المقاومة العراقية : البعث ونمطية التثقيف والثقافة المتجددة بعد الصراعات الفكرية الدامية التي نعيشها

 

 

شبكة المنصور

الوليد العراقي

هناك ثوابت في فكر البعث وجذوره لا يمكن قطعها والا يبست اوراقه وراحت ريحه وهناك محيط وواقع يفرض علينا ان ننظر اليه يوميا ونقف عنده وبخطى متسارعة تسارع الجديد الذي يلف واقعنا ومن أي جهة جاء واي عقل ابدعه.ان ما نعيشه من محيط عالمي وما يلتقي او يتصادم معنا ومع نهجنا الذي نعتقده حري ان يأخذ حصته الكافية من عقولنا بالدراسة والتمحيص اليومي والبحث عن كل ما هو جديد وسبر اغوار مصادره والا انصدمنا به عندما يغزونا دون استحضار كل الاسلحة الفكرية اولا ومن ثم العلاجات المادية الخاصة به عندما يختصنا في امر ما.العالم اليوم يسير كالصاروخ بمتغيراته ويدب دبيب النمل فينا وبقربنا ومن فوقنا ومن تحتنا  وعلينا ان نتحسسه  وبجرأة المثقف المبدأي الواثق الواعي ونغذي رفاقنا وجمهورنا بكل تفاصيله ومصطلحاته واليته الحركية التي يتغلغل من خلالها بين الناس ومهما كانت مصادره.العالم اليوم يقاتل بالفكر والاعلام قبل ان يضطر الى استخدام البندقية وقبل ان يخسر ولو جنديا واحدا على ارض المعركة.العالم اليوم مستعد ان يخسر مليارات الكلمات المحبوكة بذكاء صانعيها والتي يستخدمها كسلاح فتاك  متقدم ضد اعدائه ويعتبرها الخط الاول في الهجوم المقابل الذي يهير العدو او على الاقل تخسره بعض عناصر قوته وبالتالي تقلل من خسائره عند الهجوم ان اضطر على ذلك.خذ مثلا حيا نعيشه فقد استطاعت الة الاعلام البغيضة المجرمة الاميريكية من تصوير العراق انه يمتلك اسلحة الدمار الشامل واستطاعت كذلك من تصوير العراق انه يتعاون مع القاعدة بل واستخدمت هذا الفصل الاول من المعركة ضدنا حتى في اروقة الامم المتحدة وكسبت من خلالها الكثير من المواقف والاصوات الى جانبها وعلينا ان نعترف بذلك.

 

وعندما انتهى مفعول هذه الصفحة من قتالنا وانكشاف امرها قامت دوائر الولايات المتحدة المختصة  بالاعتراف انها كانت كذبة استخدمتها كذريعة من اجل تسويق الحرب ضد العراق المجنى عليه لكنها في نفس الوقت قد ربحت اصوات مؤيدة لها وربحت جيوش قاتلت معها واموال طائلة صرفت عليها لها وهذا جزؤ من فن السياسة وجزؤ من فن الحروب وخدعاتها وعلى مر الازمنة التي عبرها وسيعبرها العنصر البشري.من ناحية اخرى استطاع الاتحاد السوفيتي سابقا من غزونا نحن العرب فكريا واستطاع الاستحواذ على عقولنا بكونه صديقنا ولكن بالمقابل كان في كل حرب يقودها العرب مع عدوهم التاريخي الكيان الصهيوني مباشرة او بصورة غير مباشرة ترى ان الروس لا يمنعون أي حرب ضدنا لكنهم وبسحرهم الاعلامي والدبلوماسي يدعون عدونا يحاربنا في البداية وعندما يصل هدفه من الحرب وتتعالى اصوات النجدة من حناجرنا طالبة تدخل الاتحاد السوفيتي فعلا يتدخل ويشهر اعتراضه الحديدي ضد غزو العرب ومن أي جهة كانت وتتوقف الحرب لكن متى –بعد خراب البصرة-ولهذا كل حروبنا مع الكيان الصهيوني كانت خسائر في خسائر لاننا لا نقوم بها اعتمادا على ما نمتلك من قوة اعلام الحرب الممهدة لها  والمبطلة لجزء كبير من قوة العدو نفسيا ودعائيا وكسبا لمواقف الاخرين أي بمعنى اخر هو محاولة العرب كسب الفصل الاول من الحرب وهو الاخطر من خلال كسب معركة الاعلام الخطيرة التي تحدد عادة من هو الرابح ومن هو الخاسر لها سلفا.

