من اجل ماذا يناضل البعثيون..؟..

 
 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد / تونس
سؤال قد يطرحه المشككون ، الاصدقاء والأنصار والأعداء على السواء.. لكن المناضل البعثي لا شك غائب لديه لأنه يعرف مسبقا الإجابة وقد انخرط في الفعل النضالي على أساسها.كل حركة مناضلة تلاقي حملات تخريب وإحباط و مجابهة بكل السبل من قوى الضد. من القوى المستفيدة من الواقع القائم، من حيث عناوينها أو بشكل فردي، أو من حيث حجم الاستفادة الذي يعود إلى القوى الكامنة خلفها والتي توظفها توظيفا استراتيجيا قد يكون معلنا أو خفيا.

 
هل المناضل البعثي يناضل من اجل وظيفة ذهبت في مهب الريح..؟؟..من اجل راتب عصف به واقع الاحتلال..؟؟..من اجل رفاهة تحولت إلى ذكرى..؟؟..من اجل مقام اجتماعي أو سياسي احل محله الذل والتشرد..؟؟..هل أن الشهيد صدام حسين قدم رقبته من اجل كرسي القيادة ..؟؟..من اجل الامتيازات القانونية الاجتماعية والبروتوكولية هذا الموقع..؟؟..نعرف من باب البداهة : انه لو فضل الكرسي على العراق والأمة لما حصل ماحصل له.لو شاء أن يظل في موقع الحكم وان يحكم الخليج كله والكيانات الإقليمية كلها لما انحاز إلى صف المقاومين حتى الرمق الأخير.أمريكا كانت ستمكنه من هكذا رغبات لو شاء. لو قبل بمبدأ مصالحة الصهاينة ، من خلال الطلبات المرسلة إليه من بعض الوسطاء، لما ضحى بابنيه وحفيده وآلاف الشهداء من شعبه.هذا القائد الفذ، هبة السماء، يعطي أولوية إلى تقديم نماذج خالدة في الإباء والشرف و الثبات والوفاء للعراق وللأمة،بل لا يعطي أية قيمة لمصيره الشخصي والعائلي و لغريزة الحياة أصلا.يعرف ويؤمن أن الموت حق. وانه لا تدري أي نفس كيف تموت وفي أي ارض تموت. وان كان قد قال فيما اذكر، خلال حوار مع صحفي بريطاني قبل الغزو بأنه على ثقة انه سيوارى ثرى العراق ، في إشارة إلى انه لن يغادر الميدان ، لا بصفته قائدا بل مواطنا عراقيا عليه واجب القتال ، بالنصر أو الشهادة، مثله مثل أي شريف من أبناء شعبه.يؤمن أن روحه زرعها الله في جسده وهو يأخذها لحظة وأينما وكيفما يشاء.وقد أعمى الله الغزاة بان نحروه يوم العيد ، حتى تكون رمزية استشهاده على غاية من التشابك والعمق والتجذر.صدام حسين تصرف هكذا ، وحمل هذا الإيمان ، بصفته عراقيا وعربيا مسلما، ليس أكثر ولا اقل. وقد ناضل من المولد إلى حبل المشنقة ، كبعثي ، يدرك أن النضال من اجل العراق والأمة لا أكثر ولا اقل. أما لحمه ودمه فها ليسا ملكا له، كمااسمه وسيرته الجهادية .

