الحرب الاعلامية ( إعلام الثورة الجزائرية )

 

 

شبكة المنصور

أبو خليل التميمي  / بغداد المسورة بكتل الاسمنت

سنتطرق في هذا الجزء من الحرب الإعلامية الى نموذج من هذه الثورة التحريرية الجزائرية كانت تواجه عدو يعتبر من الدول العظمى في تلك المرحلة فرنسا كانت من الدول الاستعمارية تمتلك قدرات كبيرة وإمكانيات اقتصادية هائلة إضافة إلى جيوش جرارة وهي ترسخت بالجزائر لفترة احتلال طويلة أوجدت خلالها الكثير من العملاء والمتعاملين معها إضافة إلى استخدامها سياسة الفرنسة ومحاولة تغير ثقافة الشعب الجزائري والتأثير على ديانته وقيمه الإسلامية ومحاولة ربطه بالدولة الفرنسية فكرا وتفكيرا وهنا نلاحظ مدى الصعوبة التي واجهها الإعلام المقاوم للثورة الفرنسية والثورة الجزائرية اندلعت في غرة نوفمبر 1954 ، بكل ما لديها من وسائل بشرية ومعنوية ومادية ودعائية وإعلامية  متواضعة ، مصوّبة لإبلاغ رسالة الثورة إلى الشعب الجزائري أولا، ثم إلى الشعب الفرنسي ثانيا،و إلى الرأي العام  الدولي أخيرا.

 

إن الهجمة الإعلامية الشرسة والواسعة النطاق  والإمكانيات المادية الضخمة  التي جندتها السلطات الاستعمارية الفرنسية  للتقليل من أهمية  أحداث أول نوفمبر  من خلال مختلف  أجهزة الإعلام والوسائل  الدعائية توضّح لكل متتبع  لهذه الأحداث مدى الهلع  والخوف والاضطراب  وعدم التصديق بحقيقة ما يحدث في هذه البلاد المجاهدة آنذاك .

 

وهكذا ، راحت وسائل الإعلام الفرنسية ،لاسيما المكتوبة و المسموعة، بمختلف مشاربها واتجاهاتها السياسية الحزبية  بدون اختلاف تزرع الشك في  نفوس  الجزائريين والفرنسيين سواء داخل الجزائر  أو في فرنسا نفسها بنعت  هذه الأحداث بكل الأوصاف، بأنها مجرد تمرّد من قطاع الطرق و"الفلاّقة" الذين  قدموا من تونس  بعد التضييق  عليهم هناك  ، وذلك قصد عزل الثورة وخنقها ثم تجريدها من صفتها الشعبية وهدفها المنشود :أي الحرية والاستقلال ، لتحوّلها إلى مجرد أعمال إرهابية  تقودها أياد خارجية ليس لها  أي  صلة بالشعب الجزائري المسالم والذي يريد  العيش مع الأوربيين في بلد واحد، مرتبط بالوطن الأم : فرنسا .

 

إلا أن تطورات الأحداث، وتوسيع الضربات المصوّبة نحو العدو الفرنسي ومسارعة الجزائريين  من مناضلين ومسبّلين  ومجاهدين إلى الالتحاق بصفوف الثورة المجيدة عبر النداءات في وسائل الإعلام أخلطت الأوراق وجعلت المستعمر يرتبك ويضطرب في كل مكان سواء داخل القطر الجزائري الثائر  أو داخل القطر الفرنسي نفسه.

 

وكان لهذا الانخراط المتواصل في صفوف جيش التحرير  وجبهة  التحرير الوطني الدور الهام  والرئيسي  في تحوّل  الصحافة الفرنسية  في تحليلاتها ومقالاتها المتعددة  تجاه الثورة المباركة وخاصة الصحافة التي يُقال عنها المستقلة  عن الدوائر الرسمية لتفسر حسب منظورها طبيعة أحداث الجزائر ، لاسيما ا لصحافة الصادرة في المستعمرة الجزائرية  آنذاك .

