الآلهة ظمأى ... استراتيجيا الارتواء

 
 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد/ تونس
يرتدي اله الشر مخالبه، يحشو جوفه جمرا، يثقف أنيابه وقرونه ويأتي زائرا غازيا.اله الخير والحرية يتجول في بستانه، يتفقد البذرات فيما إذا ثقبت سترة الحياة حالما بالحياة لكل نبض.انه في غفلة دائما، يحتفل بهزيمته كثيرا وبنصره قليلا، وهو لا ينتصر إلا إذا انهزم أولا ولا يحارب إلا دفاعا عن البستان.بينما يبدو اله الشرمخاتلا مخادعا،باحثا دوما عن ضحية.ساحة الصراع بستان على قمة جبل.لقد حصل واقعا على قمة القرن الذي مضى. صمت العالم،استمتع وتألم ثم تألم أخيرا.مل العالم وظل الالاهان يدحران بعضهما بلا ملل. فهل قدر البشر تحمل عبء صراع الشرق و الغرب؟! أليس الإنسان هو نفسه وان اختلف؟! أليس شبيه الإنسان؟! ألا يحن الشبيه إلى شبيهه في استعداد منحته إياهما الطبيعة للتالف؟!ما مأتى هذا الجنون الذي ميز نهاية القرن الذي مضى ولا يزال يطبع مصير الزمن اللاحق؟! أية قيم ومبادئ تسمح للعالم بالتخندق خلف منتجات السلاح ضد البدو بخيامهم وزرعهم وضرعهم في صحراء الشرق فتترك اللحم الآدمي متفحما، فريسة للجوارح والزواحف كان توصيف العرب بالبشر خدعة لغوية أو أنهم أشباه لا يثيرون إلا رأفة جمعيات الرفق بالأشباه؟!! هذا الحدث التاريخي العالمي الفريد أمام الفلسفة الآن ومن العسير حبس دموعها في أجفانها لئلا تنحل في مسميات أخرى.

 
الإله وحده لا يريد لنفسه شريكا أما دونه منزلة فلا يوجد إلا ضمن شريك.هذا يفترض مطلق الكمال والقوة و الثبات.مايجعله شريرا هو قدرته على الإفناء وممارسته بشكل غير عادل وما يجعله خيرا فهو العدل في فعل الإفناء وما يجعل هذا الفعل عادلا هو تنزله في سياق رد الفعل. فالشرمبادرة بالإيذاء والخير تصميم على رده.لقد حكم الشر عالمنا في القرن الماضي ( ولا يزال): حرب أولى( 1914-1918)، ثانية ( 1939-1945) ثم ثالثة (1991-...).أهينت البشرية ثلاث مرات وبعثرت قيمها ومثلها وإنسانيتها.الحروب الثلاث غير عادلة فأيها كانت أكثر شرا وفتكا؟؟

 