 
نموذج آخر لا يقل إعجازا عن نموذج صدام ، انه رفيقه برزان. قال عند النطق بحكم الشنق عليه : " فداك بابي وأمي أيها البعث العظيم!..فداك بابي وأمي أيها العراق العظيم!.."..هل يجهل هذا الرجل معنى " الشنق "..وأي شنق..حينما يحكم به الأمريكي وينفذه الصفوي الماجوسي؟؟!..إن مرارته مضاعفة وتفوق الخيال. لكن ، للسبب ذاته ، فهو بالنسبة له حلو المذاق وطريق إلى الشرف الصعب...قليلة هي الإرادات التي تستطيع تحمله!!..لأجل ماذا قدم برزان رقبته في اتجاه وجسده في الآخر..؟؟!..هذه الأثمان الأسطورية تقدم لأجل أشياء قيمتها تفوق الخيال.أشياء خالدة بلاشك.وتمكن من يدفعها من رصيد خالد يلقاه في الممات ومابعد الممات!..طه ياسين رمضان حدث ابنه هاتفيا وودعه وطلب منه أن ينقل سلامه للشرفاء وهو كمن يذهب إلى نزهة أو في سفر!!..عواد البندر يقول لحظة النطق بقرار الاغتيال :" الله اكبر على الظالمين .."..آلافا من البعثيين قبلوا الموت دون توسل أو وجل..لأجل المناصب..؟؟..فدى للمناصب..؟؟..لماذا لا ننتبه لأشياء عظيمة واستثنائية بقياسات الغريزة و ماعهدناها عند البشر..؟؟..هل هؤلاء كائنات أخرى أما نحن فبشر..؟؟..كائنات فضائية مثلا..؟؟!..الفارق بيننا خلقته مدرسة البعث ، فهي فلسفة روحية وصوفية في الوطنية. والبعثي الذي تربى على قيمها نبي خالص.أو هو روح صرف.لو كان للبعثي جسدا مثلنا لكان يعرف الألم.يعرف معنى الموت. يعرف معنى أن يقطع رأسه عن جسده.لكنهم يعرفون شيئا واحدا : القيم يجب أن تكون خالدة. والرسالة يجب أن تستمر. كلهم أشراف من صغيرهم إلى كبيرهم. العروبة هم وحدهم.والإسلام هم مؤتمنون عليه. بل لاحظوا الوعي بالبعد الإنساني فيما يفعلون. ماخلت رسالة لصدام حسين إلا  وكان شرفاء العالم على مرمى قلبه وفكره وإيمانه.تقولون لي ليسوا كلهم هكذا. أقول نعم ولكن. نعم لان البشر هكذا . ليسوا متساوو القدرة على تحمل المهمات ومعانقة الصعاب. لكن من يسقط قليل قياسا إلى الأيادي الممدودة إلى الراية.

 
أدعو المشككين والأعداء إلى تأمل الظاهرة عن كثب وبتجرد. قيسوا الأمور بغير العاطفة.قياسات بسيطة وخالية من التعقيد. ستنصفون هؤلاء بلاشك..على الأقل بينكم وأنفسكم. وضمن ماهو متاح لكم من قدرة على الصدق مع الذات. دون أن تحرجوا أنفسكم وتشاركوننا بما يتولد عن هذا الصدق. وواصلوا في عدائكم إذا شئتم. لان البعض محكوم بظوابط حزبية لا تجعله يرى الأشياء كما هي فعلا او هو عمى اسطورة الايديولوجيا. وقد يجبر على سلوك أو موقف غير ما يترسب في أعماق الضمير.أدعو المشككين من العراقيين إلى مراجعة مواقفهم. بلدكم محتلا. ثرواتكم منهوبة. نساؤكم يعدون بالآلاف في المعتقلات ومنهن من تنجبن هناك. لا قانون ولا امن ولا حقوق ولا شرف. قارنوا بين واقع الاحتلال وواقع العراق في ظل قيادة البعث. بإنصاف وتجرد. ألا يستحق منكم بلدكم صيحة المقهور إذا بلغ القهر مداه ؟؟.. ألا يستحق منكم من قدّم الروح والولد فداءا لكم سيرا على نهجه وتقمصا لروحه..؟؟..كل الشعوب تقاوم المحتل وتنتصر عليه في الأخير..فما بالكم بالعراقيين وما أدراك ما العراقيين!...شعب يعلم وينزف!!..

 
هذه كلمات اعتراف وشهادة ألقاها يوم الدين..وان الله وعدكم أيها المناضلون بالنصر فلا تخلفوا وعده وانتم الأعلون .اهديها إلى كل الشرفاء وكل الماجدات وجميع من يقبض على الجمر في عراق معركة العشرين عاما..إلى أهلنا هناك الذين نرقب ركبهم المظفر بالدمع والدعاء.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٢١ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م