 

ان العامل الاساسي في نجاح الفيلق الهجومي الاول على العدو وهو الاعلام هو ترك حرية الوسيلة واستخلاص افكار العدو ومكامن القوة والضعف وتحديد المناصرين والمعادين لعدونا  والية الهجوم المتقن القائم على الحجج المنطقية سواءا كانت موصنوعة او موضوعة وحسب براعة الاعلام  والحرية المطلقة المكفولة له  بعد رفع كافة قيود الرقابة عليه او وضع ما يكبله على معصمه وهو الفيلق المزنر بالكلمات والمشبع سلفا بثوابت الفكر البعثي الوثاب بعد ان ارتقى الى درجة المؤسسة  التي بامكانها ان تخرج من الكوادر ما يمكن الوثوق بقدرتهم الاكاديمية وبتفوقهم بها ومن ثم تأهيلهم للعمل في الميدان الصحفي والاعلامي وبكل جوانبه وبالطريقة التي يراها مناسبة هو صاحب الاختصاص لا المسؤول عنه السياسي الذي له (الصافي).

 

انظر كيف نجحت كل هذه المجاميع التي لم نكن نعرفها وظهرت في غفلة من الزمن بأسم الدين الاسلامي الحنيف لتجعل من الشعب العراقي كل هذا الكم من الميليشيات ومجاميع التخريب وتنجح بها في تخريب بلد كامل مثل العراق وتنهي فصل كامل من حضارته وتسويها مع الارض بل وتقتل انسانها وتعبث بالقليل من الافكار النامية في خلايا دماغ الانسان العراقي لتقلعها وتحوله الى كاسر يستبيح أي شئ الا ما رحم ربي وهم المجاهدون المقاومون الشرفاء.ترى هل سيسأل البعث عن دوره  الماضي في الاعداد لمقاتلة هذه التيارات المجهولة وكيف يجب ان يقبرها الشعب العراقي قبل ان تستفحل ومن خلال رفضه الجمعي لها في مهدها ودون اللجوء الى بندقية.اليس هذا هو دور فيلق الاعلام ان كان معد سلفا لكل الطوارئ وكل الاحتمالات التي ممكن تحصل في البلد من ناحية ومن ناحية اخرى دور هذا الاعلام في تثقيف الجمهور وتسليحه بما يجعله مستعدا لمكافحة القادم الغريب وقبره في مهده؟اليس هذا من ثوابت واجبات الدوائر التثقيفية التي يمتلكها الحزب والذي من المفترض اعد الكوادر اللازمة لهذا الامر الذي قد يقع يوما ما خاصة ونحن مهددون به ومنذ عام 1990 على الاقل؟!لو رجعنا قليلا الى ما كان يدور في الموضوع الثقافي في الاجتماع الحزبي قبل حربنا الاحتلالية الاخيرة لوجدنا ان معظم مستلزمات حرب الاعلام والثقافة غير متوفرة فيه بل نجد ان الموضوع الثقافي اقتصر على نقطة او نقطتين واعتبر جزء مكمل بعد التعليمات والبريد الحزبي وليس اساسيا في الاجتماع.اليس هذا يدخل في باب غياب المتابعة والمراقبة لمدرسة التثقيف الحزبي ودورها في ارشاد الرفاق لما يجب ان يتسلحوا به من الثقافة وبكل جوانبها التي تهم الضرف الذي سيطال الوطن؟

 

