالة لا سياسية، ايمانا وعقيدة لا نظريات واقوالا. ولا تخيفنا تلك الفئة الشعوبية المدعومة بسلاح الأجنبي، المدفوعة بالحقد العنصري على العروبة، لأن الله والطبيعة والتاريخ معنا. (في سبيل البعث ج1/ص150) نعم وربكم انتم هكذا،وتنبأ لكم القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق منذ القادسية المجيدة .


حركتنا هي حركة بعث بأوسع ما في هذه الكلمة من معنى. بعث في الروح والفكر والأخلاق والإنتاج والبناء وفي كل هذه المؤهلات والكفاءات العملية. (في سبيل البعث ج1/م14) نعم هذا هو البعث الذي يريدوا اجتثاثه خسئوا .


البعث العربي حركة قومية تتوجه الى العرب كافة على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وتقدس حرية الاعتقاد وتنظر الى الأديان نظرة مساواة في التقديس والاحترام. ولكنها ترى الى جانب ذلك في الإسلام ناحية قومية لها مكانتها الخطيرة في تكوين التاريخ العربي والقومية العربية، وتعتبر هذه الناحية ذات صلة وثيقة بتراث العرب الروحي وبمميزات عبقريتهم. لقد كان البعث العربي أول حركة أوضحت هذه الصلة ووضعتها في صيغتها السليمة فحلّت بذلك أزمة مزمنة وأنقذت القومية العربية من مفهومين منحرفين: مفهوم القومية المجردة الذي يفرض عليها الاصطناع والفقر، ومفهوم القومية الدينية الذي يقضي عليها بالتناقض والتلاشي.(المصدر نفسه ج1/م37) ، نعم هذه علمانية البعث احترام كل شرائع السماء والتي يضل الاسلام اكثرها شمولية وعمقا في حياة الامة ، لا كما يحاول المتفيقهون بالدين ان يصفونا بالعلمانية الغربية التي هي واحدة من نتاجات الامبريالية والفكر الصهيوني .


ان فكرة الحزب هي من معدن هذه الامة العربية لا يسهل القضاء عليها، ليس من السهل ان تُجتث وان تُقتل.. (المصدر نفسه ج5/ص115) انتم وحزبكم يستحيل ان تجتثا فانتم من عقرتم الشيطان وانقذتم البشرية، فهل تحفض البشرية دوركم وتضحياتكم اخلاقيا على الاقل ؟


قد جاء حزبنا متجاوبا مع يقظة في الروح العربية، مع حاجة عميقة في روح أمتنا الى الانطلاق وإلى الخلق، فلا يجوز ان ننظر الى الحزب الا نظرة حية: إنه يجب دوما أن ينطلق ويجدد ويخلق وفي انطلاقه وتجدده وخلقه يستطيع أن يصلح نفسه ويطهر ما قد يعلق به من أدران. (المصدر نفسه ج1/م14) نعم وهذا الذي كان حيث تساقط الطارئون والباحثون عن الجاه والسلطة ، كاوراق شجرة دائمة الخضرة في فصل الخريف ولكنها تجدد ورقها كل ربيع وها انتم اثبتم ان البعث دائم الخضرة .


اذا كان الحب هو التربة التي تتغذى قوميتكم عليها، فلا يبقى مجال للإختلاف على تعريفها وتحديدها. فتكون روحية سمحة بمعنى انها تفتح صدرها وتظلل بجناحيها كل الذين شاركوا العرب في تاريخهم وعاشوا في جو لغتهم وثقافتهم أجيالا فأصبحوا عربا في الفكرة والعاطفة. ولا خوف ان تصطدم القومية بالدين فهي مثله تنبع من معين القلب وتصدر عن إرادة الله، وهما يسيران متآزرين متعانقين، خاصة إذا كان الدين يمثل عبقرية القومية وينسجم مع طبيعتها. (نفس المصدر ج1/ص134)


