تأملات  / المقاومة العراقية .. فكر وجهاد وسياسة

﴿  الجزء الثالث ﴾

 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
اذن ثقافة المقاومة هي حالة مركبة من فكر وخبرات تعيشها الشعوب الحية والتي تتعرض الى اي شكل من اشكال العدوان عليها, ومنها الاحتلال,فتتشكل حالة نهضوية لهذه الشعوب امام التحديات وتأخذ هذه المواجهة والتصدي لقوى البغي والعدوان صور الكفاح المسلح وثم الى تبلور فكر للمقاومة في التحليل الاستراتيجيي وتحديد الاهداف وبرمجة عملها الكفاحي وباستخدام ادوات ثورية متطورة  بهدف مواجهة العدوان,ان المقاومة الحقيقية وبقياسات الواقع التكويني لهذا انوع من الصراعات والتي يتخندق فيها كل الشرفاء والوطنين والذي لديهم حس وطني او قومي و بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية او الدينية والعرقية والذين لم يدفعهم الى فعل المقاومة الا ارتقاء وعيهم الى مستوى التحديات واحساسهم بواقع الشعب و الامة وتطابق تطلعاتهم في البناء والتنمية مع هدف فعل المقاومة وبصرف النظر عن خلفيات الفصائل المقاومة الفكرية او الاستراتيجية,بمعنى ان المصادرالفكرية للمقاومة تكون متعددة ولكنها تلتقي في اهداف رئيسية واولها التحرير وخلال مرحلة الكفاح المسلح تتبلور الكثير من المشتركات وتذوب الكثير من الاختلافات ,وارقى انواع التلاقي هو اعتماد صيغ الجبهات وتبقى فيها اعمال التنمية وتطوير المشتركات وتحقيق تقارب اكبر في التلاقي وتذويب وتهذيب اي افكار ومعتقدات قد تتسبب في خلق اي تبعادفي المستقبل انه الحوار الجبهوي وسيلة لتحقيق هذه التنقية·

 

ان كل البلاد التي تعرضت للعدوان وبالخصوص للاحتلال وشهدت قيام مقاومة للقوى الغاصبة والمحتلة وبالتالي وكجزء من ديناميكية فعلها سينتج منه انبثاق عن هذا الفعل الجبار افكار وادب وفنون للمقاومة ,الفكر ليكون الايديولوجية لها والادب والفن ليعبر عنها ويتغنى بانجازاتها واهدافها و باسلوب اجتماعي وانساني , ويوصل للجمهور الذي تريده فصائل المقاومة عن حقيقتها واهدافها ويفتخر بها ويعزز انتمائها له وهو لها.ان هنالك حقيقة لابد ان نتوقف عندها وهي ان ثقافة المقاومة وبالتحديد مثقفي المقاومة تتبلور عندهم مواقف بحكم العلاقة الجدلية التي تنشء بين تصادم الارادات والمتمثلة بالمحتل ومن يروج له ولموقفه واهدافه والتي لا يمكن ان تخفي نواياه التسلطية و الاستغلالية ,

 