لن نبحث في الأسباب فذلك عمل المؤرخين والسياسيين.لن نبحث في التفاصيل المشكلة لعصب الحدث وهيكله العام فذلك مجال عمل الفنانين والإعلاميين.ماتبقى هو رسم صورة رمزية للحدث، صغرى وضيقة موازية للحدث الواقعي.لا نقبل أن تظل الفلسفة العربية تابعة في موضوعاتها وروحها للفلسفة الغربية ومغلفة ببريق اغترابي يسحب من طاقتها وظيفة المكان واللحظة والهوية.ثم نهتم بالاهانة الثالثة لأننا موضوعها ومسرحها،ولأننا تاريخنا ومستقبلنا ضحاياها.شيد اله الشر مملكته من جماجم العبيد، قام باختطافهم في غفلة من التاريخ لما كان البشر نياما.اصطفهم في مكان قفر، ارهبهم وانتزع هممهم، فصل أعضاءهم وهندس بالجماجم والعظام عشه الذي سيحدد مصير التاريخ العالمي الذي بشر بنهايته لاحقا. على البشر ، مختارين أو مكرهين، أن يستظلوا بقش العش غذاءا احتياطيا للكاسر المتوحش الأسطوري الذي يسكنه. هناك وفي اللحظة تلك تأسست مملكة الشر، ومن مفارقات التاريخ العالمي الحديث انه بناه الأخيار.ابتدأ هذا الوحش الأسطوري في توسيع مملكته وتملك مصائر البشر، وليضمن طاقات اقتداره الشرير نصب أكثر عبيده ولاءا لاستقطاب المزيد من العبيد والمزيد من الولاء، ومكنهم من القرون والأظافر والأنفاس النارية. الشر الذي يمارس يذكرنا بالمرحلة التاريخية الافتراضية التي تحدث عنها فلاسفة الأنوار والسابقة عن مرحلة الاجتماع السياسي المدني، حيث يكون الإنسان قاتلا أو مقتولا. وكي لا يقتل عليه أن يقتل. الحق يتأسس على القوة.كما أن دلالة القوة بدنية ومادية وليست ايتيقية. ويذكرنا أيضا بالحروب التي حصلت في اروبا الظلام ومشاهد التعذيب التي كشفت عنها الاركيولوجيا الفوكولتية في كتاب" المراقبة و المعاقبة" خاصة.الوحش الأسطوري يبقر بطون الحوامل، يفقأ الأعين،يكسر الأيادي و السيقان ، يدق الأعناق، يقبر الناس أحياء،يحرق الصبيان، مبتسما نشوان.عبيده ينفذون أو يشاركون أو يتفرجون أو يبررون أو يهيئون الأطباق: لحما بشريا ( عربيا) مشويا معطرا وأكواب الدم الوريدي.هذا الإله يعمل على إنهاء الحضارة الإنسانية واستعادة مرحلة مضت مقصي منها الفن.ماهو العقل الذي يفكر به اله الشر؟ هل عقل سياسي ذو مرجعية أسطورية أو عقل أسطوري ذو مرجعية سياسية؟

 

السياسي و الأسطوري في ارتباط وتمازج. وهذا ينتج الجنون أو الهبل. السياسي يتمثل في سياسته العالم كهدف دائم وثابت وخالد. لأجله توظف كل الإمكانيات ولأجله اعدم المسيح واطرد الروح. نلاحظ انه تم ابتلاع القطب الشيوعي نهائيا ولا يغالطنا تململه في الحلق. تم ابتلاع العرب الرسميين ومن ورائهم غير الرسميين لان الجبن والجوع والجلاد القرون الأشد مضاء للوحش الأسطوري.إني اقطع جازما بان الشارع العربي مات ولم يبق ولاته يحرسون إلا المقابر. لكني استثني العراق وشعبه.اله البستان الجريح الذي سينهض والذي ستنهض صيحته الكبرى التاريخ فينحرف جهة الشرق. العقل السياسي الشيطاني محكوم بعقدة تاريخية هي أن هذا الشيطان بلا وطن وبلا تاريخ وبلا شعب. الأرض اكتشفت حديثا وأبيد شعبها فاحل محله مزيج من شعوب الأرض كلها وخاصة من ارويا وإفريقيا، فتكون كيان اجتماعي مثلما تتكون الأعاصير: من متناثرات ومتضادات فاتخذ مسارا تدميريا عاصفا.لذلك يسعى هذا الوحش إلى امتلاك الأوطان وشعوبها كلها تحت مسميات استعبادية مباشرة ومبطنة. ولما كان الروح تاريخيا نراه بلا روح. وحش من فولاذ.وعلنا لا نغالي إذا قلنا بان كيانه الاجتماعي مشكل من الجهلة وان كان كثير منهم علماء.قمة الجهل على قمته. وكل من على قمته قبيح ذو قرون تتدلى منه كتل الأوساخ الجافة والمتكلسة. هذا العقل ينظر إلى كل إرادة مستقلة عن إرادته بماهي لحظة بداية تفككه فيدمرها في المهد أو يعمل على تدميرها بوسائل متعددة. انه مدفوع بهوس الفناء في كل مايأتيه من شرور.أما أسطورية هذا العقل فتتمثل في كون اله الشر يقدم نفسه باعتباره مخلدا، قوته أقسى وأسمى وأبقى وأمضى، ماسكا بالمصائر، مصدر النعم للمطيعين والمصائب على المخالفين والمتمردين. انه عنوان نهاية التاريخ وجهنّمه تجسيدا لها. اله يجبر رعاياه على الطاعة وليس مهما طبيعة وقيمة العاطفة التي يحملونها نحوه.كتب ريجيس دوبرييه : "اذكر أنني سمعت في بوليفيا عبر جهاز ترانزيستور خلال إذاعات باللغة الاسبانية من راديو بيكين عن "رحلة طويلة لم تقدم إلى الرفاق والأصدقاء في العالم بأسره على أنها رمز أو مثال بل حقيقة واقعية ومثلى قامت بها فلاحة تنزانية عجوز قطعت فيها 300كلم على القدمين لتأتي إلى العاصمة وتلمس بيديها في قنصلية الصين الشعبية صورة قائد الدفة العظيم والمرشد الأعلى للبروليتاريا العالمية." وأضاف المذيع "بأنها ماتت في اليوم التالي وهي تطفح بشرا وحبورا ".هذا القول لدوبرييه يوحي لنا بأمرين:أولا أن اله الشر انتصر في كل معاركه السابقة من اجل التفوق والاعتراف به اله وحيد أوحد.فلو ضلت الآلهة التي صنعت ثورة 1917 وصنعتها تتوالد ما استطاع اله الشر فعل كل هذا الشر وربما ضاق مجاله أكثر وتلهى في التقاط أنفاسه. ثانيا أن الطريقة التي عبرت بها الفلاحة التنزانية عن عشقها لإلاهها أصبحت تقليدية بمقياس الطقوس التي يعبر بها عبيد اله الشر عن ولائهم له.الملوك والأمراء والرؤساء و الأسر الحاكمة وعصابات اللصوص الحاكمة وأباطرة الاستبداد،حراس المقابر عندنا. يرفعون له خيرات الأمة ومستقبل الأجيال اللاحقة قرابين. كل من ينصب يحج إلى هناك وقد لا يحفل به إلهه مهما اظهر من رغبة في العناق والتقبيل.حينما يستنفذ مرحلته ينقلب عليه فينصب بديله بحيل وخطب ووعود بديلة...