 

وخوفا من أن تفلت القضية من يد الحكومة الفرنسية وتُروّج الأحداث خارج  البلاد وتُعطى لها تفسيرات عديدة ، منها تفسير الانتفاضة العارمة  للجزائريين وإرادتهم  وعزمهم  على نيل الحرية  والاستقلال ، أصرّت هذه الحكومة ، عبر وسائلها  للإعلام ، على الإعلان عن هذه " الأحداث " بأنها أعمال فردية  أو مجموعات صغيرة منعزلة وأن الحكومة جهزت كل قواتها  للتصدي لأعمال الشغب هذه  وأن الهدوء سيخيّم على هذه المناطق المعزولة وستسترجع السلطات الفرنسية الأمن  والاستقرار وتتحكّم  في زمام الأمور .

 

وراحت هذه الصحافة ووسائل الإعلام ا لفرنسية تحاول طمأنة  الأوربيين في الجزائر بأنهم يجب أن يضعوا ثقتهم الكاملة فيما تتخذه السلطات الفرنسية  من إجراءات لتهدئة وضمان  الأمن و"ا لقضاء على هذه الشرذمة   المتمردة وهذه العصابات  المجرمة من اللصوص وقُطاع الطرق" ويجب عليهم ضبط النفس  لأنها مسألة وقت فقط ".

 

وهكذا كانت الأحوال في بداية الأمر  عندما اندلعت الثورة  المجيدة : لسان حال واحد للإعلام لسان السلطة الاستعمارية  يمرر من خلال الصحافة المحلية المتواجدة  في الجزائر سمومها ضد ما كانت تسميهم بالأهالي المتمردين والمسلمين المتواجدين  في الجزائر الفرنسية، مع تزييف الحقائق والوقائع  أمام الرأي العام الداخلي والخارجي . بل في كثير من الأحيان  كانت هذه الصحف توزع  الحقد وتدعو القراء إلى"مقاومة" الثوار، إلى أن ظهرتْ صحيفة " المجاهد " اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني  لأول مرة كنشرة للثورة الجزائرية  في الشهر السادس من سنة 1956  وفي قلب الجزائر . وقد صدرت باللغة الفرنسية ثم  تُرجمت بعد ذلك إلى اللغة العربية . وقد جاء في افتتاحية  العدد الأول ما  يلي :

 

ستكون ( المجاهد ) بالإضافة إلى جريدة ( المقاومة الجزائرية ) اللسان الناطق المأذون له  أن يتكلم باسم جبهة التحرير الوطني كما سيكون المرآة  التي تنعكس فيها نشاطات  جيش التحرير الوطني وستتبوأ المجاهد مكانتها  لتكون سمعَ الرأي العام وبصره وصوته  ولتزوّد الشعب بالأخبار الحقيقية  فتكون صلة الوصل  بينه وبين مجاهدي جيش التحرير الوطني.

 

ومنذ  ذلك الحين، بعد صدورها، قامت صحيفة ( المجاهد ) بدور فعال وأساسي  في إبلاغ الرأي العام الدولي  بحقيقة الثورة الجزائرية ، وكذا أداة  لتعبئة الرأي  العام الداخلي  وتوجيهه  في التقاط  المعلومات  الحقيقية التي هو في حاجة ماسة إليها قصد تتبع مسار الثورة  وجنود جيش التحري الوطني في عملياتهم  المتواصلة ضد القوات الاستعمارية ، وسرد مراحل المقاومة الباسلة التي يبديها الشعب الجزائري  .

 

أما  أهداف  الإعلام المقاوم الجزائري  وهي الحرب الأخرى للمقاومة :

1 -  ضرورة إيجاد التوازن بين متطلبات الرأي العام الوطني والدولي بعرضه للقضية الجزائرية بمختلف الوسائل والأساليب قصد إقناع الرأي العام الدولي بمصداقية هذه  القضية .

 

2 -  ضرورة الحفاظ على المبادئ الجوهرية  للثورة .

 

3 -  ضرورة الرد الفوري  والمباشر على أجهزة الإعلام الغربية  ولاسيما وكالات الأنباء المنحازة  لوجهة  النظر الاستعماري الفرنسي.