ومن باب الخلافية مع المعارضين للمحتل وتسويق نظريةالامن والرفاهية تحت حماية الاجنبي هذا من جهة و من جهة اخرى وبين المعارضين والمقاومين الذي ينزعون للتحرر من الاحتلال وتخليص البلد من كل مخلفات الاحتلال سواء كانت مؤسسات او مجاميع ذيلية للمحتل. وبالمناسبة ان ثقافة المقاومة العراقية كائنة قبل الاحتلال في 2003من خلال احد اطراف الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية  وهو البعث الخالد , ففي فكر البعث ومنذ نشوئه الفكري في ثلاثينات القرن الماضي حمل الكثير عن مقاومة الافكار والممارسات والسلوكيات الغريبة والطارئة على المجتمع العربي وكذلك تركيزه على الانقلابية في تحقيق الذات العربية الاصيلة وقد كتب عن هذا الموضوع القائد المؤسس الكثير و ثم فسر الانقلاب والتنظيم الانقلابي واعتبر النضال هو التجسيد العملي للانقلاب واعطاه بعدا اخر عندما شارك الحزب بكتائب في معركة تحرير فلسطين في نهاية العقد الرابع من القرن الماضي.وبعد استلامه للسلطة و لمرتين اضاف لمفاهيمه اضافات نوعية وتحولت هذه المفاهيم والافكار الى الواقعية اكثر من السابق بحكم التبادل الذي جرى ما بين افكار البعث و بين معطيات و ضرورات حركة الواقع, وهذه الصفة الثورية في حزب البعث هي احدى العوامل التي أهلته لقيادة الثورة العربية وهذا المساهمة البعثية في تأسيس وبلورة ثقافة المقاومة جعلت المقاومة العراقية حقيقية في مقاومتها للمحتل لان هذا التأسيس الفكري ابعد المقاومة العراقية من ان تكون طائفية كحزب الله وحماس و الجهاد الاسلامي فهذه المجاميع المقاومة حصرت نفسها من عناوينها في زاوية ضيقت عليها صفة المقاومة لانها اولا اخرجت القوى الباقية من الجماهير المعارضة للاحتلال من الاصطفاف الفكري والتنظيمي للمقاومة الحقيقة فحزب الله اتخذ صفة المقاومة ومن خلال تمثيله لطائفة وبذلك عزل وخسر كل القوى التي ضد الاحتلال من الطوائف الاخرى او من الاديان وكانما مقاومة العدو الصهيوني في الجنوب اللبناني هو شرف تستحقه  طائفة محددة في الدين الاسلامي في لبنان ويظلم بذلك هذا الدين الحنيف من حقيقته في ان جزء من فلسفته مقاومة كل اشكال الظلم والاحتلال وان كان هذا بدراية او عدم دراية فهو يعكس للاخرين انه يضيف لهذا الدين فقرة مقاومة المحتل واشكال اخرى من الظلم !

 

وبنفس الرؤية لحماس والجهاد الاسلامي فهما بسلوكهما اخرجا الكثير من القوى الوطنية المسيحية التي تعارض الاحتلال الصهيوني وليس من وجهة نظرهما الوطنية فقط بل حتى من خلال العقيدة المسيحية وهنالك الكثير من الشخصيات الفلسطينية والعربية سواء دينية او سياسية لا تقل فدائية عن اي استشهادي فلسطيني ,بل ان هنال يهودا ومن داخل فلسطين وخارجها يتعاطفون مع حق الشعب الفلسطيني في ارضه ووطنه,فلماذا هذه الخسارات؟ والسؤال هل عزل او ابعاد هذه القوى عن عمل المقاومة يضعفها او هو عامل قوة ,وهل ان تأسيس مقاومة لكل حزب او دين او طائفة حالة صحية او ماذا؟ لذلك عندما اتجراء في ان احكم على نوعية المقاومة العراقية في شمولية تمثيلها واستثمارها لاي جهد وطني او قومي في خدمة اهدافها يعطي الشرعية للمقاومة في تمثيلها للشعب العراقي في رفضه للاحتلال  ,وكذلك بالمناسبة لايحق لاحد ان يحتكر الاعمال البطولية الخالدة لنفسه او طائفته. دعوني افترض افتراضا لو ان المقاومة العراقية (لاسامح الله)قامت على الطائفية والمذهبية والدينية والعراقية وهي في العراق كثيرة لتشعب ,اي فعل مؤثر واي فكر ستحمله وفي هذه الحالة لتم تصفيتها في لحظة ولادتها ,ولكن وهذا هو المهم كان القائد البعث حاضرافي المقاومة بل هو المقاومة فكرا وممارسة فتحول الى بؤرة لاستقطاب وطني وقومي واسلامي في مجابهة المحتل وزبالته الوسخة ...

 

اعتقد الان بدءت تتوضح الحقيقة عند البعض  صورة الهجمة على البعث ,مساكين اتابع تصريحاتهم العملاء كانما الواحد يحادث نفسه عندما يتحدثون عن البعث الخالد ,وهي كالقصيدة يتلوها حالما يأتي ذكر هذا العملاق العربي. ان جبهة المقاومة محظوضة بالبعث شعارا وفكراونضالا...امين  

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٩ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / نـيســان / ٢٠٠٩ م