 
كل الخطابات المعرفية ذات قدرات متفاوتة على التأقلم مع السائد السياسي، ترقد عند مدخل البلاط، باستثناء الفلسفة فهي ترقب المدينة من علو وفي الظلمة تعوي مع الريح!.المفارقة أن المركب البنيوي " السياسي/ الأسطوري " يستثمر" العلمي / التكنولوجي" على مستوى الممارسة. اله الشر يفكر أسطوريا ويمارس علميا.أوهام العظمة والتفوق تجر خلفها العلم الذي افقده الإتباع صوابه وهو الذي يجعلها ممكنة واقعيا. إن ماينتج من أسلحة مصمم لمحاربة كائنات فضائية ومعد لحرب ليس الأرض مسرحها ولعدو فجئي لا يمكنه أن ينتصر. هذه الالوهية المدمرة لكل ماارسته الحضارة الإنسانية من مبادئ ومثل لا تفترض أبدا عالما آمنا أو متوازنا قائما على الاختلاف و تعدد الأقطاب، إنها ليست إلوهية خيرة خلافا لما تدعيه وهي انقلاب على التاريخ. السلام العالمي من منظورها لا يتحقق إلا من خلال كليانية القطب الواحد/كليانيتها القائمة راهنا.كل المعايير يعاد رسمها بناءا على هذه الراهنية السوداء.علاقة الأسطوري بالعلمي تحتاج إلى ابستيمولوجيا تضع الضوابط الحقوقية و الأخلاقية موضع شروط الإمكان وهذا عسير على اله بلا تاريخ وبلا حضارة.

