فضيحة بيع وتهريب اطفال العراق وصمت الحكومة الطائفية !!

 

 

شبكة المنصور

د. أيمن الهاشمي  / كاتب اكاديمي عراقي مستقل

(( ماكشفت عنه الغارديان هو وصمة عار في جبين شخوص الحكومة والبرلمان والاحزاب النافذة ))

 

يبدو أن الحكومة الطائفية وقواتها الأمنية المليونية (التي تجاوز عديدها المليون نفراً جيشاً وشرطة!! لكنها لاتحسن سوى الفساد والرشوة)، ما زالت منصرفة إلى هموم ومصالح أحزابها الملائية، وتقرير الامتيازات المالية لبرلمانييها ومسؤوليها واعوانها، ومنشغلة بأداء مراسم وطقوس الزيارات واللطم والتطبير والتشابيه، ونسيت تماماً هموم ومعاناة العراقيين الحقيقية، إذ لم يحصل أي تحسن في مستوى الخدمات بل إزدادت تردّياً وتدهوراً وخراباً، والتعليم تخلف قروناً وصار يركز على تثقيف النشئ على ثقافة التطبير والتشبيه وتلقين السموم الفكرية الطائفية، وها هي جريدة "الغارديان" البريطانية تكشف في تقريرها الخميس الماضي تفاصيل عن فضيحة ابشع جرائم عصر الحكم الطائفي في العراق، وهي "فضيحة تهريب الأطفال ونقلهم الى الخارج لأغراض البيع للتبني ولتجارة بيع الأعضاء البشرية"، وسردت الصحيفة قصة طفل عراقي باعه والده مقابل 300 جنيه استرليني فقط!!، وبعد ثلاثة ايام من بيع الطفل أقدمت والدته على الانتحار!.

 

وكشفت الصحيفة في تقريرها ان 150 طفلاً على الأقل يُباعون كل عام في العراق بثمن يتراوح بين  286 دولار أميركي إلى 5720 دولار لكل واحد منهم إلى عصابات الإتجار بالبشر التي تستغل العوائل الفقيرة وانتشار الفساد في دوائر الحكومة. واعترفت الصحيفة ان الحصول على ارقام دقيقة صعب للغاية الا ان وكالات الاغاثة الدولية تراقب الامر وتعتقد ان اعداد الاطفال المباعين ازدادت الى الثلث بعد عام 2005. وكشفت الصحيفة بأن الدول الرئيسية التي يتم على أراضيها بيع الأطفال العراقيين هي، الأردن وتركيا وسوريا ودول أوروبية من بينها سويسرا وإيرلندا وبريطانيا والسويد.

 

ونقلت الصحيفة عن أرملة وأمّ لخمسة أطفال تعيش في الحلة باعت اثنين من اطفالها العام الماضي من دون ان تحصل على المبلغ الذي وعدت به من قبل المهرب، لكنها تأمل أن العائلة التي أشترت الطفلين سوف توفر لهما حياة جيدة وغذاء وتعليم لا استطيع ان اوفره لهم. العصابات الإجرامية في العراق اليوم تحقق أرباحاً فاحشة من وراء شراء الأطفال بأثمان بخسة ومن الفوضى البيروقراطية التي تسهّل نسبياً تهريبهم خارج البلاد، ونقلت الغارديان عن ضابط رفيع بالشرطة تأكيده بيع 15 طفلاً عراقياً شهريا على الأقل، بعضهم في الداخل وبعضهم إلى الخارج وبعضهم للتبني والبعض الآخر للإستغلال الجنسي، فيما اشار مسؤولون حكوميون إلى وجود 12 عصابة على الأقل تنشط في العراق وتدفع ما يتراوح بين 200 إلى 4000 جنيه استرليني لكل طفل واستناداً إلى صحته ومظهره.