هذا هو فهمنا الايجابي للقومية بأنها هي هذا المستوى الناضج الذي بلغته المجموعات البشرية نتيجة تفاعل قرون طويلة بين أفرادها وبين الظروف الطبيعية والتاريخية التي مرّت بها والتي نسجت فيما بينها روابط مادية وروحية مشتركة، أهمها واعلاها هي رابطة الثقافة. (المصدر نفسه ج5/ص25)


لهذا كان البعث العربي الاشتراكي هو المبادر والرائد في اصدار قانون الحكم الذاتي في العراق وهو الذي اصدر قوانين تتيح لكل الاقليات القومية او الدينية حرية ممارسة ثقافتها وهو الذي رسم صورة المجتمع العربي اللاحق في دولة الوحدة القائم على الاخاء والمحبة والتسامح والتوحد الوطنى ونبذ العنصرية بكل اشكالها ولا مجال للتمايز في المجتمع العربي على اساس العرق والدين ، بل من يعيش في الوطن العربي هو عربي مع حقه الكامل في الحفاظ على خصوصيته التي يحترمها ويصونها الدستور والقانون والدولة ، لهذا قال الرفيق القائد المؤسس قوميتنا المتحررة أمام التفرقة الدينية والعنصرية


لا أحد يمنع الأكراد ان يتعلموا لغتهم شريطة ان يكونوا خاضعين لقوانين الدولة ولا يشكلون خطرا على الدولة، والطوائف المسيحية مثلا لا يوجد من يمنعها من ممارسة شعائرها الدينية ومن الثقافة المسيحية ضمن هذه الثقافة العربية العامة. فمفهومنا بعيد جدا عن مفهوم القومية النازية التي تؤمن بأن هناك عرقا مفضلا وله مميزات خاصة يجب أن يتطهر من كل شيء وبالتالي ان يضطهد كل من لا تتوفر له الشروط من حيث النسب والعادات المعينة... فالعروبة هي انسانية ونحن نفهم من قوميتنا العربية بأنها الإنسانية الصحيحة وبأنها تقديس لقوميات الآخرين، فنقدس هذا الشعور عند كل شعب آخر.


( الآن تنطوي صفحة من تاريخ نهضتنا العربية وصفحة جديدة تبدأ، تنطوي صفحة الضعفاء الذين يقابلون مصائب الوطن بالبكاء وبأن يقولوا "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وصفحة النفعيين الذين ملأوا جيوبهم ثم قالوا" (لا داعي للعجلة، كل شيء يتم بالتطور البطيء)، صفحة الجبناء الذين يعترفون بفساد المجتمع اذا ما خلوا لأنفسهم وتبدأ صفحة جديدة، صفحة الذين يجابهون المعضلات العامة ببرودة العقل ولهيب الايمان، ويجاهرون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهل الارض جميعا، ويسيرون في الحياة عراة النفوس. هؤلاء هم الذين يفتتحون عهد البطولة). (عهد البطولة)


(لقد أقاموا تناقضاً بين القومية والانسانية كما تعرفون، وهذا كان في نظرنا شيئاً مصطنعاً فلم نصدق ان القومية مرحلة، لاننا حتى الآن لم نر ان القومية كانت مرحلة لشيء فوقها، وانما الصحيح ان بين القومية والانسانية انسجاماً اذا فهمنا القومية فهما صحيحاً، والصحيح ان نقول ان ثمة، قومية انسانية. القومية التي تخرج من تجربة الشعوب التي عانت الظلم وعانت الاستعمار وتحررت دون ان يستنفد الحقد ألمها وتجربتها، اي التي عانت تجربة الظلم والتأخر وتطالب بتجربة ايجابية متفائلة، هذه القومية هي التي تطبق القيم الانسانية في حدودها. فالقومية هي المسرح الواقعي لتحقق الانسانية، والانسانية التي تقفز من فوق القومية وتكون خيالية لا تجد ارضاً تستقر عليها فهي تكون في الذهن اكثر منها في الواقع، وكثيراً ما توصل الى العصبيات الضيقة والى الاقليمية. فالقومية الانسانية اذن هي تطبيق لنظرية في القومية عامة. اننا نؤمن بأن القومية للبشر عامة هي حالة سوية وحالة ثابتة غير مؤقتة اذا أحسن فهمها واذا خلصت من التعصب وشوائب الطمع والتوسع).(معالم القومية التقدمية ) .