البعث هو الحزب القائد للشعب العربي ومن هنا عليه وعلى اعضائه ان يكون ضليعا بمعرفة الدين لا بل ان يحتوي في تركيبه على مؤسسة الدين الاسلامي الحنيف ويحتظن الفقهاء من كل الطوائف ليثقفوا اعضاء الحزب ومن ثم ابناء الشعب من ان الله واحد وان نبينا الواحد ايضا هو محمد صلى الله عليه وسلم ومن ان قراننا الكريم هو واحد الى غير ذلك من اساسيات الاسلام وفروضه التي تجمع كلمة المسلمين وهنا لا نكون قد حولنا الحزب الى حزب ديني متطرف ومتزمت بل جعلنا منه حزب مؤسساتي يعرف كيف يدير شعبه ووطنه  ويقوده في احلك ضروفه كونه المسؤول عنهما امام الله والعالم.الحرب الاخيرة اضطرت الحزب الى خوض معركة التثقيف الديني لاعضائه وانصاره ومن ثم الشعب في العراق الى الخراب الذي اصاب البلاد والعباد من خلال استخدام الاعداء فكرة فقه الفروع وترك فكرة فقه الاصول ومغادرتها ومن هنا اصبحت كل الابواب مفتوحة على مصاريعها لكل من هب ودب من المجتهدين كفرا والحادا في القلب وحب الطائفة في القلب ولهذا ظهرت مجاميع من القتلة والمجرمين ومن كل الاطراف الدينية والطائفية لها الاستعداد الكامل ان تبيد ملايين البشر العراقي في سبيل هدفها الاجرامي الكافر التي اعدت سلفا له في دوائر المخابرات الاجنبية الساهرة على هذه الانماط من الحروب ذات التكاليف الاقل عليها  والاكثر ازاحة لريح اعدائها من غيرها من الحروب النظامية المكلفة.

 

الفيلق الاعلامي ليس فيلقا عسكريا بمعنى البندقية الذي يجب ان يخضع للاوامر العسكرية وانظباطها العالي المتقن بل فيلق الاعلام هو فيلق الكلمة والكلمة هي زبدة ابداع الدماغ البشري والابداع هو صنيعة الحرية واطلاق عنان الخيال له بعيدا عن القوة الكاتمة  والمحجمة له طالما انه اعلام له ثوابته التي قد تسلح بها دون شك وتثقف بها كأرضية من الفكر البعثي الخلاق واما الباقي فهو من اجتهاد الاعلام وقدرته على الابداع والاتيان بالجديد الذي يصبح اتباعه والمثول له وجوبا تفرضه مصلحة المجموع  ويوجه به السياسي القيادي الاعلى .

 

كما ان هناك المشكلة التثقيفية الهامة الاخرى حول العرقية وحب الحكومات الذاتية الانفصالية بالنتيجة وما هو دور الاعلام في تحجيمها بعد تثقيف كل الرفاق وانصارهم من العرب وغيرهم من الاقليات بأن كل دول العالم تحتوي على اقليات وكل دول العالم تتعايش مختلف قومياتها الصغرى والكبرى تحت خيمة واحدة هي الوطن.كما ان على الاعلام المستقل بجهده ان يوجه ويلفت النظر الى أي حيف في الحقوق اذا ما اصاب أي اقلية او مركب اثني داخل الوطن الواحد  وكذلك يشير الى المساوات في الواجبات بين كل المواطنين تحت العلم الوطني الواحد وبهذا نكون قد سدينا كل بوابات الانفصال والتوق الى الحكومات الذاتية  من ناحية ومن ناحية اخرى نكون قد اغلقنا كل الثقوب بوجه الاعداء المتربصين بشعبنا من خلال عدم التوازن بالحقوق والواجبات التي تعيشها أي مركبة اثنية داخل الوطن الواحد.

 

من هنا يكون التثقيف البعثي للحزب وللجمهور قد ادى واجبه واصبح المجتمع اكثر استعدادا لمجابهة أي قتال او غزو يريد بنا شرا وباقل الخسائر المادية والبشرية والزمنية ومن الله التوفيق ومنه السداد.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٤ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / نـيســان / ٢٠٠٩ م