على ماذا تراهن طهران في أزمة مفاعلها النووي ؟

 
 
 

شبكة المنصور

أبو محمد العبيدي
المتابع لإخبار ألازمة الإيرانية بخصوص مفاعلها النووي مع المجتمع الدولي ,لا بد أن يتساءل ما هي الحقيقة وكيف سينتهي الصراع حول هذا الملف ما بين إيران وبين أمريكا وإسرائيل ,وهل من الممكن أن تلجأ هذه الدول إلى ضرب إيران,ولماذا هذا التعنت الظاهري لإيران في تعاملها مع أطروحات المجتمع الدولي والى أين ستصل وعلى ماذا تراهن وهل ستتراجع في اللحظة الحرجة ,أم سيدركها الوقت وستندم بعد ذلك ,أم إن كل ذلك مجرد مسرحية هزلية غير مضحكة للجميع .


فها نحن نسمع بافتتاح قاعدة عسكرية فرنسية في الإمارات العربية, ألا تكفي جيوش الولايات المتحدة المتواجدة في الخليج العربي لحمايته ليضيفوا جيوش فرنسا,ونسمع خبر آخر عن عزم ثلث الإسرائيليون للهجرة خارج فلسطين في حالة امتلاك إيران للقنبلة النووية , فهل إن إيران غبية إلى الحد الذي تستخدم فيه القنبلة النووية في حالة امتلاكها ضد الخليج أو ضد إسرائيل ؟


وإذا كانت لا تنوي استخدامها ,فإلى أي حد يمكن أن تصل إليها المناورات التي تقوم بها .


وعموما اعتقد ابتداء إنها تحاول كسب الوقت بأي طريقة من اجل الوصول إلى مرحلة إنتاج القنبلة النووية كمرحلة أولى, وسوف تماطل الجميع وتستغل كل الثغرات التي تستطيع إيجادها في المواقف الغربية عموما وهي مستعدة للدخول في أي مباحثات من اجل التسويف وإضاعة الوقت ليس إلا ,ولن تتراجع عن هدفها هذا ,والعالم وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية تعلم ذلك, ولكن ما جناه في العراق لا يريد تكراره مما يجب إيجاد وسيلة أخرى غير ضربها من قبل الولايات المتحدة لها, مما سيعرض قواتها في العراق وفي الخليج إلى مواجهة غير مستعدة لها أو لا ترغب بها في الوقت الحاضر, إضافة إلى تعريض الخليج العربي كدول وكنفط إلى كثير من المشاكل,تحاول أمريكا الاستفادة من أخطائها في تعاملها مع العراق والذي سبب لها الكثير من المشاكل أولها هو عدم الإجماع الدولي وموافقة ما تسمى بالشرعية الدولية أي مجلس الأمن ,ولذلك فالذي يجري بين إيران وأمريكا الآن هو صراع الزمن وهذا ما ترفضه إسرائيل وتريد إنهاء الموضوع وضرب هذا المفاعل وتؤيدها دول الخليج واغلب الدول العربية.