هكذا يعرف مؤسس البعث القومية ويوضح انسانية الامة ، وطبيعة امتنا انها انسانية جبلت على القيم العظيمة الشجاعة الكرم الوفاء بالعهد وقول الحق ومناهضة البغي ،هكذا جبلها رب العرش ،لانه اصطفاها لحمل رسالاته والرسالة الاعظم والخاتمة الاسلام وشرفها بان بعث فيها نبيا هو خاتم النبيين رحمة للعالمين جميعا ، هذا التكوين الرباني لهذه الامة ، اضافة لما رسخه الاسلام فيها من قيم انسانية وعزز انسانيتها وشذبها برفضه العادات الخاطئة في سلوك العرب ،ثم المعانات التي عاشتها الامة كل ذلك رسم الصورة الايمانية الانسانية لفكر البعث القومي الايماني الحضاري والجهادي ،واستيعابا وفهما عميقا لذلك كان انتمائنا للحزب ، نعم والله ايها الرفاق واني متأكد ان كل البعثين الذين انتموا للبعث انتماءا فكريا وجهاديا صحيحا عاشوا مرحلة العشق والحب في انتمائهم ، نعم كنا نقرأ في فكر الحزب وتاريخه وتجربته ومسيرته كأنا نقرأ رسائل من حبيبتنا .


ان الرسالية في امتنا تكوين والهام رباني تعمق بالاسلام ودستوره الكريم القرآن ،ورسخته سيرة المصطفى عليه وعلى آل بيته وصحبه الصلاة والسلام ، فاختيار الله سبحانه لهذه الامة ان تكون حاضنة رسالاته ليس شيئا فيه مصادفة فلا مصادفة في حكمه جل وعلى ،وان يكون العرب جندها و المبشرين بها لكل الامم والشعوب وان يكون الرسول الاعظم عربي والقرآن عربيا فهو تشريف لهذه الامة وتحميلها مسؤولية اضافية ،هي ان تتحمل وزر القتال عن القيم العظيمة التي جاء بها الدين ،فالانبياء كلهم الذين نعرفهم عرب ولدوا وتربوا وماتوا في ارض العرب فهذا ابو البشر سيدنا ادم وابنه شيت وابو البشرية الثاني بعد الطوفان نوح وابراهيم اول من اسمانا المسلمين وابنائه اسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف، وابن اخيه لوط وصالح وهود وشعيب وموسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى بن مريم ثم النبي الخاتم محمد صلى الله عليهم وسلم اجمعين ،كلهم ولدوا ودفنوا في ارض العرب وحتى الانبياء الاخرين الا الاسكندر ذو القرنين الذي يقول بعض المفسرين انه من مقدونيا وانا اتصوره من الاسكندرية من كنانة العرب مصر ، فالدين يا ايها العالم تحملت هذه الامة مسؤوليته وكانوا العرب جند كل شرائع السماء ، كل هذا التاريخ العظيم لشعب هذه الارض هوالذي رسم للانسانية فيها وجعله واحدا من اهم صفاتها وجسده كرسالة .


فارتباط العروبة بالاسلام ظل مئات السنين خلال التاريخ، عبارة عن الحياة التي يحياها العرب ويتنفسونها كالهواء..
هذه التجربة (تجربة الإسلام وحياة الرسول الكريم) ليست حادثا تاريخيا يذكر للعبرة والفخر، بل هي استعداد دائم في الأمة العربية -إذا فهم الإسلام على حقيقته- لكي تهب في كل وقت تسيطر فيه المادة على الروح، والمظهر على الجوهر، فتنقسم على نفسها لتصل الى الوحدة العليا والإنسجام السليم، وهي تجربة لتقوية أخلاقها كلما لانت، وتعميق نفوسها كلما طفت على السطح، تتكرر فيها ملحمة الإسلام البطولية بكل فصولها من تبشير واضطهاد وهجرة وحرب، ونصر وفشل، الى أن تختم بالظفر النهائي للحق والإيمان. (ج1/م33ص 314 )