 

وإن عصابات الإتجار بالأطفال تستخدم وسطاء يتظاهرون بأنهم يعملون لصالح منظمات اغاثة غير حكومية، وتقوم خلال تفاوض هؤلاء الوسطاء مع عائلات الأطفال باعداد الوثائق المطلوبة مثل شهادات الولادة وتغيير اسماء الأطفال واضافتهم إلى جوازات سفر الوسطاء أو أي شخص آخر دفعت له أموالاً لنقل الأطفال خارج العراق. واضاف الضابط "أن انتشار الفساد في الكثير من دوائر الحكومة يعقّد عملنا، فعند وصول هؤلاء الأطفال إلى المطار أو الحدود يبدو كل شيء صحيحاً وبشكل يجعل من الصعب علينا ابقاءهم داخل البلاد دون وجود دليل بارز على أنهم مُهرّبون"، ونقلت الغارديان عن أحد المتورطين في تجارة تهريب الأطفال العراقيين قوله "إن تهريب الأطفال من العراق هو أرخص وأسهل من أي مكان آخر بسبب استعداد موظفي الحكومة للمساعدة في تزوير الوثائق مقابل المال بسبب قلة رواتبهم، ونقوم بدراسة الظروف المعيشية لأي عائلة قبل أن نتفاوض معها وحين نشعر أنها تعاني من البطالة ولا تقوى على اطعام أطفالها نتصل بها على أساس أننا عمال اغاثة ونعرض عليها شراء أطفالها بعد أن نحظى على ثقتها ونقدم لها بعض الطعام والملابس".

 

لا ندري ما هو وقع هذه الفضيحة على حكومة السيد المالكي المنشغل بالسفرات وبرلمان المحاصصة الطائفية؟؟ فإن كانوا (يدرون) فتلك مصيبة لأنهم لم يفعلوا شيئا لإيقاف  هذه الكارثة، وإن كانوا (لايدرون) فالمصيبة أعظم والفضيحة بجلاجل!! وهذه فضيحة عار تضاف الى سجل الفضائح المخجلة للحكومات الطائفية المتعاقبة من انتشار الفساد واحتلال العراق المرتبة الاولى عالميا في الفساد، ومن انتشار تجارة المخدرات القادمة من الشرق بعد ان كان العراق من انظف بلدان المنطقة من المخدرات، وفضائح الرشوة وتزوير الشهادات وبالاخص شهادات الوزراء والمسؤولين وقادة الاحزاب والبرلمانيين، وفضائح تهريب النفط لصالح الميليشيات، و..و..الخ.

 

وهذه الفضيحة الجديدة هي نتاج جرائم اخرى اولها جرائم التهجير الطائفي التي مارستها ميليشيات معروفة ومدعومة من الحكومة واحزاب البرلمان، واجبار الناس على ترك بيوتها، وجرائم التصفيات الطائفية التي اودت بحياة مئات الالوف وكانت حصيلتها (2) مليونا ارملة و(4) اربعة ملايين يتيم، وجاء الفساد الاداري والاخلاقي ليدفع بمافيات الاتجار بالبشر لتجد في العراق ضالتها ومنيتها ومبتغاها!!

 

ان ماكشفت عنه الغارديان يمثل وصمة عار في جبين كل فرد من شخوص الحكومة والبرلمان والاحزاب النافذة وكل من يتشدق بالمكاسب الحاصلة في العراق الجديد، ولاندري كيف ستصنف الادارة الامريكية انجازاتها في العراق خلال تقريرها السنوي عن حالة الاتجار بالبشر في العالم وهي تصنف دول العالم حسب هواها، وتفرض العقوبات على الدول ذات السجل السئ في مجال مكافحة الاتجار بالبشر؟ فكيف ستقيّم اداء جماعتها وعملائها في العراق؟ ام انهم مستثنون من تلك الاجراءات، لانهم مازالوا (يَحْبُون) على طريق الديمقراطية؟ ديمقراطية العار التي اقاموها منذ 9/4/2003؟

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ١٣ ربيع الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / نـيســان / ٢٠٠٩ م