 

4 -  ضرورة الحرص الشديد على دقة البيانات والبلاغات المقدمة إلى وكالات الأنباء الأجنبية خشية تحريفها أو عدم فهمها .

 

5 -  ضرورة إرساء نافذة تطل منها على العالم  مقدمة بطولات الشعب الجزائري الثائر من اجل الوصول إلى أبواب العالم الغربي والأمم المتحدة ، قصد  قناعة الشعوب بعدالة القضية الجزائرية وتدويلها .

 

إذا كان قادة جبهة التحرير الوطني عند تأكيدهم على  ضرورة الاعتماد  بالدرجة الأولى على العمل المسلح لتحرير البلاد  من المستعمر الغاشم ، فإن الأمور تغيّرت مباشرة بعد حوالي سنتين من اندلاع الثورة المجيدة حيث عرفت هذه السنوات ، لاسيما بعد مؤتمر الصومام عقد في 20 أغسطس 1956 الموافق لـ 14 محرم 1376 هـ في منطقة القبائل في قرية إيقري.

 

مشاركون في المؤتمر

أسباب عقد المؤتمر و امتداد بعد كل هذا اصبح من الضروري عقد اجتماع لقادة الثورة الجزائرية في مكان ما داخل الوطن لتقييم الأوضاع، تنسيق الجهود، و تنظيم هياكل الثورة ووضع  اللإستراتيجية الضرورية لمواصلة الثورة حتى النصر. وتقسمي البلاد إلى نواحي عسكرية والجيش إلى رتب

 

كان من أهم النتائج التي تمخض عنها هذا الاجتماع هي توحيد النظام العسكري و السياسي حيث وضعت رتب عسكرية و العلامات التي ترمز لها، وضع خريطة جديدة للجزائر وفقا لظروف الحرب آنذاك وتحسين مستوى المبادرة، و التعاون و التنسيق بين مختلف القوى المشاركة في الثورة في ذلك الزمان، و تقرر استبدال تسمية المنطقة باسم الولاية، و الناحية بالمنطقة، و القسم بالناحية، إضافة إلى أحداث القسمة، و منطقة العاصمة المستقلة، و اتحاديات  جبهة التحرير في فرنسا و المغرب و تونس. كما وضعت إستراتيجية للعمل المستقبلي للثورة و التي كانت تهدف إلى:

 

•           إضعاف الجيش الفرنسي

•           الإخلال بالوضع في فرنسا إلى أقصى الحدود إقتصاديا و اجتماعيا

•           مؤازرة الشعب الجزائري في وجه البطش الاستعماري الفرنسي

 

وقد اتخذ المؤتمر قراراً بإقامة المجلس الوطني للثورة الجزائرية التي كانت تتكون من 34 عضوا"، و لجنة للتنسيق و العمل تضم خمسة أفراد.. كان من بين نقاط الاختلاف في هذا الاجتماع الذي صار يحمل اسم المؤتمر الأول لـجبهة التحرير الوطني بعد استقلال الجزائر هو من سيكون مسؤولا عن الجناح السياسي للثورة. أيكون من جيش التحرير أم من جبهة التحرير الوطنية؟. ويجدر الاشارة ان الأولوية كانت قد أعطيت للجانب السياسي على الجانب العسكري في ذلك المؤتمر إلا أن الخلاف ظل قائما بين المؤتمرين. سقطت وثائق مؤتمر الصومام في أيدي الجيش الفرنسي إثر وقوع المجاهدين في كمين فرنسي و هروب البغلة التي كانت تحمل الوثائق. مهد مؤتمر الصومام الطريق للحكومة الانتقالية بقيادة فرحات عباس للتحرك السياسي. وهناك من يرى أن المؤتمر كان بمثابة انقلاب على بعض الزعامات الوطنية التقليدية أو الزعامات التي كانت تتطالب بالحل السلمي، مثل عبان رمضان ، فرحات عباس و مصالي الحاج ، ومنها من كان في موقع القيادة المتواجدة في الجزائر ومنها من كان قد فر إلى الخارج أو كان في الأسر وقتذاك.