فالاسلام من حيث هو دين صرف مساو لغيره من الأديان في الدولة العربية التي تساوي بين جميع مواطنيها وتحترم حرية معتقدهم. والاسلام من حيث هو حركة روحية امتزجت بتاريخ العرب واصطبغت بعبقريتهم وأتاحت ظهور نهضتهم الكبرى له مكانة خاصة في روح القومية العربية وثقافتها وحركة انبعاثها، الا ان هذه المكانة لا تفرض فرضا بل تولد من الحرية وتستمد من قوة الروح ومن مدى اتصال العرب بروحهم وتجاوبهم الحر العميق معها. وبهذا المعنى تستلهم حركة البعث العربي من الإسلام تجدده وثورته على القيم الاصطلاحية. تستقي من نبعه فضائل الإيمان والمثالية والتجرد عن المنافع الشخصية والمغريات الدنيوية في سبيل نشر المبادئ التي تنقذ العرب في هذا العصر من ضعفهم وتفككهم وانخفاض مستواهم الروحي والاجتماعي.(ج1/م37)


معركة العرب معركة ايجابية بكل معنى الكلمة لأنفسهم وللعالم، فبمقدار ما يتحررون يحررون العالم... ج2/ص237
هذه هو الذي نقوله في كل كتاباتنا لاننا مدركون بعد معركة الايمان وندرك بعمق مبادئ البعث الطليعي الانسانية .


نستطيع أن نثق ونؤمن بأن معركتنا ظافرة لأن كل يوم يمضي عليها يضيف الى جيشها جنودا أيقظهم صبرها واستمرارها واشعاعها وأرجعهم الى نفوسهم..ج1/85


نعم ايها الرفاق فصمودكم وقتالكم الرسالي وصبر شعبكم العظيم حرك كل الضمائر الحية في شعبكم وفي الامة ،بعد ان كاد اليأس والقنوط يطبق عليهم ،


في مثل هذه الظروف التي تتجمع فيها الأخطار الصهيونية والإستعمارية والرجعية ضد الثورة العربية، يشعر البعثيون بطعم الحياة وروح الكفاح وبالمبررات البديهية لوجود حزبهم. ج2/266


يجب أن تتحد الصلاة مع العقل النير مع الساعد المفتول، لتؤدي كلها العمل العفوي الطلق الغني القوي المحكم الصائب. ج1/م33/ص142


في الوقت الذي تكثر فيه موجات التشاؤم والتخاذل، وتتكاثر فيه الكوارث والنكبات، يشعر العرب الصادقون بأن يوم الخلاص قد قرب، لأن الطريق قد فتح لتهتز النفس العربية أخيرا، لتهتز اهتزازا عميقا، لتتذكر ذاتها ومهمتها وتنتفض بانطلاق وحيوية وايمان مستعذبة كل ألم أو تضحية في سبيل أن تحقق رسالتها في الوجود. ج1/ص113


الأمة العربية ضحية أضخم ظلم عرفه هذا العصر، ولا يمكنها أن تحارب ظلما بهذا الحجم التاريخي وأن تتغلب عليه الا إذا عمقت نضالها حتى يلامس جذور انسانيتها ويلتقي بكل نضال انساني تاريخي. ج2/ص172


نعم ان ما تعرضت له الامة من خلال تكالب كل قوى الارهاب والشر والبغي والامبريالية والصهيونية وحلفائهم وخدمهم من الاعراب والمسلمين في العدوان الهمجي الشرير على العراق الذي استهدف اول ما استهدف البعث وشعب العراق ، ولكن شعب العراق وهمتكم وجهادكم الرسالي اثبت ان عمق نضالكم وايمانكم بلغ جذور انسانية الامة ،ويجاوز كثيرا مراحل النضال الانساني الذي استسلم حتى بالاحتجاج على استهتار امريكا والصهيونية والحلف الشيطاني واساليبها القذرة وتجاوزها لكل قوانين السماء والارض .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٢١ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / نـيســان / ٢٠٠٩ م