فإيران تريد تأجيل الحسم لغاية إنهاء العمل في المفاعل وإنتاج القنبلة النووية وعند ذاك تبدأ المفاوضات الحقيقية مع أمريكا والعرب والجميع لفرض شروطها وهي تمتلك الورقة الرابحة ,وأمريكا تريد التخلص من هذا المفاعل بأي طريقة غير المواجهة العسكرية بعد تجربة العراق المريرة والتي مازالت لم تتخلص منها,وهي تعرف أساليب إيران ولكنها لا تملك حلول ,وعليه فهي تحاول تأخير العمل بأي طريقة في المفاعل لإيجاد أوقات أفضل للتعامل مع إيران,بل أرضية دولية مشتركة, أي أقناع روسيا والصين بإصدار قرارات من مجلس الأمن بفرض عقوبات ومن ثم اتخاذ إجراءات عسكرية إذا تطلب الأمر وهذا ما ترفضه الصين وروسيا لوجود مصالح مع إيران ولاستغلال هذا الملف في ابتزازها لملفات أخرى عالقة مع أمريكا والغرب عموما ,أما أوربا فهي لا تريد الانجرار وراء ضرب إيران ولا تريد حصول إيران على القنبلة النووية أي لا تمانع من ضربها من قبل الغير ولكن بدون تدخلها وبدون علمها وموافقتها وهذا سيفرض على إسرائيل, وهي مهيأة للتحرك العسكري ,القيام بضرب إيران والتي ستخرج أمريكا من إحراجها وعدم إجبارها للتنازل إلى روسيا والصين من جهة وتكبيل العرب والخليج خصوصا بمعروف يجب إعادته على شكل مواقف فيما يخص القضية الفلسطينية,بل إنها ستلاقي التأييد الكامل من اغلب دول العالم نتيجة التعنت الإيراني وبالطبع تأييد أمريكا والغرب والذي سيكون واجبهم محصور  بالتغطية على العملية ورد أية ردود فعل وستضطر روسيا والصين السكوت أو الإدانة إعلاميا كالعادة دون أن تتخذ أي أجراء وتبقى إيران وحيدة في المواجهة مما سيفرض عليها إما ندب حضها, أو التصرف بحماقة من خلال ضرب القوات الأمريكية في العراق والخليج والتي ستكون في غير صالحها لعدم وجود مبرر مقنع ومقبول , أي بدلا من أن تكون دولة معتدى عليها ستتحول إلى دولة معتدية على الغير وستخسر التأييد والتعاطف وربما تكون أكثر حماقة إذا أغلقت مضيق هرمز و ضرب إحدى دول الخليج , وهذا ما ستفعله على الأغلب لان مهما ادعت من تطور عسكري فإنها لن تستطيع ضرب إسرائيل ضربات موجعة أو مؤثرة,وان أي تحرك باتجاه الخليج أو القوات الأمريكية سيجعلها بحالة شبيهة بالعراق حيث سيتم تدميرها عن بعد, إضافة إلى أنها ستفقد أي تأييد في العالم حيث ما هو مبرر ضربها للخليج أو غلق مضيق هرمز أمام الرأي العام العالمي, في الوقت الذي قام بضربها إسرائيل , وإذا استطاع العراق وبالذات المقاومة العراقية من اخذ نصيبها وجزء من حقها وحق الشعب من المحتل, فهذا لن يتاح لإيران لان أمريكا لن تواجهها ولن تحتلها بل ستكون الحرب العاب فيديو ليس إلا أي من خلال تدميرها عن بعد والخليج يمول هذا الضرب وهذا التدمير كرد على التهديدات المستمرة ومحاولة تصدير الثورة وغيرها من فعاليات الثورة الإيرانية في المنطقة العربية ,وسيكون موقف محرج للحكومة العراقية التي ستكون بين نارين مما سيفرض عليها اتخاذ موقف محدد وخاصة في حالة ضرب العراق من خلال ضرب القوات الأمريكية المتواجدة فيه علما بان أمريكا لن تستخدم هذه القوات في ضرب إيران حتى لا تعطيها مبرر للرد في العراق ولن تستخدم قواعدها في الخليج للرد أيضا في البداية بل ستتولى ذلك من خلال القوات البحرية المنتشرة في الخليج والبحر الأحمر ومن يضن أن إيران قادرة على الرد عسكريا فهو جاهل,والرد الوحيد الذي يؤلم أمريكا والغرب هو جرها لاحتلال إيران ومقاومتها بطرق شبيهة بما جرى في العراق وهذا مستحيل لان أمريكا لن تغامر وتتورط بعد الآن حتى ولو في احتلال جزر القمر وليس دولة كبيرة كإيران.


كل ذلك وأكثر تعرفه إيران فلماذا هذا التعنت في الاستمرار بهذا النهج والى أي حد تريد الوصول باللعبة الخطرة وخاصة إن احد اللاعبين الرئيسيين متهور وهو إسرائيل والتي لن تتردد من ضرب إيران حتى ولو من غير موافقة أمريكا, وهي الآن بحاجة إلى مثل هذه العملية لإفشال الضغوط الأمريكية حول مباحثات السلام ( مما سيجعلها تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ) واعتقد إن هذا هو الذي سيجري, ولكن السؤال هل إن إيران مستعدة للوصول إلى هذه النقطة الحرجة وهل إن نجاحاتها في عملية شد الحبل مع أمريكا والغرب قد سبب لها غرورا قاتل ,إن الأيام القادمة وحدها هي التي ستجيب ,وسيستفيد العراق من الحفلة القادمة مثل الفائدة التي استفادت منها إيران من تدمير العراق ولكن الفارق إننا لن نساهم في هذا التدمير مثلما ساهمت إيران به في تدمير العراق ولا نتمنى ذلك ؟

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٤ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م