 
على جناح الشرق مملكة كأنها معلقة في الفضاء، أهلها أشجار وأطيار وكلمات. التاريخ يتكلمها ويحرسها. لم يشأ إلهاها أن يسلم لإله الشر بالتفوق وان يسلمه مفاتيح مملكته. قاده هذا المبدأ إلى مصارعته على قمة الألفية الثانية.كان اله الخير ملتحفا البياض، في غفلة من بحر الفولاذ الذي يزحف نحو بستانه. سكبت عليه جهنم نارها. نزل عليه اله الشر من السماء، بقر بطنه بأظافره، تمازجت الأمعاء بالعشب والتراب، أطبق على رأسه بأنيابه. التقطه وطار ثم ألقى به على الصخور المسننة الناتئة.التقطه ونزل به على القمة وراح يقطع مابقي من أوصاله كالجارح الجائع. المملكة رماها بكتل فولاذية كأن أجرام السماء هوت. احرق الأشجار و الأطيار. أما الكلمات فلم يعثر على منبتها، فهي ضاربة بجذورها في السحيق. ظن والعالم انه النصر الساحق وانه درس وعبرة لمن يريد أن ينشئ مملكة.لكن الأوصال المقطعة المرتعشة زحفت نحو بعضها،تلاقت وتماسكت، عاد اله الخير إلى الحياة. تابع العالم هذه العودة مندهشا. انه حدث أسطوري لم يتوقعه الأشرار والسحرة والمنجمون الذين يحفل بهم عالمنا المجنون . المشهد يوقفنا على الاستخلاصات التالية:

 

***أولا: العلم فقد صوابه حينما حذفت الأخلاق من مجال الوصل بينه و السياسة. كلما تفكك الخطاب المعرفي وسقطت بعض مفاصله أو عناصره الرقابية التي تعطيه محتوى إنسانيا حدثت كارثة تفهت الإنسان.


***ثانيا: تكنولوجيا الاتصال أفضت إلى مسرحة نمط عيش البشرية على ظهر كوكبنا. خرج الجمهور من الساحات ومن ميادين الفعل والتأثير لينتصب أمام شاشة كبرى تنقل له حدثا مسرحيا تتوسطه ومضات اشهارية لمنتجات استهلاكية للتثقيف بالسلوان.لقد أصبح الرأي العام العالمي ينشد السلوان و ينشد له، يحتفل بحدث هو خلاف ما يعتقده..مشاهد القتل فلم حركي.الجلادون أبطال وخيرون أما الضحايا فأشرار وأبالسة.


***ثالثا:القتل بالأساليب وطاقة الحقد الشاذة أصبحت معتادة في عصرنا. وماساعد على رواج هذا الشذوذ تحول آثاره إلى مجرد خبر. التواصل معه يتم بأسلوب الإخبار..كل خبر يعدم الحدث. ومايعدم الخبر هو الخبر اللاحق.القاتل هو الأقدر على الإخبار لذلك فالإخبار تقنية تمويهية وأسلوب خداع قاتل بدوره.


***رابعا:الحرب التي شنت على البستان بأحيائه وأمواته، حرب حضارية " غير متحضرة " وهو مايميزها عن أولى الحروب الحضارية في التاريخ وهي حروب نشر الأديان. إنها حرب شاذة بكل المقاييس: من حيث أسبابها العميقة، آلتها ذات المستطاع التدميري الهائل، استئصالها البعد الأخلاقي، الفني والجمالي من الحضارة الإنسانية.لقد أحدثت تشوها خلقيا بارزا ومخيفا في الهيكل الإنساني.قبحت الإنسان.


***خامسا: اله الخير استند في وقفته على التاريخ وهو يتبنى فلسفة تعطي الجانب الروحي القيمي دورا مركزيا في استئناف البقاء و البناء. السلاح الذي لا يملكه الأشرار ولا يستطيعون بدونه النصر في أي معركة. إن إرادة الفناء لا يمكنها سحق إرادة الحياة وان كانت قادرة على التأثير في نسقها ومداها بشكل يجيز الخطأ في تقدير حجمها ومفعولها. المعركة دخلت في عشريتها الثانية وهذا يؤشر لخيبة الغزاة ورغبة الروح الجارفة في سكن عالمنا. ليكفر التاريخ عن ذنبه لابد أن يعود إلى بابل (واوغاريت) مجددا على أن العود لحظة بدء وهذا يناقض ماتراءى لفوكوياما. إن نهاية صراع التواريخ والحضارات الذي نعيشه يمثل منفذا للبشرية من ضيق التطاحن المجنون إلى رحابة الاختلاف الخلاق.من الآفاق المغرية لهذه المعركة عودة الأبالسة إلى كوكبهم وتحول المقابر إلى بساتين عاطرة.كل يدور حول نفسه وفي مجاله وكل الأموات يبعثون.هذا مطمح خير لكن تحقيقه يشترط أثمانا فادحة.كما يتطلب أيضا انقلابا إيديولوجيا جذريا في بنية العقل السياسي لكل من القاتل والضحية..بحيث يدرك القاتل القيمة الإنسانية للآخر واستتباعاتها الحقوقية والأخلاقية في حين يدرك الضحية أن الحرية جوهر الإنسان وبالتالي شرط وجوده. من منطلق هذه البداهة الأخيرة فان من ليس حرا ليس حيا، وهذا يكشف قيمتنا الانطولوجية الراهنة كعرب. فنحن لسنا أحرارا في الكلام، في التنقل، في خدمة امتنا، في تفعيل مواهبنا،في استثمار إمكانياتنا، في خلق الهوية في جيلنا/أجيالنا القادمة. العاجزون عاجزون وغير العاجزين مراقبون ومقيدون .