 

اهم ما نتج عن مؤتمر الصومام هي :

1-  إبلاغ الرأي العام الداخلي والخارجي بالأعمال  الشرسة التي  كان الجيش الفرنسي  والمعمّرون " الكولون "  يرتكبونها في حق الشعب الجزائري

2 - تدويل القضية الجزائرية  لتفلت من طابعها الداخلي الفرنسي.

3 -   عزل العدو في الميدان  الدبلوماسي .

4 - ربح أصدقاء ومناصرين جدد للثورة .

5 -   الحصول على مساعدات مادية ومعنوية ومساندة فعالة  من الشعوب الشقيقة والصديقة .

6 -تدعيم مؤسسات الدولة الجزائرية قصد الاعتراف بالنظام السياسي والدبلوماسي لها .

7 - استغلال جميع الوظائف والوسائل المتوفرة من وسائل الإعلام  والوسائل الثقافية والرياضية والاجتماعية  لدعم الثورة  وتقويتها .

 

8 - الضغط المتواصل ومداهمة  الاستعمار أينما كان باستعمال سياسة الإنهاك الإعلامي للقوات الاستعمارية.

 

ويرى بعض المحللين  السياسيين أن التنظيم العسكري والسياسي الحقيقي ، والإعلامي خاصة ،  وحتى الدبلوماسي ،بدأ بعد  انعقاد مؤتمر"الصومام " في 20 أغسطس 1956 ، إذ أن المؤتمر أحدث تغييرات جذرية  سواء في الميدان السياسي والعسكري  وحتى المخابراتي  والاتصالي ولو كان في بدايته .

 

ومن هذا المنطلق،  صارت الثورة الجزائرية  وعلى رأسها الإعلام  تلعب دورا حساسا ورئيسيا  يتمثل في التصريحات الرسمية التي كان  يدلي بها  ممثلو الجبهة آن ذاك، وكذلك الندوات الصحفية  التي كانوا يعقدونها في مختلف العواصم الأجنبية .

 

كما استغل ممثلو الثورة في الخارج  وسائل الإعلام في البلدان  الشقيقة والصديقة للتعريف بالثورة الجزائرية وبأهدافها  وأبعادها الحقيقية . فقد نظمت  الجبهة برامج  إذاعية بعنوان " صوت الجزائر "  باللغة العربية  من الرباط  وتطوان وطنجة  بالمغرب الأقصى ، وأيضا في تونس  والقاهرة ،علما  أن إذاعتي  القاهرة وتونس كانتا  أولى الإذاعات العربية التي خصصت برامج محددة  في فترات ثابتة لإذاعة أخبار الثورة الجزائرية .

 

وقد ظلت هذه البرامج  تذاع   حتى بعد  إنشاء  الإذاعة السرية  للثورة في قلب الجزائر سنة 1957 . كما كانت هناك  إذاعات للدول الصديقة  تُذيع أخبار الثورة الجزائرية بصفة متواصلة  وبلغات متعددة ، وفي مقدمتها إذاعة "بودابيست " التي كانت تذيع  برامجها  تحت عنوان  "صوت الاستقلال والحرية".

 

وهكذا ، تمكنت  المقاومة الجزائرية بفضل حربها الإعلامية  والدعائية  وتوجيهها من قبل القادة السياسيين والدبلوماسيين  المحنكين في الداخل والخارج ، في ظرف قصير، بالرغم من عملها ونشاطها الشاق والعسير ، أن تحقق رواجا وانتشارا كبيرا عبر العالم بفضل كل الوسائل الإعلامية للإتاحة لها بإبلاغ الرأي العام  الداخلي والخارجي  بما يجري في الجزائر من حقيقة في الأحداث . بحيث أنه في المقابل كانت الإدارة الاستعمارية ومن خلال وسائل إعلامها المتعددة   وتصريحات  قادتها في الداخل   والخارج  تحاول أن تبرهن  للعالم  أن الثورة  الجزائرية  ليست كما يظن البعض  ثورة قومية مستندة على حواروطني وإنما  هي عصيان مدني وتمرّد عصابة أشرار  مدفوعة من الخارج .