 

لا تفتح المسالك إلا أمام المدح والمرح المصطنعين ولا يؤتمن على لقمة العيش سوى المنافقين المتملقين. نحن قرابين للشيطان. لسنا أحياء وربما لا نستحق الحياة. الأفضل لنا جميعا أن نمارس انتحارا جماعيا ننتشل من خلاله انطولوجيتنا.لا يستطيع خدم اله الشر منعنا من الاحتفال بهذا القرار والاستمتاع به.نخلق موتنا/حياتنا بدل أن نقتل ونحسب أننا أحياء. الموت خلق وهو خلاق بدوره.سنحيا تحت ضلال القيمة وصدى القرار في التاريخ. بل سنحيا لحظة تصميمنا على الموت. ولنا في اله الخير تجربة نموذجية حية فالحياة الحرة تصبح ممكنة إذا قدم موتا حرا ثمنا لها والأكيد انه أصبح الاها بذاك القرار وذاك الموقف وهو ليس ندا خيرا إلا للأخيار الذين هم في حجمه ويشاركونه ذات الفلسفة وهم عرب فلسطين. ولقد طمع العرب من أذناب اله الشر في فسخهما من الوجود ولا يزالون رغم أن كثير منهم يدعي الإسناد من باب التحايل على التاريخ جاهلا أن التاريخ لا يسجل جثثا بلا أسماء.نحن نعيش بلا هدف، بلا أمل ، بلا أفق.نعيش الصمت واللامعنى وندعي أننا نملك كل المعنى، نتحرك في سرداب مظلم بلا قرار فيصطدم بعضنا ببعض ونتساءل بأي ذنب قتلنا؟ .إني على القدر نفسه من الجبن الذي يكبل المثقف العربي ويمنعه من تسمية الأشياء بأسمائها : الضفادع تحكم و اللوطيون والعسس وآيات الله معاذ الله وتطالبنا خطابات كثيرة بهجر الايديولوجيا والسياسة نحو المفاهيم الحداثية ومابعدها في حين يشارك فلاسفة الغرب ومثقفوه في تشكيل خارطة العالم، مضافا إلى ذلك دعوات الأمهات والآباء بالا نرمي أنفسنا في محرقة لأجل واقع لن يغيره غير تشظي كوكب الأرض ومن عليه!.إلى الموت أيها الناس: فعدالة السماء تجسدها المقابر في استوائها وسكونها ولنتخذ من كل مستبد فرصة لموتنا فنحن الأعلون!.


حينما ترقب الفلسفة مجريات الأمور في المدينة تتضاعف غربتها فتحن إلى الترجل في الأزقة.لكنها رغبة مميتة، فعند كل منعرج شاعر يمدح أو سياسي يخطب أو عمامة سوداء تسبح بحمده.لاتزال الذاكرة الثقافية الإنسانية تذكر سقراط لكونه علمنا المعنى الحقيقي للحرية والحياة. لقد حاربهم وهزمهم بقراره الحر: الموت.تمرد على حياتهم وموتهم فخلد.إن الإنسانية لا تذكر خنفساء رمت بنفسها في ماء آسن .

 
(اعد هذا النص بوحي من أطوار أم المعارك في :9/10/2001 ونشر "بكتابات معاصرة"/العدد46-شباط/اذار2002)

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٩ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م