 

وزيادة في إيهام الرأي العام  وتغليطه  وتضليله ، توسعت  تحليلات الصحف الفرنسية  ووسائلها الأخرى للإعلام  وخطب المسؤولين  هنا وهناك ،إلى إلصاق التهم بالخارج مادة  مواتية  في العملية الإعلامية  والدعائية ،  وذلك قصد  جلب التأييد  الداخلي والخارجي  لمساعي الحكومة الفرنسية المستعمرة لوضع حد لهذه الأحداث.

 

ومن جملة التصريحات  الاستعمارية  آنذاك  والحساسة في العالم   الغربي الليبرالي رسالة  الخطر الشيوعي الذي أصبح يهدد  العالم الحر الديمقراطي ، ومن فروعه المختلفة انتشاره في  المناطق الشمالية  لإفريقيا بحيث أصبحت نفوذه  تتأثر بما تروجه الوسائل المختلفة للدعاية الشيوعية إلى غير ذلك من التضليلات التي كانت عملة شائعة في ذلك الوقت.

 

وفي هذا الإطار، ومن جملة التصريحات الدعائية، ما جاء في تصريح رئيس الحكومة الفرنسية - مانداس فرانس في واشنطن  قائلا :" كان الجو هادئا ، وكل الشر جاء فجأة من إذاعة القاهرة  وبودابيست ، وهذا الوضع  مثير لقلق دائم لنا ، ومن هذين العالمين  يأتي  المُهرّجون  والمشاغبون، ومنها أيضا تتسرب الأسلحة التي بها تجد الحرب الكلامية امتدادها   في الحرب الدموية".

 

وما  كان يعني ذلك إن لم يكن تصريحا مباشرا أو غير مباشر للإعتراف بحرب إعلامية دعائية  سيكولوجية  تقوم  بها الثورة الجزائرية المجيدة بالموازاة مع الكفاح المسلح؟ .

 

هنالك اتهامات أخرى  كانت تروجها الصحافة الاستعمارية  بتدعيم مادي ومعنوي من الإدارة الفرنسية  وأجهزة استخباراتها تحميل تونس مسؤولية أحداث نوفمبر ، وقد  وجدت  هذه الأكاذيب  والدعايات صدى واسعا  في الأوساط  الفرنسية بحيث صرح  جاك  شوفالييه  الذي كان  نائبا  ورئيس بلدية الجزائر العاصمة بما يلي :" إن الهدف من العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية لهي  محاولة  تشتيت  بهدف فك الحصار  على "الفلاقة " الموجودين في الحدود تونسية  والذين يتعرضون لضربات  الجنرال الفرنسي دولاتور .

 

وفي نفس السياق ، أشارت الصحافة الفرنسية ، سواء في   ( لوفيقارو) أو( لسوار ) إلى تسرب 500  إرهابي تونسي إلى جبال الأوراس، وذكرت أن  مهمتهم كانت تدريب الجزائريين على استعمال الأسلحة وخوض حرب العصابات .

 

واختتمت هذه الحملة باتهام  الحكومة التونسية رسميا على لسان  روني ما يور  أمام الجمعية  الوطنية  الفرنسية  عندما حمّل الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة مسؤولية ما يحدث  في الجزائر قائلا :

 

"إن الخطاب الصحفي الفرنسي كان يعتمد أسلوب الحرب النفسية والدعائية والعمل على تجريد المجاهدين  الجزائريين من  كل خصلة من  الخصال التي يفرضها الظرف الثوري كالبطولة  والشجاعة والتضحية والرحمة والشفقة الإنسانية...

 

وكانت سائل العمل الإعلامي والدعاية للثورة الجزائرية تتمثل في الرد السريع على جميع  الأكاذيب، واستنكار أعمال الاستفزاز وتعريف أوامر الجبهة مستعملة عد ة طرق للعمل الإعلامي منها:

 

1 - توزيع منشورات ومطبوعات كثيرة ومتنوعة في جميع الدواوير والقرى المحاصرة من طرف الاستعمار ، كما كان الشأن  كذلك في المدن بطرق أخرى ، سواء عن طريق الصحافة، الإذاعات العربية الشقيقة  والصديقة  التي كانت  تبث برامج الثورة .

 

2 - وهكذا ، فقد  شكلت مناشير الثورة  ووسائل الإعلام مهما كانت بسيطة  أسلوبا راقيا للتأثير السياسي والمعنوي على الجماهير، حيث كانت  تنطلق دائما في تحليلات وتعليقات من مبدأ أن التفاف الجماهير حول الثور هو الوسيلة الوحيدة لتمكين الثورة  من تحقيق  النصر، بحيث أصبحت  الجماهير مقتنعة بضرورة دحر العدو من أجل النصر أو الاستشهاد.

 

3 - وقد تمكن الإعلام المباشر والاحتكاك مع  الشعب الجزائري والشعوب الأخرى بفضل تضحية وشجاعة المجاهدين  على مواصلة تبليغهم رسالة الثورة ، وذلك  بالرغم من الأخطار التي كانوا  يتعرضون لها أثناء  تأدية مهامهم ، منها :

 

4-   رفع معنويات المواطنين.

 

5-  اعتقاد المواطنين أن المجاهد بصلة دائمة مع الشعب وأنه لا يقهر.

 

6 - تجاوب الكثير من جنود ما كان يسمى باللفيف الأجنبي  مع نداءات جبهة التحرير الوطني وذلك بفرارهم مع وحداتهم  والتحاقهم  بصفوف جيش التحرير الذي كان يطلق سراحهم عبر الحدود قصد الالتحاق بذويهم.

 

7 - التأثير في أوساط المعمرين  نتيجة بث  الدعاية بواسطة عمال المزارع الذين كانوا يضخمون وسائل قوات جيش التحرير وإمكانيات الثورة ، حيث أصبحوا خوفا منهم ، يستجيبون لطلباتهم في كثير من المناطق والتستّر عليهم في الأوقات الحرجة .

 

هكذا كانت الحرب الإعلامية للمقاومة تأخذ مجراها بالتوازي مع  الضربات  في ميدان المعركة ، وهي التي ادخلت  الدبلوماسية الجزائرية  الى الجمعية العامة للامم المتحدة   أثناء مناقشات الجمعية العامة  ومعركة مواجهة  الرأي العام الدولي ابتداء من سنة1957  التي كانت تسمى سنة الجزائر في الأمم المتحدة، حيث طرحت القضية الجزائرية ، وصارت تطرحها كل سنة .  وعلى هذا الأساس ، صار عدد أنصار  الجزائر الثورية يتزايد  في كل مرة ، في حين كان موقف فرنسا يتقهقر حتى أمام حلفائها.

 

أن حرب  الجزائر هي التي خلقت  حركات التحرير في إفريقيا وعجّلت باستقلال كل الدول الإفريقية الأخرى  بعدما كانت  في سبات عميق أيقظتها هذه الثورة بضجيجها وتساءلت عما  يجري في شمال إفريقيا ، مما جعل فرنسا تتخلص من مستعمراتها بالجملة الواحدة تلو الأخرى  لتتمسك بالجزائر. "

 

وهكذا جاءت الفائدة مزدوجة من تجربة هذه الثورة المجيدة  التي كانت  رائدة  في  الكفاح ضد الاستعمار ، فانعكست آثارها الحسنة  والإيجابية على معظم شعوب العالم الثالث ، وخاصة في إفريقيا ، آسيا  وأمريكا اللاتينية.

 

يتبع ...

 

أبو خليل التميمي  / بغداد المسورة بكتل الاسمنت
عاشت الأمة العربية موحدة
عاش العراق محررا مستقلا
المجد للمقاومة العراقية الباسلة وعمادها الجيش العراقي
الرحمة لشهداء العراق وعلى رأسهم شهداء المقاومة

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٩ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / نـيســان / ٢٠٠٩ م